تفريغ كتاب الجواهر البغدادية ج١ الشيخ احمد البغدادي

الكاتب : أحمد بن عبدالله البغدادي ..

الجواهر البغدادية في حوار الشيعة الامامية

ابو عبد الرحمن احمد بن عبد الله بن عباس البغدادي

الجزء الاول

 

https://www.fnoor.com/upload/userfiles/Pdf/fnoorcom0023.pdf 

 

{ ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري  }

 

 

{ المقدمة }

{ بسم الله الرحمن الرحيم }

إِنَّ الحمدَ للّه، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللّه من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إِله إِلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) : ال عمران }.

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) : النساء }  .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) : الاحزاب } .

"أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللّه, وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ  صلى الله عليه واله وسلم -, وشر الأمورِ محدثاتها, وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ , وكل بدعة ضلالةٌ , وكل ضلالةٍ في النار"  .

اما بعد فلما رايت الرافضة ينشرون معتقدهم بكل ما عندهم من قوة , فنراهم في فضائياتهم , ومنتدياتهم , وفي اي مكان يتواصلون من خلاله مع اهل السنة يرددون , ويكررون هذا المعتقد الباطل الذي يتميز بالطعن , واللعن , والسب , والاساءة للاسلام , ورموزه , واهله , وانهم يكثرون من طرح الشبهات التي تعلموها منذ نعومة اظفارهم , وتفننوا في القائها على اهل السنة اعلى الله تعالى مقامهم , فلا تجد شاردة , ولا واردة في كتب اهل السنة والجماعة الا وتجد اعتراض الرافضة عليها , والاشكال بطريقة تدل على الحقد , والجهل , والحماقة حتى ان بعضهم ليعترض على اهل السنة في نصوص هي موجودة اصلا في كتب الرافضة وقد صححها علمائهم , وشرحوها , فتجد ان بعض اهل السنة لا يعرفون بان هذه النصوص موجودة في كتب الرافضة , وانها قد وردت من طرقهم , وانهم يصححونها ويبنون عليها احكام كثيرة , وسبب عدم معرفة اهل السنة لهذه النصوص هو عدم تسلح اهل السنة منذ نعومة اظفارهم على رد الشبهات , او طرح الاشكالات على الرافضة من  خلال كتبهم , ومصادرهم . فقررت بعد توفيق الله تبارك تعالى ان أقوم بتاليف كتاب يمتاز بالنقولات المعتبرة من مصادر الفريقين التي تجعل السني قويا في اطروحته , وحواره , ومناظرته مع الرافضة مستدلا عليهم بهذه النقولات المعتبرة , بحيث اذا اشكل الرافضي على السني بأي شيء , فلن يجعل له السني اي مخرج من ناحية الاستشهاد بالنصوص من المصادر التي يعتمدها علماء الرافضة  , وكذلك اذا طرحوا عليه شبهة فانه يرد عليهم من خلال كتب اهل السنة المعتبرة اعلى الله تعالى مقامهم بحيث لا يجعل للرافضة اي مدخل يدخلون عليه من خلاله , فالدعوة بعلم سواء في طرح الاشكالات , او في رد الشبهات هي الميزان في اثبات الحق , وابطال الباطل , وقد فرق الله تعالى بين الذي يعلم , والذي لا يعلم , وفي هذا التفريق مدح لمن يعلم , قال الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) : الزمر } والدعوة بعلم هي طريقة النبي صلى الله عليه واله وسلم , ومن سار على طريقته , واتبع هداه, قال الله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (108) : يوسف } , بل ان الله تعالى قد قال لنبيه صلى الله عليه واله وسلم : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) : محمد } , والايات في هذا كثيرة جدا , فالنبي صلى الله عليه واله وسلم مبعوث للعالمين مؤمنهم , وكافرهم , فكان فداه ابي وامي يقارع اهل الباطل والشبهات بالحجج القاطعة , والبراهين الساطعة والادلة الحاسمة حتى  انار الله تعالى به القلوب , وتكسرت بدعوته القيود , وامتلأت الارض بنور الهداية .

لقد تناولت القضايا الخلافية الرئيسية , بالعلم , والدليل , والبرهان مقتفيا بذلك سيرة النبي المختار صلى الله عليه واله وسلم , فنقضتها على الرافضة , واشكلت عليهم من مصادرهم , ونقلت من مصادر اهل السنة والجماعة ما يحتاجه المسلم السني لاعتقاده الشخصي في كثير من الامور , وكذلك ما يكفيه في الرد على الرافضة اذا اشكلوا عليه من مصادرنا ,  وليعلم القاريء الكريم ان هذا الكتاب هو عبارة عن خبرة في حوار الرافضة لمدة سبع سنين , وقد طرحت فيه عدة قضايا كالامامة , والعصمة , والتوحيد , وعدالة الصحابة , وتحريف القران , والخمس , والتقية , والرجعة , وتفضيل الانبياء , والمهدي , ورواة الشيعة , واحكام المخالف , والاشكالات التي اشكلت بها على الامامية , والشبهات التي رددت عليها , وفي اغلب الردود على هذه الشبهات يتم الاشكال على الامامية على ما يقتضيه المقام , وغيرها مما يتعلق بالحوار السني الشيعي , وكل هذه المحتويات مأخوذة من مصادر معتبرة , وقويت ما استشهدت به من روايات الرافضة بما صرح به علمائهم من تصحيح , او تحسين , او توثيق , وكذلك نقلت اقوال علمائهم على رواياتهم من ناحية المتن على ما يقتضيه المقام , وبينت ما فيها من تناقضاتهم على ما يقتضيه المورد , وكذلك الاقوال المختلفة التي وردت عندهم سواء في منطوق الروايات , او مفهومها على السنة علمائهم ,  ووضعت بعض التساؤلات من اجل ان يتنبه القاريء الكريم عليها , وكذلك جعلت تلوينا للكلمات المهمة في الاستشهاد , واما ما يتعلق بالمصادر السنية , فان كان الحديث في الصحيحين { صحيح البخاري , وصحيح مسلم } , او في احدهما , فاني اكتفي بالعزو فقط , وذلك لاني اعتقد بصحة الاحاديث المتصلة السند فيها التي تلقتها الامة بالقبول , واما ما كان في كتب الحديث الاخرى فاني اعتمد على تخريجات الامام محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى , فانقل كلامه بما يتناسب في التخريج , وخاصة في الاحاديث الضعيفة , والموضوعة وذلك لان مؤلفات الامام الالباني قد امتازت بالتحقيقات المتينة , والاشارة الى العلل مع العزو الى المصادر , وفي بعض الاحيان اضع تراجم الرواة المُتكلم فيهم , وذلك لسببين :

السبب الاول : لان الرافضة في بعض الاحيان يطلبون من المحاور السني ترجمة الرواي من المصادر التي نقل منها الامام الالباني , وغيره من اهل العلم .

والسبب الثاني : لشحذ همم طلبة العلم من اهل السنة ليبحثوا , ويثابروا اكثر .

وكذلك اعتمدت على تخريجات العلامة شعيب الارناؤوط حفظه الله تعالى وذلك لانه من اهل العلم المعتبرين في تحقيق الحديث النبوي الشريف , والحكم عليه , واعتمدت ايضا على احكام غير الامام الالباني والعلامة الارناؤوط  من سادتي الائمة المتقدمين , والمتاخرين من اهل الحديث اعلى الله تعالى مقامهم , واما ما يتعلق بالعلوم الاخرى فقد اعتمدت على المصادر المعتبرة في كل علم من العلوم عند اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم .

ولقد وضعت النقولات كاملة مع الاسانيد والتصحيحات المعتمدة عند الفريقين , الا في مواضع قليلة , وذلك ابلغ , وأفضل في اثبات المعلومة والرجوع اليها كاملة في اثناء حوار الرافضة , او بما يستفيد منه القاريء كمعلومة لنفسه .

وليعلم القراء الكرام ان هذه المواضيع قد تم طرح اساسياتها في كثير من الحوارات , والمناظرات , مع الرافضة , فكانت بحمد الله تعالى مسددة , ولها تأثير كبير على السامع الكريم , وكان من ثمراتها تعليم الكثير من الاخوة , والاخوات الكرام الرد على شبهات الرافضة بطريقة مفحمة , وكذلك الاشكال عليهم بطريقة علمية يكون مؤداها في اكثر الاحيان الى صدور السب , والشتم , والتهجم من جهة الرافضة على رموز الاسلام , او على شخص المحاور بأبشع الالفاظ , واقبح الكلمات , وذلك لافلاسهم , وهوانهم , وضعف حجتهم , فسلاح المفلس هو السب والاساءة لانه لا يمتلك الادلة .

وكذلك يمتاز هذا الكتاب بكثرة النقولات المهمة في كل موضوع , ولم اعلق كثيرا على النقولات , وانما اكتفيت في بعض المواضع الى التنبيه على النقاط المهمة من اجل التوضيح , وذلك لان الكلام المؤثر , والمفيد , والمعتبر في الحوارات , والنقاشات , والمناظرات , كلام علماء الفريقين من المصادر المعتبرة عند كل فريق , فلا يحتاج المسلم السني اكثر من النص المنقول من مصدره سنيا كان , او شيعيا  , والتنبيه على النقطة التي يتكلم بها سواء في رده على الشبهة , او في طرحه للاشكال على الرافضة , وكلا الامرين متوفر في الكتاب ولله الحمد والمنة , وارجو من القاريء الكريم ان لا يمل من الاطالة في بعض المواضع , وذلك لان غايتي من الكتاب في ان يكون موسوعة متنقلة عند كل مسلم في الرد على الرافضة , فيتمكن المسلم من معرفة معتقد الرافضة الباطل ثم يتطور في المستقبل فيضيف على هذا الكتاب , وغيره من الكتب المؤلفة في الرد على الرافضة ما لم يتناوله الكثير ممن سبقه , فتكون هذه المؤلفات وثائق علمية معتبرة في نصرة معتقد اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم , وشوكة في حلق الرافضة .

واحب ان يعلم القراء الكرام باني قد استفدت جدا من الكثير من اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم في استماعي لمحاوراتهم , ومناظراتهم مع الرافضة , وكنت ادون الكثير مما اسمع ثم بعد ذلك اراجع النقولات , وارى ما يناسب سواء في الرد على الشبهات , او طرح الالزامات على الرافضة , ثم اجعلها بحثا مستقلا في ملف خاص , واستفدت ايضا من بعض الاخوة , والاخوات الكرام ممن يكتبون في المنتديات السنية في الرد على الرافضة , واستفدت من مؤلفات لبعض المعاصرين الكرام المتخصصين في الرد على الرافضة كالشيخ الدكتور طه الدليمي, والشيخ عبد الرحمن الدمشقية , والشيخ عبد الملك الشافعي , والشيخ علاء الدين البصير , والشيخ الدكتور احمد بن سعد الغامدي , والشيخ الدكتور ناصر بن عبد الله القفاري , والشيخ أبو مريم بن محمد الاعظمي , ومن الاطروحات المسموعة من فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن سليمان البراك فقد كانت فيها نكت علمية رائعة , وكذلك من الشيخ سعد بن حجاب العجمي , وكذلك الاخت الفاضلة الباحثة في عقائد الرافضة نورة محمد المعروفة بإسم سكون في حوارات الرافضة وفقهم الله تعالى جميعا وحفظهم من كل سوء , وكذلك استفدت من بعض الامامية في اثناء طرحهم لبعض المواضيع , وكيفية استدلالهم بالنصوص .

اسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل , وان يجعله خالصا لوجهه الكريم .

وكتبه ابو عبد الرحمن احمد بن عبد الله بن عباس البغدادي .

 

{ فصول الكتاب }

ولقد قسمت الكتاب بعد هذه المقدمة  الى عدة فصول ,ثم جعلت تحت كل فصل من هذه الفصول العناوين المناسبة للمواضيع , بحيث يتمكن القاريء الكريم من الوصول الى المعلومة بكل سهولة , ويسر , ويستطيع ان يُشكل على الرافضة , او يرد عليهم من غير عناء .

والفصول هي :

الفصل الاول : الاسماء والصفات محدثة عند الامامية .

الفصل الثاني : الاسماء والصفات غير محدثة عند اهل السنة .

الفصل الثالث : التوحيد وبعض ما ورد من غلو الرافضة بالآل .

الفصل الرابع : التوسل والوسيلة .

الفصل الخامس : الامامة .

الفصل السادس : مفهوم الامامة وما يتعلق بها بشكل عام عند اهل السنة .

الفصل السابع : تحريف القران .

الفصل الثامن : الامامية وأهل البيت .

الفصل التاسع : العصمة .

الفصل العاشر : عدالة الصحابة عند اهل السنة .

الفصل الحادي عشر : العدالة عند الامامية , وادلة عدالة الصحابة من كتبهم .

الفصل الثاني عشر : اكذوبة التفريق بين السنة والوهابية .

الفصل الثالث عشر : المتعة عند الامامية .

الفصل الرابع عشر : ما يتعلق بالمتعة عند اهل السنة .

الفصل الخامس عشر : علوم الائمة .

الفصل السادس عشر : رواة الحديث عند الامامية .

الفصل السابع عشر : الرجعة .

الفصل الثامن عشر : البداء .

الفصل التاسع العاشر :  الخمس .

الفصل العشرون : تفضيل الانبياء .

الفصل الحادي العشرون : المهدي .

الفصل الثاني والعشرون : التقية .

 الفصل الثال والعشرون : طرح اشكالات على الامامية .

الفصل الرابع والعشرون : متفرقات مهمة .

الفصل الخامس والعشرون : شبهات واحاديث ضعيفة يلقيها الامامية على اهل السنة والرد عليها .

أبدأ متوكلا على الله تعالى بذكر بعض النقولات من كتب الامامية التي تدل على تصحيح علمائهم لبعض كتبهم , او الاعتماد على هذه كتب , حتى يعرف القاريء الكريم انني عندما اذكر بعض الروايات من هذه الكتب فاني لا احتاج الى تصريح عالم امامي لتصحيح الرواية , وذلك لان التصحيح العام من المؤلف نفسه , او غيره من علماء الامامية متحقق , فاذا ذكرت تصحيحا لرواية وعزوت التصحيح لعالم امامي فيكون هذا من باب التقوية , والالزام اكثر .

 

{ ذكر تصحيح بعض الكتب عند الامامية , وجعلها معتبرة }

{ ما يتعلق بكتاب الكافي }

قال الحر العاملي : " وقال الشيخ ، الجليل ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني - رضي الله عنه  في أول كتابه ( الكافي ) : قد فهمت  يا أخي  ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة . إلى أن قال : وذكرت : أن أمورا قد أشكلت عليك لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها ، وإنك تعرف أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها ، وإنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها . وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين ، والعمل به ، بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها تؤدي فرائض الله وسنة نبيه . وقلت : لو كان ذلك رجوت أن يكون سببا يتدارك الله  بمعونته ، وتوفيقه  إخواننا ، وأهل ملتنا ، ويقبل بهم إلى مراشدهم . وقد يسر الله  وله الحمد  تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث  توخيت ، فمهما كان فيه ، من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة ، إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا . مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه وعمل بما فيه في دهرنا هذا ، وفي غابره إلى انقضاء الدهر ، إذ الرب واحد والرسول واحد ، وحلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة . انتهى  . وهو صريح  أيضا  في الشهادة بصحة أحاديث كتابه لوجوه : منها : قوله : ( بالآثار الصحيحة ) . ومعلوم أنه لم يذكر فيه قاعدة يميز بها الصحيح عن غيره لو كان فيه غير صحيح ، ولا كان اصطلاح المتأخرين موجودا في زمانه  قطعا  كما يأتي . فعلم أن كل ما فيه صحيح باصطلاح القدماء بمعنى الثابت عن المعصوم بالقرائن القطعية أو ، التواتر . ومنها : وصفة لكتابه بالأوصاف المذكورة البليغة التي يستلزم ثبوت أحاديثه كما لا يخفى . ومنها : ما ذكره من أنه صنف الكتاب لإزالة حيرة السائل . ومعلوم أنه لو لفق كتابا من الصحيح وغيره ، وما ثبت من الأخبار وما لم يثبت ، لزاد السائل حيرة وإشكالا . فعلم أن أحاديثه  كلها  ثابتة . ومنها : أنه ذكر : أنه لم يقصر في إهداء النصيحة وأنه يعتقد وجوبها . فكيف لا يرضى بالتقصير في ذلك ويرضى بأن يلفق كتابه من الصحيح والضعيف مع كون القسمين متميزين في زمانه قطعا " اهـ .[1]

وقال النوري الطبرسي : " الفائدة الرابعة . من فوائد خاتمة كتابنا الموسوم ب( مستدرك الوسائل ) في نبذة مما يتعلق بكتاب الكافي ، أحد الكتب الأربعة التي عليها تدور رحى مذهب الفرقة الناجية الامامية ، فان أدلة الاحكام لان كانت أربعة : الكتاب ، والسنة ، والعقل ، والاجماع - على ما هو المشهور بين الفقهاء - إلا أن الناظر في فروع الدين يعلم أن ما استنبط منها من غير السنة أقل قليل ، وأنها العمدة في استعلام الفرائض ، والسنن ، والحلال ، والحرام ، وأن الحاوي لجلها ، والمتكفل لعمدتها الكتب الأربعة ، وكتاب الكافي بينها كالشمس بين نجوم السماء ، وامتاز عنها بأمور ، إذا تأمل فيها المنصف يستغني عن ملاحظة حال آحاد رجال سند الأحاديث المودعة فيه ، وتورثه الوثوق ، ويحصل له الاطمئنان بصدورها ، وثبوتها ، وصحتها بالمعنى المعروف عند الأقدمين " اهـ . [2]

{ ما يتعلق بكتاب ما لا يحضره الفقيه }

قال الصدوق في مقدمة كتابه من لا يحضره الفقيه : " وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده ، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته  وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي  تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، عليها المعول وإليها المرجع .. " اهـ .[3]

وقال النوري الطبرسي : " الفائدة الخامسة في شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه الذي بعد الكافي أصح الكتب وأتقنها على ما بلغ أئمة الفن . قال العلامة الطباطبائي في ترجمة الصدوق في كلام له في توثيقه : مضافا إلى ما ذكر ، إجماع الأصحاب على نقل أقواله ، واعتبار مذاهبه في الاجماع والنزاع ، وقبول قوله في التوثيق والتعديل ، والتعويل على كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه ، فإنه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار والاعتبار كالشمس في رابعة النهار ، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقف من أحد ، حتى أن الفاضل المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد حديثه من الصحيح عنده وعند الكل " اهـ .[4]

{ ما يتعلق بالكتب الاربعة عند الامامية , وهي : ( الكافي , ومن لا يحضره الفقيه , وتهذيب الاحكام , والاستبصار ) . }

قال الفيض الكاشاني في الوافي بعد ان ذكر اصحاب الكتب الاربعة : " مع أن مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة و هي المشهود عليها

بالصحة من مصنفيها " اهـ .[5]

وقال علي الكوراني : " أما نحن فإن أئمتنا من أهل البيت عليهم السلام كانوا حاضرين بيننا إلى سنة 260 هجرية حيث غاب الإمام المهدي عليه السلام ، فكانوا هم حجج الله على المسلمين بنص النبي صلى الله عليه وآله وكان الشيعة يرجعون إليهم في تصحيح الأحاديث وتلقي معالم دينهم ، وكان الرواة والعلماء يكتبون عنهم من زمن علي عليه السلام إلى القرن الثالث ، وبعد هذا التاريخ قام عدد من العلماء بجمع الأصول المكتوبة عنهم في موسوعات . . فكتبنا الأربعة وغيرها مأخوذة باليد عن أصحاب الأئمة عليهم السلام " اهـ .[6]

{ ما يتعلق بنهج البلاغة }

قال محسن الامين : " إن نهج البلاغة مع صحة أسانيده في الكتب و جلالة قدر جامعه و عدالته و وثاقته ، لا يحتاج إلى شاهد على صحة نسبته إلى إمام الفصاحة و البلاغة ، بل له منهُ عليه شاهد . و لا يكاد ينقضي عجبي من هؤلاء الذين قادهم الوهم إلى أن الشريف الرضي أنشأ نهج البلاغة أو بعضه لا كثيراً منه أو أكثره و نسبه إلى أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) مع اعترافهم بأن علياً هو السابق في ميدان الفصاحة و البلاغة ... فعليٌ ليس بحاجة إلى أن ينسب إليه الشريف الرضي ما ليس من كلامه و له الحظ الوافر من أفصح الكلام " اهـ .[7]

وقال ايضا : " نهج البلاغة بعد كلام النبي ص فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق لا يرتاب فيه إلا من غطى الهوى على بصيرته . ليس نهج البلاغة مرجعا للأحكام الشرعية حتى نبحث عن أسانيده ونوصله إلى علي ص إنما هو منتخب من كلامه في المواعظ والنصائح وأنواع ما يعتمده الخطباء من مقاصدهم ...............................

قلنا إن نهج البلاغة لا يحتاج إلى شاهد بل هو شاهد بنفسه لنفسه كما لا تحتاج الشمس إلى شاهد أنها الشمس " اهـ .[8]

{ ما يتعلق بكتاب الاحتجاج للطبرسي }

قال الحر العاملي : " وقال الطبرسي - في أول ( الاحتجاج ) : ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار باسناده الموجود ، للإجماع عليه ، ولموافقته لما دلت العقول إليه ، ولاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف إلا ما أوردته عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه وإن كان مشتملا على  مثل الذي قدمناه ، فذكرت اسناده في أول خبر من ذلك " اهـ .[9]

{ ما يتعلق بكتاب الانوار النعمانية }

قال الجزائري : " وقد التزمنا ان لا نذكر فيه الا ما اخذناه عن ارباب العصمة الطاهرين , او ما صح عندنا من كتب الناقلين " اهـ .[10]

 

{ ما يتعلق بكتاب المقنع للصدوق }

قال الصدوق : " ثم إني صنفت كتابي هذا ، وسميته كتاب « المقنع » لقنوع من يقرأه بما فيه ، وحذفت الأسانيد  منه لئلا يثقل حمله ، ولا يصعب حفظه ، ولا يمل  قارئه ، إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصولية موجودا مبينا عن المشائخ العلماء الفقهاء الثقاة رحمهم الله ... " اهـ  .[11]

وقال الميرزا النوري بعد نقله كلام الصدوق في مقدمة كتابه المقنع : " وهذه العبارة كما ترى متضمنة لمطالب : الأول : إن ما في الكتاب خبر كله ، إلا ما يشير إليه . الثاني : إن ما فيه من الاخبار مسند كله ، وعدم ذكر السند فيه للاختصار ، لا لكونها من المراسيل . الثالث : إن ما فيه من الاخبار مأخوذ من أصول الأصحاب ، التي هي مرجعهم ، وعليها معولهم ، وإليها مستندهم ، وفيها مباني فتاويهم . الرابع : إن أرباب تلك الأصول ورجال طرقه إليها ، من ثقات العلماء ،  وبذلك فاق قدره عن كتابه الفقيه ، الذي عد من مآخذه كتاب نوادر الحكمة وكتب المحاسن ، وفيهما من ضعاف الاخبار بزعمه وزعم المتأخرين ما لا يحصى ، فإذا لا فرق فيما أدرجه فيه بين أن يقول : روي عن فلان وما أشبهه ، أو يذكر حكم المسألة من غير استناد في الاعتبار والتعويل عليه " اهـ .[12]

{ ما يتعلق بكتاب الجعفريات }

قال النوري الطبرسي : " 1  أما الجعفريات : فهو من الكتب القديمة المعروفة المعول عليها ، لإسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام  " اهـ .[13]

وقال ايضا : " وقال ابن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان  المدرج في الاقبال . فصل في تعظيم شهر رمضان  - : رأيت ورويت من كتاب الجعفريات وهي  ألف حديث بإسناد واحد ، عظيم الشأن ، إلى مولانا موسى بن جعفر ، عن مولانا جعفر بن محمد ، عن مولانا محمد بن علي ، عن مولانا علي بن الحسين ، عن مولانا الحسين بن علي ، عن مولانا علي ( بن أبي طالب عليهم السلام ، قال . ( لا تقولوا رمضان ) الخبر . وهذا الحديث وقف فيه الاسناد في الأصل إلى مولانا علي عليه السلام  . وقد روينا في غير هذا أن كل ما روي عن مولانا علي ) عليه السلام فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله  ، إنتهى . ولا يخفى أن في قوله . عظيم الشأن ، مدح عظيم لإسماعيل وابنه موسى ومحمد بن الأشعث يقرب من التوثيق ، فإنه في مقام مدح هؤلاء لا الذين فوقهم صلوات الله عليهم . وقد مر ما ذكره العلامة في إجازته الكبيرة  . وقال شمس الفقهاء الشهيد قدس الله سره في البيان  في مسألة عدم منع الدين من الزكاة - ما لفظه : والدين لا يمنع زكاة التجارة كما مر في العينية ، وإن لم يكن الوفاء من غيره ، لأنها وإن تعلقت بالقيمة فالأعيان مرادة ، وكذا لا يمنع من زكاة الفطرة إذا كان مالكا مؤونة السنة ، ولا من الخمس إلا خمس الأرباح . نعم يمكن أن يقال : لا يتأكد اخراج زكاة التجارة للمديون ، لأنه نفل يضر بالفرض ، وفي الجعفريات : من كان له مال ، وعليه مال ، فليحسب ماله وما عليه ، فإن كان له فضل مائتي درهم فليعط خمسه ، وهذا نص في منع الدين الزكاة . والشيخ في الخلاف ما تمسك على عدم منع الدين إلا بإطلاق الاخبار الموجبة للزكاة  ، انتهى . وظاهره كما نسب إليه في المدارك التوقف في هذا الحكم  الذي ادعى العلامة عليه الاجماع في المنتهى ، كما حكي - لأجل الخبر المذكور ، وهذا ينبئ عن شدة اعتماده عليه ، ولا يكون إلا بعد صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه ، وصحة سنده . وقال في الذكرى : إذا لم نقل بوجوب التحليل فالأولى استحبابه استظهارا ، ولو مع الكثافة ، لما رووه أن النبي صلى الله عليه وآله فعله ، وروينا في الجعفريات أنه صل الله عليه وآله قال : ( أمرني جبرئيل عليه السلام عن ربي أن أغسل فنكي عند الوضوء ) ، وهما جانبا العنفقة ، أو طرف اللحيين عندها ، وفي الغريبين : مجمع اللحيين ووسط الذقن ، وقيل : هما العظمان الناشزان من الاذنين ، وقيل : هما ما يتحركان من الماضغ ، وعنه صلى الله عليه وآله أنه كان ينضح غابته  وهي الشعر تحت الذقن  وأن عليا عليه السلام كان يخلل لحيته . وما مر - مما يدل على نفي التخليل - يحمل على نفي الوجوب ، جمعا بين الاخبار ، وحينئذ بطريق الأولى استحباب إفاضة الماء على ظاهر اللحية طولا ، انتهى  . فانظر كيف سلك بأخبار الجعفريات سلوكه بما في الكتب الأربعة " اهـ .[14]

{ ما يتعلق بعوالي اللئالي }

قال ابن ابي جمهورالاحسائي بعد ان سرد الطرق التي يروي بها : " فبهذه الطرق  وبما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة ، الصحيحة الاسناد ، المشهورة الرجال ، بالعدالة والعلم ، وصحة الفتوى ، وصدق اللهجة - أروي جميع ما أرويه وأحكيه ، من أحاديث الرسول وأئمة الهدى عليه و عليهم أفضل الصلاة والسلام ، المتعلقة بالفقه والتفسير ، والحكم والآداب ،  والمواعظ ، وسائر فنون العلوم الدنيوية والأخروية . بل وبه أروي جميع مصنفات العلماء ، من أهل الاسلام وأهل الحكمة . وأقاويلهم في جميع فنون العلم ، و فتاويهم وأحكامهم المتعلقة بالفقه وغيره ، من السير والتواريخ والأحاديث . فجميع ما أنا ذاكره في هذا الكتاب ، من الأحاديث النبوية والامامية طريقي في روايتها ، واسنادها ، وتصحيحها ، هذه الطرق المذكورة ، عن هؤلاء المشايخ المشهورين بالعلم والفضل والعدالة ، والله ملهم الصواب ، و العاصم من الخطاء والخطل والاضطراب " اهـ .[15]

{ ما يتعلق بكتاب مناقب آل ابي طالب }

قال ابن شهر اشوب : " وقد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار ، على متون الاخبار ، وعدلت عن الإطالة والاكثار ، والاحتجاج من الظواهر والاستدلال على فحواها ومعناها ، وحذفت أسانيدها لشهرتها ولإشارتي إلى رواتها وطرقها والكتب المنتزعة منها ، لتخرج بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات . وربما تتداخل الاخبار بعضها في بعض أو تختصر منها موضع الحاجة أو تختار ما هو أقل لفظا أو جاءت غريبة من مظان بعيدة أو وردت مفردة محتاجة إلى التأويل فمنها ما وافقه القرآن ، ومنها ما رواه خلق كثير حتى صار علما ضروريا يلزمهم العمل به ، ومنها ما بقيت آثارها رؤية أو سمعا ، ومنها ما نطقت به نالشعراء والشعرورة  لتبذلها ، فظهرت مناقب أهل البيت عليهم السلام باجماع موافقيهم وإجماعهم حجة على ما ذكر في غير موضع ، واشتهرت على ألسنة مخالفيهم على وجه الاضطرار ولا يقدرون على الانكار ، على ما أنطق الله به رواتهم وأجراها على أفواه ثقاتهم ، مع تواتر الشيعة بها وذلك خرق العادة وعظة لمن تذكر ، فصارت الشيعة موفقة لما نقلته ميسرة ، والناصبة مخيبة فيما حملته مسخرة لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها وحمل تلك ما هو حجة لخصمها دونها وهذا كاف لمن ( ألقى السمع وهو شهيد ) وان هذا  لهو البلاء المبين وتذكرة للمتذكرين ولطف من الله تعالى للعالمين  " اهـ .[16]

{ ما يتعلق بتفسير القمي }

قال الخوئي : " ولذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم الذين روى عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين عليهم السلام. فقد قال في مقدمة تفسيره: (ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم..) فإن في هذا الكلام دلالة ظاهرة على أنه لا يروي في كتابه هذا إلا عن ثقة. بل استفاد صاحب الوسائل في الفائدة السادسة في كتابه في ذكر شهادة جمع كثير من علماءنا بصحة الكتب المذكورة وأمثالها وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها وثبوت أحاديثها عن أهل بيت العصمة عليهم السلام أن كل من وقع في إسناد روايات تفسير علي بن إبراهيم المنتهية إلى المعصومين عليهم السلام، قد شهد علي بن إبراهيم بوثاقته، حيث قال: (وشهد علي بن إبراهيم أيضا بثبوت أحاديث تفسيره وأنها مروية عن الثقات عن الائمة عليهم السلام). أقول: أن ما استفاده - قدس سره  في محله، فإن علي بن إبراهيم يريد بما ذكره إثبات صحة تفسيره، وأن رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين عليهم السلام، وإنها إنتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة. وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة كما زعمه بعضهم. وبما ذكرناه نحكم بوثاقة جميع مشايخه الذين وقعوا في إسناد كامل الزيارات أيضا، فإن جعفر بن قولويه قال في أول كتابه: (وقد علمنا بأنا لانحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم..). فإنك ترى أن هذه العبارة واضحة الدلالة على أنه لا يروي في كتابه رواية عن المعصوم إلا وقد وصلت إليه من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله، قال صاحب الوسائل بعد ما ذكر شهادة علي بن إبراهيم بأن روايات تفسيره ثابتة ومروية عن الثقات من الائمة عليهم السلام: (وكذلك جعفر بن محمد بن قولويه، فإنه صرح بما هو أبلغ من ذلك في أول مزاره). أقول: إن ما ذكره متين، فيحكم بوثاقة من شهد علي بن إبراهيم أو جعفر ابن محمد بن قولويه بوثاقته، اللهم إلا أن يبتلي بمعارض." اهـ .[17]

 

{ ما يتعلق بتفسير العياشي }

قال الطباطبائي : " وان أحسن ما ورثناه من ذلك كتاب التفسير المنسوب إلى شيخنا العياشي رحمه الله وهو الكتاب القيم الذي يقدمه النشر اليوم إلى القراء الكرام . فهو لعمري أحسن كتاب ألف قديما في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور . اما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ الف إلى يومنا هذا - ويقرب من أحد عشر قرنا - بالقبول من غير أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف  ..... " اهـ .[18]

{ ما يتعلق بكتاب النوادر لاحمد بن عيسى ونوادر ابن ابي عمير والمحاسن للبرقي وغيرها }

قال الحر العاملي : " قال الشيخ الصدوق ، رئيس المحدثين ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، رضي الله عنه  في أول ( كتاب من لا يحضره الفقيه ) - : وسألني  أي : الشريف ، أبو عبد الله المعروف بنعمة - أن أصنف له كتابا ، في الفقه والحلال والحرام موفيا على جميع ما صنفت في معناه ، ليكون إليه مرجعه ، وعليه معتمده ، وبه أخذه ، ويشترك في أجره من ينظر فيه وينسخه ويعمل بمودعه . إلى أن قال : فأجبته إلى ذلك لأني وجدته له أهلا ، وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده . ولم أقصد فيه قصد المصنفين إلى إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به ، وأحكم بصحته ، وأعتقد أنه حجة بيني وبين ربي جل . ذكره . وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول ، وإليها المرجع مثل : كتاب حريز بن عبد الله السجستاني وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي وكتب علي بن مهزيار ، الأهوازي وكتب الحسين بن سعيد ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ، وكتاب الرحمة ، لسعد بن عبد الله ، وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد ونوادر محمد بن أبي عمير ، وكتاب المحاسن ، لأحمد بن أبي عبد الله البرقي ، ورسالة أبي  رضي الله عنه  إلى . وغيرها ، من الأصول ، التي طرقي إليها معروفة في فهرست الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي . وبالغت في ذلك جهدي مستعينا بالله ومتوكلا عليه ، ومستغفرا من التقصير . انتهى  . وهو صريح في الجزم بصحة أحاديث كتابه والشهادة بثبوتها ، وفيه شهادة بصحة الكتب المذكورة ، وغيرها مما أشار إليه وثبوت أحاديثها " اهـ .[19]

{ الفصل الاول }

{ الاسماء والصفات محدثة عند الامامية }

قال محمد بن يعقوب الكليني : " باب حدوث الأسماء

1  علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت ، وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد والتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل آخر ، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون ، فهذه الأسماء التي ظهرت ، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى ، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان ، فذلك اثنا عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، الخالق البارئ ، المصور ، الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، العلي ، العظيم ، المقتدر القادر ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ( 2 ) [ البارئ ] ، المنشئ ، البديع ، الرفيع ، الجليل ، الكريم ، الرازق ، المحيي ، المميت ، الباعث ، الوارث ، فهذه الأسماء ( 3 ) وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة وهذه الأسماء الثلاثة أركان ، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة وذلك قوله تعالى : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى " اهـ .[20]   

وجاءت هذه الرواية ايضا عند الصدوق في كتاب التوحيد : " 3  حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف وهو عز وجل بالحروف غير منعوت  وباللفظ غير منطق ، وبالشخص غير مجسد ، وبالتشبيه غير موصوف ،  وباللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ، ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها  وحجب واحدا منها ، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت ، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى ، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه أربعة أركان  فذلك اثنا عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما ، فعلا منسوبا إليها  فهو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، الخالق البارئ ، المصور ، الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، العلي ، العظيم ، المقتدر ، القادر ، السلام ، المؤمن المهيمن ، البارئ  المنشئ ، البديع ، الرفيع ، الجليل ، الكريم ، الرزاق ، المحيي ، المميت ، الباعث الوارث ، فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ، وهذه الأسماء الثلاثة أركان وحجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله عز وجل : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) " اهـ .[21]

نلاحظ ان اسم الباب الذي ذكره الكليني واضح جدا في فهمه لكلام الامام المعصوم الذي نقله وهو الحدوث للاسماء اي خلقها والدليل على ذلك ما جاء في نفس الرواية : (إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت )

وجاء في كتاب الكافي للكليني : " 2  أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الله وموسى بن عمر ، والحسن بن علي بن عثمان ، عن ابن سنان قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام : هل كان الله عز وجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق ؟ قال : نعم ، قلت : يراها ويسمعها ؟ قال : ما كان محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها ، هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمي نفسه ، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف ، فأول ما اختار لنفسه : العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلها ، فمعناه الله واسمه العلي العظيم ، هو أول أسمائه ، علا على كل شئ " اهـ  [22].

قال المازندراني في شرح اصول الكافي : " ( ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ) وفيه دلالة على ما هو المقصود بيانه في هذا الباب من حدوث أسمائه تعالى " اهـ .[23]

لقد جعل الامامية حدوث الاسماء متعلق بالخلق , وانه لا بد للمخلوق ان يعرف ربه باسماء يدعوه بها , ولهذا خلق الله الاسماء , اي ان علة خلق الاسماء هي احتياج الخلق اليها مع استغناء الله تعالى عن هذه الاسماء , وقد بينت الرواية هذا الامر بكل وضوح حيث قال الامام المعصوم عند الامامية (هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمي نفسه ، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف ) , فالكلام واضح جدا , وقد بين فيه الامام المعصوم عند الامامية العلة من حدوث هذه الاسماء , ولكننا نرى امرا اخر يدل على بطلان هذه العلة التي ذكرها الامام المعصوم الا وهي ان الامام المعصوم قد ذكر في رواية اخرى ان الله تعالى قد استأثر في علم الغيب عنده بأسماء , لم يُعِّرف عباده بها , فاقول ان العلة التي جاءت في الرواية الاولى منقوضة , وذلك لان الله تعالى مستغن عن هذه الاسماء , والعباد محتاجون اليها , فمع استغنائه عنها , واحتياج الخلق اليها فقد حجبها , ونص الرواية كما في كتاب الكافي للكليني : " عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا أَشْرَفَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى مَنَاسِكِهَا وَ هِيَ حَائِضٌ فَلْتَغْتَسِلْ وَ لْتَحْتَشِ بِالْكُرْسُفِ وَ لْتَقِفْ هِيَ وَ نِسْوَةٌ خَلْفَهَا فَيُؤَمِّنَّ عَلَى دُعَائِهَا وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ أَوْ تَسَمَّيْتَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ .... " اهـ .[24]

فنقول ما هو المانع من ازلية اسماء الله تعالى مع عدم وجود الخلق في الازل , ففي هذه الرواية نرى ان الخلق محجوبون عن اسماء الله تعالى مع احتياجهم لها واستغناء الله عنها .

وهناك امر اخر الا وهو اما ان الرواة قد كذبوا على اهل البيت وهذا هو الراجح , واما ان الامام المعصوم متناقض ولا يصلح المتناقض ان يكون قدوة لانه غير مؤهل لاستقرار نفسه على الحق ورفع التناقض فكيف يكون مؤهلا لرفع الحيرة عن غيره ؟ ! .

ان الروايات الشيعية قد بينت ان اسماء الله تعالى محدثة , فنقول لهم كيف تكون محدثة والله تعالى يقول : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) : الاعراف } , ويقول تعالى : {  قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى  (110) : الاسراء } , ويقول تعالى : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) : طه } , ويقول تعالى : { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) : الحشر } , ثم نرى ان الرافضة يتذرعون بموضوع ان الاسم غير المسمى فقد جاء في كتاب الكافي : " 2  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَ اشْتِقَاقِهَا اللَّهُ مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ فَقَالَ يَا هِشَامُ اللَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلَهٍ وَ إِلَهٌ يَقْتَضِي مَأْلُوهاً وَ الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَرَ وَ لَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً وَ مَنْ عَبَدَ الِاسْمَ وَ الْمَعْنَى فَقَدْ أَشْرَكَ وَ عَبَدَ اثْنَيْنِ وَ مَنْ عَبَدَ الْمَعْنَى دُونَ الِاسْمِ فَذَاكَ التَّوْحِيدُ أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ قَالَ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ اسْماً فَلَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِنْهَا إِلَهاً وَ لَكِنَّ اللَّهَ مَعْنًى يُدَلُّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ كُلُّهَا غَيْرُهُ يَا هِشَامُ الْخُبْزُ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ وَ الْمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوبِ وَ الثَّوْبُ اسْمٌ لِلْمَلْبُوسِ وَ النَّارُ اسْمٌ لِلْمُحْرِقِ أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ فَهْماً تَدْفَعُ بِهِ وَ تُنَاضِلُ بِهِ أَعْدَاءَنَا الْمُتَّخِذِينَ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَيْرَهُ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ وَ ثَبَّتَكَ يَا هِشَامُ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا قَهَرَنِي أَحَدٌ فِي التَّوْحِيدِ حَتَّى قُمْتُ مَقَامِي هَذَا " اهـ .[25]

لو لم يكن الاسم دال على المسمى والمقصود به المسمى لا غيره , فلماذا قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) : الاعراف } , ويقول تعالى : {  قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى  (110) : الاسراء } , وان كان تعدد الاسماء للمسمى الواحد يفيد تعدد الذوات فيلزم من هذا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم ذوات متعددة , فإسمه , محمد , وأحمد , والحاشر , والماحي , ويلزم من هذا ايضا ان عليا رضي الله عنه ذوات متعددة , فإسمه , علي , وحيدرة , وعبد الله , وكذلك مهدي الرافضة له اسماء متعددة فيلزم من قولهم هذا ان له ذوات متعددة .

بل لو سب شخص ربنا تبارك وتعالى فقال لم اقصد المسمى  اي ذات الله  بل قصدت الاسم فقط  فما هو حكمه ؟ !

ولو سب شخص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال لم اقصد المسمى اي ذات رسول الله - انما قصدت الاسم فقط فما هو حكمه ؟ !

ولو قال الذي يسب علي رضي الله عنه انما عنيت الاسم فقط ولم اقصد المسمى اي ذات علي - فما هو حكمه ؟ !

لقد تكلم علماء الاسلام حول قضية الاسم والمسمى في العصور الاولى للاسلام العظيم , فقد قال ابن جرير رحمه الله : " وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي الِاسْمِ: أَهُوَ الْمُسَمَّى أَمْ غَيْرُ الْمُسَمَّى؟ فَإِنَّهُ مِنَ الْحَمَاقَاتِ الْحَادِثَةِ الَّتِي لَا أَثَرَ فِيهَا فَيُتَّبَعُ، وَلَا قَوْلَ مِنْ إِمَامٍ فَيُسْتَمَعُ، فَالْخَوْضُ فِيهِ شَيْنٌ، وَالصَّمْتُ عَنْهُ

زَيْنٌ. وَحَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الْعِلْمِ بِهِ، وَالْقَوْلِ فِيهِ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ، الصَّادِقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] وَيَعْلَمَ أَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ، فَمَنْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ وَضَلَّ وَهَلَكَ. " اهـ .[26]

وقد فصل الامام ابن ابي العز الحنفي هذا الموضوع تفصيلا جميلا , ودقيقا , فقال: " كَذَلِكَ قَوْلُهُمُ: الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ ؟ وَطَالَمَا غَلِطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَجَهِلُوا الصَّوَابَ فِيهِ: فَالِاسْمُ يُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى تَارَةً، وَيُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ أُخْرَى، فَإِذَا قُلْتَ: قَالَ اللَّهُ كَذَا، أَوْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ  فَهَذَا الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى نَفْسُهُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللَّهُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ، وَالرَّحْمَنُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ، وَالرَّحمن مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ - فَالِاسْمُ هَاهُنَا هُوَ الْمُرَادُ لَا الْمُسَمَّى، وَلَا يُقَالُ غَيْرُهُ، لِمَا فِي لَفْظِ الْغَيْرِ مِنَ الْإِجْمَالِ: فَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُغَايَرَةِ أَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ الْمَعْنَى فَحَقٌّ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ وَلَا اسْمَ لَهُ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً، أَوْ حَتَّى سَمَّاهُ خَلْقُهُ بِأَسْمَاءٍ مِنْ صُنْعِهِمْ - فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الضَّلَالِ وَالْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى " اهـ .[27]

وقد جاء في كتب الامامية ان اسماء الله تعالى اوصاف وصف الله تعالى بها نفسه , ففي الكافي : "  3-  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) أَوْ قُلْتُ لَهُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ نَعْبُدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ الْوَاحِدَ الْأَحَدَ الصَّمَدَ قَالَ فَقَالَ إِنَّ مَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمُسَمَّى بِالْأَسْمَاءِ أَشْرَكَ وَ كَفَرَ وَ جَحَدَ وَ لَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً بَلِ اعْبُدِ اللَّهَ الْوَاحِدَ الْأَحَدَ الصَّمَدَ الْمُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ دُونَ الْأَسْمَاءِ إِنَّ الْأَسْمَاءَ صِفَاتٌ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ " اهـ .[28]

فأقول : هل هذه الاوصاف ثابتة لله تعالى في الازل ام انها محدثة ؟ !

 

لو قالوا بانها ثابتة لله تعالى في الازل , فلماذا يقولون بحدوثها ؟ !

وان قالوا محدثة فنقول انتم تقولون ان صفات الله تعالى عين ذاته , فهل حدث في ذات الله تعالى شيئ ؟ ! .

وقال الكليني : " عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ( عليه السلام ) مِنْ وَرَاءِ نَهَرِ بَلْخَ فَقَالَ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَإِنْ أَجَبْتَنِي فِيهَا بِمَا عِنْدِي قُلْتُ بِإِمَامَتِكَ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ( عليه السلام ) سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ رَبِّكَ مَتَى كَانَ وَ كَيْفَ كَانَ وَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ اعْتِمَادُهُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ( عليه السلام ) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَيَّنَ الْأَيْنَ بِلَا أَيْنٍ وَ كَيَّفَ الْكَيْفَ بِلَا كَيْفٍ وَ كَانَ اعْتِمَادُهُ عَلَى قُدْرَتِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ عَلِيّاً وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ الْقَيِّمُ بَعْدَهُ بِمَا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الصَّادِقُونَ وَ أَنَّكَ الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِمْ " اهـ .[29]

في هذه الرواية اثبات اعتماد الله تعالى على القدرة , والقدرة صفة والاسم صفة , كما جاء في الرواية السابقة ,وبينا من خلال الروايات الاخرى ان الاسماء محدثة , فنخلص من هذا ان صفاته مخلوقة والقدرة من الصفات فيكون الله تعالى ذكره قد اعتمد على مخلوق والعياذ بالله تعالى .

وقد جاء في كتب الامامية ايضا ان الارادة والمشيئة محدثتان والعياذ بالله , فقد جاء في كتاب الكافي : " 7  عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المشيئة محدثة " اهـ .[30]

وفي موسوعة اهل البيت  : " الكليني عن الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سُئِلَ الْعَالِمُ (عليه السلام) كَيْفَ عِلْمُ اللَّهِ قَالَ عَلِمَ وَ شَاءَ وَ أَرَادَ وَ قَدَّرَ وَ قَضَى وَ أَمْضَى فَأَمْضَى مَا قَضَى وَ قَضَى مَا قَدَّرَ وَ قَدَّرَ مَا أَرَادَ فَبِعِلْمِهِ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ وَ بِمَشِيئَتِهِ كَانَتِ الْإِرَادَةُ وَ بِإِرَادَتِهِ كَانَ التَّقْدِيرُ وَ بِتَقْدِيرِهِ كَانَ الْقَضَاءُ وَ بِقَضَائِهِ كَانَ الْإِمْضَاءُ وَ الْعِلْمُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَ الْمَشِيئَةُ ثَانِيَةٌ وَ الْإِرَادَةُ ثَالِثَةٌ وَ التَّقْدِيرُ وَاقِعٌ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْإِمْضَاءِ فَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْبَدَاءُ فِيمَا عَلِمَ مَتَى شَاءَ وَ فِيمَا أَرَادَ لِتَقْدِيرِ الْأَشْيَاءِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالْإِمْضَاءِ فَلَا بَدَاءَ فَالْعِلْمُ فِي الْمَعْلُومِ قَبْلَ كَوْنِهِ وَ الْمَشِيئَةُ فِي الْمُنْشَإِ قَبْلَ عَيْنِهِ وَ الْإِرَادَةُ فِي الْمُرَادِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَ التَّقْدِيرُ لِهَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا وَ تَوْصِيلِهَا عِيَاناً وَ وَقْتاً وَ الْقَضَاءُ بِالْإِمْضَاءِ هُوَ الْمُبْرَمُ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ ذَوَاتِ الْأَجْسَامِ الْمُدْرَكَاتِ بِالْحَوَاسِّ مِنْ ذَوِي لَوْنٍ وَ رِيحٍ وَ وَزْنٍ وَ كَيْلٍ وَ مَا دَبَّ وَ دَرَجَ مِنْ إِنْسٍ وَ جِنٍّ وَ طَيْرٍ وَ سِبَاعٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ فَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ الْبَدَاءُ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ فَإِذَا وَقَعَ الْعَيْنُ الْمَفْهُومُ الْمُدْرَكُ فَلَا بَدَاءَ وَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَبِالْعِلْمِ عَلِمَ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا وَ بِالْمَشِيئَةِ عَرَّفَ صِفَاتِهَا وَ حُدُودَهَا وَ أَنْشَأَهَا قَبْلَ إِظْهَارِهَا وَ بِالْإِرَادَةِ مَيَّزَ أَنْفُسَهَا فِي أَلْوَانِهَا وَ صِفَاتِهَا وَ بِالتَّقْدِيرِ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَ عَرَّفَ أَوَّلَهَا وَ آخِرَهَا وَ بِالْقَضَاءِ أَبَانَ لِلنَّاسِ أَمَاكِنَهَا وَ دَلَّهُمْ عَلَيْهَا وَ بِالْإِمْضَاءِ شَرَحَ عِلَلَهَا وَ أَبَانَ أَمْرَهَا وَ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ الرواية حسنة الإسناد ، والمراد بالعالم موسى بن جعفر ( عليه السلام ) " اهـ .[31]

وفي كتاب التوحيد للصدوق : " 5 -  حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد  ابن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : قال الرضا عليه السلام : المشية والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد " اهـ .[32]

وقال الطوسي في المسائل العشر : " ومنها : ( الفاء ) ومعناها الترتيب والتعقيب * ، نحو قول القائل : " رأيت زيدا فعمرا ، فإنه يفيد ان رؤيته له عقيب رؤيته لزيد مع أنه بعده ، ولذلك ادخل الفاء في جواب الشرط لما كان من حق الجزاء أن يلحق بالشرط من غير تراخ . وقلنا : ان قوله  تعالى : " انما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " ان ظاهر الكلام يقتضى كون المكون عقيب كن لموضع الفاء ، وهذا يوجب ان كن محدثة ، لان ما تقدم المحدث بوقت واحد لا يكون قديما ، وذلك يدل على حدوث الكلام بالضد مما يتعلقون به " اهـ .[33]

هل هناك وقت واحد بين الازل وحدوث العالم ام لا ؟ !

ان قلتم نعم فقد سقط قولكم , وان قلتم لا فقد خالفتم العقلاء والواقع .

وهناك نقطة اخرى لا بد من التنبيه عليها الا وهي ان قالوا ان كن مخلوقة , فنقول هل هي مخلوقة بكن اخرى ؟ وكن الاخرى مخلوقة بكن اخرى وهلم جرا الى ما لا نهاية , ولقد حاول الامامية الخروج من هذا الاشكال , فذكروا رواية عندهم في الكافي : " عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْمَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْمَشِيئَةِ " اهـ .[34]

وهذه الرواية في الحقيقة تدل على جهل واضعها وطعنه بالامام الصادق رحمه الله , وذلك من عدة وجوه :

الوجه الاول : المخالفة لصريح القران حيث قال تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) : النحل } , فقد اخبر الله تعالى انه اذا اراد شيئا فانه يقول له كن فيكون , ونحن نعلم ان المخلوق شيء , فلو كانت كن مخلوقة لكانت شيئا وقد خُلقت بكن اخرى , ولا يوجد عندنا نص قراني يبين استثناء كن الاولية عن غيرها .

الوجه الثاني :  قد اخبر الله تعالى في كتابه العزيز انه خلق عيسى عليه السلام بكن حيث قال : "  قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) : ال عمران " , وقال تعالى ايضا : " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) : ال عمران " فلو كانت كن مخلوقة فيكون قول الرافضة ان مخلوقا قد خلق مخلوقا , فيكون قول الرافضة ان مخلوقا قد مخلوقا , يقابله قول النصارى ان الخالق قد بعث ابنه والعياذ بالله تعالى اي ان عيسى عليه السلام غير مخلوق والعياذ بالله , وكلا القولين باطل قول من يقول ان المخلوق يخلق مخلوقا , وقول من يقول ان الله تعالى قد بعث ابنه الغير مخلوق .

الوجه الثالث : ان قول الرافضة ان كن المخلوقة تخلق هو عين قول الملاحدة الذين لا يعترفون بالله تعالى ويقولون ان الكون قد خُلق بنفسه اي ان المخلوق هو الذي خلق المخلوق - .

الوجه الرابع : ان قول الرافضة ان كن مخلوقة فيه اثبات خالق مع الله تعالى والعياذ بالله تعالى .

الوجه الخامس : لقد جاء التفريق في القران الكريم بين الامر والخلق حيث قال تعالى : " أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) : الاعراف } فقد فرق الله تعالى بين الخلق , والامر , ولو كان الامر مخلوقا للزم ان يخلقه بامر اخر وهلم جرا الى ما لا نهاية من المخلوق الذي يخلق المخلوق الذي هو عين قول الملاحدة .

ولقد صرح الصدوق بحدوث صفات الله تعالى , حيث قال : " ولا نقول : إنه تعالى لم يزل خلاقا  فاعلا شائيا مريدا راضيا ساخطا رازقا وهابا متكلما لأن هذه صفات أفعاله وهي محدثة لا يجوز أن يقال : لم يزل الله تعالى موصوفا بها " اهـ  [35].

وصرح المفيد ايضا بان صفات الله تعالى الفعلية صفات محدثة , وصرح بعدم جواز وصف الباري تعالى في الازل بالخالق , والرازق وغيرها من صفات الافعال , حيث قال : " صفات الله تعالى على ضربين : أحدهما : منسوب إلى الذات ، فيقال : صفات الذات . وثانيهما  : منسوب إلى الأفعال ، فيقال : صفات الأفعال ، والمعنى في قولنا صفات الذات : أن الذات مستحقة لمعناها استحقاقا لازما لا لمعنى سواها ، و معنى صفات الأفعال : هو أنها تجب بوجود الفعل ولا تجب قبل وجوده ، فصفات الذات لله تعالى هي الوصف له بأنه حي ، قادر ، عالم ألا ترى أنه لم يزل مستحقا لهذه الصفات ولا يزال . ووصفنا له تعالى بصفات الأفعال كقولنا خالق ، رازق ، محيي ، مميت ، مبدئ ، معيد ، ألا ترى أنه قبل خلقه الخلق لا يصح وصفه بأنه خالق وقبل إحيائه  الأموات لا يقال إنه محيي " اهـ .[36]

ان المفهوم من كلام الصدوق والمفيد ان اسماء الله تعالى وصفاته الفعلية متعلقة بوجود الخلق , ولهذا نفوا هذه الصفات عن الله تعالى في الازل , وقد بينا سابقا ذلك من كلام المعصوم عند الامامية ان اسماء الله تعالى محدثة , والغاية من احداثها معرفة المخلوق بخالقه , اي ان الامر كله متعلق بالمخلوق وحدوثه .

فأقول يلزم من قولهم هذا ان يثبتوا لنا في الازل اي قبل احداث الخلق -  مُبصَر , ومسموع , ومغفور له , ومرحوم , ومملوك ....الخ , فإن لم يستطيعوا فيلزمهم ان السمع , والبصر , والمغفرة , والرحمة ...... الخ كلها محدثة , او يقولوا بقول اهل الاسلام بأن اسماء الله تعالى , وصفاته كلها ازلية فيعظموا الله تعالى حق تعظيمه.

ويلزم من قولهم هذا ايضا زوال هذه الصفات من الله تعالى في المستقبل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , وذلك لانهم جعلوا الاسماء والصفات متعلقة بفعل الله تعالى لمخلوقاته , فاقول اذا دخل اهل الجنة الجنة , وأهل النار النار , فهل تبقى صفة الحكم والحاكم لله تعالى ؟ ! .

قال تعالى : {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمَاً ( 114 ) : الانعام } , وقال تعالى : { فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ( 87 ) : الاعراف } , وقال الله تعالى : {  وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) : يونس } , وكذلك صفة الشافي لله تعالى هل تزول ام تبقى ؟ !

قال الله تعالى حاكيا عن الخليل ابراهيم عليه السلام : { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) : الشعراء } .

فمن المعلوم ان الله تعالى اذا حكم بين العباد , ودخلوا الجنة , والنار , فلا يبقى اي حكم بين المتنازعين , او اخذ الحقوق , وكذلك لا تبقى امراض تحتاج للعلاج , فيلزم الامامية ان هذه الصفات تزول عن الله تعالى والعياذ بالله .

وأختم هذه النقطة برواية وردت عند الرافضة , فقد جاء في معاني الاخبار للصدوق : "  باب قول المريض آه  1 حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد العلوي ، قال : حدثنا محمد بن همام ، عن علي ابن الحسين ، قال : حدثني جعفر بن يحيى الخزاعي ، عن أبي إسحاق الخزاعي ، عن أبيه ، قال : دخلت مع أبي عبد الله عليه السلام على بعض مواليه يعوده فرأيت الرجل يكثر من قول " آه " فقلت له : يا أخي أذكر ربك واستغث به فقال أبو عبد الله : إن " آه " اسم من أسماء الله عز وجل فمن قال : " آه " فقد استغاث بالله تبارك وتعالى " اهـ .[37]

هل اه اسم محدث لله تعالى ام ازلي ؟ .

{ الفصل الثاني }

{ الاسماء والصفات غير محدثة عند اهل السنة والجماعة }

ان اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم يبنون معتقداتهم على كتاب الله تعالى , وما صح من سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم , ويتعاملون مع النصوص القرانية , والنصوص النبوية التعامل الصحيح وفق القواعد , والضوابط العلمية في الفهم من غير افراط ولا تفريط , ولهذا تجد ان معتقد اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم يقوم على الادلة الواضحة , والبراهين الساطعة , والحجج القاطعة .

قال الله تعالى في الكتاب العزيز : {  قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (110) : الاسراء } , وقال تعالى : {  اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) : طه } , وقال تعالى : {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) : الحشر } . فقد اخبرنا الله تعالى في القران الكريم ان له اسماء حسنى , وامرنا ان ندعوه بها , ومن المعلوم ان دعاء المخلوق غير جائز , فلو كانت هذه الاسماء مخلوقة لجاز دعاء المخلوق .

فكما ان لله تعالى اسماء حسنى , فله صفات مشتقة من هذه الاسماء , فالاسم الحسن يحتوي على الصفة الحسنة , ولا خلاف في هذا, وقد يحاول البعض ان يشكك في عدم ورود نص على لفظ الصفة , فيقولون انتم جئتم ببدعة , وللرد على هذه الشبهة نقول ان الصفة مشتقة من الاسم , واسماء الله تعالى ليست جامدة , فصفات الله تعالى الذاتية والفعلية مشتقة من اسمائه , فالرحمة مشتقة من الرحمن , والرحيم , والعلم مشتق من العليم , والقوة مشتقة من القوي ... الخ .

ولقد ورد في الصحيحين لفظ الصفة لله تعالى , قال الامام البخاري رحمه الله : " 7375  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ، أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ فِي حَجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟»، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» " اهـ .[38]

فقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم اقرار القائل على قوله ان سورة الاخلاص صفة الرحمن , ومن المعلوم ان المفرد المعرف بالاضافة يفيد العموم , فيكون المعنى صفات الرحمن تعالى كما نقول نعمة الله مفرد معرف بالاضافة فيفيد العموم أي نِعمُ الله تعالى .

{ الاضافة على نوعين }

ان الاضافة الى المضاف على نوعين  :

النوع الاول  اضافة صفة الى موصوف , او ما نسميه ايضا اضافة المعاني الى الذات , ومن هذا الباب صفات الله تعالى , فهذه الصفات تقوم بذات الله تعالى , كالعلم , والقوة , والعزة , والسمع , والبصر , واليد , وباقي الصفات .

النوع الثاني  اضافة ذات الى ذات , او ما نسميه اضافة المخلوق الى خالقه , ونسميه ايضا اضافة الاعيان الى الذات , وهذا النوع من الاضافة يكون للتشريف , وتكون الاعيان بائنة من الذات المضافة اليها كما نقول : بيت الله , ورسول الله , وعباد الله , وناقة الله الى الخ .

قال الامام العلم شيخ الاسلام احمد بن تيمية نور الله قبره وجعله روضة من رياض الجنة : " وَالْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ نَوْعَانِ، فَإِنَّ الْمُضَافَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ وَالْحَيَاةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا.

فَالْأَوَّلُ إِضَافَةُ صِفَةٍ كَقَوْلِهِ: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] وَقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15] .

وَقَوْلِ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ الِاسْتِخَارَةِ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» .

وَقَوْلِهِ  تَعَالَى -: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] وَقَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: 10] وَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ} [الطلاق: 5] وَالثَّانِي: إِضَافَةُ عَيْنٍ كَقَوْلِهِ  تَعَالَى -: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26] وَقَوْلِهِ: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] وَقَوْلِهِ: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] فَالْمُضَافُ فِي الْأَوَّلِ صِفَةٌ لِلَّهِ قَائِمَةٌ بِهِ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً لَهُ بَائِنَةً عَنْهُ وَالْمُضَافُ فِي الثَّانِي: مَمْلُوكٌ لِلَّهِ مَخْلُوقٌ لَهُ بَائِنٌ عَنْهُ لَكِنَّهُ مُفَضَّلٌ مُشَرَّفٌ لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي اقْتَضَتْ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ  تَبَارَكَ وَتَعَالَى  كَمَا خَصَّ نَاقَةَ صَالِحٍ مِنْ بَيْنِ النُّوقِ وَكَمَا خَصَّ بَيْتَهُ بِمَكَّةَ مِنَ الْبُيُوتِ وَكَمَا خَصَّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ  تَعَالَى -: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] فَإِنَّهُ وَصَفَ هَذَا الرُّوحَ بِأَنَّهُ تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا وَأَنَّهَا اسْتَعَاذَتْ بِاللَّهِ مِنْهُ إِنْ كَانَ تَقِيًّا وَأَنَّهُ قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} [مريم: 19] وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ النُّظَّارِ جَوْهَرًا وَقَدْ تُسَمَّى جِسْمًا إِذَا كَانَتْ مُشَارًا إِلَيْهَا مَعَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْجِسْمِ هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ أَمْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ أَمْ لَيْسَ مُرَكَّبًا لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْمُضَافَ هُنَا لَيْسَ مِنَ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِغَيْرِهَا بَلْ مِنَ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ بِنَفْسِهَا عُلِمَ أَنَّ الْمُضَافَ مَمْلُوكٌ لِلَّهِ مَخْلُوقٌ لَهُ لَكِنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ تَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ اللَّهِ لَهُ مِنَ الِاصْطِفَاءِ وَالْإِكْرَامِ بِمَا أَوْجَبَ التَّخْصِيصَ بِالْإِضَافَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا كُنْتُ كَتَبْتُهُ قَبْلَ هَذَا مِنَ الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَبَيَّنْتُ أَنَّ الْمُضَافَاتِ إِلَى اللَّهِ نَوْعَانِ: أَعْيَانٌ وَصِفَاتٌ " اهـ .[39]

وقال ايضا : " وبهذا يفرق بين كلام الله سبحانه وعلم الله وبين عبد الله وبيت الله وناقة الله وقوله فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا وهذا أمر معقول في الخطاب فإذا قلت علم فلان وكلامه ومشيئته لم يكن شيئا باينا عنه والسبب في ذلك أن هذه الأمور صفات لما تقوم به فإذا أضيفت إليه كان ذلك إضافة صفة لموصوف إذ لو قامت بغيره لكانت صفة لذلك الغير لا لغيره " اهـ .[40]

وقال الامام ابو حيان النحوي : " وكلام الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ، لا من باب إضافة المخلوق إلى الخالق " اهـ .[41]

وقال الامام ابن عثيمين رحمه الله : " وقوله: " {رَبِّكَ} أضاف الربوبية إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهي ربوبية خاصة، من باب إضافة الخالق إلى المخلوق.

وقوله: {رَبِّ الْعِزَّةِ} من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، ومن المعروف أن كل مربوب مخلوق وهنا قال: {رَبِّ الْعِزَّةِ} ، وعزة الله غير مخلوقة، لأنها من صفاته، فنقول: هذه من باب إضافة الموصوف إلى الصفة " اهـ .[42]

وقال العلامة الغنيمان : " أن ما يضاف إلى الله لا يخلو إما أن يكون صفة وإما أن يكون مخلوقاً، فهو إما من إضافة مخلوق إلى خالقه أو من إضافة صفة إلى موصوف، فإن كان معنىً لا يقوم بنفسه كالقول والعلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة فهو صفة، وإن كان شيئاً قائماً بنفسه؛ كناقة الله وبيت الله ورسول الله وعبد الله وما أشبه ذلك، فهو من إضافة المخلوق إلى خالقه، وهذه الإضافة تدل على التشريف والإكرام " اهـ .[43]

ان المعتقد الحق الثابت عند اهل الاسلام ان اسماء الله تعالى ازلية بازلية الله تبارك وتعالى , لانها اسماء ونعوت لربنا تعالى , فلا يمكن ان تكون محدثة , وذلك لان حدوثها يلزم منه ان هذه الاسماء حدثت لله تعالى بعد ان لم تكن والعياذ بالله تعالى , وقد تكلم علماء اهل الاسلام بهذا الموضوع , وبينوا الاحكام المتعلقة به , فقد قال ابن ابي زيد القيرواني رحمه الله : " لم يزل

بجميع صفاته وأسمائه تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وأسماؤه محدثة " اهـ .[44]

وقد نقل اللالكائي قول خلف بن هشام رحمه الله , حيث قال   : " 350

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ هِشَامٍ فِيمَنْ قَالَ: الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّكَرَةِ وَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ رَجُلًا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ , لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ يَقُولُ: إِنَّمَا شَتَمْتُ الِاسْمَ , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِاللَّهِ عَلَى مَالِ رَجُلٍ , لَمْ يَلْزَمْهُ فِي كَلَامِهِ حِنْثٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ , وَيَقُولُ: إِنَّمَا حَلَفْتُ بِالِاسْمِ فَلَمْ أَحْلِفْ بِالْمُسَمَّى. وَرَأَيْتَ؟ يَدُورُ أَمْرُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الِاسْمِ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . وَرَأَيْتَ الْوُضُوءَ حِينَ يَبْدَأُ فِيهِ الْإِنْسَانُ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ , فَإِذَا فَرَغَ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ؟ وَرَأَيْتَ الْأَذَانَ أَوَّلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يَزَالُ يُرَدِّدُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ ثُمَّ رَأَيْتَ الصَّلَاةَ حِينَ يَفْتَتِحُ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَزَالُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَخْتِمَ بِقَوْلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , فَأَوَّلُهَا وَآخِرُهَا اللَّهُ؟ وَرَأَيْتَ الْحَجَّ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ؟ وَرَأَيْتَ الذَّبِيحَةَ: بِسْمِ اللَّهِ؟ وَرَأَيْتَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ يَدُورُ عَلَى هَذَا الِاسْمِ؟ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ , وَكُفْرُهُ عِنْدِي أَوْضَحُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ " اهـ .[45]

وقد نقل الالكائي رحمه الله ايضا قول الامام الشافعي رحمه الله , حيث قال : " 343  أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ بِمِصْرَ فِي أَوَّلِ لُقْيَةٍ لَقِيتُهُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ , فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْحِكَايَةِ , وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ كَتَبْتُهَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ قَبْلَ خُرُوجِي إِلَى مِصْرَ , فَحَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , وَمَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ , وَذَلِكَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ .

344  وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى الْمُسْتَمْلِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ " اهـ . [46]

ونقل ايضا قول الامام احمد رحمه الله حيث قال : " 351  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاغَنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , وَهُوَ مُخْتَفٍ عِنْدِي , فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ " اهـ .[47]

وقال الامام الاجري ناقلا قول الامام احمد  : "  174  أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَالْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَالَ أَحْمَدُ: كُفْرٌ بَيِّنٌ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: أَقُولُ: هُوَ كَافِرٌ " اهـ .[48]

 

ونقل الامام ابو نعيم عن الامام احمد رحمه : " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ أَبِي: لَمَّا كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ حُوِّلْتُ مِنَ السِّجْنِ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ يُوَجَّهُ إِلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَجُلَانِ سَمَّاهُمَا أَبِي، قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: وَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّاجُ , يُكَلِّمَانِي وَيُنَاظِرَانِي فَإِذَا أَرَادَا الِانْصِرَافَ دَعَوْا بِقَيْدٍ فَقُيِّدْتُ بِهِ، فَمَكَثْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَارَ فِي رِجْلَيَّ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ، فَقَالَ لِي أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فِي كَلَامٍ دَارَ بَيْنَنَا وَسَأَلْتُهُ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ فَقَالَ: عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا كَافِرُ كَفَرْتَ، فَقَالَ لِي الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مَعَهُمْ مِنْ قِبَلِ إِسْحَاقَ: هَذَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَالْمُنْكِرِ عَلَيْهِ مَا قَالَ ثُمَّ انْصَرَفَا. قَالَ أَبِي: وَأَسْمَاءُ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ" اهـ . [49]

ونقل اللالكائي قول الامام اسحاق بن راهويه رحمه الله , حيث قال : "  352  ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أَفْضَوْا إِلَى أَنْ قَالُوا: أَسْمَاءُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلَا اسْمَ , وَهَذَا الْكُفْرُ الْمَحْضُ لِأَنَّ لِلَّهِ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى , فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَسْمَائِهِ وَبَيْنَ عِلْمِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَجَعَلَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا كُلَّهُ وَاللَّهُ خَالِقُهَا؛ فَقَدْ كَفَرَ وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا , صَحَّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَهُ , وَلَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى جَهْمٍ بِالْأَمْرِ الْعَظِيمِ فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ: إِنَّ لِلرَّبِّ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا لعَبَدْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَهًا , حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَا أَعْبُدُ اللَّهَ الْوَاحِدَ وَالصَّمَدَ , إِنَّمَا أَعْبُدُ الْمُرَادَ بِهِ. فَأَيُّ كَلَامٍ أَشَدُّ فِرْيَةٍ وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْطِقَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَعْبُدُ اللَّهَ؟ " اهـ .[50]

وقال الامام الاشعري رحمه الله : " وقال الله تعالى : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) سورة الإخلاص ورقمها ( 112 ) فكيف يكون القرآن مخلوقا وأسماء الله في القرآن ؟ هذا يوجب أن تكون أسماء الله مخلوقة ولو كانت أسماؤه مخلوقة لكانت وحدانيته مخلوقة وكذلك علمه وقدرته . تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

 دليل آخر :  وقد قال الله تعالى : ( تبارك اسم ربك ) من الآية ( 78 / 55 ) ولا يقال لمخلوق " تبارك " فدل هذا على أن أسماء الله غير مخلوقة وقال : ( ويبقى وجه ربك ) من الآية ( 27 / 55 ) ( 1 / 74 ) فكما لا يجوز أن يكون وجه ربنا مخلوقا فكذلك لا يجوز أن تكون أسماؤه مخلوقة " اهـ . [51]

وقال الامام الدارمي : "  ولو كان كما ادعى المعارض وإمامه المريسي لكان الخالق والمخلوق استويا جميعا على العرش إذ كانت أسماؤه مخلوقة عندهم إذ كان الله في دعواهم في حد المجهول أكثر منه في حد المعروف لأن لحدوث الخلق حدا ووقتا وليس لأزلية الله حد ولا وقت لم يزل ولا يزال وكذلك أسماؤه لم تزل ولا تزال " اهـ .[52]

وقال الامام يحيى بن ابي الخير العمراني : "  وعند المعتزلة أن اسماء الله كلها مخلوقة .  والدليل على بطلان قولهم لو كانت اسماؤه مخلوقة لم يخل إما أن يكون خلقها في ذاته أو في ذات غيره أو لا في ذاته ولا ذات غيره .  فبطل أن يكون خلقها في ذاته لأن ذاته ليست بمحل للحوادث ، ولا يجوز أن يكون أحدثها في ذات غيره ، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يسمى من أحدثها فيه بشيء منها فيسمى فردا وصمدا ، ولا يجوز أن يكون أحدثها بنفسها في غير ذات لأنها صفة والصفة لا تقوم بنفسها " اهـ . [53]

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَقَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ذَكَرَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ قَالُوا إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ لِأَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَادَّعَوْا أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَلَا وُجُودَ لِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَهَا ثُمَّ تَسَمَّى بِهَا قَالَ فَقُلْنَا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَالَ سَبِّحِ اسْم رَبك الْأَعْلَى وَقَالَ ذَلِكُم الله ربكُم فاعبدوه فَأَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَعْبُودُ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى اسْمِهِ بِمَا دَلَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُسَبِّحَ مَخْلُوقًا وَنُقِلَ عَن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ عَنِ الْجَهْمِيَّةِ أَنَّ جَهْمًا قَالَ لَوْ قُلْتُ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا لَعَبَدْتَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَهًا قَالَ فَقُلْنَا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يَدْعُوَهُ بِأَسْمَائِهِ فَقَالَ وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وَالْأَسْمَاءُ جَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَلَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ التِّسْعَةِ وَالتسْعين  " اهـ .[54]

وقال الامام ابن اللحام : " فَأَما أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته فقديمة وهى حَقِيقَة عِنْد إمامنا وَأَصْحَابه وَجُمْهُور أهل السّنة " اهـ .[55]

وقال الملا علي القاري الحنفي رحمه الله : " ( لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) , أي موصوفا بنعوت الكمال ومعروفا بأوصاف الجلال والجمال ( لم يحدث له اسم ولا صفة ) يعني ان صفات الله وأسمائه كلها أزلية لا بداية لها , وأبدية لا نهاية لها , لم يتجدد له تعالى صفة من صفاته , ولا اسم من اسمائه , لانه سبحانه واجب الوجود لذاته الكامل في ذاته وصفاته , فلو حدث له صفة او زال عنه نعت لكان قبل حدوث تلك الصفة وبعد زوال ذلك النعت ناقصا عن مقام الكمال وهو في حقه سبحانه من المحال , فصفاته تعالى كلها ازلية ابدية " اهـ . [56]

فهذه النقولات عن ائمة اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم المبنية على الادلة تبين المعتقد الحق الذي نحن عليه بازلية اسماء الله تعالى وصفاته , وانها غير مخلوقة خلافا لغيرنا من اهل البدع والضلال الذين لا يرجون لله وقارا , ولا يستندون الى ادلة من القران , ولا من السنة , وانما اعتمادهم في ذلك على علم الكلام المستحدث المنقول من بقايا الفلاسفة والدهريين نعوذ بالله تعالى من الخذلان .

 

 

{ الفصل الثالث }

{ التوحيد وبعض ما ورد من غلو الرافضة بالآل }

{ حساب الخلائق عند الرافضة الى علي }

جاء في كتاب سليم بن قيس : " يا علي ، ما عرف الله إلا بي ثم بك . من جحد ولايتك جحد الله ربوبيته يا علي ، أنت علم الله بعدي الأكبر في الأرض ، وأنت الركن الأكبر في القيامة . فمن استظل بفيئك كان فائزا ، لأن حساب الخلائق إليك ومآبهم إليك ، والميزان ميزانك والصراط صراطك والموقف موقفك والحساب حسابك . فمن ركن إليك نجا ، ومن خالفك هوى وهلك . اللهم اشهد ، اللهم اشهد " اهـ . [57]

هل كان الله تعالى مجهولا قبل وجود النبي صلى الله عليه واله وسلم , وعلي رضي الله عنه , ان كان الله تعالى مجهولا في امم الانبياء الذين سبقوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فإلى من كان يدعوا الانبياء , والمرسلين صلوات الله تعالى عليهم ؟!!! .

وكيف يكون اياب الخلائق , وحسابهم لعلي رضي الله عنه , والله تعالى

يقول : { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) : الغاشية }

فاياب الخلق ورجوعهم الى الله تعالى لا الى غيره , والمحاسب لهم هو الله تعالى , قال تعالى : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) : البقرة } , وقال تعالى : { هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) : يونس } , وقال تعالى : { اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) : الروم } قال الطوسي : " وقوله ( إن الينا إيابهم ) فالاياب الرجوع ، آب يؤب أوبا وإيابا وتأوب تأوبا وأوب يؤوب تأويبا ، ويقال : أيب إيابا على ( فيعل ، فيعالا ) من الاوب وعلى هذا قرئ في الشواذ ( إيابهم ) بالتشديد ، قال عبيد : وكل ذي غيبة يؤوب * وغائب الموت لا يؤوب  والمعنى ان مرجع الخلق يوم القيامة  إلى الله فيحاسبهم ويجازي كل واحد منهم على قدر عمله ، فحساب الكفار مقدار ما لهم وعليهم من استحقاق العقاب ، وحساب المؤمن بيان ما له وعليه حتى يظهر استحقاق الثواب " اهـ .[58]

وقال الله تعالى : { وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) : الكهف }

, فالعرض يكون على الله تعالى كما نص القران وليس على علي رضي الله عنه , وفي القران ايضا : { لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) : ابراهيم } , فالمجازي , والمحاسب هو الله تعالى , وقال تعالى : { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) : البقرة } , وقال تعالى : { ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) : الانعام } , وقال تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) : الانبياء } , قال الطوسي : " وكفى بنا حاسبين " أي وكفى المطيع أو العاصي بمجازاة الله وحسبه ذلك . وفي ذلك غاية التهديد ، لأنه إذا كان الذي يتولى الحساب لا يخفى عليه قليل ولا كثير ، كان أعظم " اهـ .[59]

{ علي صاحب الجنة والنار واليه عذاب اهل النار }

قال الشاهرودي : " باب في انه عليه السلام اول من يدخل الجنة .

في ان امير المؤمنين عليه السلام يزوج اهل الجنة .

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خطبته : أنا صاحب الجنة والنار ، أسكن أهل الجنة الجنة ، وأسكن أهل النار النار ، وإلي تزويج أهل الجنة وإلي عذاب أهل النار " اهـ .[60]

ولقد ذكر الله تعالى في الكتاب العزيز انه هو من يُدخل العباد الى الجنة , والى النار , قال الله تعالى : { تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 13 ) : النساء } , وقال تعالى : { وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ( 14 ) : النساء } وقال تعالى : { وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ( 84 ) : المائدة } , وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ( 14 ) : الحج } , وقال تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 9 ) :التغابن }

اين نجد في القران الكريم , او صحيح السنة النبوية التي نقلها العدول الثقات  ان عليا رضي الله تعالى عنه هو من يُدخل العباد الى الجنة , او الى النار ؟ !!! .

ولهذا نقول ان هذه الروايات كلها دخيلة على الاسلام , وان من وضعها اراد الطعن بالاسلام , وتوجيه الناس الى تعظيم غير الله تعالى .

{ علي اصغر من الله تعالى بسنتين }

قال عبد الله شبر : " ما روي عن امير المؤمنين ( ع  ) قال : انا اصغر من ربي بسنتين .

ووجه بوجهين , الاول : ان المراد بالرب الحقيقي والمراد بسنتين رتبتين والمعنى ان جميع مراتب كمالات الوجود المطلق حاصلة لي سوى مرتبتين هما : مرتبة الالوهية ووجوب الوجود , ومرتبة النبوة , الثاني : ان المراد بالرب المجازي اي مربيه ومعلمه وهو النبي صلى الله عليه واله , والحاصل : انه عليه السلام اثبت لنفسه القدسية مرتبة الولاية المطلقة التي هي جامعة لجميع مراتب الكمالات سوى مرتبة الالوهية و ووجوب الوجود, ولا ريب في انه كان جامعا لكل مرتبة وجودية وكمالية سوى هاتين المرتبتين  " اهـ .[61]

هل المراتب بين الله تعالى , وبين علي رضي الله عنه الالوهية فقط ؟ !!! , واين مرتبة الربوبية ؟ ام انه يشترك فيها مع الله تعالى باعتباره رب الارض ؟ !!! كما ورد عند الامامية بأن الامام رب الارض .

{ الامام رب الارض عند الامامية }

قال المجلسي : " 1 -  تفسير علي بن إبراهيم : محمد بن أبي عبد الله ، عن جعفر بن محمد ، عن القاسم بن الربيع ، عن صباح المزني ، عن المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله : " و أشرقت الأرض بنور ربها ، قال : رب الأرض إمام الأرض ، قلت : فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال : إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزؤون بنور الامام " اهـ . [62]

ان السياق القراني يبطل هذا التفسير الباطني الرافضي للقران الكريم , فالله تعالى يقول : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) : الزمر }

, فالارض تشرق بنوره تعالى يوم القيامة , لان الخطاب القراني يبين الصعق , ثم النفخ , ثم اشراق الارض بنور ربها , ووضع الكتاب , ومجيء الانبياء , والشهداء , ثم القضاء بين العباد بالحق , ومجازاة العباد على افعالهم , فلا ادري ما هو دخل الامام هنا !!! .

وقال الخميني في مصباح الهداية : " وبالحري ان نذكر ما لخصه الشيخ العارف الكامل القاضي سعيد القمي مما فصله بعض اهل المعرفة : قال في البوارق الملكوتية ...................................

وخرج بأمر الحق إلى الاسم "الرب" فقال له" صدر الأمر بأن تفعل أنت ما تقتضيه المصلحة في بقاء الممكنات. فقال سمعاً وطاعة. وأخذ وزيرين يعينانه على مصالحه. وهما "المدبر" و"المفصل".  قال الله تعالى: ((يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)) أى ربكم الذي هو الإمام. فانظر ما أحكم كلام الله وأتقن صنع الله انتهى " اهـ .[63]

قولهم ان المقصود في الاية بلقاء ربكم : اي ربكم هو الامام هو عين قول السبئية الذين حرقهم علي رضي الله عنه وقتلهم شر قتلة . فَحُكمُ علي رضي الله عنه بسعيد القمي ومن يستحسن كلامه وينقله مستشهدا به مقرا له اي الخميني -  هو التحريق والقتل .

ولنقرأ النص القراني وننظر هل يتوافق مع قول هؤلاء المتلاعبين بكتاب الله تعالى , ام انه يكذبهم , ويبين زيف قولهم , قال الله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) : الرعد }

فالسياق القراني كله يتعلق بالله تعالى , ولا علاقة له بأحد غير الله تعالى , وذلك لان الذي رفع السماوات بغير عمد هو الله تعالى , وهو الذي استوى على العرش استواء يليق به تعالى من غير ان يكون لاستواءه لوازم استواء المخلوق لانه ليس كمثله شيء , وهو الذي سخر الشمس والقمر , وهو المدبر لامر العالم باكمله , وتفصيل الايات سواء كان يتعلق بالكتب السماوية فهو صحيح , او يتعلق بتفصيل الايات الكونية الدالة على وحدانيته تعالى فهو صحيح ايضا , ثم بعد ذلك ليتيقن العباد بلقاء الله تعالى , والمعاد اليه , فيصدقوا بوعده ووعيده , وينزجروا عن عبادة غيره , او اي شيء يغضبه , فيؤدوا ما افترضه عليهم , ويجتنبوا ما نهاهم عنه , فيخلصوا في عبادته اذا تيقنوا بلقائه , وذلك لان لقاء الله تعالى ستترتب عليه مجازاة العباد على اعمالهم , {  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) : الزلزلة }.

وقال الخميني : " وبالجملة، لمّا كان كل ما في الكون آية لما في الغيب، لابد وأن يكون لحقيقة العين الثابتة الإنسانية، أي العين الثابتة المحمدية(ص) ولحضرة الإسم الأعظم مظهر في العين، ليظهر الأحكام الربوبية ويحكم على الأعيان الخارجية، حكومة الاسم الأعظم على سائر الأسماء والعين الثابت للإنسان الكامل على بقيّة الأعيان. فمن كان بهذه الصفة، أي الصفة الإلهية الذاتيّة، يكون خليفة في هذا العالم؛ كما أن الأصل كان كذلك " اهـ .[64]

ان هذا القول هو عين قول النصارى والعياذ بالله ففيه اتحاد الناسوت باللاهوت , وهذا لوحده يكفي بتشابه عقيدة الخميني بعقيدة النصارى .

وقال ايضا : " وبما علمناك من البيان واتيناك من التبيان يمكن لك فهم قول مولى الموحدين  وقدوة العارفين، أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين: كنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلّية. والولاية باطن الخلافة؛ والولاية المطلقة الكلّية باطن الخلافة الكذائية، فهو علية السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت، ومع كل الأشياء معيّة قيومية ظليّة إلهية، ظل المعيّة القيوميّة الحقّة الإلهية؛ إلاّ أن الولاية لمّا كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر " اهـ .[65]        

ان القائم على كل نفس بما كسبت هو الله تعالى كما جاء في القران الكريم وليس علي رضي الله عنه , قال الله تعالى : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) : الرعد }

قال الطوسي : " معنى قوله " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " من هو قائم بتدبيرها وجزائها على ما كسبت من خير أو شر ، كمن ليس بهذه الصفة ، وحذف الخبر لدلالة الكلام عليه " اهـ .[66]

ان سياق الاية دال على ان الذي يتصف بالقيام على كل نفس بما كسبت فهو مساوٍ لله تعالى , وذلك لان الاية في ابطال صفة القيام على كل نفس بما كسبت لغير الله تعالى , فلو كان هناك احد يتصف بالقيام على كل نفس بما كسبت لكان مساويا لله تعالى , ومستحقا للعبادة .

وقال الطباطبائي : " قوله تعالى : " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا له شركاء القائم على شئ هو المهيمن المتسلط عليه والقائم بشئ من الامر هو الذي يدبره نوعا من التدبير والله سبحانه هو القائم على كل نفس بما كسبت اما قيامه عليها فلانه محيط بذاتها قاهر عليها شاهد لها واما قيامه بما كسبت فلانه يدبر أمر أعمالها فيحولها من مرتبة الحركة والسكون إلى اعمال محفوظة عليها في صحائف الأعمال ثم يحولها إلى المثوبات والعقوبات في الدنيا والآخرة من قرب وبعد وهدى وضلال ونعمة ونقمة وجنة ونار . والآية متفرعة على ما تقدمها أي إذا كان الله سبحانه يهدى من يشاء فيجازيه بأحسن الثواب ويضل من يشاء فيجازيه بأشد العقاب وله الامر جميعا فهو قائم على كل نفس بما كسبت ومهيمن مدبر لنظام الأعمال فهل يعدله غيره حتى يشاركه في الوهيته ؟ " اهـ .[67]

ان كلام الطباطبائي واضح جدا على ان القائم على كل نفس بما كسبت هو الله تعالى , وقد فصَّل في معنى الاية , والمراد بقيام الله تعالى على كل نفس , فجعل الثواب , والعقاب , والهداية , والضلال كله لله تعالى وهو معنى القياس على كل نفس بما كسبت , ثم استنكر ان يكون احد عِدل الله تعالى فيشاركه في الوهيته التي اختص بها دون غيره من قيامه على كل نفس بما كسبت , فيلزم من سياق الاية , وكذلك قول الطباطبائي ان الخميني مشرك بالله تعالى .

وقال المجلسي : " 16 بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لديان الناس يوم القيامة وقسيم الله بين الجنة والنار، لا يدخلهما داخل إلا على أحد قسمين وإنه الفاروق الأكبر " اهـ .[68]

رواية الرافضة تقول ان علي رضي الله عنه ديان الناس يوم القيامة , وهو الذي يقسم الجنة والنار , فماذا بقي لله تعالى اذا كان المجازي للخلق علي رضي الله عنه يوم القيامة  ؟ !!! ,  ولقد جاء معنى الديان في اللغة المجازي , قال الامام الفراهيدي : " دانَ اللهُ العِباد يَدينهم يومَ القيامة أي يَجزيهم وهو دَيّانُ العِباد " اهـ . [69]

{ علي يحول رجلا الى غراب }

قال المرندي : " وروي في المعتبر ان أمير المؤمنين صعد على منبر الكوفة فقال ما معناه المراد بالوالدين في قوله تعالى وبالوالدين احسانا انا ورسول الله فقام إليه رجل من أهل المسجد فقال له يابن أبي طالب سحرت أهل الحجاز واتيت السحر أهل العراق بتأويلات القرآن فرمقه بطرفه فان هو قد صار غرابا ابقع فطار من بين القوم ووقع على حائط والمسجد يزعق والناس ينظرون إليه فقال بعضهم لبعض قد بلغ من سحر ابن أبي طالب انه يمسخ الرجال والله لئن لم تعالجوه بالقتل لصنع بكم ما صنع بصاحبكم وكان عدة القوم ثلاثين الفا فتعاقدوا انه إذا جاء صلاة الجمعة وفرغ من الخطبة ونزل وسجد بنادواليه بسيوفنا كلنا فنضربه بها حتى لا يعرف له قاتل فلما اتى يوم الجمعة تقلدوا بسيوفهم واتوا الى المسجد فلما سجد أمير المؤمنين في الركعة الاولى قبض كل واحد منهم قائمة سيفه ليخرجه من جفنة فما اتى في ايديهم سوى قبضات السيوف فتعجبوا وكان بعض مواليه معهم قال فاتيته في بيته وحكيت لهم كيد القوم وتسويلهم وما جرى عليهم من فقد سيوفهم فقال لي إذا كان غدا فتعال الينا اول النهار فاتيته في الغد فقال لي اخرج الى ظهر الكوفة حتى تبلغ الى موضع كذا وكذا فإذا وصلت إليه ترى قافلة مقبلة يقدمها رجل على بغلة فتقدم إليه وقل ان أمير المؤمنين عليه السلام ارسلني اليك وهو يقول سلم الي هذه القافلة وارجع سالما فلما بلغت الى ذلك الموضع رايت ذلك الرجل يقدم القافلة فقلت له ما قال لي فقال هذه القاقلة خذها إليه فرجع فاتيت بالقافلة إليه فطرحت إليه الاحمال عنده ولم ادر ما فيه فقال لي ادع لي فلانا وفلانا يعني جماعة من شيعته ومواليه فدعوتهم فلما اتوا إليه قال لي اخرج ما في هذه الحمول فلما خليتها فإذا هي حدايد السيوف فعددتها فإذا هي ثلاثون الفا فقسمتها بين مواليه وشيعته وخرجوا لبيعها في الاسواق وباعوها على اولئك القوم فعرفوها واشتروها باعلا ثمن فاتيت إليه وقلت يا أمير المؤمنين ما هذا السيوف فقال هي سيوفهم وذلك انهم لما ارادوا المكر ارسل الله إليهم ثلاثين الفا من الملائكة فاخذ كل ملك بسيف واحد من القوم وجمعوها واتوا بها مع ذلك الرجل الذي رايته" اهـ .[70]

ان موضوع الكرامات نقر به للاولياء , ولكن الاشكال يكمن فيمن يفعل الافعال ويتصرف بطريقة كأن الكون تحت تصرفه , وهذا باطل كله , فنراه يقلب الرجل غراب بطريقة تتعلق بقدرته وتحكمه بتغيير الخلق والعياذ بالله تعالى , ثم بعد ذلك علاقته بالملائكة وجمع ثلاثين الف سيف , ثم يخبر ان الذي فعل هذا ثلاثون الف ملك , وكأن الملائكة تحت تصرفه , فالمتحصل من هذا ان هذه المبالغات في التصرف في الكون تعتبر غلوا , وياليت الامر يقف الى رواية واحدة اذ من الممكن ان نجد لها المخرج , ولكن الامر يرتبط بمجموع مبالغات لا بد من جمعها وتحذير الناس منها , حتى لا ينخدع احد بهؤلاء الذين يكذبون على اهل البيت رضي الله عنهم .

{ زين العابدين خلق عليين }

ومما ورد عند الرافضة من الغلو في الائمة , ما ذكره البحراني في مدينة المعاجز , حيث قال : " 1294 42  عنه : قال : حدثنا عبد الله بن يسر  قال : أخبرنا محمد ابن إسحاق الصاعدي وأبو محمد ثابت بن ثابت ، قالا : حدثنا جمهور بن حكيم ، قال : رأيت علي بن الحسين - عليهما السلام  وقد نبت له أجنحة وريش ، فطار ، ثم قال : رأيت الساعة ، جعفر بن أبي طالب  عليه السلام  في أعلى عليين ، فقلت : وهل تستطيع أن تصعد . فقال : نحن صنعناها وكيف لا نقدر أن نصعد إلى ما صنعنا ، نحن حملة العرش والكرسي ثم أعطاني طلعا في غير أوانه " اهـ .[71]

لقد جعل الامام زين العابدين خالقا للجنة , والعياذ بالله تعالى , ومن المعلوم ان الجنة شيء والله تعالى يقول : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) : الزمر } , فالغايات من هذا الغلو , ونقل هذه الاكاذيب صرف الناس عن عبادة الله تعالى , وتعظيمه الى عبادة المخلوق من دون الله , وتعظيمه .

 

{ زين العابدين اول من خلق الارض واخر من يهلكها , ويرد الشمس من مغربها الى مشرقها }

قال الطبري الشيعي : " 115 / 5  قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، عن سالم بن قبيصة ، قال : شهدت علي بن الحسين ( عليه السلام ) وهو يقول : أنا أول من خلق الأرض ، وأنا آخر من يهلكها . فقلت له : يا بن رسول الله ، وما آية ذلك ؟ قال : آية ذلك أن أرد الشمس من مغربها إلى مشرقها ، ومن مشرقها إلى مغربها . فقيل له : أفعل ذلك  ففعل " اهـ .[72]

{ الغلو في علي رضي الله عنه ووصفه بصفات الربوبية والالوهية }

قال محسن الامين مترجما لاحد علماء الامامية , مادحا اياه بانه من علماء الفقه والاصول , ثم نقل عنه اشعارا في مدح علي رضي الله عنه فيه غلو كبير , حيث قال : " 246 : الشيخ إبراهيم ابن الشيخ صادق ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ يحيى بن محمد بن سليمان بن نجم المخزومي العاملي . هكذا وجد بخطه في بعض مجاميعه . ولد في قرية الطيبة من قرى جبل عامل سنة 1221 وتوفي بها سنة 1284 وكانت وفاته بكوانين والثلوج مادة رواقها على السهول والجبال لم تأذن لسكنة البيوت بتجاوز اعتاب الأبواب ثلاثة أيام بلياليها وفي اليوم الرابع أمكن ان يشق له بعد المشقة ضريح محاذ لضريحي أبيه وجده الشيخ يحيى فدفن به والطيبي نسبة إلى الطيبة بطاء مهملة مفتوحة ومثناة تحتية مشددة وباء موحدة وهاء . أقوال العلماء فيه ذكره صاحب جواهر الحكم فقال كان من العلماء الأفاضل الا انه تغلب عليه الشعر جالسته مرارا بعامرة الطيبة بدار الأمير محمد بك الأسعد وكان يومئذ كهلا وقد عمر له محمد بك داره بالطيبة ولم يتم بناؤها ولا سكناها ففي أثناء تعميرها أصابتهم النكبة وبعدها بقليل توفي الشيخ رحمه الله أقول وكانت نكبتهم سنة 1282 وفي الطليعة كان فقهيا أصوليا خفيف الروح رقيق الحاشية وله شعر كثير مجموع أيام اقامته بالعراق وبقائه في جبل عامل انتهى " اهـ .[73]

ثم نقل محسن الامين عن هذا الاصولي الفقيه بانه قال مادحا لعلي رضي الله عنه : "  يا من إليه الامر يرجع في غد * ولديه اعمال الخلائق ترفع

وله مآل ثوابها وعقابها * يعطي العطاء لمن يشاء ويمنع

........................................

ذلت لعزتك الدهور وأذعنت * لجلال رفعتك العوالم أجمع

وصفاتك الحسنى يقصر عن مدى * أدنى علاها كل مدح يصنع

ورفيع مدح الخلق منخفض إذا * كان الكتاب بمدح مجدك يصدع

والحمد مقصور عليك ثناؤه * وعلى سواك لواؤه لا يرفع

.........................

ووجوده وسع الوجود وهل خلا * في عالم الإمكان منه موضع " اهـ .[74]

ان لم يكن هذا غلوا فلا ادري كيف يكون الغلو , فقد جعل هذا الامامي مآل العباد الى علي وليس الى الله تعالى , وان الاعمال تُرفع لعلي , وليس الى الله تعالى , وجعل الثواب , والعقاب لعلي , والعطاء والمنع لعلي , ثم جعل ذلة الدهور لعلي , ولا ادري ما علاقة وجه المدح لعلي رضي الله عنه بجعل الدهور تذل له , ولا ادري لماذا يقصر ثناء الحمد لعلي رضي الله عنه , وكأن عليا رضي الله عنه هو الاول والاخر والعياذ بالله تعالى .

 

 

{ خلق الله عليا من قدرته وعِزِّ جلاله }

قال الطوسي في اماليه : " 1511 / 1  حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( رضي الله عنه ) ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن أيوب ، قال : حدثنا عمر بن الحسن القاضي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني أبو حبيبة ، قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عائشة . قال محمد بن أحمد بن شاذان : وحدثني سهل بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد ابن عمر الربيعي ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلب . قال ابن شاذان : وحدثني إبراهيم بن علي ، باسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال : كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكانت حاملة بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام ، قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام ، وقد أخذها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السماء ، وقالت : أي رب ، إني مؤمنة بك ، وبما جاء به من عندك الرسول ، وبكل نبي من أنبيائك ، وبكل كتاب أنزلته ......... فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال : يا فاطمة ، سميه عليا ، فأنا العلي الاعلى ، وإني خلقته من قدرتي ، وعز جلالي ، وقسط عدلي ، واشتققت اسمه من اسمي ، وأدبته بأدبي ، وفوضت إليه أمري ......." اهـ .[75]

هل قدرة الله , وعز جلاله , وقسط عدله مخلوقة , ام انها صفات له تعالى ؟ .

{ خلق الله الائمة من نور عظمته }

قال محمد تقي المجلسي : " و في القوي كالصحيح، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته ثمَّ صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيب و خلق أرواح شيعتنا من طينتنا و أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة، و لم يجعل الله لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء و المرسلين فلذلك صرنا نحن و هم الناس و صار سائر الناس همجا للنار و إلى النار " اهـ .[76]

وفي رواية الكافي ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد راى نور العظمة , حيث قال الكليني: " مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ بَلَغَ بِي جَبْرَئِيلُ مَكَاناً لَمْ يَطَأْهُ قَطُّ جَبْرَئِيلُ فَكَشَفَ لَهُ فَأَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ " اهـ .[77]

ولقد وضحت الرواية الاخرى كيفية الرؤية لنور العظمة , وانها قد كانت رؤية قلبية , ولم تكن بالعين الباصرة , قال الكليني : " مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) أَسْأَلُهُ كَيْفَ يَعْبُدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَ هُوَ لَا يَرَاهُ فَوَقَّعَ (عليه السلام) يَا أَبَا يُوسُفَ جَلَّ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ الْمُنْعِمُ عَلَيَّ وَ عَلَى آبَائِي أَنْ يُرَى قَالَ وَ سَأَلْتُهُ هَلْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) رَبَّهُ فَوَقَّعَ (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرَى رَسُولَهُ بِقَلْبِهِ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ " اهـ .[78]

فلو كان نور العظمة مخلوقا فلماذا حجب الله تعالى بصر رسوله من رؤيته , وعلل عدم الرؤية البصرية بأن الخالق لا يرى ؟ , فمن خلال روايات الامامية تبين لنا ان نور عظمة الله تعالى غير مخلوق , فيلزم من هذا اتحاد اللاهوت بالناسوت , فظهر اللاهوت بصورة الناسوت , وهو عين قول النصارى !!! .

 

{ الزهراء رضي الله عنها كائن الهي جبروتي , وهي علة الايجاد }

قال محمد فاضل المسعودي : " لم تكن الزهراء امراة عادية كانت امرأة روحانية امرأة ملكوتية ... كانت انسانا بتمام معنى الكلمة نسخة انسانية متكاملة ... امرأة حقيقية كاملة ... حقيقة الإنسان الكامل ، لم تكن امراة عادية ، بل هي كائن ملكوتي تحلى في الوجود بصورة انسان ... بل كائن الهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة " اهـ .[79]

وقال هاشم الهاشمي ناقلا عن الخميني : " وختاما نورد بعض كلمات الفقيه الحكيم ، العارف الكامل ، الامام المجاهد روح الله الموسوي الخميني ( قدس سره ) في حق مولاتنا سيدة الكونين الزهراء المرضية صلوات الله وسلامه عليها ، لما تحويه من معان دقيقة ومعارف سامية ، ترشدنا إلى رفيع مكانتها وجليل منزلتها وعظيم مقامها . . . قال ( رضوان الله عليه ) : ( إن مختلف الابعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللانسان تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام . لم تكن الزهراء امرأة عادية ، كانت امرأة روحانية . . . امرأة ملكوتية . . . كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة . . . نسخة إنسانية متكاملة . . . امرأة حقيقية كاملة . . . حقيقة الانسان الكامل . لم تكن امرأة عادية بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان . . . بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة " اهـ .[80]   

وقال ايضا : " ومن المقامات الأخرى لها عليها السلام هو علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل وكما ورد في الحديث الذي يقول فيه الباري عز وجل : ( يا أحمد  لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما ) " اهـ .[81]

وما سطره هذا الامامي فهو مخالف لكتاب الله تعالى في سبب الوجود , وعلته , فسبب الوجود , وعلته هو افراد الله تعالى بالعبادة كما قال الله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) : الذاريات } .

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز ال الشيخ : " قوله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا) هذا فيه حصر، ومعلوم أن (مَا) النافية مع (إِلاَّ) تفيد الحصر والقصر, معنى الكلام: خَلقتُ الجن والإنس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها، ففيه قصر علّة الخلق على العبادة .

وقوله (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، (إِلَّا) هذه تسمّى أداة استثناء مُفرَّغ, مفرّغ من أعم الأحوال -كما يقول النحّاة-، يعني وما خلقت الجن والإنس لشيء أو لغاية من الغايات أبدا إلاّ لغاية واحدة، وهي أن يعبدونِ " اهـ .[82]

فالله تبارك وتعالى قد خلق الخلق لعبادته تعالى لا لشيء اخر كما جاء ذلك واضح في  كتاب الله تعالى .

{المشرك من اشرك بولاية علي }

قال الكليني : " 1  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ الرِّضَا ( عليه السلام ) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله ) كَانَ أَمِينَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ........ وَ اسْتَوْدَعَنَا عِلْمَهُمْ نَحْنُ وَرَثَةُ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يَا آلَ مُحَمَّدٍ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَ كُونُوا عَلَى جَمَاعَةٍ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَنْ أَشْرَكَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ إِنَّ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ مَنْ يُجِيبُكَ إِلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ ( عليه السلام ) " اهـ .[83]

لقد اخبرنا الله تعالى في القران ان المشركين كانوا يستكبرون على عبادة الله تعالى , قال تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) : الصافات } , فكيف تكون دعوتهم الى ولاية علي رضي الله عنه , وهم اصلا مستكبرون عن عبادة الله وحده , فالاصل في ذلك ان يدعوهم الى توحيد الله تعالى , ثم الايمان بنبوة النبي صلى الله عليه واله وسلم , ثم تعاليم الاسلام الباقية , وما جاء في الرواية الرافضية غير معتبر اصلا لمخالفته لسياق القران , وكذلك للواقع في حياة النبي صلى الله عليه واله وسلم , فقد كان اهل الشرك لا يؤمنون بنبوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فكيف يدعوهم لولاية علي رضي الله عنه وهم لم يؤمنوا بنبوته اصلا ؟ !!! .

وفي تفسير القمي : " حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر ( ع ) قال : سألته عن قول الله لنبيه " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " قال : تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين  " اهـ .[84]

وقال الفيض الكاشاني : " {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( 65 ) : الزمر }

............................................

وعن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال تفسيرها لئن أمرت بولاية احد مع ولاية عليّ عليه السلام من بعدك ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين " اهـ .[85]

وفي الامامة والتبصرة : " 80  محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد : عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : من أشرك مع إمام - إمامته من عند الله - من ليس إمامته من عند الله كان مشركا بالله " اهـ .[86]

من المعلوم ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , فالاية الكريمة يدخل فيها كل اهل الاسلام , فهل حبط عمل اهل الاسلام لانهم لا يدعون الى ولاية علي رضي الله عنه  وفق ما يعتقده الرافضة , وهل تكون الدعوة الى ولاية ابي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم محبطة للعمل ؟ ! , وهل يكون اهل السنة من المشركين لانهم يقولون بامامة ابي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم ؟ !!! . سبحانك هذا بهتان عظيم , وتكفير صريح لاهل السنة نعوذ بالله من الرفض واهله .

وقال المجلسي : " 23  تفسير علي بن إبراهيم : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا أبان إن الله لا يطلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول : " وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون " قلت له : كيف ذاك جعلت  فداك ؟ فسره لي ، فقال : ويل للمشركين الذين أشركوا بالامام الأول ، وهم بالأئمة الآخرين كافرون ، يا أبان إنما دعا الله العباد إلى الايمان به فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض  . بيان : فسر عليه السلام المشرك بمن أشرك مع الإمام الحق إماما آخر ، والآخرة بالأئمة الآخرة ، وهذا بطن من بطون الآية ، ويدل الخبر على أن المشركين بالله غير مكلفين بالفروع ، والمخالفين مكلفون بها ، وهو خلاف المشهور بين الامامية ويمكن حمله على أن المراد أن تكليف الذين لا يعرفون الله ورسوله بالايمان بهما أهم وآكد من دعوتهم إلى الفروع ، لا أنهم غير مكلفين بها ، وهذه القدر كاف لتأييد كون المراد بالمشرك المعنى الذي ذكره عليه السلام " اهـ .[87]  

وما ذكره هذا الرافضي فهو مخالف للقران , فالاية الكريمة المباركة تحث على التوجه لله تعالى وحده لا شريك , قال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) : فصلت  } , وما جاء به هذا الرافضي  انما هو محض افتراء على ائمة اهل البيت رضي الله عنهم , بل هذا من صنع الباطنية الزنادقة الذين يريدون هدم الاسلام .

{ الامام اله عند الرافضة }

قال المجلسي : " 9 تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ [النحل : 51] يعني بذلك ولا تتخذوا إمامين ، إنما هو إمام واحد " اهـ .[88]

{ زيارة صفوان الجمال لعلي رضي الله عنه }

وفي بحار الانوار : " زيارة صفوان الجمال لأمير المؤمنين عليه السلام " السلام عليك يا أبا الأئمة ومعدن الوحي والنبوة والمخصوص بالأخوة، السلام على يعسوب الدين والإيمان، وكلمة الرحمن، وكهف الأنام، السلام على ميزان الأعمال ومقلب الأحوال وسيف ذي الجلال، السلام على صالح المؤمنين ووارث علم النبيين والحاكم يوم الدين، السلام على شجرة التقوى وسامع السر والنجوى ومنزل المن والسلوى، السلام على حجة الله البالغة ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة السلام على إسرائيل الأمة وباب الرحمة وأبي الأئمة، السلام على صراط الله الواضح والنجم اللائح والإمام الناصح والزناد القادح، السلام على وجه الله الذي من آمن به أمن، السلام على نفس الله تعالى القائمة فيه بالسنن وعينه التي من عرفها يطمئن، السلام على أذن الله الواعية في الأمم ويده الباسطة بالنعم وجنبه الذي من فرط فيه ندم، اشهد أنك مجازي الخلق وشافع الرزق والحاكم بالحق بعثك الله علما لعباده فوفيت بمراده، وجاهدت في الله حق جهاده، فصلى الله عليكم وجعل أفئدة من الناس تهوي إليكم، فالخير منك وإليك، عبدك الزائر لحرمك اللائذ بكرمك، الشاكر لنعمك، قد هرب إليك من ذنوبه، ورجاك لكشف كروبه فأنت ساتر عيوبه، فكن لي إلى الله سبيلا، ومن النار مقيلا، ولما أرجو فيك كفيلا أنجو نجاة من وصل حبله بحبلك، وسلك بك إلى الله سبيلا فأنت سامع الدعاء وولي الجزاء، علينا منك السلام، وأنت السيد الكريم والإمام العظيم، فكن بنا رحيما يا أمير المؤمنين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته " اهـ .[89]

وفي المزار للشهيد الاول : " وقل: السلام عليك يا ابا عبد الله السلام عليك يا بن رسول الله ......... اشهد لقد طيب الله بك التراب واوضح بك الكتاب وجعلك واياك وجدك واخاك عبرة لاولى الالباب يابن الميامين الاطياب التالين الكتاب وجهت سلامي اليك صلوات الله عليك وجعل افئدة من الناس تهوي اليك ما خاب من تمسك بك و لجأ إليك. ثم تحول إلى عند الرجلين وقل: السلام على ابي الائمة وخليل النبوة المخصوص بالاخوة السلام على يعسوب الدين والايمان وكلمة الرحمن السلام على ميزان الاعمال ومقلب الآحوال وسيف ذى الجلال وساقى السلسبيل الزلال السلام على صالح المؤمنين ووارث علم النبيين والحاكم يوم الدين السلام على شجرة التقوى وسامع السر  والنجوى " اهـ .[90]

ان الكثير من الالفاظ الواردة في هذه الزيارات لا يمكن ان يتوجه بها العبد الا الى الله تعالى , بل ان التوجه بهذا الكلام الى المخلوق هو شرك بالله تعالى , فمقلب الاحوال هو الله تعالى , وهو سبحانه الحاكم يوم الدين , وهو الذي انزل المن والسلوى الى اخره من الالفاظ الدالة على الشرك بالله تعالى , ومن زعم من الامامية ان هذا من باب التقرب الى الله بالشفاعة , فنقول وفق هذه الالفاظ الواردة بهذه الزيارة , وغيرها بانه لا يفرق حالكم عن حال المشركين الذين قال الله تعالى عنهم في القران الكريم : {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 18 ) : يونس } , وقال تعالى : {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ( 3 ) : الزمر } , فالمجازي للخلق هو الله تعالى كما قال سبحانه : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) : النحل } .

{ التجسيم عند الامامية }

من الاشياء التي نسمع الرافضة يستشكلون بها على اهل السنة , ويثيرون شبهات عليها قضية التجسيم , ولقد حاورنا الرافضة فيها كثيرا , فلم نجد عندهم شبهة تتناسب مع تشنيعهم , فغاية الامر الاستشهاد بروايات ضعيفة , او روايات صحيحة ولكنهم يقحمون فيها فهما لا يتناسب مع الرواية التي يذكرونها , والفهم الذي يقحمونه بعيد كل البعد عن الاصول العلمية التي يتعامل من خلالها اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم مع ايات الصفات , او الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم فيها, فترى الامامي يُلزم اهل السنة بلوازم لا تصح , ويقحم فهمه السقيم على النصوص الواردة عند اهل السنة , ومن المعلوم ان هذا الشيء مرفوض , ولا يصح إذ ان اصحاب المعتقد هم من يضع القواعد , والاسس في الفهم لا غيرهم , وذلك لان الفهم يقوم على جمع النصوص جميعا , ثم الخروج بعد ذلك بفهم يتناسب مع هذه النصوص من غير افراط , ولا تفريط , ولكن لما كان التشبيه قد تمكن من عقول الامامية , وتغلغل فيهم نراهم يحملون اي نص يتعلق بالصفات على التشبيه , ويحاولوا من خلاله ان يتهجموا على اهل السنة , ويشنعوا عليهم ومثل هذه الطريقة التي يستخدمها الامامية تنطلي على الجهلة فقط , والدليل على ما اقول انك اذا ناقشت الامامية وجدت الضعف واضح عندهم في معتقد اهل السنة , وادلتهم , وكذلك الضعف الواضح في معتقدهم , فبمجرد انك تقول للامامي هذه الرواية قد جاءت في مصادرك فتراه يجيب مباشرة , ومن غير ان يعرف سند الرواية ,او تصحيح علمائه تراه مجيبا بسرعة فائقة بقولهم المشهور : ( ليس كل ما عندنا صحيح , ونضرب به عرض الجدار ) تسمع مباشرة هذه المقولة المشهورة منهم , من غير ان يعطوك الدليل على مخالفة الرواية للقران الكريم , او الاشكال فيها من ناحية السند , فخلاصة الكلام انهم يتبرأون من رواياتهم بكل سهولة , فلا تجد عندهم احترام لتراثهم الروائي , ولهذا اقول انه ينبغي على الرافضة اذا ارادوا ان يستشكلوا علينا فعليهم ان يستشكلوا بشكل صحيح , ويوضحوا الحق بادلته لكي نستفيد منهم , لا ان يشاغبوا فقط , ويطعنوا بأهل السنة , ويسيئوا لمعتقدهم بجهل , ثم تراهم يتبرأون , وبكل سهولة من رواياتهم .

 سوف انقل بعض النصوص الواردة عند الامامية من باب التنبيه للقاريء الكريم

على وجود نصوص عند الامامية نستطيع , وبسهولة ان نقول للامامية من خلال هذه النصوص انكم مجسمة , ومشبهة الى اخره من النعوت التي ينعتوننا بها وهم لنا ظالمون  .

 

قال الصدوق : " 20  حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا علي بن أيراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الصقر بن (أبي) دلف، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام عن التوحيد، وقلت له: أني أقول بقول هشام ابن الحكم، فغضب عليه السلام ثم قال: مالكم ولقول هشام، إنه ليس منا من زعم أن الله عزوجل جسم  ونحن منه برآء في الدنيا والآخرة، يا ابن (أبي) دلف إن الجسم محدث، والله محدثه ومجسمه " اهـ .[91]

في هذه الرواية يحذر الامام علي الهادي رحمه الله من عقيدة هشام بن الحكم , وقد صرح الهادي رحمه الله بان القول بالجسم باطل , وقد ذكر ذلك من خلال تحذيره من عقيدة هشام بن الحكم في التوحيد , فهل يستطيع الامامية الطعن بهشام بن الحكم المجسم ؟ !!! اتحداهم ان يطعنوا بهشام بن الحكم المجسم وينتصروا للحق .

{ هشام بن الحكم ينسب لاهل البيت ان الله جسم نوري صمدي }

وفي الكافي : " 1  أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم، صمدي نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال عليه السلام: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس ولا يجس ولا تدركه [ الابصار ولا ] الحواس ولا يحيط به شئ ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد  " اهـ .[92]

لقد نسب هشام بن الحكم القول بالجسم الصمدي النوري للامام الصادق , ثم تصرح الرواية باستنكار الامام الصادق رحمه الله بان الله تعالى جسم نوري صمدي , فيكون هشام مع قوله بالجسم قد زاد فرية اخرى الا وهي تقويل ائمة اهل البيت ما لم يقولوا , فهل سيتبرأ الامامية من هشام بن الحكم القائل بالجسم , المدعي على اهل البيت رضوان الله عليهم بانهم يقولون بان الله تعالى جسم نوري صمدي ؟ !!! . استبعد ان يدافع الامامية عن اهل البيت , وذلك لانهم اعداء لاهل البيت رضوان الله عليهم لا احباب مع الاسف .

{ الامام الهادي يحذر من قول هشام بن الحكم وهشام بن سالم في الجسم والصورة }

وفي كتاب التوحيد للصدوق : " 2  حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمد، رفعه، عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: أساله عما قال هشام بن الحكم في الجسم، و هشام بن سالم في الصورة، فكتب عليه السلام: دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان  " اهـ .[93]

{ الامام موسى الكاظم يحذر من هشام بن الحكم ويستهجن كلامه }

قال الصدوق : " 8  حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال  حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن الحماني  ، قال : قلت لأبي الحسن موسى ابن جعفر عليهما السلام : إن هشام بن الحكم زعم : أن الله جسم ليس كمثله شئ ، عالم سميع ، بصير ، قادر متكلم ، ناطق ، والكلام والقدرة والعلم تجري مجرى واحدا ليس شئ منها مخلوقا ، فقال : قاتله الله ، أما علم أن الجسم محدود ، والكلام غير المتكلم  معاذ الله وأبرء إلى الله من هذا القول ، لا جسم ولا صورة ولا تحديد ، وكل شئ سواه مخلوق وإنما تكون الأشياء بإرادته ومشيته من غير كلام ولا تردد في نفس ، ولا نطق بلسان " اهـ .[94]

 

{ اعتراف الشريف المرتضى على بعض علماء الامامية القائلين بالمكان , والحركة , والانتقال لله تعالى }

لقد صرح الشريف المرتضى بأن بعض علماء الامامية قالوا بالمكان لله تعالى , وانه يتحرك , وينتقل , حيث قال : " وقال هشام بن الحكم، وعلي بن منصور، وعلي بن إسماعيل بن ميثم، ويونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين، وابن سالم الجواليقي، والحشوية وجماعة المشبهة: إن الله عز وجل في مكان دون مكان، وأنه يتحرك وينتقل، تعالى الله عن ذلك علوا " كبيرا " اهـ .[95]

فهل يستطيع الامامية ان يقولوا عن علمائهم الذين جزم السيد الشريف المرتضى على انهم قالوا بالمكان لله تعالى , وانه يتحرك , وانه ينتقل , بانهم مجسمة ؟ !!! , فليس امام الامامية الا ان يطعنوا بعلمائهم المشبهة , او يردوا على الشريف المرتضى ويبينوا لنا انه قد افترى على هؤلاء العلماء الامامية .

وقد اعترف نجاح الطائي على هشام بن سالم الجواليقي بقوله بالصورة , فقال معلقا على تعليل رواية : " ومن رواة هذه الرواية هشام بن سالم الذي قال فيه أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) : لا تقل بمثل ما قال هشام بن سالم أن الله صورة وأن آدم خلق على مثل الرب " اهـ .[96]

لقد نقل نجاح الطائي قول الامام الرضا بأن هشام بن سالم يقول بالصورة لله تعالى , وقد جعل الامام الرضا القول بالصورة من المنهي عنه , ولهذا نهى ان يقول الشخص بمثل قول هشام بن سالم بالصورة , فهل يجرؤ مراجع الرافضة باتهام هشام بن سالم بالتجسيم ؟ !!! .

وفي كتاب التوحيد للصدوق : " 1  حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن حكيم ، قال : وصفت لأبي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق  و وصفت له قول هشام بن الحكم ، فقال : إن الله عز وجل لا يشبهه شئ " اهـ .[97]

ولقد بينت رواية اخرى ما يتعلق بالشاب الموفق , حيث ورد فيها قول هشام بن سالم , ومعه صاحب الطاق , والميثمي بان الله تعالى اجوف الى السرة , والباقي صمد , حيث قال الصدوق : " 13  حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين ابن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد  عن إبراهيم بن محمد الخزاز ، ومحمد بن الحسين ، قالا : دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكينا له ما روي أن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة رجلاه في خضرة  وقلت : إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي يقولون : إنه أجوف إلى السرة والباقي صمد ، فخر ساجدا ، ثم قال : سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك ، سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك ، سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن شبهوك بغيرك ، إلهي لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك ، ولا أشبهك بخلقك ، أنت أهل لكل خير فلا تجعلني من القوم الظالمين ) ثم التفت إلينا ، فقال : ما توهمتم من شئ فتوهموا الله غيره ، ثم قال : نحن آل محمد النمط الأوسط  الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي ، يا محمد إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلاثين سنة يا محمد عظم ربي وجل أن يكون في صفة المخلوقين ، قال : قلت : جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة ؟ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وآله كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب ، إن نور الله منه اخضر ما - اخضر ، ومنه احمر ما احمر ، ومنه ابيض ما ابيض ، ومنه غير ذلك  يا محمد  ما شهد به الكتاب والسنة فنحن القائلون به " اهـ .[98]

ففي هذه الرواية قد صرح هشام بن سالم , وصاحب الطاق , والميثمي , بأن الله تعالى اجوف الى السرة , والباقي صمد , وقد صرح الرضا رحمه الله بأن هؤلاء مشبهة , فهل سيتبع الرافضة الامام الرضا , ام انهم لن يلتفتوا الى كلامه ؟ !!! .

{ الشريف المرتضى يعترف بأن القميين ما عدا ابن بابويه مشبهة }

قال الشريف المرتضى معترفا على القميين بالتشبيه واستثنى منهم ابن بابويه القمي منهم فقط , حيث قال : " وأن القميين كلهم من غير استثناء لأحد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه) بالأمس كانوا مشبهة مجبرة، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به " اهـ .[99]

{ الخوئي يعترف على صدر المتألهين الشيرازي بانه قائل بالجسم }

قال الخوئي معترفا على صدر المتألهين بقوله بالجسم , حيث قال : " والعجب عن صدر المتألهين حيث ذهب إلى هذا القول في شرحه على الكافي  وقال ما ملخصه : إنه لا مانع من التزام أنه سبحانه جسم إلهي فإن للجسم أقساما " فمنها " : جسم مادي وهو كالأجسام الخارجية المشتملة على المادة لا محالة . و " منها " جسم مثالي وهو الصورة الحاصلة للانسان من الأجسام الخارجية وهي جسم لا مادة لها . و " منها " : جسم عقلي وهو الكلي المتحقق في الذهن وهو أيضا مما لا مادة له بل وعدم اشتماله عليها أظهر من سابقه . و " منها " : جسم إلهي وهو فوق الأجسام بأقسامها وعدم حاجته إلى المادة أظهر من عدم الحاجة إليها في الجسم العقلي و " منها " : غير ذلك من الأقسام ولقد صرح بأن المقسم لهذه الأقسام الأربعة هو الجسم الذي له أبعاد ثلاثة من العمق والطول والعرض . وليت شعري أن ما فيه هذه الأبعاد وكان عمقه غير طوله وهما غير عرضه كيف لا يشتمل على مادة ولا يكون متركبا حتى يكون هو الواجب سبحانه ؟ ! " اهـ .[100]

هل سيتهم الامامية صدر المتألهين بأنه مجسم ؟ !!! , وما هو حكم المجسم عند الامامية ؟ أقول ان الامامية سيعتذرون لصدر المتألهين باعتذارات كثيرة , وسوف يبررون له , فاذا لم يطعن الامامية بصدر المتألهين ويتهموه بالتجسيم مع تصريحه به , فلماذا يتهمون اهل السنة بالتجسيم مع ان اهل السنة يطعنون بالمجسمة ؟ ان هذا من الظلم العظيم الذي يتعامل به الامامية مع اهل السنة فترى الامامي يبرر للمجسم الشيعي مع تصريحه بالجسم , ويتهجم على السني الذي يذم المجسمة ويصرح بضلالهم .

{ محمد صادق الصدر يقول ان الله تعالى جزء }

لقد صرح محمد صادق الصدر ان الله تعالى جزء , حيث جاء في مسائل وردود  : " مسألة (5): هل ذات الله سبحانه وتعالى وجودٌ جزئيٌّ لها تحقُّقٌ خارجيٌّ في كلِّ أنحاء الوجود؟

بسمه تعالى:  الله سبحانه وتعالى موجودٌ في عالم الخارج. وعالم الخارج هو عالم الجزئيات ولا يمكن أن يكون حاوياً على الكليات. فيتعين أن تكون ذات الله سبحانه من الجزئيات بهذا المعنى. إلا أنَّه شيءٌ لا كالأشياء ولا تتصوره العقول " اهـ .[101]

{ اثبات روايات اليد عند الامامية مع القرائن على ان المراد بها الحقيقة }

في الكافي : " 56  علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الله عز وجل خلق الأرض ثم أرسل عليها الماء المالح أربعين صباحا والماء العذب أربعين صباحا حتى إذا التقت واختلطت أخذ بيده قبضة فعركها عركا شديدا جميعا ثم فرقها فرقتين، فخرج من كل واحدة منهما عنق مثل  عنق الذر فأخذ عنق إلى الجنة وعنق إلى النار " اهـ .[102]

لقد جاء في الرواية ذكر اليد مع القبضة , وعرك الارض عركا شديدا , وهذه الالفاظ تدل على ان المراد باليد هنا الحقيقة .

وفي الكافي : " 12  عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ أَجِيزُوا لِأَهْلِ الْمَعْرُوفِ عَثَرَاتِهِمْ وَ اغْفِرُوهَا لَهُمْ فَإِنَّ كَفَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَكَذَا وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يُظِلُّ بِهَا شَيْئاً " اهـ .[103]

لقد جاء في الرواية ذكر الكف ثم استخدام الامام الصادق يده للتبيين بان المراد بالكف ههنا المعنى الحقيقي للفظ , ولهذا اومأ بيده كأنه يظل بها شيئا , فالترابط بين ذكر الكف , واليد يدل على ان المراد بذكر الكف في الرواية الحقيقة , وما يدل على ان هذا الكلام كلام صحيح ما ورد في اللغة في معنى اليد بانه الكف , حيث قال ابن منظور : " ( يدي ) اليَدُ الكَفُّ وقال أَبو إِسحق اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف " اهـ .[104]

{ اليمين والشمال لله تعالى }

في الكافي : " 2  - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى  إلى آخر الآية " فقال وأبوه يسمع (عليهما السلام) حدثني أبي أن الله عز وجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم (عليه السلام) فصب عليها الماء العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الاجاج فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين، فصارت عليهم بردا وسلاما وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها " اهـ .[105]

لقد اثبت الشمال واليمين لله تعالى في هذه الرواية بقوله (فخرجوا كالذر من يمينه وشماله )  ومن المعلوم ان الشمال , واليمين جهات , وكثيرا ما سمعنا الامامية ينكرون على اهل السنة بان القول بالعلو لله تعالى هو قول بالجهة , وهو لا يجوز , فنرى في روايتهم اثبات الشمال واليمين لله تعالى , فيلزمهم انهم قائلون بالجهة لله تعالى .

{ اثبات اليمين لله تعالى }

قال الكليني : " 9 -  عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أَنَا وَ ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ فَقَالَ ابْتِدَاءً مِنْهُ يَا ابْنَ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) سِتُّ خِصَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وعَنْ يَمِينِ اللَّهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ وَ مَا هُنَّ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ يُحِبُّ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِأَعَزِّ أَهْلِهِ وَ يَكْرَهُ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ مَا يَكْرَهُ لِأَعَزِّ أَهْلِهِ وَ يُنَاصِحُهُ الْوَلَايَةَ فَبَكَى ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ وَ قَالَ كَيْفَ يُنَاصِحُهُ الْوَلَايَةَ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي يَعْفُورٍ إِذَا كَانَ مِنْهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ بَثَّهُ هَمَّهُ فَفَرِحَ لِفَرَحِهِ إِنْ هُوَ فَرِحَ وَ حَزِنَ لِحُزْنِهِ إِنْ هُوَ حَزِنَ وَ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُفَرِّجُ عَنْهُ فَرَّجَ عَنْهُ وَ إِلَّا دَعَا اللَّهَ لَهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) ثَلَاثٌ لَكُمْ وَ ثَلَاثٌ لَنَا أَنْ تَعْرِفُوا فَضْلَنَا وَ أَنْ تَطَئُوا عَقِبَنَا وَ أَنْ تَنْتَظِرُوا عَاقِبَتَنَا فَمَنْ كَانَ هَكَذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَسْتَضِيءُ بِنُورِهِمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ فَلَوْ أَنَّهُمْ يَرَاهُمْ مَنْ دُونَهُمْ لَمْ يَهْنِئْهُمُ الْعَيْشُ مِمَّا يَرَوْنَ مِنْ فَضْلِهِمْ فَقَالَ ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ وَ مَا لَهُمْ لَا يَرَوْنَ وَ هُمْ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَبِي يَعْفُورٍ إِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ بِنُورِ اللَّهِ أَ مَا بَلَغَكَ الْحَدِيثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) كَانَ يَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ خَلْقاً عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ وُجُوهُهُمْ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ الضَّاحِيَةِ يَسْأَلُ السَّائِلُ مَا هَؤُلَاءِ فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَحَابُّوا فِي جَلَالِ اللَّهِ " اهـ .[106]

لقد جاء ذكر اليمين , وبين يدي الله في هذه الرواية , وكلاهما جهة , فبين يدي الشيء , ويمينه مقرونا يفيد جهة اليمين , والامام , فلما تكلم عن اليمين وقرنها بالله تعالى , وكذلك العرش دل الكلام على ان المراد من ذلك الذوات , وما يتعلق بجهاتها , فمن المعلوم ان للعرش ذات , ولله تعالى ذات , فكما ان اليمين متعلق بالله تعالى , فكذلك متعلق بالعرش .

{ كلتا يدي الله تعالى يمين }

قال الحميري في قرب الاسناد: " 183  حدثني السندي بن محمد قال : حدثني صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

.......................................................

193 وعنه ,عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عن يمين الله - وكلتا يديه يمين  عن يمين العرش قوم على وجوههم نور، لباسهم من نور، على كراسي من نور. فقال له علي: يا رسول الله، من هؤلاء؟ فقال له: شيعتنا وأنت إمامهم " اهـ .[107]

وقال محمد تقي المجلسي : " روى المصنف في الصحيح و علي بن إبراهيم في الحسن كالصحيح، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إن الله تبارك و تعالى (لما أحب) أن يخلق خلقا بيده ..........

فقال: فاغترف ربنا عز و جل غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات و كلتا يديه يمين فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين و الأئمة المهتدين و الدعاة إلى الجنة و أتباعهم إلى يوم القيمة و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون.... " اهـ .[108]

وقال المجلسي : " 16  تفسير علي بن إبراهيم : أبي ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن ثابت الحداد عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في خبر طويل : قال الله تبارك وتعالى للملائكة : " إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " قال : وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب  الفرات - وكلتا يديه يمين  فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها : منك أخلق النبيين و المرسلين ، وعبادي الصالحين ، والأئمة المهتدين ، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا أبالي ، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون . ....... " اهـ .[109]

وفي المحاسن للبرقي : " 409 -  عنه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن معلى أبي عثمان ، عن علي بن حنظلة ، عن أبي عبد الله ( ع ) قال : اختصم رجلان بالمدينة ، قدري ورجل من أهل مكة فجعلا أبا عبد الله ( ع ) بينهما فأتياه فذكرا كلامهما ، فقال : إن شئتما أخبرتكما بقول رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ - فقالا : قد شئنا ، فقال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : كتاب كتبه الله بيمينه ، وكلتا يديه يمين ...... " اهـ .[110]

ولقد ورد عند الامامية ان امامهم الثاني عشر كلتا يديه يمين , فقد قال الحميري : " 1203  محمد بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الحسين بن أبي العرندس قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام بمنى وعليه نقبة ورداء ، وهو متكئ على جواليق سود ، متكئ على يمينه ، فأتاه غلام أسود بصحفة فيها رطب فجعل يتناول بيساره فيأكل وهو متكئ على يمينه ، فحدثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا قال : فقال لي : أنت رأيته يأكل بيساره ؟ قال : قلت : نعم . قال : أما والله لحدثني سليمان بن خالد أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : " صاحب هذا الامر كلتا يديه يمين " اهـ .[111]

ففي هذه الرواية يستدل المتكلم على ان هذا الامام ليس هو صاحب الامر , وذلك لانه اكل بشماله , ثم قال ان صاحب الامر كلتا يديه يمين ففي هذا وضوح على ان المراد باليد هنا الحقيقة , وذلك لانه استدل عليها بالاكل , ومن المستحيل ان تكون على المجاز , فدلت هذه الرواية الواردة عند الامامية تشبيه صاحب الامر الذي كلتا يديه يمين بالله تعالى على وفق الروايات الواردة بان الله تعالى كلتا يديه يمين , فيلزم من هذا التشبيه بين الخالق والمخلوق والعياذ بالله عز وجل .

{ الله تعالى يخاصر المؤمن يوم القيامة }

قال المجلسي : " كتاب زيد النرسي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله ليخاصر العبد المؤمن يوم القيامة، والمؤمن يخاصر ربه يذكره ذنوبه، قلت: وما يخاصر ؟ قال: فوضع يده على خاصرته فقال: هكذا يناجي الرجل منا أخاه في الأمر يسره إليه " اهـ .[112]

فهذه الرواية قد بين فيها الامام الصادق ان المخاصرة حقيقية , ولهذا بينها للسائل بوضع الرجل يده على خصر صاحبه , فهل يقول الامامية بأن الامام الصادق مشبه ؟ !!! .

{ علو الله وارتفاع مكانه }

في الكافي : " 2  مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ بَهَائِي وَ عُلُوِّ ارْتِفَاعِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَ هِمَّتَهُ فِي آخِرَتِهِ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ " اهـ .[113]

وفي الكافي ايضا: " 14  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ إِذَا هُمْ بِشَخْصٍ قَدْ أَقْبَلَ لَمْ يُرَ قَطُّ أَحْسَنُ صُورَةً مِنْهُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ وَ هُوَ الْقُرْآنُ قَالُوا هَذَا مِنَّا هَذَا أَحْسَنُ شَيْ ءٍ رَأَيْنَا فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِمْ جَازَهُمْ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءُ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى آخِرِهِمْ جَازَهُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا الْقُرْآنُ فَيَجُوزُهُمْ كُلَّهُمْ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الْمُرْسَلِينَ فَيَقُولُونَ هَذَا الْقُرْآنُ فَيَجُوزُهُمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَقُولُونَ هَذَا الْقُرْآنُ فَيَجُوزُهُمْ ثُمَّ يَنْتَهِي حَتَّى يَقِفَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَأُكْرِمَنَّ الْيَوْمَ مَنْ أَكْرَمَكَ وَ لَأُهِينَنَّ مَنْ أَهَانَكَ " اهـ .[114]

وفي روضة المتقين : " روى الكليني في القوي و المصنف في الموثق كالصحيح، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله يقول الله عز و جل و عزتي و جلالي و عظمتي و كبريائي و نوري و علوي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي و كفلت السماوات و الأرضين رزقه، و كنت له من وراء تجارة " اهـ .[115]

وفي الكافي : " عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ شَيْ ءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ الَّتِي يُدْعَا بِهَا وَ تَعَالَى فِي عُلُوِّ كُنْهِهِ وَاحِدٌ تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِهِ ثُمَّ أَجْرَاهُ عَلَى خَلْقِهِ فَهُوَ وَاحِدٌ صَمَدٌ قُدُّوسٌ يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْ ءٍ وَ يَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْ ءٍ وَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْماً " اهـ .[116]

وكنه الشيء في اللغة قد بينه العلامة الازهري , حيث قال : " عن ابن الأعرابيّ: الكُنه: جوهرُ الشَّيء، والكُنْه: الوَقْت: يقال تكلَّم في كُنْه الأمر: أي في وَقْته، والكُنْه: نِهايةُ الشّيء وحقيقتُه. وقال غيرُه: اكتَنَهْتُ الأمرَ اكتناهاً: إذا بلغتَ كُنْهَه " اهـ .[117]

وفي الصحيفة السجادية : "  وأنت الله لا إله إلا أنت الداني في علوه والعالي في دنوه " اهـ .[118]

فمن المستحيل حمل المكان على المكانة , وذلك لان مكانة الله تعالى لا تدنو من العباد , ولقد وردت روايات صريحة بان الله تعالى فوق العرش , ومن المعلوم ان فوق العرش هو العلو الحقيقي , ولا يمكن حمله على علو المكانة على العرش , فمن المعلوم ان مكانة الله تعالى عالية ولا تختص بفوقية العرش فقط .

 

 

{ الله تعالى فوق العرش }

قال هاشم الهاشمي : " وروى البرقي بسند صحيح عن محمد بن إسماعيل ، عن جعفر بن بشير ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام قال : ( لا تكذبوا الحديث إذا أتاكم به مرجئ ولا قدري ولا حروري ينسبه إلينا ، فإنكم لا تدرون لعله شئ من الحق فيكذب الله فوق عرشه ) " اهـ .[119] )

وقال الحر العاملي : " (21339) 16  وعن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن الصيقل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تكلموا فيما دون العرش، ولا تكلموا فيما فوق العرش، فإن قوما تكلموا في الله فتاهوا حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه " اهـ .[120]

لماذا اجاز الكلام فيما دون العرش , ونهى عن الكلام فيما فوق العرش , ثم ذكر ان اناسا تكلموا في الله فتاهوا ؟ , فلما كان كلامه بالنهي عن الكلام فيما فوق العرش , واراد بذلك الباري تعالى علمنا بان الله تعالى فوق العرش بذاته العلية .

وفي ثواب الاعمال للصدوق : " [ ثواب من زار قبر الحسين عليه السلام ] أبي ( ره ) قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل الحريري عن الحسين بن محمد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : من زار قبر الحسين عليه السلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق عرشه " اهـ .[121]

وقال الصدوق : " 1239  وروى أبو بصير عن أبي عبد الله أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى لينادي ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره: ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه؟ ألا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه ؟ ألا من مؤمن قد قترت عليه رزقه  يسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأوسع عليه ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفه قبل طلوع الفجر فأعطيه ؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه فاخلي سربه ؟ ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته  قبل طلع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته؟ قال: فما يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر " اهـ .[122]

ان الفاظ الرواية صريحة بان المنادي من فوق العرش هو الله تعالى , ولا يمكن ان يكون غير الله تعالى وذلك لانه قال يدعوني , ويتوب الي , ويسألني ان اتوب عليه ... وغيرها من الالفاظ الدالة على ان المتكلم هو الله تعالى لا غيره .

{ قول صدر المتألهين في رؤية الله ومعناه }

قال صدر المتألهين في كتابه تفسير القران الكريم تحت عنوان تأييد : " أما قرع سمعك ماروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( إن في الجنة سوقا تباع فيه الصور ) ، ونقل عن بعض الصلحاء أنه قال : ( رأيت ربي في المنام على صورة أمي ) وعبر المعبر "الرب" بالآيات القرآنية ، و "الأم" بالنبي صلى الله عليه وآله وعنده أم الكتاب ، وهذا ضرب من التمثيل  ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبرئيل تارة في صورة أعرابي وتارة في صورة دحية الكلبي ، وتارة في صورة عظيمة كأنه طبق الخافقين ، كل ذلك من التمثيلات المختلفة بحسب المقامات المتفاوتة والنشئات المختلفة ، وإلا فجبرئيل حقيقة واحد وإنما اختلافه بحسب اختلاف العوالم والنشئات . وعلى هذا القياس ، الحكايات الواردة في باب النبي صلى الله عليه وآله ورؤيته ربه ، ورؤية سائر الأنبياء والأولياء عليهم السلام ربهم على أنحاء مختلفة متفاوتة في الظهور والخفاء ، بحسب ثخانة الحجاب ورقته " اهـ .[123]

ما هو حكم صدر المتألهين وهو يثبت رؤية الله تعالى للصالحين , والانبياء على انحاء مختلفة متفاوتة ؟ .

{ اثبات الصوت لله والنفخ }

قال الجزائري : " وروى الجليل علي بن ابراهيم في تفسيره عن الامام زين العابدين عليه السلام ........

قال: فيقول الله لاسرافيل: يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله ثم يأمر الله تعالى السماوات فتمور ويأمر الجبال فتسير وهو قوله تعالى: " يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا " يعني تبسط وتبدل الارض غير الارض يعني بارض لم يكتسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته، قال: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والارضين " لمن الملك اليوم ! " فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يقول الجبار مجيبا لنفسه " لله الواحد القهار وأنا قهرت الخلايق كلهم وأمتهم إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير لي وانا خلقت خلقي بيدي وانا امتهم بمشيتي وانا احييهم بقدرتي " قال: فينفخ الجبار نفخة في الصور فيخرج الصوت من احد الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات احد إلا حي وقام كما كان ويعود حملة العرش وتحضر الجنة والنار وتحشر الخلائق للحساب، قال: فرأيت علي بن الحسين عليهما السلام يبكي عند ذلك بكاءا شديدا " اهـ .[124]

وقال المرتضى : " إن نزول جبرئيل عليه السلام بصورة دحية كان لمسألة من النبي صلى الله عليه وآله لله تعالى في ذلك، فأما تصوره فليس بقدرته بل الله تعالى يصوره كذلك حقيقة لا شكلا . والذي كان يسمعه  النبي صلى الله عليه وآله من القرآن من جبرئيل في الحقيقة كان، فأما إبليس والجن فليس يقدران على التصور. وكل قادر بقدرة فحكمهم سواء في أنهم لا يصح أن يصوروا نفوسهم، بل اقتضت المصلحة أن يتصور بعضهم بصورة يصوره الله تعالى للمصلحة. فأما جبرئيل عليه السلام وسماعه الوحي فيجوز أن يتكلم الله تعالى بكلام يسمعه فيعلمه، ويجوز أن يقرأه من اللوح المحفوظ " اهـ .[125]

{ نزول الله تعالى }

قال الطوسي : " 3  وعنه عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للجمعة حقا وحرمة فإياك أن تضيع أو تقصر في شيء من عبادة الله تعالى، والتقرب إليه بالعمل الصالح، وترك المحارم كلها، فان الله يضاعف فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات قال: وذكر أن يومه مثل ليلته، قال: فان استطعت أن تحييه بالصلاة والدعاء فافعل

فإن ربك ينزل  من أول ليلة الجمعة إلى سماء الدنيا فيضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات فان الله واسع كريم " اهـ .[126]

وقال محمد تقي المجلسي : " و روى الكليني في القوي عن يونس بن وهب القصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك و لم أزر أمير المؤمنين عليه السلام قال : بئس ما صنعت لو لا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك- أ لا تزور من يزوره الله مع الملائكة و تزوره الأنبياء و يزوره المؤمنون؟ قلت: جعلت فداك ما علمت ذلك قال اعلم أن أمير- المؤمنين عليه السلام أفضل عند الله من الأئمة كلهم و له ثواب أعمالهم و على قدر أعمالهم فضلوا " اهـ .[127]

وقال ابن قولويه : " [ 326 ] 4  حدثني أبي وأخي وجماعة مشايخي ، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن عبد الله بن محمد اليماني ، عن منيع بن حجاج ، عن يونس ، عن صفوان الجمال ، قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) لما أتى الحيرة : هل لك في قبر الحسين ( عليه السلام ) ، قلت : وتزوره جعلت فداك ، قال : وكيف لا أزوره والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ، ومحمد أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء ، فقال صفوان : جعلت فداك فنزوره في كل جمعة حتى ندرك زيارة الرب ، قال : نعم يا صفوان الزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) ، وذلك تفضيل وذلك تفضيل  " اهـ .[128]

وقال ابن ابي جمهور : " ( 43 ) وفي الحديث ان رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بأمة أعجمية للعتق . فقال  رسول الله صلى الله عليه وآله : " أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : رسول الله قال : هي مؤمنة ، وأمر بعتقها " .

 ( 44 ) وفي الحديث : " ان الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، وينزل عشية عرفة إلى أهل عرفة ، وينزل ليلة النصف من شعبان " اهـ .[129]

وفي مختصر البصائر : " [ 37 ] محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول " إن إبليس قال ( انظرني إلى يوم يبعثون ) فأبى الله ذلك عليه ، فقال  ( فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ) فإذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت  المعلوم ، وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين صلوات الله عليه . فقلت : وإنها لكرات ؟ قال : نعم ، إنها لكرات وكرات ، ما من إمام في قرن إلا ويكر  معه البر والفاجر في دهره حتى يديل  الله عز وجل المؤمن من الكافر . فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصحابه ، وجاء إبليس في أصحابه ، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات ، يقال لها : الروحاء قريب من كوفتكم ، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين ، فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مائة قدم ، وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات . فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل  في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر ، رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمامه بيده حربة من نور .... " اهـ .[130]

{ الله تعالى يضع يده على رأس الحسين }

قال ابن قولويه : " [ 166 ] 1  حدثني أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منزل فاطمة (عليها السلام) والحسين في حجره إذ بكى وخر ساجدا ثم قال: يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي الأعلى  تراءى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهيأ هيئة، وقال لي: يا محمد أتحب الحسين (عليه السلام)، فقلت: نعم قرة عيني وريحانتي وثمرة فؤادي وجلدة ما بين عيني، فقال لي: يا محمد  ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام) - بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله وناصبه وناوأه ونازعه، أما انه سيد الشهداء من الأولين والآخرين في الدنيا والآخرة - وذكر الحديث " اهـ .[131]

وقال المجلسي : " زيد عن عبد الله بن سنان قال سمعت ابا عبد الله (ع) يقول ان الله ينزل في يوم عرفة في أول الزوال إلى الأرض على جمل افرق يصال بفخذيه أهل عرفات يمينا وشمالا ولا يزال كذلك حتى إذا كان عند المغرب ونفر الناس وكل الله ملكين بجبال المازمين يناديان عند المضيق الذي رأيت يا رب سلم سلم والرب يصعد إلى السماء ويقول جل جلاله آمين آمين يا رب العالمين فلذلك لا تكاد ترى صريعا ولا كسيرا " اهـ .[132]

 

وقال الصفار : " ( 15 ) حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن منصور البزرج عن سليمان . بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن اعمال العباد تعرض كل خميس على رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا كان يوم عرفه هبط الرب تبارك وتعالى وهو قول الله تبارك وتعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبأ منثورا فقلت جعلت فداك اعمال من هذه قال اعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا " اهـ .[133]

{ الله تعالى يزور الحسين ويقعد معه }

قال البحراني : "  عنه: قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن أحمد بن الحسين، المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -: لما منع الحسين - صلوات الله عليه - وأصحابه الماء نادى فيهم: من كان ظمآن فليجئ. فأتاه [ أصحابه ]  رجلا رجلا فجعل  إبهامه في راحة واحد (هم) ، فلم يزل يشرب الرجل [ بعد ]  الرجل، حتى ارتووا، فقال بعضهم لبعض: والله لقد شربت شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا. (فلما قاتلوا الحسين - عليه السلام -، وكان في اليوم الثالث عند المغرب، أقعد الحسين رجلا رجلا منهم يسميهم بأسماء آبائهم فيجيبه الرجل بعد الرجل، فيقعدون حوله، ثم يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنة ويسقيهم من شرابها) . ثم قال أبو عبد الله - عليه السلام -: والله لقد رأتهم عدة كوفيين ولقد كرر عليهم لو عقلوا. قال: ثم خرج لرسلهم فعاد كل واحد منهم إلى بلادهم، ثم أتى بجبال رضوى، فلا يبقى أحد من المؤمنين إلا أتاه، وهو على سرير من نور قد حف به إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء، ومن ورائهم المؤمنون والملائكة ينظرون ما يقول الحسين  صلوات الله عليه -. قال: فهم بهذه الحال إلى أن يقوم القائم - عليه السلام  وإذا قام القائم  عليه السلام  وافوا فيها بينهم الحسين حتى يأتي كربلاء فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلا حفوا بالحسين  عليه السلام  حتى أن الله تعالى يزور الحسين ويصافحه ويقعد معه على سرير" اهـ .[134]

{ الله عز وجل في كل مكان }

في علل الشرائع للصدوق وغيره  : " باب 50 ( العلة التي من أجلها ترفع اليدين في الدعاء إلى السماء ) ( والله عز وجل في كل مكان ) 1  حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد ابن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( ع ) قال حدثني أبي ، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال أمير المؤمنين ( ع ) إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال ابن سبأ يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان ؟ قال : بلى قال فلم يرفع يديه إلى السماء فقال أو ما تقرأ ( وفي الأسماء رزقكم وما توعدون ) فمن أين يطلب الرزق إلا من موضع الرزق ، وموضع الرزق وما وعد الله السماء " اهـ .[135]

وقال الريشهري : " هو في كل مكان الكتاب  ( هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير )

 .  الإمام علي ( عليه السلام ) - في صفة الله سبحانه - : وإنه لبكل مكان ، وفي كل حين وأوان ، ومع كل إنس وجان. - الإمام الصادق ( عليه السلام ) - لما ناظر زنديقا فسأله عن الفرق بين رفع الأيدي إلى السماء وبين خفضها نحو الأرض - : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنه جعله معدن الرزق  .  الإمام علي ( عليه السلام ) : إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء ، فقال عبد الله بن سبأ : يا أمير المؤمنين ! أليس الله في كل مكان ؟ ! قال : بلى ، قال : فلم يرفع العبد يديه إلى السماء ؟ قال : أما تقرأ  ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه ؟ ! " اهـ .[136]

هل المقصود في كل مكان بذاته , ام بعلمه , واحاطته ؟

اذا قلتم بذاته , او بعلمه واحاطته فالقول واحد , وذلك لانكم تقولون بأن الصفات عين الذات .

{ تقسيم التوحيد عند الامامية }

يستنكر بعض الامامية تقسيم التوحيد عند اهل السنة , ويجعلون هذا الامر حادث , ولا اصل له , وهو باطل , ويحاولون التلبيس على المسلمين بكلامهم , فتراهم يستنكرون ما جاء من كلام اهل العلم عند اهل السنة في الاصطلاحات العلمية , فترى الرافضي يعترض بغير علم ولا انصاف .

قال صالح الورداني : " إن ما نريد أن نصل إليه هنا هو التفريق بين العقيدة الإسلامية وبين العقيدة الوضعية فلا يجوز الخلط بين الأمرين واعتبار المساس بالجزء الوضعي مساسا بالجزء الإلهي . . وهذا التفريق يقتضي القيام بعملية تشريح لكتب العقائد وفصل الوضعي عن الإلهي منها مستهدين في هذه العملية بالنصوص القطعية من القرآن . . والأصل الأول من أصول العقيدة هو التوحيد ( لا إله إلا الله ) . . أما الوضعي فهو ما لحق بهذا الأصل من أقوال وتفسيرات خرجت به عن مفهومه الحقيقي وأدت إلى تعقيده . * الوضعي هو تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام : توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الإلهية أو العبادة ثم توحيد الربوبية . فمثل هذا التقسيم لا أصل له وليس من الضرورات في الاعتقاد فهو تقسيم فلسفي بحت لا يجوز شغل الناس به " اهـ .[137]

وقال ابو طالب التجليل التبريزي : " وليعلم أن تثنية التوحيد من مخارق الوهابيين ، وهو باطل ، وليس التوحيد إلا الاعتقاد بوحدانية الله سبحانه وتعالى ، وقد بينا بطلان تثنية التوحيد في كتاب براهين المعارف الإلهية وأصول اعتقادات الإمامية ، ففي ص 579 : من مخارق الوهابيين : تثنية التوحيد وتقسيمه إلى : توحيد الربوبية ، وتوحيد العبادة .

قسم الوهابيون التوحيد إلى : توحيد الربوبية ، وتوحيد العبادة . قال الصنعاني في تطهير الاعتقاد . التوحيد قسمان : توحيد الربوبية والخالقية والرازقية ونحوها ، وتوحيد العبادة ، أي إفراد الله بجميع أنواع العبادات وعدم عبادة غيره معه ، وهذا الذي جعلوا لله فيه شركاء  .

 إبطال التقسيم :

 التقسيم باطل ، والحق أن العبادة لا تنفك عن اعتقاد كون المعبود ربا له ، وأن الشرك في العبادة لا يعقل بدون الشرك في اعتقاد الربوبية . ومجرد الخضوع بدونه ليس عبادة ولا شركا في العبادة " اهـ .[138]

ان الكلام المنقول عن هذين الرافضيين مردود , وفاسد , وغير مبني على اي اصول علمية , فمن المعلوم ان الاصطلاحات العلمية في جميع العلوم معتبرة , ومتوافق عليها بين اهل العلم , الا اذا جاءت مخالفات شرعية لهذه المصطلحات , ففي هذه الحالة تسقط هذه الاصطلاحات , واما فيما يتعلق بالمصطلحات العلمية عند اهل السنة والجماعة في تقسيم التوحيد فيكفي في الاستدلال على ذلك باية واحدة في كتاب الله تعالى , وهي قوله تعالى : {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ( 65 ) : مريم } , فهذه الاية الكريمة الكريمة المباركة فيها انواع التوحيد الثلاثة وسوف اذكر استشهاد الامام ابن عثيمين بها على تقسيم التوحيد في موضعه , فتقسيم التوحيد عند اهل السنة مستنبط من نصوص الشرع , فلا يصح لاحد ان يستنكر على احد يستدل بنصوص الشرع في وضع المصطلحات العلمية من باب التوضيح , والتيسير الامة , ومع استنكار هؤلاء الرافضة على اهل السنة نجد ان بعض علماء الامامية قد قسموا التوحيد ايضا , وجعلوه انواعا , فهل سيشملهم الانتقاد ام ان بعض الامامية يريدون الاساءة للمخالف بأي شكل , ويضربون كل القيم , والانصاف , والعدل بعرض الحائط , واليك ايها القاريء الكريم التقسيم للتوحيد الوارد في كتب الامامية ومنها : ما ذكره الشهيد الثاني : " الباب الخامس ( في بيان كيفية معرفة التوحيد وباقي المسائل الأصولية ) أقول : التوحيد على ثلاثة أقسام : الأول : توحيد الذات ونفي الشريك في واجب الوجود . الثاني : بحسب الصفات هو نفي الصفة الموجودة القائمة بذاته تعالى . الثالث : توحيده تعالى بحسب العبودية وتخصيص العبادة له جل جلاله " اهـ .[139]

لقد قسم الشهيد الثاني التوحيد الى ثلاثة اقسام فهل سيناله الانتقاد , ام ان كلامه وحي من السماء غير قابل للنقد , وكلام غيره يجب انتقاده ؟ !!! .

وقال المجلسي : " فإن للتوحيد ثلاثة معان : الأول توحيد واجب الوجود ، والثاني توحيد صانع العالم ومدبر النظام ، و الثالث توحيد الاله وهو المستحق للعبادة ، وكان مشركوا القريش مخالفين في المعنى الثالث " اهـ .[140] .

لقد قسم المجلسي التوحيد الى ثلاثة اقسام , فهل سيقول الورداني ان تقسيم المجلسي للتوحيد لا اصل له , وينتقده , ام انه سيخرس , او يحاول ان يرقع له ؟ !!! .

ولقد اثبت المجلسي في كلامه ان مشركي قريش قد خالفوا في النوع الثالث من التوحيد وهو توحيد العبادة , وقد قال في موضع اخر ان المشركين قد خالفوا في العبادة , حيث قال  : " والضمير راجع إلى كفار قريش وهم كانوا قائلين بأن خالق السماوات والأرض هو الله تعالى ، لكنهم كانوا يشركون الأصنام معه تعالى في العبادة " اهـ .[141]

وقال ايضا : " قوله تعالى : " ليقولن الله " إما لكونهم مجبولين مفطورين على الاذعان بذلك إذا رجعوا إلى أنفسهم ولم يتبعوا أسلافهم ، أو الخطاب مع كفار قريش فإنهم كانوا معترفين بأن الخالق هو الله ، وليس له شريك في الخلق لكنهم كانوا يجعلون الأصنام شريكا له في العبادة " اهـ .[142] .

وقال ناصر مكارم الشيرازي : " فتقول الآية الأولى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله . هذا التعبير - والذي يلاحظ في آيات القرآن الأخرى ، كالآية ( 61  63 ) من سورة العنكبوت ، والآية ( 38 ) من الزمر ، والآية ( 9 ) من الزخرف  يدل من جهة على أن المشركين لم يكونوا منكرين لتوحيد الخالق مطلقا ، ولم يكونوا يستطيعون ادعاء كون الأصنام خالقة ، إنما كانوا معتقدين بالشرك في عبادة الأصنام وشفاعتها فقط . ومن جهة أخرى يدل على كون التوحيد فطريا وأن هذا النور كامن في طينة وطبيعة كل البشر " اهـ .[143]

ففي هذه النقولات رد واضح على ابي طالب تجليل الخراساني الذي قال  : " والحق أن العبادة لا تنفك عن اعتقاد كون المعبود ربا له ، وأن الشرك في العبادة لا يعقل بدون الشرك في اعتقاد الربوبية " اهـ , فهل سينتقد المجلسي , والشيرازي , ويقول لهما ان قولكما غير معقول ؟ !!! , ام ان ابا طالب هذا لم يقرأ كتب الامامية , ويعرف قول بعض علماء الامامية ؟ !!! .

وبعد ان بينا ان من علماء الامامية من قسم التوحيد الى ثلاثة اقسام , فأقول ان بعض الامامية قد قسم التوحيد الى اكثر من ثلاثة اقسام  , فقد جعله محسن الخزازي سبعة اقسام , حيث قال : " الأمر الخامس : في توحيده تعالى وقبل أن نستدل عليه ، فليعلم أولا أن التوحيد ينقسم إلى سبعة أقسام :

 1  التوحيد الذاتي : والمراد به هو المعرفة بأنه تعالى واحد لا ثاني له كما نص عليه الكتاب العزيز بقوله : " ولم يكن له كفوا أحد " .

 2  التوحيد الصفاتي : والمراد به هو المعرفة بأن ذاته تعالى عين صفاته ، بل كل صفة عين الصفة الأخرى من الصفات الثبوتية الذاتية الكمالية ، وسيجئ من المصنف - قدس سره  بأن الاعتقاد بالتوحيد الصفاتي يقتضي أيضا الاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية فهو في العلم والقدرة لا نظير له . وأما نفي التركيب المطلق وإثبات بساطته فقد مضى بيانه في الصفات السلبية ولا حاجة إلى إعادته في المقام .

 3  التوحيد الأفعالي : والمراد به هو المعرفة بأن كل ما يقع في العالم من العلل والمعلولات ، والأساليب والمسببات ، والنظامات العادية وما فوقها ، يقع  بإرادته في حدوثه وبقائه وتأثيره ، فكل شئ قائم به ، وهو القيوم المطلق ، ولا حول ولا قوة ولا تأثير إلا به وبإذنه . وهذا القسم يشمل التوحيد في الخالقية والربوبية والرازقية ونحوها من مظاهر الأفعال ، ولا حاجة إلى ذكرها على حدة كما لا يخفى . ثم إن التوحيد في هذه الأقسام يكون من نوع المعرفة ويطلق عليه التوحيد النظري .

 4  التوحيد التشريعي : والمراد به هو المعرفة بأن التقنين حق الخالق والرب ، لأنه يعرف مخلوقاته وصلاحهم ، فلا يجوز لغيره تعالى أن يقدم على ذلك ، فالأنبياء والرسل نقلوا ما شرعه الله تعالى ولم يقدموا على التشريع إلا فيما أذن لهم الله تعالى وهو أيضا مستند إليه تعالى كما لا يخفى . ثم إن هذا القسم باعتبار يكون من أقسام التوحيد الأفعالي ولكن حيث كان موردا للاهتمام ذكرناه على حدة .

 5  التوحيد العبادي والإطاعي : والمراد به أنه تعالى مستحق للعبادة والإطاعة لا غير ، وسبب ذلك هو التوحيد الذاتي والأفعالي فهو تعالى لكونه واحدا كاملا وخالقا وربا ولأن كل الأمور بيده ، دون غيره استحق انحصار العبادة والإطاعة المطلقة .

 6  التوحيد الاستعاني : والمراد به هو أن لا يستعين العبد في أموره إلا منه تعالى وهو أثر الاعتقاد الكامل بالتوحيد الأفعالي ، ولعل إليه الإشارة بقوله تعالى : " إياك نعبد وإياك نستعين " .

 7  التوحيد الحبي : والمراد منه أن من إعتقد بأن كل كمال وجمال منه تعالى أصالة فلا يليق المحبة منه أصالة إلا له تعالى . وهذه الأقسام من أقسام التوحيد العملي وإن أمكن إدراجها في التوحيد النظري أيضا باعتبار أنه تعالى مستحق لهذه الأنواع من التوحيد فلا تغفل " اهـ .[144]

وأما جعفر السبحاني فقد جعله اثنى عشر قسما , حيث قال : " قسم علماء الشيعة التوحيد إلى مراتب ودرجات نذكرها على وجه الإيجاز .

 1  التوحيد الذاتي : واحد لا نظير له .

 2  التوحيد الذاتي أيضا : بسيط ليس بمركب .

 3  التوحيد الأفعالي : إنه لا خالق في الكون إلا هو .

 4  التوحيد التدبيري : إنه لا مدبر للكون إلا هو .

 5  التوحيد العبادي : لا معبود سواه . ثم إن هناك مراتب للتوحيد ذكرها علماء الشيعة في كتبهم الكلامية واستنبطوها من القرآن الكريم وأحاديث العترة الطاهرة ، وهي :

 6  التوحيد في التقنين والتشريع : إنه لا مقنن ولا مشرع إلا هو ، وليس لأحد حق التشريع .

 7  التوحيد في الطاعة : إنه لا مطاع بالذات إلا هو ، ولو وجبت إطاعة النبي والإمام فإنما هي بأمره سبحانه .

 8  التوحيد في الحاكمية : لا حاكم إلا هو ، وأنه ليس لأحد أن يحكم إلا بإذنه سبحانه .

 9  التوحيد في الشفاعة : والمراد أن الشفاعة حق لله سبحانه ، ولا يشفع لأحد إلا بإذنه  ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )  .

 10  التوحيد في الاستعانة : وإنه لا يستعان إلا به ، ولو استعان بغيره بزعم أنه يقوم بالإعانة مستقلا فهو مشرك ، ولو استعان بغيره معتقدا بأنه معين بحول وقوة منه سبحانه فهو عين التوحيد .

 11  التوحيد في المغفرة : وإنه لا يغفر الذنوب إلا هو .

 12  التوحيد في الرازقية : وإنه لا رازق إلا هو . هذه مراتب التوحيد الاثنا عشر التي يتفقون فيها مع إخوانهم أهل السنة لا سيما الأشاعرة " اهـ .[145]

فالامامية قالوا بتقسيم التوحيد , فمنهم من قسمه الى ثلاثة اقسام , ومنهم من قسمه الى سبعة اقسام , ومنهم من قسمه الى اثني عشر مرتبة , وكل هذه الاقوال مبنية على الاستنباط من النصوص , ولا نعترض عليها ان كانت مستنبطة استنباطا صحيحا من النصوص القرانية او النصوص النبوية , ولهذا اقول ان من يشاغب من الامامية في هذا الباب فانه يضر نفسه قبل ان يضر غيره , وذلك لان العلماء لا يعترضون على الاصطلاحات العلمية , والتقسيمات التي لا تتعارض مع النصوص الشرعية , ولهذا نجد ان العلوم لها اصطلاحات مقررة عند العلماء , كعلم النحو , وعلوم القران , ومصطلح الحديث , واصول الفقه وغيرها من العلوم , وهذه الاصطلاحات لا يعترض عليها احد من اهل العلم .

 

{ ادلة اهل السنة على تقسيم التوحيد }

سانقل الالفاظ التي وردت في كتب اهل السنة التي تتعلق باقسام التوحيد حتى يتضح للقاريء الكريم ان علماء السنة لم يبتدعوا شيئا , ولم يأتوا بأي مخالفة للنصوص الشرعية , بل ان كلامهم مأخوذ من فهم النصوص الشرعية .

قال الامام ابن عثيمين رحمه الله : " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى قال فليستعذ ولينته { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس } هذه الجمل الثلاثة الآيات الثلاث يمكن أن يقال إنها استوعبت أقسام التوحيد { رب الناس } توحيد الربوبية { ملك الناس } الأسماء والصفات لأن الملك لا يستحق أن يكون ملكا إلا بتمام أسمائه وصفاته { إله الناس } الألوهية " اهـ .[146]

وقال ايضا : "   ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام :

1. توحيد الربوبية

2. توحيد الألوهية.

3. توحيد الأسماء والصفات.

وقد اجتمعت في قوله تعالى: { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: الآية 65]. " أهـ .[147]

فنرى ان الامام ابن عثيمين قد استدل على اقسام التوحيد من القران الكريم , ثم بعد ذلك فصل كل نوع واستدل عليه من القران والسنة , فهل في هذا مخالفة شرعية يامن تتكلمون بغير علم ولا انصاف , وهذا الكلام موجه للامامية , وغيرهم من الجهلة الذين يشاغبون بغير علم .

وقال الدكتور فاضل السامرائي : "  وقد جمعت هذه السورة توحيد الربوبية (رب العالمين) وتوحيد الإلوهية (إياك نعبد وإياك نستعين) ولذا فهي حقاً أم الكتاب " اهـ .[148]

وقال الزرقاني رحمه الله: " استفادة التوحيد بنوعيه توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية من القصر الماثل في قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} " اهـ .[149]

وقال البقاعي رحمه الله : " وهذه دائماً طريقة القرآن يحتج عليهم بإقرارهم بتوحيدهم له في الربوبية والملك على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة " اهـ .[150]

 

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية  : " والتوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له وهو متضمن لشيئين أحدهما القول العملي وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله احد في شيء من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحد في شيء من الكمال كما قال تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد سورة الإخلاص فالصمدية تثبت له الكمال والاحدية تنفي مماثلة شيء له في ذلك كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع

 والتوحيد العملي الإرادي أن لا يعبد إلا إياه فلا يدعو إلا إياه

ولا يتوكل إلا عليه ولا يخاف إلا إياه ولا يرجو إلا إياه ويكون الدين كله لله قال تعالى قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين سورة الكافرون

 وهذا التوحيد يتضمن أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا شريك له في الملك " اهـ .[151]

 وقال ايضا : " والرسل دعوا الخلق إلى توحيد الإلهية وذلك متضمن لتوحيد الربوبية كما قال كل منهم لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } [ الأعراف : 59 ] " اهـ .[152]

وقال ايضا : " فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ حَالِ الْعَبْدِ الْمَحْضِ لِلَّهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَيَسْتَعِينُهُ فَيَعْمَلُ لَهُ وَيَسْتَعِينُهُ وَيُحَقِّقُ قَوْلَهُ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } . تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ ؛ وَإِنْ كَانَتْ الْإِلَهِيَّةُ تَتَضَمَّنُ الرُّبُوبِيَّةَ ؛ وَالرُّبُوبِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْإِلَهِيَّةَ ؛ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا تَضَمَّنَ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } { مَلِكِ النَّاسِ } { إلَهِ النَّاسِ } " اهـ .[153]

وقال الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله : " فَالْجَمْعُ الصَّحِيحُ - الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الِاسْتِقَامَةِ  هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَيَشْهَدُ صَاحِبُهُ قَيُّومِيَّةَ الرَّبَّ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَحْدَهُ، فَلَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ، وَلَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ، وَلَا مُمِيتَ وَلَا مُحْيِيَ، وَلَا مُدَبِّرَ لِأَمْرِ الْمَمْلَكَةِ - ظَاهِرًا وَبَاطِنًا  غَيْرُهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَجْرِي حَادِثٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يَغْرُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا أَحْصَاهَا عِلْمُهُ، وَأَحَاطَتْ بِهَا قُدْرَتُهُ، وَنَفَذَتْ بِهَا مَشِيئَتُهُ، وَاقْتَضَتْهَا حِكْمَتُهُ، فَهَذَا جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.

وَأَمَّا جَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَهُوَ: أَنْ يَجْمَعَ قَلْبَهُ وَهَمَّهُ وَعَزْمَهُ عَلَى اللَّهِ، وَإِرَادَتَهُ، وَحَرَكَاتَهُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَامِ بِعُبُودِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، فَتَجْتَمِعُ شُئُونُ إِرَادَتِهِ عَلَى مُرَادِهِ الدِّينِيِّ الشَّرْعِيِّ.

وَهَذَانِ الْجَمْعَانِ: هُمَا حَقِيقَةُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] " اهـ .[154]

ومن الممكن ان يعتقد البعض ان هذه المصطلحات لم يستخدمها علماء السنة الا في عهد شيخ الاسلام ابن تيمية , فيقول البعض انها من المحدثات , فاقول ان هذا الكلام من قائله يدل على بعده عن منهج اهل العلم , وطريقتهم , فنحن نعلم ان المصطلحات المأخوذة من النصوص الشرعية , والتي لا يوجد فيها بُعد عن الفهم الصحيح , او المبالغة , فهي معتبرة ولا علاقة لها بالزمن المستخدمة به , وذلك لان العبرة في ذلك كله موافقة الشريعة , او مخالفتها من ناحية الفهم , فان كان اي مصطلح مخالف للشريعة فلا عبرة به حتى وان كان مستخدما في العصور المتقدمة , والمثال على ذلك اصطلاح المنزلة بين المنزلتين عند المعتزلة , فانه مخالف للنصوص الشرعية , والمعتقد الحق عند اهل السنة , مع انه ظهر في العصور المتقدمة , ولكن اهل السنة استهجنوه لما يحمل من معاني مخالفة للنصوص الشرعية , فلهذا هو غير معتبر , ولهذا نقول ان العبرة في باب الاصطلاحات هي موافقة الشرع , او مخالفته , فالموافق مقبول , والمخالف مردود ,واقول ان الشاهد على ما اقول هو تداول المصطلحات العلمية بين علماء الاسلام , وحثهم على حفظها , وتدريسها , وتدوينها...الخ .

ومع هذا سانقل بعض هذه المصطلحات العلمية واستخدامها من قبل العلماء في مختلف العصور , حتى لا يبقى عذر لاحد فيقول ان هذه المصطلحات خاصة بشيخ الاسلام ابن تيمية , او بالشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن جاء من بعده من علماء الدعوة السلفية المباركة .

قال الامام ابن حبان رحمه الله : " الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية المتعزز بعظمة الربوبية القائم على نفوس العالم بآجالها والعالم بتقلبها وأحوالها المان عليهم بتواتر آلائه المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه " اهـ .[155]

لقد صرح الامام ابن حبان رحمه  بالالوهية , والربوبية , والصفات , ولقد توفي الامام ابن حبان في سنة 354 ه فبين موته وولادة شيخ الاسلام ابن تيمية مئات السنين .

وقال ابو بكر الطرطوشي رحمه الله : " وأشهد له بالربوبية والوحدانية. وبما شهد به لنفسه من الأسماء الحسنى. والصفات العلى. والنعت الأوفى. ألا له الخلق والأمر. تبارك الله رب العالمين " اهـ .[156]

فقد صرح الامام الطرطوشي المالكي بالربوبية , والوحدانية , والاسماء والصفات , ولقد توفي الامام الطرطوشي في سنة 520 هـ فبين موته وولادة شيخ الاسلام ابن تيمية 141 سنة , وذلك لان شيخ الاسلام قد ولد في سنة 661 هـ .

ونقل الامام قوام السنة قول القاضي ابو يوسف وهو من اصحاب الامام ابي حنيفة رحمه الله , حيث قال : " فصل    في النهي عن طلب كيفية صفات الله عز وجل    أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب ، أنا والدي ، أنا محمد بن جعفر  السرخسي ، نا محمد بن سلمة البلخي ، نا بشر بن الوليد القاضي عن أبي  يوسف القاضي أنه قال : ليس التوحيد بالقياس ، ألم تسمع إلى قول الله  عز وجل في الآيات التي يصف بها نفسه أنه عالم قادر قوي مالك ، ولم  يقل إني قادر عالم لعلة كذا أقدر ، ولسبب كذا أعلم ، ولهذا المعنى  أملك ، فلذلك لا يجوز القياس في التوحيد ، ولا يعرف إلا بأسمائه ولا  يوصف إلا بصفاته ، وقد قال الله عز وجل في كتابه : ( يا أيها الناس  اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) الآيات ،

  وقال : ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من  شيء ) وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار  والفلك التي تجري في البحر ) إلى قوله ( يعقلون ) .   قال أبو يوسف : لم يقل الله تعالى : انظر كيف أنا العالم ، وكيف أنا  القادر وكيف أنا الخالق ولكن قال : انظر كيف خلقت ، ثم قال : ( خلقكم  ثم يتوفاكم ) وقال : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) أي تعلم أن هذه  الأشياء لها رب يقلبها ويبدئها وأنه مكون ذلك ( مني ) كونك ، وإنما دل الله  خلقه بخلقه ليعرفوا أن لهم رباً يعبدوه ويطيعوه ويوحدوه وليعلموا أنه  مكونهم لا هم كانوا ، ثم سمى فقال : أنا الرحمن وأنا الرحيم ، وأنا الخالق ، وأنا  القادر ، وأنا المالك ، أي هذا الذي كونكم يسمى المالك ، القادر ، الله   الرحمن ، الرحيم بها يوصف ، ثم قال أبو يوسف : ' يعرف الله بآياته وبخلقه  ويوصف بصفاته ويسمى بأسمائه كما وصف في كتابه ، وبما أدى إلى الخلق  رسوله ' " اهـ .[157]

 

فقد صرح الامام ابو يوسف بكل انواع التوحيد في اثناء كلامه , ولقد توفي الامام ابو يوسف سنة 182 ه فبين موته وولادة شيخ الاسلام مئات السنين .

وقال ابو مطيع البلخي : "  قال ابو حنيفة من قال لا اعرف ربي في السماء او في الأرض فقد كفر وكذا من قال إنه على العرش ولا ادري العرش أفي السماء او في الأرض والله تعالى يدعى من اعلى لا من أسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء وعليه ما روى في الحديث ان رجلا اتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقال وجب علي عتق رقبة أفتجزىء هذه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أمؤمنة أنت فقالت نعم فقال أين الله فأشارت إلى السماء فقال اعتقها فإنها مؤمنة " اهـ .[158]

لقد اثبت الامام ابو حنيفة العلو وهو من باب الصفات , وصرح بالربوبية , والالوهية , ولقد توفي الامام ابو حنيفة في سنة 150 ه , فبين وفاته رضي الله عنه , وولادة شيخ الاسلام مئات السنين .

وقال الامام ابو جعفر الطحاوي : " نَقُولُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إن الله واحد لا شريك له ولا شي مثله ولا شيء يعجزه ولا إله غيره " اهـ .[159]

 

وقال الامام ابن ابي العز الحنفي شارح الطحاوية : " قَوْلُهُ: (نَقُولُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ). ...................

فإن التَّوْحِيدَ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: الْكَلَامُ فِي الصِّفَاتِ. وَالثَّانِي: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. وَالثَّالِثُ: تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " اهـ .[160]

وقال : " قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ مِثْلُهُ).

اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ " اهـ .[161]

وقال : " قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ).

لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}، {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}،"لَا يَئُودُهُ"أَيْ: لَا يُكْرِثُهُ وَلَا يُثْقِلُهُ وَلَا يُعْجِزُهُ، فَهَذَا النَّفْيُ لِثُبُوتِ كَمَالِ ضِدِّهِ " اهـ .[162]

وقال : " قَوْلُهُ: (وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ).

هَذِهِ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ الَّتِي دَعَتْ إِلَيْهَا الرُّسُلُ كُلُّهُمْ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَإِثْبَاتُ التَّوْحِيدِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بِاعْتِبَارِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْمُقْتَضِي لِلْحَصْرِ " اهـ .[163]

لقد بين الامام ابن ابي العز الحنفي في شرحه لكلام الامام الطحاوي تعالى ان التوحيد على ثلاثة اقسام , وان المفهوم من متن الامام الطحاوي اثبات انواع التوحيد التي يقول بها اهل العلم من اهل السنة  , ثم استدل في شرحه على نصوص من الشرع .

 

 

 

 

{ الفصل الرابع }

{ التوسل والوسيلة }

قال الجوهري : " الوَسيلَةُ: ما يتقرَّب به إلى الغير، والجمع الوَسيلُ والوَسائِلُ. والتوسيل والتَوَسُّلُ واحد. يقال: وَسَّلَ فلانٌ إلى ربّه وَسيلَةً، وتوَسَّلَ إليه بوَسيلَةٍ، أي تقرَّب إليه بعمل " اهـ .[164]

 

وقال الجرجاني : " 1615 - الوسيلة هي ما يتقرب به إلى الغير " اهـ .[165]

وقال العلامة المناوي : " الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير ذكره الراغب وقال أبو البقاء الوسائل جمع وسيلة وهي ما يتوصل إلى التحصيل " اهـ .[166]

وقال ابو البقاء : " الوسيلة التوسل إلى الشيء برغبة أخص من { الوصيلة } لتضمنها معنى الرغبة " اهـ .[167]

فالتوسل في اللغة مأخوذ من الوسيلة , والوسيلة ما يُتقرب بها الى الغير , وتوَسَّلَ إليه بوَسيلَةٍ، أي تقرَّب إليه بعمل , والتوسل , والوسيلة في المعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي بتقرب العبد لله تعالى بالوسائل الشرعية التي تُرضي الله تعالى , قال الشيخ محمد نسيب الرفاعي : " التوسل شرعاً:

هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته واتباع أنبيائه ورسله وبكل عمل يحبه الله ويرضاه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الوسيلة هي القربة وقال قتادة في تفسير القربة أي تقربوا إلى طاعة بطاعته والعمل بما يرضيه.

وهكذا ... فإن كل ما أمر به الشرع من الواجبات والمستحبات فهو توسل شرعي ووسيلة شرعية قال الله تعالى في سورة المائدة الآية / 35 /:

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدا في سبيله لعلكم تفلحون)

وقال جل وعلا في سورة الإسراء:

(قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً / 56/ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً) /57/

يتضح مما تقدم أن التوسل لغة وشرعاً ... لا يخرج عن معنى التقرب أو ما يؤول من القربى إلى الله تعالى بما يرضاه من الأعمال الصالحة " اهـ .[168]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }

قال العلامة الشنقيطي : " قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ الْآيَةَ.

اعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَسِيلَةِ هُنَا هُوَ الْقُرْبَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ عَلَى وَفْقِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْلَاصٍ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ هَذَا وَحْدَهُ هُوَ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى رِضَى اللَّهِ تَعَالَى، وَنَيْلِ مَا عِنْدَهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَأَصْلُ الْوَسِيلَةِ: الطَّرِيقُ الَّتِي تُقَرِّبُ إِلَى الشَّيْءِ، وَتُوَصِّلُ إِلَيْهِ وَهِيَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ لَا وَسِيلَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى هَذَا فَالْآيَاتُ الْمُبَيِّنَةُ لِلْمُرَادِ مِنَ الْوَسِيلَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ( 7 ) : الحشر }  ، وَكَقَوْلِهِ: {  قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ( 31 ) : ال عمران }  ، وَقَوْلِهِ: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ( 54 ) : النور } ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ " اهـ .[169]

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " فالوسيلة ما يتوسَّلُ به، وهو ما يتوصَّل به ، والتوسل والتوصل إلى الله إنما هو بالإيمان بالرسول وتصديقِه وطاعتِه، لا وسيلةَ للخلقِ إلى الله إلاّ هذه الوسيلة. ثمّ من آمن بالرسول إذا دَعا له الرسولُ وشفعَ فيه، كان دعاءُ الرسولِ وشفاعتُه مما يتَوسَّلُ به. فهذا هو التوسُّلُ بالرسول " اهـ .[170]

وقال ايضا : " فَابْتِغَاءُ الْوَسِيلَةِ إلَى اللَّهِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ تَوَسَّلَ إلَى اللَّهِ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدِ وَاتِّبَاعِهِ. وَهَذَا التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فِي مَشْهَدِهِ وَمَغِيبِهِ لَا يُسْقِطُ التَّوَسُّلَ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَلَا بِعُذْرِ مِنْ الْأَعْذَارِ. وَلَا طَرِيقَ إلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَالنَّجَاةِ مِنْ هَوَانِهِ وَعَذَابِهِ إلَّا التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ " اهـ .[171]

وقال الطبرسي : " الوسيلة كل ما يتوسل به إليه من الطاعات وترك المقبحات " اهـ .[172]

وقال الطريحي : " وابتغوا إليه الوسيلة  أي القربة إلى الله عز وجل ، والوسيلة : القربة " اهـ .[173]

وقال الطباطبائي : " قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " ( الخ ) قال الراغب في المفردات : الوسيلة التوصل إلى الشئ برغبة ، وهى أخص من الوسيلة لتضمنها لمعنى الرغبة ، قال تعالى : وابتغوا إليه الوسيلة ، وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ، وتحرى مكارم الشريعة ، وهى كالقربة وإذ كانت نوعا من التوصل وليس إلا توصلا واتصالا معنويا بما يوصل بين العبد وربه ويربط هذا بذاك ، ولا رابط يربط العبد بربه إلا ذلة العبودية ، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلى جنابه تعالى ، فهذه هي الوسيلة الرابطة ، وأما العلم والعمل فإنما هما من لوازمها وأدواتها كما هو ظاهر إلا أن يطلق العلم والعمل على نفس هذه الحالة " اهـ .[174]

فتفسير الاية الكريمة يفيد القربة الى الله تعالى بما شرعه الله تعالى لنا عن طريق النبي صلى الله عليه واله وسلم , ومن القربات التي نتقرب بها الى الله تعالى ايماننا به سبحانه وتعالى , وايماننا برسوله صلى الله عليه واله وسلم , والقيام بالعبادات بانواعها  , ولهذا نقل الشريف الرضي عن علي رضي الله عنه في نهج البلاغة قوله : " إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: الاْيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْجِهادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الاْسْلاَمِ، وَكَلِمَةُ الاْخْلاَصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَإِقَامُ الْصَّلاَةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاهُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَاب، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ في الاْجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارعَ الْهَوَانِ... " اهـ .[175]

وفي نهج البلاغة ايضا من وصية علي للحسن رضي الله عنهما : " وَاعْلَمْ، أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَالاْرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ، وَتَكفَّلَ لَكَ بِالاْجَابَةِ،أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ، وَتَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ، وَلَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ ... " اهـ .[176]

فحثه على عدم جعل الوسائط بينه وبين الله تعالى , وهذا موافق لقوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) : البقرة } .

{ التوسل المشروع والتوسل الممنوع }

ينقسم التوسل الى قسمين :

القسم الاول التوسل المشروع . القسم الثاني - التوسل الممنوع .

فالتوسل المشروع له اربعة انواع  :

النوع الاول التوسل الى الله تعالى باسمائه الحسنى , وصفاته العليا , قال الله تعالى : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) : الاعراف } , وفي صحيح الامام مسلم : " 200 - (770) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: «اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» " اهـ .[177]

النوع الثاني التوسل الى الله تعالى بالاعمال الصالحة , وهذا القسم يدخل فيه كل الاعمال الصالحة , ومنها الايمان بالنبي صلى الله عليه واله وسلم , ومحبته , واتباعه , ومحبة المؤمنين وموالاتهم , وكل ما مايتقرب به العبد من عبادة لله تعالى , قال الله تعالى : { رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) : ال عمران } , وقال تعالى : { رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ( 109 ) :المؤمنون } , وفي حديث الثلاثة الذين دخلوا الغار فانحدرت صخرة فسدت عليهم الغار فتوسلوا الى الله تعالى باعمالهم الصالحة ففرج الله تعالى عليهم , قال الامام البخاري : " 2272 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ "، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا "، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ " اهـ .[178]

ففي هذا الحديث النبوي الشريف ان هؤلاء الرجال الثلاثة قد توسلوا الى الله تعالى باعمالهم الصالحة , فتقبل الله تعالى دعائهم , وفرج عليهم .

النوع الثالث التوسل الى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح , كما سأل ابناء يعقوب اباهم عليه السلام , قال الله تعالى : " قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) : يوسف } , وقوله تعالى : { قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ (68) : البقرة }

وفي صحيح البخاري : " 933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ المَالُ وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الغَدِ وَبَعْدَ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ قَالَ: غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ المَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ، وَسَالَ الوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ " اهـ .[179]

فطلب الاعرابي من النبي صلى الله عليه واله وسلم الدعاء , واستجابة النبي صلى الله عليه واله وسلم له , ودعائه له يدل على مشروعية طلب الدعاء من الرجل الصالح .

وقال الامام الالباني : " ومن ذلك أيضاً ما رواه الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى في "تاريخه" (18/151/1) بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم ابن عامر الخبَائري: (أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية فصعد على المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم).

وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: (فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه) " اهـ .[180]

النوع الرابع التوسل الى الله تعالى بحال المتوسل , كأن نقول اللهم اني ضعيف فقوني اللهم اني فقير فاغنني , ولقد ورد في القران الكريم التوسل بحال الداعي كما ذكر الله تعالى من حال موسى عليه السلام : { فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) : القصص } .

واما التوسل الممنوع , فقد قال الامام ابن عثيمين : " فأما التوسل الممنوع فضابطه: أن يتوسل الإنسان إلى الله بما لم يثبت شرعاً أنه وسيلة، فمن ذلك التوسل بالأموات، فإنه محرم، وربما يكون شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، ومن ذلك أيضاً أن يتوسل الإنسان بجاه النبي صلى الله عليه وسلم على القول الراجح، وذلك لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الجاهات عند الله عز وجل، فإذا كان موسى وعيسى من الوجهاء عند الله فمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل وأولى بالجاه من غيره، ولكن الجاه لا ينتفع به إلا من استحقه، وأما الداعي فلا ينتفع به لأنه لا يستفيد منه شيئاً، والنبي عليه الصلاة والسلام منزلته عند الله إنما تكون نافعة له وحده، أما غيره فلا ينفعه عند الله إلا الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام وبما جاء به وما كان وسيلة شرعية " اهـ .[181]

وفي فتاوى اللجنة الدائمة : " الفتوى رقم ( 16708 )

س : ما هو الفرق بين التوسل الشركي ، والتوسل البدعي جزاكم الله خيرا ؟

ج : التوسل الشركي : هو الذي يتقرب فيه المتوسل إلى المتوسل به بشيء من أنواع العبادة ، كالذبح والنذر والاستغاثة والدعاء ، مثل ما كان أهل الجاهلية يفعلونه ، كما قال تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } ومثل ما يفعله القبوريون اليوم حول الأضرحة من الشرك بالله ، ودعوة الأموات ، والذبح والنذر لهم .

وأما التوسل البدعي : فهو سؤال الله بجاه أو بحق أحد من الأنبياء أو الأولياء والصالحين ، دون أن يتقرب إليهم بشيء من العبادة .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس

بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " اهـ .[182]

فهذا تفريق بين التوسل الشركي والتوسل البدعي , وان كان كلاهما محرم , ولكن هذا التحريم يتفاوت , ففي التوسل الشركي يصل العبد الى الكفر والعياذ بالله تعالى , واما في التوسل البدعي فانه يأثم فقط ولا يصل الى الكفر .

وقال الشيخ محمد جميل زينو : " التوسل الممنوع : هو الذي لا أصل له في الدين ، و هو أنواع :

1. التوسل بالأموات ، و طلب الحاجات منهم و الاستعانة بهم كما هو واقع اليوم و يسمونه توسلا ، و ليس كذلك لأن التوسل هو الطلب من الله بواسطة مشروعة كالإيمان و العمل الصالح و أسماء الله الحسنى ، و دعاء الأموات إعراض عن الله و هو من الشرك الأكبر ، لقوله تعالى:"و لا تدعُ من دون الله ما لا يَنفعك و لا يَضرك فإنْ فعلتَ فإنك إذا من الظالمين"(سورة يونس)

الظالمين : المشركين.

2. أما التوسل بجاه الرسول كقولك : "يا رب بجاه محمد اشفني" فهو بدعة لأن الصحابة لم يفعلوه و لأن عمر الخليفة توسل بالعباس حيّا بدعائه و لم يتوسل بالرسول صلى الله عليه و سلم بعد موته عندما طلب نزول المطر ، و حديث: "توسلوا بجاهي" لا أصل له ، كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية و هذا التوسل البدعي قد يؤدي للشرك و ذلك إذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة كالأمير و الحاكم لأنه شبه الخالق بالمخلوق. و قال أبو حنيفة :"أكره أن أسأل الله بغير الله" (كما في الدر المختار) .

3. و أما طلب الدعاء من الرسول بعد موته ، كقولك: "يا رسول الله ادع لي" فغير جائز ، لأن الصحابة لم يفعلوه و لقوله صلى الله عليه و سلم : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" (رواه مسلم) " اهـ .[183]

{ التوسل بجاه النبي صلى الله عليه واله وسلم }

ان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه واله وسلم على وجه الخصوص مسألة خلافية , ويعدها اهل العلم من باب الفقه , وليس في باب العقائد كما صرح الامام محمد بن عبد الوهاب : " العاشرة - قولهم في الاستسقاء : لا بأس بالتوسل بالصالحين : وقول أحمد : يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق ، فالفرق ظاهر جداً ، وليس الكلام مما نحن فيه ، فكون بعضٍ يرخِّص بالتوسل بالصالحين وبعضهم يخصُّه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثر العلماء ينهي عن ذلك ويكرهه ، فهذه المسألة من مسائل الفقه ، ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور إنه مكروه فلا ننكر على من فعله ، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد ، لكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى ، ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب فيه تفريج الكربات ، وإغاثة اللهفات ، وإعطاء الرغبات فأين هذا ممن يدعو الله مخلصاً له الدين لا يدعو مع الله أحداً ، ولكن يقول في دعائه : أسألك بنبيك ، أو بالمرسلين ، أو بعبادك الصالحين ، أو يقصد  قبر معروف أو غيره يدعو عنده ، لكن لا يدعو ( إلا ) الله مخلصاً له الدين ، فأين هذا مما نحن فيه ؟ " اهـ .[184]

فالمسألة خلافية , وفي المسائل الخلافية ننظر الى الادلة ثم نحكم على ضوئها من غير تفسيق , ولا تكفير , وانما غاية الامر تخطئة للقائل , ومما لا شك فيه ان العلماء غير معصومين فصدور الخطأ منهم مغفور باذن الله تعالى , بل لهم اجر عليه كما جاء عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه   : "  «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» " اهـ .[185]

{ حديث الاعمى }

قال الامام احمد : " 17240 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، قَالَ: " إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَاكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ " . فَقَالَ: " ادْعُهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَتَقْضِي لِي، اللهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ " (4)

__________

 (4) إسناده صحيح، رجاله ثقات ... “اهـ .[186]

 

فهذا الحديث الشريف واضح جدا في الرجل الاعمى قد توجه الى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم , والدليل على قولنا هذا ما جاء في نص الحديث من قوله ( إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَاكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ ) , فطلب الرجل من النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يدعو له عندما قال ( ادعه ) , فالرجل الاعمى طلب دعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم , وكما هو معلوم ان طلب الدعاء من الرجل الصالح هو احد انواع التوسل المشروع كما اسلفنا . فيتحصل عندنا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد دعا للرجل , وذلك لان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد وعده بذلك فوفى بوعده , والتزم بكلامه بكلامه , ومن قال بخلاف ذلك فقد طعن بالنبي صلى الله عليه واله وسلم , ثم بعد ذلك توجه الرجل بدعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم الى الله تعالى ودليلنا على قولنا , ما جاء عند الامام الحاكم من قول الرجل اللهم شفعه في وشفعني فيه , قال الامام الحاكم : " 1180 - حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي. فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ ذَلِكَ وَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ» . قَالَ: فَادْعُهُ. قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ " اهـ .[187]

فهذا دليل واضح على ان التوسل الى الله تعالى كان بدعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم , فلا يمكن ان يطلب الرجل الشفاعة للنبي صلى الله عليه واله وسلم بجسد نفسه , والشفاعة بمعنى الدعاء , قال الزبيدي في التاج : " والشَّفْعُ والشَّفاعَة : الدُّعاء وبه فَسَّرَ المُبَرِّدُ وثعلبٌ قَوْله تَعالى : " مَن ذا الذي يَشْفَعُ عِندَه إلاّ بإذْنِه " اهـ .[188]

وقال الازهري : " وروى أبو عمر عن المبرد وثعلب انهما قالا في قول الله تبارك و تعالى: )مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ( " البقرة 255 " قالوا: الشفاعة: الدُعاء هاهنا " اهـ .[189]

فكلام الرجل فشفعه في , وشفعني فيه اي اقبل دعائه لي , ودعائي له .

واذا كان المقصود بذلك ذات النبي صلى الله عليه واله وسلم فلماذا جاء الرجل الى النبي صلى الله عليه واله وسلم وطلب منه الدعاء , ولو كان الامر لا يتعلق بالدعاء فلماذا اقره النبي صلى الله عليه واله وسلم على طلبه , ووعده بالدعاء ؟ , ولهذا نقول ان الامر يتعلق بالدعاء لا غير .

ولما كان الامر يتعلق بالدعاء لا بالجاه نرى ان الرجل الاعمى قد اصر على طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه واله وسلم .

ونلاحظ في  الرواية امر النبي صلى الله عليه واله وسلم للرجل بأن يتوضأ , ويصلي لله ركعتين وهذا كله من الاعمال الصالحة للعبد التي تسبق الدعاء الذي يُرجى قبوله , والاستجابة , ثم يدعو الله تعالى , فالامر كله يدور على الدعاء وما يتعلق به من مقدمات , وطاعات لله تعالى .

ودعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم للاعمى قد عده العلماء من معجزات النبي صلى الله عليه واله وسلم ولهذا ذكره في دلالئل نبوته كما صرح بذلك الامام الالباني حيث قال : " إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه و سلم ودعائه المستجاب . وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات فإنه بدعائه صلى الله عليه و سلم لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره ولذلك رواه المصنفون في ( دلائل النبوة ) كالبيهقي وغيره فهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ويؤيده أنه لو كان السر هو في دعاء الأعمى وحده دون دعائه صلى الله عليه و سلم لكان كل من دعا به من العميان مخلصا إليه تعالى منيبا إليه قد عوفي بل على الأقل لعوفي واحد منهم وهذا ما لم يكن ولعله لا يكون أبدا " اهـ .[190]

ولو اعترض شخص فقال لماذا لم يقل النبي صلى الله عليه واله وسلم اللهم اني اتوجه اليك بدعاء نبيك ؟ .

فاقول ان هذا الاعتراض ضعيف جدا , وذلك لان الصحابة رضي الله عنهم قد فهموا ان توسل الاعمى لم يكن بالذات وانما كان بالدعاء , ولهذا لم يتوسلوا بذات النبي صلى الله عليه واله وسلم بعد مماته , فمن المعلوم انه لو كان التوسل بالذات جائز , فإن الصحابة الكرام لن يعدلوا الى المفضول عن الفاضل فيتوسلوا بذات العباس , ويتركوا ذات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لان شرعية التوسل بالذات لا علاقة لها في حياته , او بعد مماته , فيكون بعد مماته كما هو حياته فداه ابي , وامي , ولكن لما كان المقصود ان التوسل بالدعاء لا بالذات لم يتوسلوا بذات النبي صلى الله عليه واله وسلم , وانما توسلوا بالعباس رضي الله عنه كما في الصحيح , قال الامام البخاري : "  1010 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ " اهـ .[191]

فلو كان التوسل بالذات فمن المؤكد ان ذات النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم خير ذوات البشر على الاطلاق , فكيف يتركون التوسل بذاته الشريفة ويتوسلون بالعباس رضي الله عنه , فكما كانوا يتوسلون بدعائه صلى الله عليه واله وسلم , فكذلك كانوا يتوسلون بدعاء غيره بعد مماته , فيكون اتباعهم في طلب الدعاء من الرجل الصالح من اقتدائهم بالسنة العملية لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ولما كان الصحابة الكرام يجلون اهل البيت , ويعظمونهم توسلوا بالعباس عم النبي صلى الله عليه واله وسلم , فلما كانت السيرة العملية للصحابة الكرام التوسل بدعاء الرجل الصالح دل ذلك على انهم لا يقولون بالتوسل بالذوات .

{ ضعف اثر استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما عند الحاكم }

قال الامام الحاكم : " 5438 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، ثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي سَاعِدَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَطَاءٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَسْقَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ هَذَا عَمُّ نَبِيِّكَ الْعَبَّاسُ، نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِ فَاسْقِنَا، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سَقَاهُمُ اللَّهُ، قَالَ: فَخَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى لِلْعَبَّاسِ مَا يَرَى الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ، يُعَظِّمُهُ، وَيُفَخِّمُهُ، وَيَبَرُّ قَسَمَهُ فَاقْتَدُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَمِّهِ الْعَبَّاسِ، وَاتَّخِذُوهُ وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا نَزَلَ بِكُمْ» اهـ .[192]

ان علة هذا الاثر داود بن عطاء المدني , وكذلك الاضطراب , كما قال الامام الالباني عن خذا الاثر بعد ان ذكره في كتاب التوسل , حيث قال : " عدم التسليم بصحة هذه الرواية، فإنها من طريق داود ابن عطاء وهو المدني، وهو ضعيف كما في "التقريب"، ومن طريق الزبير بن بكار عنه رواه الحاكم (3/334) وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: (داود متروك) قلت: والرواي عنه ساعدة بن عبيدالله المزني لم أجد من ترجمه، ثم إن في السند اضطراباً، فقد رواه - كما رأيت - هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال: (عن أبيه) بدل ابن عمر، لكن هشاماً أوثق من داود، إلا أننا لم نقف على سياقه، لننظر هل فيه مخالفة لسياق داود هذا أم لا ؟ ولا تغتر بقولهم في "المصباح" عقب هذا الإسناد: (به) المفيد أن السياق واحد، فإن عمدته فيما نقله عن البلاذري إنما هو "فتح الباري" وهو لم يقل: (به). انظر "الفتح" (2/399) " اهـ .[193]

وقال الامام ابن الملقن : " وفي  مُسْتَدْرك الْحَاكِم فِي تَرْجَمَة الْعَبَّاس ، من حَدِيث دَاوُد بن عَطاء الْمدنِي - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن زيد بن أسلم ، عَن ابْن عمر أَنه قَالَ : استسقى عمر بن الْخطاب عَام الرَّمَادَة بِالْعَبَّاسِ " اهـ .[194]

ولقد ذكر ائمة الجرح والتعديل حال داود بن عطاء المدني , حيث قال الامام البخاري : " 111- داود بن عطاء أبو سليمان المدني: مولى المزنيين، عن موسى بن عقبة، منكر الحديث، قال أحمد: رأيته، ليس بشيء " اهـ .[195]

وقال الحافظ ابن الجوزي : " 1158 داود بن عطاء مولى الزبير يكنى أبا سليمان مدني يروي عن موسى بن عقبة

 قال أحمد لا يحدث عنه ليس بشيء وقال أبو حاتم الرازي ضعيف الحديث منكر الحديث وقال أبو زرعة والبخاري هو متروك الحديث وقال ابن حبان هو الذي يقال له داود بن أبي عطاء لا يحتج به بحال " اهـ .[196]

وقال الحافظ ابن حجر : " 1807 - داود بن عطاء المزني مولاهم أبو سليمان المدني أو المكي ضعيف من الثامنة ق " اهـ .[197]

{ ضعف اثر استسق لامتك }

قال الامام الالباني : "  أثر الاستسقاء بالرسول ( بعد وفاته:

وبعد أن فرغنا من إيراد الأحاديث الضعيفة في التوسل، وتحقيق القول فيها يحسن بنا أن نورد أثراً، كثيراً ما يورده المجيزون لهذا التوسل المبتدع، لنبين حاله من صحة او ضعف، وهل له علاقة بما نحن فيه أم لا؟

فأقول: قال الحافظ في "الفتح" (2/397) ما نصه: (وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار - وكان خازن عمر - قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي ( فقال: يا رسول الله ! استسق لأمتك، فإنهم قد هلكوا، فأتي الرجلُ في المنام، فقيل له: ائت عمر.. الحديث. وقد روى سيف في "الفتوح" أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة).

قلت: والجواب من وجوه:

الأول: عدم التسليم بصحة هذه القصة، لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح، وقد أورده

ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/213) ولم يذكر راوياً عنه غير أبي صالح هذا، ففيه إشعار بأنه مجهول، ويؤيده أن ابن أبي حاتم نفسه - مع سعة حفظه واطلاعه - لم يحك فيه توثيقاً فبقي على الجهالة، ولا ينافي هذا قول الحافظ: (...بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان...) لأننا نقول: إنه ليس نصاً في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالح فقط، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسنادَ من عند أبي صالح، ولقال رأساً: (عن مالك الدار... وإسناده صحيح) ولكنه تعمد ذلك، ليلفت النظر إلى أن ها هنا شيئاً ينبغي النظر فيه، والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها: أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة، فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله، لما فيه من إيهام صحته لاسيما عند الاستدلال به،

بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه، وهذا هو الذي صنعه الحافظ رحمه الله هنا، وكأنه يشير إلى تفرد أبي صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبي حاتم، وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته. والله أعلم.

وهذا علم دقيق لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة، ويؤيد ما ذهبت اليه أن الحافظ المنذري أورد في "الترغيب" (2/41-42) قصة أخرى من رواية مالك الدار عن عمر ثم قال: (رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون، ومالك الدار لا أعرفه). وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/125).

وقد غفل عن هذا التحقيق صاحب كتاب "التوصل" (ص241) فاغتر بظاهر كلام الحافظ، وصرح بأن الحديث صحيح، وتخلص منه بقوله: (فليس فيه سوى: جاء رجل..) واعتمد على أن الرواية التي فيها تسمية الرجل ببلال بن الحارث فيها سيف، وقد عرفت حاله.

وهذا لا فائدة كبرى فيه، بل الأثر ضعيف من أصله لجهالة مالك الدار كما بيناه.

الثاني: أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء، كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة، وأخذ به جماهير الأئمة، بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار، وهي قوله تعالى في سورة نوح: (فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً..( وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس كما سبق بيانه، وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا، ولم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه التجأ إلى قبر النبي (، وطلب منه الدعاء للسقيا، ولو كان ذلك مشروعاً لفعلوه ولو مرة واحدة، فإذا لم يفعلوه دل ذلك على عدم مشروعية ما جاء في القصة.

الثالث: هب أن القصة صحيحة، فلا حجة فيها، لأن مدارها على رجل لم يسم، فهو مجهول أيضاً، وتسميته بلالاً في رواية سيف لا يساوي شيئاً، لأن سيفاً هذا - وهوابن عمر التميمي - متفق على ضعفه عند المحدثين، بل قال ابن حبان فيه: (يروي الموضوعات عن الأثبات، وقالوا: إنه كان يضع الحديث). فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة،

لا سيما عند المخالفة.

.................................................

الفرق بين التوسل بذات النبي ( وبين طلب الدعاء منه:

الوجه الرابع: أن هذا الأثر ليس فيه التوسل بالنبي (، بل فيه طلب الدعاء منه بأن يستسقي الله تعالى أمته، وهذه مسألة أخرى لا تشملها الأحاديث المتقدمة، ولم يقل بجوازها أحد من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم، أعني الطلب منه ( بعد وفاته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" (ص19-20): (لم يكن النبي ( بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين، ويستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم، ولا في مغيبهم، فلا يقول أحد: (يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله، سلو الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا، وكذلك لا يقول لمن مات من الأنبياء والصالحين: يا نبي الله يا ولي الله (الأصل: رسول الله) ادع الله لي، سل الله لي، سل الله أن يغفر لي...ولا يقول: أشكو إليك ذنوبي أو نقص رزقي أو تسلط العدو علي، أو أشكو إليك فلاناً الذي ظلمني، ولا يقول: أنا نزيلك، أنا ضيفك، أنا جارك، أو أنت تجير من يستجيرك........." اهـ .[198]

وهناك علة اخرى والله اعلم تتعلق بعنعة الاعمش رحمه الله , فقد تكلم الائمة عن تدليسه ولم يقبلوا الا ما صرح به , قال الامام الخطيب : " أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَلَّانَ الْوَرَّاقُ , قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ: " قَدْ كَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِثْلُ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ التَّدْلِيسَ فِي الْحَدِيثِ , ....... فَنَحْنُ نَقْبَلُ تَدْلِيسَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَنُظَرَائِهِ لِأَنَّهُ يُحِيلُ عَلَى مَلِيءٍ ثِقَةٍ , وَلَا نَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَشِ تَدْلِيسَهُ لِأَنَّهُ يُحِيلُ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ .... " اهـ .[199]

وقال الامام ابن حبان : " وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول، فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري، والاعمش .... " اهـ .[200]

وقال الامام ابن حجر : " الثالثة: من أكثروا من التدليس وعرفوا به وهم: ..............................

37- وسليمان الاعمش " اهـ .[201]

واما من يحتج بكلام الامام الذهبي على ان تدليس الامام الاعمش لا يشمل روايته عن ابي صالح حيث يقول: " ((قلت: وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدرى به، فمتى قال حدثنا فلا كلام، ومتى قال " عن " تطرق إلى احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وابن أبى وائل، وأبى صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال " اهـ .[202]

فأقول قد اثبت بعض اهل العلم ان الاعمش قد دلس في روايته عن ابي صالح ,

قال الامام الحاكم : " ذِكْرُ النَّوْعِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ هَذَا النَّوْعُ مِنْ هَذِهِ الْعُلُومِ هُوَ مَعْرِفَةُ الْأَحَادِيثِ الْمُعَنْعَنَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا تَدْلِيسٌ، وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى تَوَرُّعِ رُوَاتِهَا، عَنْ أَنْوَاعِ التَّدْلِيسِ،

.........................................

وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ بِمَرْوَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةً فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ أَذًى» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ رُوَاتُهُ كُوفِيُّونَ وَبَصْرِيُّونَ مِمَّنْ لَا يُدَلِّسُونَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ، وَرِوَايَاتِهِمْ سَلِيمَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا السَّمَاعَ، وَأَمَّا ضِدُّ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ فَمِثَالُهُ مَا

حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ذَكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ مَضَى مِنَ الشَّهْرِ؟» , قُلْنَا: ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، وَبَقِيَ ثَمَانٌ، فَقَالَ: «مَضَى ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، وَبَقِيَ سَبْعٌ، اطْلُبُوهَا اللَّيْلَةَ، الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» قَالَ الْحَاكِمُ: لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَدْ رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ هَكَذَا مُنْقَطِعًا فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ , ثنا خَلَّادٌ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَائِدُ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ذَكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ مَضَى مِنَ الشَّهْرِ» قُلْنَا: ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، وَبَقِيَ ثَمَانٌ، فَقَالَ: مَضَى ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، وَبَقِيَ سَبْعٌ اطْلُبُوهَا اللَّيْلَةَ، الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " اهـ .[203]

فقد اثبت الحاكم تدليس الاعمش عن ابي صالح من خلال ما نقل , وجعل هذا مخالف لما اجمع عليه اهل العلم على حمله على السماع .

وقد جزم الامام سفيان الثوري بعدم سماع الاعمش من ابي صالح لحديث الامام ضامن , وقد نقل هذا عنه الامام يحيى بن معين , حيث قال : " 2430 - سَمِعت يحيى يَقُول قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ لم يسمع الْأَعْمَش هَذَا الحَدِيث من أبي صَالح الإِمَام ضَامِن " اهـ .[204]

فلو كان تدليس الامام الاعمش مستثنى منه روايته عن ابي صالح السمان لما تكلم هؤلاء الائمة وجزموا بخلاف ذلك .

فاقول بعد كل هذا كيف نأخذ برواية الاعرابي الذي لا نعرف من هو , الا عن طريق سيف بن عمر الكذاب الذي ادعى بانه صحابي ؟ ! , وكذلك ما ذكره الامام الالباني من من جهالة مالك الدار , وايضا ما ورد من كلام الائمة في تدليس الاعمى .

{ اسئلك بحق السائلين }

يحتج اهل البدع بأثرين في جواز التوسل بالمخلوق , وكلا الاثرين ضعيفين , ومع ضعفهما , فإن المتن يخالف ما فهمه هؤلاء المبتدعة , وسوف نبين من خلال كلام اهل العلم المعتبرين ما يتعلق بالاثرين سندا ومتنا .

فاما الاثر الاول فقد رواه الامام احمد في المسند , حيث قال : " 11156 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - فَقُلْتُ لِفُضَيْلٍ: رَفَعَهُ؟ قَالَ: أَحْسِبُهُ قَدْ رَفَعَهُ - قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ " (1)

__________

(1) إسناده ضعيف  ...." اهـ .[205]

واما الاثر الثاني فقد اخرجه ابن السني , حيث قال : " 84 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، عَنِ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بِلَالٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، آمَنْتُ بِاللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اللَّهُمَّ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَخْرِجِي هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْهُ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَاتِّقَاءَ سَخَطِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنَ النَّارِ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ» " اهـ .[206]

وآفة هذا الاثر الوازع بن نافع قال الامام الالباني في السلسلة الضعيفة بعد ان اورد هذا الاثر : " قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ إن لم يكن موضوعأً ، فقد قال ابن حبان في الوازع هذ ا (3/ 83) :

"كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته ، ويشبه أن يكون

المتعمد لذلك ؛ بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه ؛ فبطل الاحتجاج به لما انفرد عن الثقات بما ليس من أحاديثهم" .

والحاكم على تساهله المعروف قال فيه : "روى أحاديث موضوعة " .

وأشار إلى ذلك البخاري بقوله في "التاريخ " (4/2/183) :

"منكر الحديث " . وقال أحمد وابن معين وأبو داود : "ليس بثقة" . وقال النسائي : "متروك الحديث " . وقال ابن عدي في "الكامل " (7/98) : "عامة ما يرويه عن شيوخه غير محفوظة" .

قلت : فقد اتفقت أقوال أئمة هذا الشأن على أن الوازع هذا ضعيف جداً لا

يستشهد به ، وهذا ما صرح به الحافظ ابن حجر في "تخريج الأذكار" ، فقال :

"هذا حديث واهٍ جداً ... " إلى آخر كلامه الذي كنت نقلته عنه في كتابي

"التوسل : أنواعه وأحكامه " .... " اهـ .[207]

فكلا الاثرين لا يصح سندا , ومع هذا اقول ان المتن لا يخدم المبتدعة , وقد تكلم الائمة على الالفاظ الواردة في الروايتين وبينوا من خلال شرحهم بان هذه الكلمات لا تتنافى مع التوسل المشروع الذي يقول به اهل السنة , والجماعة .

قال الامام الالباني بعد ان اورد الاثرين , وتكلم عن سنديهما في كتاب التوسل تكلم بما يتعلق بالمتن فقال : "  ومع كون هذين الحديثين ضعيفين فهما لا يدلان على التوسل بالمخلوقين أبدا وإنما يعودان إلى أحد أنواع التوسل المشروع الذي تقدم الكلام عنه وهو التوسل إلى الله تعالى بصفة من صفاته عز و جل لأن فيهما التوسل بحق السائلين على الله وبحق ممشى المصلين . فما هو حق السائلين على الله تعالى ؟ لا شك أنه إجابة دعوتهم وإجابة الله دعاء عباده صفة من صفاته عز و جل وكذلك حق ممشى المسلم إلى المسجد هو أن يغفر الله له ويدخله الجنة ومغفرة الله تعالى ورحمته وإدخاله بعض خلقه ممن يطيعه الجنة كل ذلك صفات له تبارك وتعالى وبهذا تعلم أن هذا الحديث الذي يحتج به المبتدعون ينقلب عليهم ويصبح بعد فهمه فهما جيدا حجة لنا عليهم والحمد لله على توفيقه " اهـ .[208]

قال شيخ الاسلام  : " وأما قوله في حديث أبي سعيد: «أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا»  فهذا الحديث رواه عطية العوفي، وفيه ضعف. لكن بتقدير ثبوته: هو من هذا الباب، فإن حق السائلين عليه سبحانه، أن يجيبهم، وحق المطيعين له أن يثيبهم، فالسؤال له، والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته، فهو من التوسل به، والتوجه به، والتسبب به، ولو قدر أنه قسم لكان قسما بما هو من صفاته؛ لأن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله.

فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» " اهـ .[209]

وقال في المجموع : " وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ مَاجَه عَنْ عَطِيَّةَ العوفي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَّمَ الْخَارِجَ إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ : وَأَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَكِنْ خَرَجْت اتِّقَاءَ سَخَطِك وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِك } . فَإِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا فَحَقُّ السَّائِلِينَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُمْ وَحَقُّ الْعَابِدِينَ لَهُ أَنْ يُثِيبَهُمْ وَهُوَ حَقٌّ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَهُمْ كَمَا يُسْأَلُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي جَعَلَهُ سَبَبًا لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ " اهـ .[210]

وقال ايضا : " أَمَّا إذَا سَأَلَ اللَّهَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبِدُعَاءِ نَبِيِّهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ فَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ سَبَبٌ لِلْإِثَابَةِ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِلْإِجَابَةِ فَسُؤَالُهُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِنَيْلِ الْمَطْلُوبِ وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى فِي دُعَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ : " { اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا } " اهـ .[211]

فيكون المعنى انك وعدت السائلين بالاجابة وانا منهم , وهذا واضح جدا لانه قال اسألك فالداعي اصلا سائل من السائلين , وسؤال الله تعالى من الاعمال الصالحة , ومن انواع التوسل المشروع التوسل الى الله تعالى بالاعمال الصالحة كما ذكرنا , ومن قال بل هذا اقسام فنقول لا محذور في ذلك فالاقسام باجابة الله تعالى واثابته لعباده جائز , فاجابة الله تعالى , واثابته من افعاله , واقواله , وهذا توسل بصفات الله تعالى وهو احد انواع التوسل المشروع الذي ذكرناه .

{ وسيلتك ووسيلة ابيك ادم - بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله }

قال القاضي عياض : " حَدَّثَنَا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن

 الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بن بَقِيٍّ الْحَاكِمُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ فيما أجازونيه قالو أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بن عُمَرَ بن دِلْهَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن فِهْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن الفَرَجِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بن المُنْتَابِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن إِسْحَاقَ بن أَبِي إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا ابن حميد قال ناظر أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنينَ مَالِكًا فِي مَسْجِدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لَهُ مَالِكٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فِي هَذَا المَسْجِدِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَدَّبَ قَوْمًا فَقَالَ (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي) الآيَةَ، وَمَدَحَ قَوْمًا فَقَالَ (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رسول الله) الآيَةَ، وَذَمَّ قَوْمًا فَقَالَ (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ) الآيَةَ وَإِنَّ حُرْمَتَهُ مَيتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَاسْتَكَانَ لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ وَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ وَلم تَصْرفْ وَجْهَكَ عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسِيلَةُ أَبِيكَ آدَمَ عيه السَّلَامُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ بَلِ اسْتَقْبِلْهُ واسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعهُ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظلموا أنفسهم) الآيَةَ " اهـ .[212]

وهذا الاثر لا يصح عن الامام مالك رحمه الله وآفته ابن حميد فانه ضعيف , وهو ليس من تلاميذ مالك رحمه الله .

 

قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى بعد ان ذكر الاثر : " قُلْت وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرَّازِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ وارة وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأسدي: مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبَةَ: كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ النَّسَائِي: لَيْسَ بِثِقَةِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَقْلُوبَاتِ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَبُو مُصْعَبٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ وَفِي الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَنْ لَا تُعْرَفُ حَالُهُ. وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حميد ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إذَا أَسْنَدَ فَكَيْفَ إذَا أَرْسَلَ حِكَايَةً لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ .... " اهـ .[213]

 

قال الامام البخاري : " 167 - محمد بن حميد أبو عبد الله الرازي سمع يعقوب القمى وجريرا، فيه نظر مات سنة ثمان واربعين ومائتين " اهـ .[214]

قال الامام الذهبي : " 5449 - د ت ق / محمد بن حميد الرازي الحافظ عن يعقوب العمي وجرير وابن المبارك ضعيف لا من قبل الحفظ قال يعقوب بن شيبة كثير المناكير وقال البخاري فيه نظر وقال ابو زرعة يكذب وقال النسائي ليس بثقة وقال صالح جزرة ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني " اهـ .[215]

ولقد نقل الامام ابن عبد الهادي في الصارم المنكي مذهب مالك رحمه الله في التسليم على النبي صلى الله عليه واله وسلم , والدعاء عنده , وما هو كلام السادة المالكية في ذلك , حيث قال : "  أما مالك فقد قال القاضي عياض: وقال مالك في المبسوط: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويسلم، ولكن يسلم ويمضي .

وهذا الذي نقله القاضي عياض ذكره القاضي إسماعيل بن إسحاق في المبسوط قال: قال مالك لا أرى أن يقف الرجل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعوا ولكن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبو بكر وعمر، ثم يمضي، وقال مالك: ذلك لأن هذا هو المنقول عن ابن عمر أنه كان يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، أو يا أبتاه، ثم ينصرف ولا يقف يدعو، فرأى مالك ذلك من البدع، قال وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنوا ويسلم ولا يمس القبر بيده.

فقوله في هذه الرواية: ((إذا سلم ودعا)) قد يريد بالدعاء السلام، فإنه قال: يدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده، ويؤيد ذلك أنه قال في رواية ابن وهب يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقد يراد إنه يدعو له بلفظ الصلاة، كما ذكر في الموطأ من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر إنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر وفي رواية يحيى بن يحيى، وقد غلطه ابن عبد البر، وقالوا: إنما لفظ الرواية على ما ذكره ابن القاسم والقعني وغيرهما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم على أبي بكر وعمر.

وقال ابو الوليد الباجي: وعندي أنه يدعو النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة، ولأبي بكر وعمر لما في حديث ابن عمر من الخلاف، قال القاضي عياض: وقال في المبسوط، لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له، ولأبي بكر وعمر، فإن كان أراد بالدعاء السلام والصلاة فهو موافق لتلك الرواية، وإن كان أراد دعاء  زائد فهي رواية أخرى، وبكل حال فإنما أراد الدعاء اليسير " اهـ .[216]

فمذهب مالك رحمه الله في الدعاء لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما الصلاة عليهما , كما ذكر ائمة المالكية رحمهم الله .

فخلاصة الكلام في هذا الاثر انه لا يصح سندا , ومتنه مخالف لما جاء عن الامام مالك رحمه , وما نقله عن ابن عمر رضي الله عنه في التسليم على النبي صلى الله عليه واله وسلم والصلاة عليه .

{ قول الرجل بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم يامحمد اني اتوجه بك الى ربي فتقضي لي حاجتي }

قال الامام الطبراني : " حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عِيسَى بْنِ قَيْرَسٍ الْمِصْرِيُّ الْمُقْرِئُ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ رَجُلًا، كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ ابْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَى ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: " ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَتَقْضِي لِي حَاجَتِي وَتُذَكُرُ حَاجَتَكَ " وَرُحْ حَتَّى أَرْوَحَ مَعَكَ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ، ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، فَقَالَ: حَاجَتُكَ؟ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ وَقَضَاهَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَ السَّاعَةُ، وَقَالَ: مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَأَذْكُرُهَا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَقَالَ لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: وَاللهِ مَا كَلَّمْتُهُ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَاهُ ضَرِيرٌ فَشَكَى إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَتَصَبَّرْ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ادْعُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ» قَالَ ابْنُ حُنَيْفٍ: فَوَاللهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَطَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَطَّارُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ " اهـ .[217]

وقال في المعجم الصغير بعد ان ذكر الاثر : " لَمْ يَرْوِهِ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ وَهُوَ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنِ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأُبُلِّيِّ , وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ , وَهُوَ ثِقَةٌ تَفَرَّدَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسِ عْنِ شُعْبَةَ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهِمَ فِيهِ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ وَالصَّوَابُ: حَدِيثُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ " اهـ .[218]

وهذا الاثر لا يصح وقد بين الامام الالباني رحمه الله علته في كتاب التوسل , وقبل نقل كلام الامام الالباني اريد ان الخص ما جاء في كلام الامام الالباني رحمه الله حتى يتنبه القاريء الكريم لكلام الامام الالباني فاقول :

اولا : تصحيح الامام الطبراني للحديث لا علاقة له بالقصة الموجودة ,فهذه القصة لم يروها الامام شعبة , والمقصود برواية شعبة حديث الاعمى .

ثانيا : علة الاثر شبيب بن سعيد ابو سعيد المكي , فان رواية ابنه عنه لا باس بها اما ابن وهب الراوي عنه فقد روى عنه مناكير .

ثالثا : روايته مقبولة ان كانت من طريق يونس بن يزيد , وبشرط ان يكون الراوي عنه ابنه احمد .

رابعا : اذا جاءت رواية شبيب بن سعيد عن غير يونس بن يزيد فانها غير معتبرة حتى وان كان الراوي عنه ابنه احمد .

  قال الامام الالباني بعد ان اورد الاثر : " قلت : لا شك في صحة الحديث وإنما البحث الآن في هذه القصة التي تفرد بها شبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة في رواية ابن وهب عنه لكن تابعه عنه إسماعيل وأحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا أما إسماعيل فلا أعرفه ولم أجد من ذكره ولقد أغفلوه حتى لم يذكروه في الرواة عن أبيه بخلاف أخيه أحمد فإنه صدوق وأما أبوه شبيب فملخص كلامهم فيه أنه ثقة في حفظه ضعف إلا في رواية ابنه أحمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجة فقال الذهبي في ( الميزان ) : ( صدوق يغرب ذكره ابن عدي في ( كامله ) فقال . . . له نسخة عن يونس بن زيد مستقيمة حدث عنه ابن وهب بمناكير قال ابن المديني : كان يختلف في تجارة إلى مصر وكتابه صحيح قد كتبه عن ابنه أحمد . قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه وأرجو أنه لا يعتمد فإذا حدث عنه ابنه أحمد بأحاديث يونس فكأنه يونس آخر . يعني يجود ) فهذا الكلام يفيد أن شبيبا هذا لا بأس بحديثه بشرطين اثنين : الأول أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه والثاني أن يكون من رواية شبيب عن يونس والسبب في ذلك أنه كان عنده كتب يونس بن يزيد كما قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ) عن أبيه فهو إذا حدث من كتبه هذه أجاد وإذا حدث من حفظه وهم كما قال ابن عدي وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من ( التقريب ) : ( لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه أوهم أنه لا بأس بحديثه من رواية أحمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده أن الحافظ نفسه أشار لهذا القيد فإنه أورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري ) ثم دفع الطعن عنه - بعد أن ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه - بقوله : ( قلت : أخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس أحاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا ) . فقد أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه أحمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته آنفا وعليه يجب أن يحمل كلامه في ( التقريب ) توفيقا بين كلاميه ورفعا للتعارض بينهما .

إذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها . ثم ظهر لي فيها علة أخرى وهي الاختلاف على أحمد فيها فقد أخرج الحديث ابن السني في ( عمل اليوم والليلة ) والحاكم من ثلاثة طرق عن أحمد بن شبيب بدون القصة وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح ابن القاسم به أخرجه الحاكم وعون هذا وإن كان ضعيفا فروايته أولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي .

وخلاصة القول : إن هذه القصة ضعيفة منكرة لأمور ثلاث : ضعف حفظ المتفرد بها والاختلاف عليه فيها ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها في الحديث وأمر واحد من هذه الأمور كاف لإسقاط هذه القصة فكيف بها مجتمعة ؟  ومن عجائب التعصب واتباع الهوى أن الشيخ الغماري أورد روايات هذه القصة في ( المصباح ) من طريق البيهقي في ( الدلائل ) والطبراني ثم لم يتكلم عليها مطلقا لا تصحيحا ولا تضعيفا والسبب واضح أما التصحيح فغير ممكن صناعة وأما التضعيف فهو الحق ولكن . . .

ونحو ذلك فعل من لم يوفق في ( الإصابة ) فإنهم أوردوا الحديث بهذه القصة ثم قالوا : ( وهذا الحديث صححه الطبراني في الصغير والكبير )

وفي هذا القول على صغره جهالات :

أولا : أن الطبراني لم يصحح الحديث في ( الكبير ) بل في ( الصغير ) فقط وأنا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة لا

بالواسطة كما يفعل أولئك لقصر باعهم في هذا العلم الشريف ( ومن ورد البحر استقل السواقيا ) .

ثانيا : أن الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة بدليل قوله . وقد سبق : ( قد روى الحديث شعبة . . والحديث صحيح ) فهذا نص على أنه أراد حديث شعبة وشعبة لم يرو هذه القصة فلم يصححها إذن الطبراني فلا حجة لهم في كلامه .

ثالثا : أن عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصة لم يعلم ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه فإنه أسقط منه جملة ( اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) لأنه يفهم بسليقته العربية أن هذا القول يستلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داعيا لذلك الرجل كما كان داعيا للأعمى ولما كان هذا منفيا بالنسبة للرجل لم يذكر هذه الجملة ؟ ......................

هذا، وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الأدلة الأخرى على نكارتها وضعفها، وهي أن الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - كان لا ينظر في حاجة ذلك الرجل، ولا يلتفت إليه! فكيف يتفق هذا مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تستحي من عثمان، ومع ما عرف به - رضي الله عنه - من رفقه بالناس، وبره بهم، ولينه معهم؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه، لأنه ظلم يتنافى مع شمائله - رضي الله عنه وأرضاه " اهـ .[219]

{ ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول }

ان هذه الاية الكريمة المباركة قد نزلت في حق المنافقين الذين فعلوا مخالفات شرعية , فبين الله تعالى انهم لو جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم معترفين بذنبهم فاستغفروا الله تعالى , واستغفر لهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لوجدوا الله توابا رحيما , فالمجيء للرسول صلى الله عليه واله وسلم يكون في حياته لطلب الاستغفار لا غير .

قال الامام الطبري : " الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولَ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , الَّذِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ صَدُّوا صُدُودًا , إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِاكْتِسَابِهِمْ إِيَّاهَا الْعَظِيمَ مِنَ الْإِثْمِ فِي احْتِكَامِهِمْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَصُدُودِهِمْ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ , إِذَا دُعُوا إِلَيْهَا جَاءُوكَ يَا مُحَمَّدُ حِينَ فَعَلُو مَا فَعَلُوا مِنْ مَصِيرِهِمْ إِلَى الطَّاغُوتِ رَاضِينَ بِحُكْمِهِ دُونَ حُكْمِكَ , جَاءُوكَ تَائِبِينَ مُنِيبِينَ , فَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَصْفَحَ لَهُمْ عَنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِهِمْ بِتَغْطِيَتِهِ عَلَيْهِمْ , وَسَأَلَ لَهُمُ اللَّهَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} [النساء: 64] وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَوْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ فَتَابُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا , يَقُولُ: رَاجِعًا لَهُمْ مِمَّا يَكْرَهُونَ إِلَى مَا يُحِبُّونَ , رَحِيمًا بِهِمْ فِي تَرْكِهِ عُقُوبَتَهُمْ عَلَى ذَنْبِهِمُ الَّذِي تَابُوا مِنْهُ " اهـ .[220]

وقال الطبرسي : "  ( ولو انهم اذ ظلموا انفسهم ) بالتحاكم الى الطاغوت " اهـ .[221]

ولقد ذكر الله تعالى في القران احوال المنافقين اذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله , قال تعالى { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ( 5 ) : المنافقون } .

ومن يحتج على ان المجيء الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعد موته وسؤاله ان يستغفر له فهو على خطأ كبير .

اسئلة تتعلق بالموضوع :

1 - هل المجيء الى الرجل هو عين المجيء الى قبر الرجل ؟ .

2 - من جعل القبر فرد من افراد الرجل فيلزمه من هذا ان يجعل بيت الرجل , واهل الرجل , وقوم الرجل , وفرسه , واثاثه , وكل ما يتعلق به من افراده فيلزم من هذا دخولهم في الاية الكريمة المباركة , اي انه اذا زار بيته بعد موته فانه قد زاره الى اخره , ولا قائل به .

3 - ان مجيء الرجل للرجل يلزم منه الرؤية والتخاطب والفهم من بعضهم البعض , فهل هذا متحقق عند مجيء الرجل لقبر الرجل ؟ , لو قلنا ان الميت يرى الحي ويسمع كلامه , فهل يرى الرجل الحي الميت ويسمع كلامه ؟ .

4 - هل المجيء الى النبي بعد موته تترتب عليه جميع الاحكام المترتبة على المجيء اليه في حياته ؟ .

5 - هل انقطعت وظائف النبي صلى الله عليه واله وسلم تجاه الامة بعد موته ام لا , كالامامة في الصلاة وقيادة الامة وتعيين العمال وما شابه ذلك ؟ .

6 - هل ذم الله تعالى المذنب المتخلف عن المجيء الى رسول الله ليستغفر له ام لا ؟ من المؤكد ان الاية فيها ذم لمن يذنب فلا يذهب الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فيلزم من هذا ان ما من مذنب في الامة الا وعليه ان يذهب لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ليستغفر له , والا وقع في الذم ولا يقول بهذا القول احد , فدلت الاية الكريمة المباركة ان هذا في حال حياته صلى الله عليه واله وسلم .

7 - الاية وردت برسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاين دليلكم على الذهاب الى قبر غيره ؟ !!! .

8 – هل الحياة البرزخية مساوية لحياة الدنيا ؟ ان قلت نعم فيلزمكم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يؤدِ ما عليه من واجبات , كقيادة الامة , والامامة بالناس , والامر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والتحريض على الجهاد الى اخره مما كان يعمله وهو حي في الحياة الدنيوية , وان قلت انها لا تتساوى فقد سقط قولكم , ولا يجوز لكم الكلام في الاحكام الشرعية الا بادلة من القران والسنة .

9 - قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) : الحجرات }

ان الاسم الموصول ( الذين ) يفيد العموم , فيلزم من هذا ان كل من جاء ونادى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعد موته ان يخرج اليه كما كان حاله في حياته عندما يأتيه الناس الى بيته .

{ خدرت رجل ابن عمر فقيل له اذكر احب الخلق اليك فقال يامحمد }

قال الامام البخاري : " بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَدِرَتْ رِجْلُهُ

964 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: خَدِرَتْ رِجْلُ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اذْكُرْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ

[قال الشيخ الألباني] : ضعيف " اهـ . [222]

وفي الكلم الطيب لشيخ الاسلام ابن تيمية بتحقيق الامام الالباني : "

55 - فصل في الرجل إذا خدرت

236 - (ضعيف) عن الهيثم بن حنش قال : كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد فكأنما نشط من عقال .

237 - (موضوع) وعن مجاهد قال : خدرت رجل رجل عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له ابن عباس: اذكر أحب الناس إليك فقال: محمد صلى الله عليه وسلم فذهب خدره  " اهـ .[223]

فهذا الاثر من ناحية السند ضعيف كما قال الامام الالباني , واما ما يتعلق بالمتن فلا محذور فيه , وذلك لان الكلام فيه ذكر احب الخلق لمن خدرت رجله , وليس فيه الاستغاثة به , ولا الاستعانة , ولقد كانت العرب تستخدم لعلاج الخدر ذكر احب انسان لمن خدرت رجله , فهذا من باب العلاجات المجربة التي لا علاقة لها بالاستغاثة , او الاستعانة بالمخلوق الغائب , فيكون معنى الكلام اذكر احب الخلق اليك فيقول يامحمد انت احب الخلق الي , ولقد بين هذا الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ اجمل بيان , حيث قال : " وهذا الدواء- التجريبي- للخدر كان معروفاً عند الجاهليين قبل الإسلام جُرَّب فنفع، وليس فيه إلا ذكر المحبوب، وقيل في تفسير ذلك: إن ذكره لمحبوبه يجعل الحرارة الغريزية تتحرك في بدنه، فيجري الدم في عروقه ، فتتحرك أعصاب الرجل، فيذهب الخدر.

وجاءت الأشعار بهذا كثيرا في الجاهلية والإسلام: فمنها: قول الشاعر:

صبُّ محبُّ إذا ما رِجْلُه خَدَرت نادى (كُبَيْشَةَ) حتى يذهب الخَدَر

وقولُ الآخر:

على أنَّ رجلي لا يَزَالُ امْذِ لُها مقيماً بها حتى أُجيْلَكِ في فكري

وقال كُثَيَّر:

إذا مَذَلَتْ رجلي ذكرتُكِ اشتفي بدعواك من مَذْلٍ بها فيهون

وقال جميلُ بثينةَ:

وأنتِ لعَيْنِيْ قُرَّةٌ حين نَلْتَقِيْ وذِكْرُكِ يَشفِيْني إذا خَدَرتْ رجلي

وقالت امرأة:

إذا خدرت رجلي دعوتُ ابنَ مُصْعبٍ فإنْ قلتُ: عبدَ اللهِ أجْلَى فتورَها

وقال الموصلي:

واللهِ ما خَدَرَتْ رجلي وما عَثَرَتْ إلا ذكرتُكِ حتى يَذْهبَ الخدَرُ

وقال الوليد بن يزيد:

أثيبي هائماً كَلِفاً مُعَنَّى إذا خَدَرتْ له رجْلٌ دَعاكِ

وغير ذلك من الأشعار، أفيقال: إن هؤلاء توسلوا بمن يحبونه،من نساءٍ وغلمان، وأجيب سؤلهم، وقبلت وسيلتهم؟!! " اهـ .[224]

فلا حجة لاحد بهذا الاثر في الاستدلال به على الاستعانة , او الاستغاثة بالمخلوق الغائب .

ومن قال ان شيخ الاسلام قد ذكر هذا الاثر ولم يضعفه قلنا له لان الاثر اصلا لا يوجد فيه محذور شركي كالاستغاثة , والاستعانة بغير الله وانما هو علاج بذكر المحبوب لا اكثر , ومن القرائن الدالة على ان هذا الاثر غير محمول على الاستغاثة عند شيخ الاسلام رحمه الله ما ورد في كلامه بعدم جواز الاستغاثة بغير الله تعالى , حيث قال : " وقول القائل استغثت فلانا واستغثت به بمعنى طلبت منه الإغاثة لا بمعنى توسلت به فلا يجوز للإنسان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله " اهـ .[225]

{ دفن فاطمة بنت اسد بحق نبيك والانبياء }

قال الامام الالباني : " 23 - " الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ... " .

ضعيف .

رواه الطبراني في " الكبير " ( 24 / 351 ـ 352 ) و" الأوسط " ( 1 / 152 ـ 153 ـ الرياض ) ، ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) : حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال روح بن صلاح قال : حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما ... دعا أسامه بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود يحفرون ... فلما فرغ ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال ... فذكره ، وقال الطبراني : تفرد به روح بن صلاح .

قلت : قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 257 ) :

وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

وفي قوله : وبقية رجاله رجال الصحيح نظر رجيح ، ذلك لأن زغبة هذا ليس من رجال الصحيح ، بل لم يروله إلا النسائي ، أقول هذا مع العلم أنه في نفسه ثقة .

بقي النظر في حال روح بن صلاح وقد تفرد به كما قال الطبراني ، فقد وثقه ابن حبان والحاكم كما ذكر الهيثمي ، ولكن قد ضعفه من قولهم أرجح من قولهما لأمرين : الأول : أنه جرح والجرح مقدم على التعديل بشرطه .

والآخر : أن ابن حبان متساهل في التوثيق فإنه كثيرا ما يوثق المجهولين حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو ولا من أبوه ؟ كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى ولوكان الجرح مبهما لم يذكر له سبب ، فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح هذا ؟ ! فقد ضعفه ابن عدي ( 3 / 1005 ) ، وقال ابن يونس : رويت عنه مناكير ، وقال الدارقطني : ضعيف في الحديث ، وقال ابن ماكولا : ضعفوه ، وقال ابن عدي بعد أن خرج له حديثين :

وفي بعض حديثه نكرة .

فأنت ترى أئمة الجرح قد اتفقت عباراتهم على تضعيف هذا الرجل ، وبينوا أن السبب روايته المناكير ، فمثله إذا تفرد بالحديث يكون منكرا لا يحتج به ، فلا يغتر بعد هذا بتوثيق من سبق ذكره إلا جاهل أو مغرض.... " اهـ .[226]

{ اثر تبرك الشافعي بأبي حنيفة }

قال الامام ابو بكر الخطيب : " أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد الله الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الصيمري، قَالَ: أَخبرنا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مكرم بْن أَحْمَد، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن ميمون، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إِلَى قبره في كل يوم، يَعْنِي زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إِلَى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى " اهـ .[227]

قال الامام الالباني في رده على الكوثري بعد ان اورد هذا الاثر : " فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، ويحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسى وقد ترجمه الخطيب ( 12 / 226 ) وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة ( 341 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة ( 247 ) على أكثر الأقوال ، فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه .

وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال ( ص 165 ) : هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل ، فالشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا ، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء ، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده ؟ ! ثم ( إن ) أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره ، ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها ، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه ، وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف " اهـ .[228]

 

ولقد كذَّب الامام ابن القيم هذا الاثر في اغاثة اللهفان حيث قال : " والحكاية المنقولة عن الشافعى أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبى حنيفة، من الكذب الظاهر " اهـ .[229]

ولقد نقل الامام النووي عن الامام الشافعي رحمه الله كراهية تعظيم المخلوق حتى يكون قبره مسجدا , حيث قال : " قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُعَظَّمَ مَخْلُوقٌ حَتَّى يُجْعَلَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ النَّاسِ " اهـ .[230]

فالامام الشافعي يخاف من جعل قبر الميت مسجدا خوف التعظيم , فكيف يعظم القبر بهذا الشكل الوارد في هذه القصة المكذوبة ؟ !!! .

ولقد قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى بأن البناء على القبور في عهده كان مستنكرا من العلماء حيث قال : " (قَالَ الرَّاوِي) : عَنْ طَاوُسٍ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبْنَى الْقُبُورُ أَوْ تُجَصَّصَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَقَدْ رَأَيْت مِنْ الْوُلَاةِ مَنْ يَهْدِمَ بِمَكَّةَ مَا يُبْنَى فِيهَا فَلَمْ أَرَ الْفُقَهَاءَ يَعِيبُونَ ذَلِكَ " اهـ .[231]

فالبناء على القبور اصلا امر مستنكر عند علماء الامة كما صرح الامام الشافعي , وكل ذلك خشية التعظيم والتعلق بها , فكيف يواظب الشافعي على زيارة قبر ابي حنيفة رحمه الله كل يوم ؟ !!! .

 

{ الفصل الخامس }

{ الامامة }

{ تعريف الامامة عند الامامية }

قال الطوسي : " الإمامة : رئاسة عامة دينية مشتملة على ترغيب عموم الناس في حفظ مصالحهم الدينية والدنياوية وزجرهم عما يضرهم بحسبها " اهـ .[232]

وقال الحلي : "  الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهي واجبة عقلا  " اهـ .[233]

لقد جعل الحلي وجوب الامامة عقلي , فيلزم من كلامه هذا ان اي وجوب في الشرع فانما هو تحصيل حاصل , وان الشرع مسبوق بالعقل .

 

 

{ الامامة واجبة عقلا }

ولقد عد علماء الامامية الامامة كأصل من اصول الدين وان الايمان لا ينعقد الا بها , حيث قال المظفر : "  نعتقد: أنّ الامامة أصل من اُصول الدين لا يتم الاِيمان إلاّ بالاعتقاد بها، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والاَهل والمربّين مهما عظموا وكبروا، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوّة " اهـ .[234]

وقال الحلي : " أن الإمامة من أركان الدين وأصوله " اهـ .[235]

وقال البحراني : "  وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين " اهـ .[236]

فالامامة عند الامامية من اصول الدين , ولا يصح ايمان احد الا اذا آمن بهذه الامامة التي يعتقدون بها اما اذا لم يؤمن بها العبد فلا يُعد مؤمنا عند الامامية , ومع الاهمية الكبرى لتعيين الائمة عند الرافضة فلا نجد ولو نصا قرانيا واحدا يتعلق بامامة هؤلاء الائمة على الوجه الذي يعتقد به الامامية , واما ما ورد في سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم , فلا يوجد اي نقل صحيح عن النبي صلى الله عليه واله وسلم يبين فيه تعيين هؤلاء الائمة , وما يدعيه الامامية من نصوص نبوية فاننا نراهم قد انفردوا بها كما انفردوا بروايات وصلت حد التواتر عن ائمة اهل البيت بتحريف القران والعياذ بالله تعالى , ومع تفردهم بهذه الروايات فقد صرح البهبودي كما سيأتي بان هذه الروايات مصنوعة في عصر الغيبة أي انها مكذوبة سواء عن النبي صلى الله عليه واله وسلم , او عن ائمة اهل البيت رضي الله عنهم , فمع عدم ورود نصوص شرعية تبين تعيين هؤلاء الائمة نرى الامامية يُخرجون باقي فرق المسلمين من الايمان والعياذ بالله تعالى , وذلك لانهم لا يؤمنون بهؤلاء الائمة كما يؤمن بهم الامامية .

{ غير الامامية ليسوا بمؤمنين }

 قال الشهيد الاول : " والمؤمنون والإمامية واحد ، وهم القائلون بإمامة الاثني عشر وعصمتهم عليهم السلام والمعتقدون لها " اهـ .[237] .

وقال البحراني : " والذي دلت عليه الأخبار كما تقدمت الإشارة إليه أن الايمان لا يصدق على غير الإمامية ، وإلا لزم دخول غيرهم الجنة ، ولا قائل به " اهـ .[238] .

لقد صرح البحراني بعدم دخول غير الامامي في الايمان , وجعل الايمان شرط لدخول الجنة , واستبعد المخالفين منه .

وقال الميرزا القمي : " يجب في الجمعة الجماعة بالإجماع والأخبار ، ويشترط في الإمام أمور ، نذكر جملة منها في مبحث الجماعات ، ومنها : الإيمان ، والعدالة ، وطهارة المولد . أما الإيمان - أي كونه إماميا ، اثني عشريا - فاعتباره إجماعي أصحابنا ، ويدل عليه ما دل على بطلان صلاة المخالف ، وأنه يجب القراءة خلفهم مع عدم الخوف ، والتمكن من ذلك " اهـ .[239]

لقد جعل القمي الايمان اي كونه اماميا شرطا لتصحيح الامامة في الصلاة , وصرح ببطلان عبادة المخالفين , وذلك لانهم غير مؤمنين .

وقال الخوئي : " حرمة الغيبة مشروطة بالايمان : قوله : ثم إن ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن . أقول : المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمة  الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، أولهم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وآخرهم القائم الحجة المنتظر عجل الله فرجه وجعلنا من أعوانه وأنصاره ، ومن أنكر واحدا منهم جازت غيبته " اهـ .[240]

لقد جعل الخوئي حرمة الغيبة محصورة بالامامي فقط دون غيره , واما غير الامامي فغيبته جائزة , وهذا هو الضلال بعينه , والاستباحة لحرمة المسلمين من اطلاق العنان للرافضة من غيبة المسلمين , علما ان الرافضة من اسوء الناس طعنا بالغير بحيث انك تجد عندهم من الاساءة , والطعونات ما يستعظمه اي انسان حتى ولو لم يكن مسلما , وذلك لانهم قد تشبعوا بالاحقاد , والكره للمسلمين .

وفي صراط النجاة : " سؤال 1375 : لقب المؤمن خاص لشيعة أهل البيت عليهم السلام هل يقال للشيعي مؤمن حتى لو ترك الواجبات ، كالصلاة مثلا ؟ الخوئي : نعم يقال له مؤمن  " اهـ .[241]

ان هذه النقولات صريحة تحصر لفظ الايمان بالاثنى عشرية فقط دون غيرهم , وكل هذا يتعلق بالايمان بإمامة الائمة الاثنى عشر كما جاء في النصوص المنقولة من كتب الرافضة , ولولا الاطالة لنقلت اضعاف هذه النقولات , ومن اجل هذه الامامة ابطلوا عبادات المخالفين لهم , وحكموا عليهم بعدم الايمان , ولهذا نراهم يعدون الامامة من اصول الدين لا من اصول المذهب فقط  , فمن قال من الامامية ان الامامة من اصول المذهب وليس من اصول الدين فكلامه مردود بما ذكرت من تصريح علماء الامامية , ومن المعلوم ان هناك فرق بين من جعل الامامة اصل من اصول المذهب , او اصل من اصول الدين , وذلك لانهم اذا جعلوها اصلا من اصول الدين فانهم يؤثمون الامة , ويحكمون عليهم بالاحكام الشديدة , وهذا الذي فعله الامامية مع مخالفيهم , فانهم قد حكموا بكفرهم , وعدم قبول اعمالهم ,  قال البحراني : " وقال المفيد ( عطر الله مرقده ) في المقنعة : " ولا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه وإلا أن تدعو ضرورة إلى ذلك من جهة التقية " واستدل له الشيخ في التهذيب بأن المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكافر إلا ما خرج بدليل وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالفين أيضا غير جائز ، ثم قال : والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز اجماع الإمامية لأنه لا خلاف بينهم في أن ذلك محظور في الشريعة . أقول : وهذا القول عندي هو الحق الحقيق بالاتباع لاستفاضة الأخبار بكفر المخالفين وشركهم ونصبهم ونجاستهم كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب وما يترتب عليه من المطالب . وممن اختار هذا القول ابن البراج أيضا على ما نقل عنه " اهـ .[242]

وقال محمد العاملي : " الإيمان ، والمراد به هنا : الإقرار بالأصول الخمسة على وجه يعد إماميا . ولا خلاف في اعتبار ذلك ، لعموم الأدلة الدالة على بطلان عبادة المخالف " اهـ .[243]

 ( وقد بينت في كتابي التطرف الفكري عند الشيعة الامامية الاثنى عشرية الادلة الكثيرة على ذلك , فمن شاء فليرجع اليه , فانه مفيد بإذن الله تعالى  ) .

{ الامامة هي الفارق الرئيسي بين الامامية وباقي فرق المسلمين }

ان الفارق الرئيسي بين الامامية , وبين من خالفهم هو موضوع الامامة كما صرح بذلك جعفر السبحاني , حيث قال : " لعلك تقول : لماذا افترقت السنة عن الشيعة ؟ وما هي أسباب ذلك ؟ فنقول : إن الفارق الأساسي إنما هو موضوع الإمامة ، فإن الخلافة الإسلامية عند الشيعة منصب إلهي خطير لا يقوم به إلا الأمثل فالأمثل من الأمة ، وليس تشخيص ذلك إلا لله ولرسوله من بعده ، فلأجله ذهبت الشيعة إلى أن الإمامة كالنبوة لا تنعقد إلا بتنصيص وتعيين من الله " اهـ .[244]

{ روايات الامامة في القوة تعادل روايات التحريف }

مع كل التطرف عند الامامية في الحكم على من خالفهم , فاننا نجد ان ادلة الامامة التي رواها الامامية عن طريق اهل البيت بالتواتر كما يزعمون بنفس قوة التواتر الذي نقلوه عن اهل البيت في تحريف القران الكريم , ويكفي هذا الشيء لوحده في اسقاط اي تواتر يدعيه الامامية عن اهل ائمة اهل البيت رضي الله عنهم , فكيف نثق بأي تواتر عند الامامية , وقد جاء التصريح عندهم بتواتر النصوص على تحريف القران ؟ !!! , قال المجلسي : " و لا يخفى أن هذا الخبر و كثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن و تغييره، و عندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، و طرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسا بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر " اهـ .[245]

وقد نقلت تصريح علماء الامامية , واعترافهم بتواتر روايات تحريف القران في فصل تحريف القران في نفس الكتاب فارجع اليه , فانه مهم جدا .

فاذا كان التواتر المنقول عند الرافضة عن الائمة ساقط عند الاستدلال به , وغير معتبر , فكيف نثق بنقولاتهم ؟ !!! , كيف يوثق بأُناس يدعون تواتر تحريف القران عن ائمة اهل البيت رضي الله عنهم , ان الزاجب على الامة محاسبة هؤلاء الرافضة لاسائتهم لائمة اهل البيت والكذب عليهم .

{ الامامة لطف }

ان من ضمن ما يعتقده الامامية في موضوع الامامة موضوع اللطف , وخلاصة معنى اللطف بانه فعل ما يقرب من الطاعة , ويبعد عن المعصية , فيجعل الامامية اللطف واجب على الله تعالى عقلا , قال محسن الامين : " أما الدليل العقلي فهو حكم العقل بوجوب اللطف على الله تعالى وهو فعل ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية ويوجب إزاحة العلة وقطع المعذرة بدون أن يصل إلى حد الاجبار لئلا يكون لله على الناس حجة وتكون له الحجة البالغة فالعقل حاكم بوجوب إرسال الرسل وبعثة الأنبياء ليبنوا للناس ما أراد الله منهم من التكاليف المقربة من الخير والمبعدة عن الشر ويحكموا بينهم بالعدل وأن يكونوا معصومين من الذنوب منزهين عن القبائح والعيوب لتقبل أقوالهم ويؤمن منهم الكذب والتحريف وكما يجب إرسال الرسل من قبل الله تعالى يجب نصب أوصياء لهم يقومون مقامهم في حفظ الشريعة وتأديتها إلى الناس ونفي التحريف والتبديل عنها والحكم بين الناس بالعدل وإنصاف المظلوم من الظالم ويجب عصمتهم عما عصم منه الأنبياء للدليل الذي دل على عصمة الأنبياء بعينه " اهـ .[246]

قال ابو القاسم الحلي : " واعلم أن الإمامة رئاسة عامة لشخص من الأشخاص في الدين والدنيا بحق الأصالة . وهي واجبة على الله تعالى في كل زمان ، لأن المكلف مع وجود الإمام أقرب إلى الطاعة وأبعد من المعصية ، وكل ما قرب من الطاعة كان لطفا ، ففعله على الله واجب " اهـ .[247]

وقال المرعشي : " ذهب الإمامية إلى أن الأئمة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن  جميع القبائح والفواحش من الصغر إلى الموت عمدا وسهوا ، لأنهم حفظة الشرع والقوامون به ، حالهم في ذلك كحال النبي ( ص ) ، ولأن الحاجة إلى الإمام إنما هي للانتصاف من المظلوم عن الظالم ورفع الفساد وحسم مادة الفتن ، وأن الإمام لطف بمنع القاهر من التعدي ويحمل الناس على فعل الطاعات واجتناب المحرمات ويقيم الحدود والفرائض ويؤاخذ الفساق ويعزر من يستحق التعزير " اهـ .[248]

{ اللطف واجب على الله تعالى عند الامامية }

ان الامامية يوجبون اللطف على الله تعالى , قال المفيد : "  اللطف الواجب على الله تعالى في الامام هو نصبه وتكليفه بالامامة، والله تعالى قد فعل ذلك فلم يكن مخلا بالواجب وانما الاخلال بالواجب من قبل  الرعية " اهـ .[249]

وقال ابن المطهر الحلي : " والتحقيق أن نقول : لطف الإمامة يتم بأمور : ( منها ) ما يجب على الله تعالى وهو خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلم والنص عليه باسمه ونسبه ، وهذا قد فعله الله تعالى . ( ومنها ) ما يجب على الإمام وهو تحمله للإمامة وقبوله لها ، وهذا قد فعله الإمام . ( ومنها ) ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول أوامره وامتثال قوله ، وهذا لم تفعله الرعية فكان منع اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الإمام " اهـ .[250]  .

وقال ايضا : " وإنما لطف الإمام يحصل ويتم بأمور، منها: خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلوم والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا يجب عليه تعالى وقد فعله " اهـ .[251]

وقال الشريف المرتضى : " أن الواجب على الله تعالى أن يوجب العلم به، ويمكن منه، فإن فرط المكلف بالعلم به لم يكن معذورا وإن أخرج نفسه من الانتفاع به، والتمكن من لقائه بأمر يتمكن من إزالته لم يكن أيضا معذورا، ولا سقطت الحجة عنه " اهـ .[252]

وقال جعفر بن الحسن الحلي : " قد عرفت أن نصب الرئاسة واجب في كل زمان لكونها لطفا ، وفعل اللطف واجب على الله تعالى " اهـ .[253]

وقال السيوري في قاعدة نفي الضرر : " قاعدة : نفي الضرر ، وحاصلها الرجوع إلى تحصيل المنافع أو تقريرها لدفع المفاسد أو احتمال أخف المفسدتين . وفروعها كثيرة ، حتى أن القاعدة الأولى لكاد تداخل هذه القاعدة : فمنها وجود تمكين الامام لينتفي به الظلم ويقاتل به المشركين وأعداء الدين " اهـ .[254]

{ نقد القول باللطف ووجوبه على الله تعالى }

ان النقولات التي اوردتها من كتب الامامية فيها عدة مخالفات شرعية , ومغالطات , وبعضه خلاف الواقع الشيعي نفسه في عصر الائمة فضلا عن واقع غيرهم , وتتلخص هذه المخالفات , والمغالطات في النقاط الاتية :

1 – الوجوب على الله تعالى . 2 – معرفة الامام . 3 – تمكين الامام . 4 – حاجة الخلق للامام لتقوم حجة الله تعالى به . 5 – فعل ما يقرب من الطاعة , ويبعد من المعصية . 6 – حفظ الشريعة من التبديل , والتحريف بوجود الامام .

اولا - الوجوب على الله تعالى :

ان من اوجب على الله شيئا فقد اساء الادب مع الله , وتجاوز حدوده مع خالقه , وذلك لان الله تعالى لا يسأل عن فعله كما قال تعالى : { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) : الانبياء } , والله تعالى حكيم في افعاله , ولا يجوز ان يعقب على حكمه احد من خلقه ,كما قال سبحانه : { وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) : الرعد } , والله تعالى يفعل ما يريد : { إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) : الحج } , ويفعل ما يشاء : {  إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) : الحج } ولا مجبر لله على فعله , ومشيئته , جل وعلا , وتنزه عن ذلك , ومن اوجب على الله تعالى شيئا فهذا يدل على قلة معرفته بالله تعالى : {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (67) : الزمر } , قال العلامة الالوسي : " اعلم أن الشيعة يعتقدون أن بعث الأنبياء واجب على الله تعالى. ولا يليق ذلك بمرتبة الربوبية والألوهية، فإن الله هو الحاكم الموجب على عباده، فمن يحكم عليه بوجوب شيء؟ نعم تكليف العباد وبعثة الأنبياء واقع حتما ولكن بمحض فضله وكرمه، بحيث لو لم يفعل ذلك لم يكن لهم مجال شكاية، فإذا فعل فهو عين فضله ومحض رحمته، وهذا هو مذهب أهل السنة. ولو كان بعث الأنبياء واجبا عليه تعالى لم يمتن ببعثهم في كثير من الآيات، قال تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} وقال تعالى {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} الآية وغيرها من الأيات. وظاهر أنه ليس في أداء الواجب منه. وأيضا لو كان واجبا لما سأله إبراهيم وطلب منه البعث في ذريته وبناء على كونهم مكلفين ووجوب تكليفهم قال: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} الآية لأن الدعاء بما هو واجب الوقوع لغو لا معنى له، والأنبياء منزهون عن اللغو " اهـ .[255]

واما ما اوجبه الله تعالى على نفسه , فهو منة منه , وتكرما , وتفضلا على عباده , قال الله تعالى : { قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (12) : الانعام } , وقوله تعالى : { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (54) : الانعام } , وفي صحيح الامام مسلم من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي " اهـ .[256]

وقال محمد تقي المجلسي : " و في الصحيح، عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله عز و جل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه و أوحى إليه: إن قل لقومك .........

و قل لهم: إن رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي ..." اهـ .[257]

فلا يجوز لاحد ان يجعل نفسه مساويا لله تعالى في ايجاب شيء على الله تعالى , وذلك لانه يلزم من هذا ان يتساوى المخلوق مع خالقه والعياذ بالله تعالى , ولا يتجرأ على هذا مسلم موحد , بأن يجعل نفسه , او اي مخلوق مساويا لله تعالى في احكامه , قال امام الحرمين الجويني : " وَالْقَدِيمُ - تَعَالَى - لَا يَلْحَقُهُ نَفْعٌ، وَلَا يَنَالُهُ ضَرَرٌ يُعَارِضُهُ دَفْعٌ، فَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ زَلَلٌ، فَهُوَ الْمُوجِبُ بِأَمْرِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ " اهـ .[258]

ثانيا معرفة الامام :

لقد جعل الامامية معرفة الامام من اللطف الواجب على الله تعالى , والغريب في الامر ان هناك الكثير من كبار الشيعة في عصر الائمة لم يعرفوا هؤلاء الائمة , ومنهم على سبيل المثال زرارة بن اعين , وقد اعترف الخوئي ان زرارة مات , ولم يعرف امام زمانه , وانه كان يبحث , فأقول اين اللطف في معرفة الامام  لاحد كبار علماء الامامية من اصحاب الائمة وهو زرارة ؟ !!! , قال الخوئي : " لان الواجب على كل مكلف أن يعرف إمام زمانه ولا يجب عليه معرفة الامام من بعده ، وإذا توفي إمام زمانه فالواجب عليه الفحص عن الامام ، فإذا مات في زمان الفحص فهو معذور في أمره ويكفيه الالتزام بامامة من عينه الله تعالى ، وإن لم يعرفه بشخصه . وعلى ذلك فلا حرج على زرارة ، حيث كان يعرف إمام زمانه ، وهو الصادق عليه السلام ، ولم يكن يجب عليه معرفة الامام من بعده في زمانه ، فلما توفي الصادق عليه السلام ، قام بالفحص فأدركه الموت مهاجرا إلى الله ورسوله " اهـ .[259]

فقد اقر الخوئي على زرارة بعدم معرفته للامام في عصره , وقد حاول ان يُخرجه من المأزق , ولكن انى له هذا الخروج من هذا المأزق الفاضح الكبير , والامامية يدَّعون ورود الروايات المتواترة الكثيرة على تسمية الائمة , فأين غابت , وذهبت هذه الروايات عن مثل زرارة بن اعين ؟ !!! . اذا كان زرارة معذورا في معرفة الامام , فلماذا لم يعذر الامامية باقي الامة ؟ !!! .

وممن لم يعرف الامام , بل انكر كل الائمة بعد الامام موسى بن جعفر احد كبار الرواة الثقات عند الامامية وهو حنان بن سدير الواقفي , ومن مكانة هذا الواقفي الذي وقف على امامة موسى بن جعفر , وانكر امامة الرضا ومن بعده من الائمة مع كل هذا نرى الطوسي يوثقه , ويترحم عليه رغم تصريحه واعترافه بوقفه , فأين لطف الله تعالى لحنان بن سدير في معرفة الامام ؟ !!! , قال الطوسي : " حنان بن سدير الصيرفي ، واقفي " اهـ .[260]

وقال : " 6 - حنان بن سدير. له كتاب - وهو ثقة رحمه الله - روينا كتابه بالاسناد الاول عن ابن ابي عمير، عن الحسن بن محبوب، عنه " اهـ .[261]

فحنان بن سدير من اصحاب الائمة , وثقات الامامية , وقد ترحم عليه الطوسي , ومع ذلك هو واقفي قد وقف على امامة موسى بن جعفر , وانكر امامة من بعده من الائمة , فأين اللطف في معرفة الامام لحنان هذا ؟ !!! .

ومنهم عبد الله بن بكير الفطحي مات وهو يعتقد بامامة عبد الله الافطح , فاين لطف الله تعالى لعبد الله بن بكير في معرفة الامام ؟ !!! , قال الخوئي في ترجمة عبد الله بن بكير الفطحي : " بقي أمران: الاول: أنك قد عرفت توثيق عبد الله بن بكير من الشيخ، والمفيد، وعلي ابن إبراهيم، وعد الكشي إياه من أصحاب الاجماع، فلا ينبغي الاشكال في وثاقته وإن كان فطحيا. وأما ما ذكره الشيخ في الاستبصار فلا ينافي الحكم بوثاقته، غايته أن الشيخ احتمل كذب عبد الله بن بكير في هذه الرواية بخصوصها نصرة لرأيه، ومن المعلوم أن احتمال الكذب لخصوصية في مورد خاص لا ينافي وثاقة الراوي " اهـ .[262]

وهناك الكثير جدا من الشيعة المعاصرين للائمة ممن لم يعرفوا من هم الائمة , وفي كل هذا دلالة على ان الواقع شيء , وما يتكلم به الرافضة من نظريات شيء اخر . ومن شاء الاستزادة من هؤلاء الرواة فليرجع الى فصل رواة الحديث في الكتاب .

ومن وجه اخر اقول فيما يتعلق بمعرفة الامام , وعدم الاخلال بذلك , هل  اخل الله تعالى بهذا الواجب مع المجنون , فان قلتم ان المجنون غير مكلف , فاقول هل عندكم من دليل على القطع بالجنة للمجنون , فان قلتم نعم , فقد جعلتم الجنون للانسان في نجاته من معرفة الامام , وطاعته , اذ قطعتم بالجنة للمجنون من غير تكليف , فكان الاولى ان يكون الجنون هو اللطف , وان قلتم لا توجد ادلة على القطع بالجنة له فيكون سؤالنا لكم هل اخل الله تعالى بواجب اللطف مع هذا المجنون , وان قلتم لا يعذبه لانه غير مكلف , قلنا لكم ماذا يفعل معه , فان قلتم يمتحنه يوم القيامة , وعلى ضوء هذا الامتحان يتحدد مصيره الى الجنة , او الى النار , قلنا لكم فدخول الجنة اذن لا يلزم منه معرفة الامام , ولا يجب على الله تعالى اي شيء لا لطف ولا غيره .

بل اقول اين لطف الله تعالى بالناس منذ غيبة الامام الثاني عشر الى الان ؟ !!! , وقد اعترف احد علماء الامامية بان الامام الثاني عشر لم يتحقق فيه اللطف , وصرح بأن القائل بالانتفاع من الامام الثاني عشر في المسائل الدينية فهو مسلوب العقل , قال محمد آصف محسني : " ومعنى كون الغائب إماماً لنا في الشريعة: أنه لو ظهر وأمر بشيء أو أخبر عن حكم يجب علينا قبوله واتباع أمره والرجوع إليه في كل شيء لا نعلم حكمه عجل الله تعالى فرجه.

ولا يمكن القول بانتفاعنا منه عليه السلام في زمن الغيبة في الأمور الدينية إلا

ممن سلب الله عقله.

وأما قول المحقق الطوسي (قده) في تجريده ومن تبعه من أن وجوده

لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا فهو ليس بشيء كما يظهر بعض ما فيه من كلام الشيخ الذي نقله المؤلف في آخر الباب وتحقيق المقام في كتابنا: (صراط الحق) وغيره " اهـ .[263]

ثالثا تمكين الامام :

اين تمكين الامام في الامة , واربعة من الائمة قبل الباقر لم تستفد منهم الامة في معرفة حلال , ولا حرام , ولا مناسك حج , بل ان الشيعة , وخواصهم لم يعرفوا اي شيء في حلال , او حرام , او مناسك الحج , قال الكليني : " 6 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُهُ وَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ عَمَلَهُ وَ مَنْ عَرَفَهَا وَ عَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَهُ دِينُهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ عَمَلَهُ وَ لَمْ يَضِقْ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِ شَيْءٍ مِنَ الْأُمُورِ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .............ثُمَّ كَانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ وَ كَانَتِ الشِّيعَةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفَتَحَ لَهُمْ وَ بَيَّنَ لَهُمْ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّاسِ وَ هَكَذَا يَكُونُ الْأَمْرُ وَ الْأَرْضُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَ مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ إِذْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَ انْقَطَعَتْ عَنْكَ الدُّنْيَا تَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ عَلَى أَمْرٍ حَسَنٍ .

أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مِثْلَهُ " اهـ .[264]

فالرواية دالة على ان اربعة من الائمة لم يستفد منهم الشيعة فضلا عن غيرهم في الامور المتعلقة بالحلال , والحرام , والمناسك , فأين هذا اللطف الذي يدعيه الرافضة ؟ !!! . , ومن الممكن ان يقول الرافضة ان المقصود بقوله قبل ابي جعفر اي في عهد زين العابدين فقط , فنقول لهم ان السياق واضح في ان عدم نشر زين العابدين والحسين وعلي رضي الله عنهم اي شيء من علم الحلال , والحرام عند الشيعة فضلا عن الامة , ومن القرائن الدالة على ذلك ما جاء في الكافي : "  8 -  مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) عَمَّا يَرْوِي النَّاسُ عَنْ عَلِيٍّ ( عليه السلام ) فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفُرُوجِ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ بِهَا وَ لَا يَنْهَى عَنْهَا إِلَّا أَنَّهُ يَنْهَى عَنْهَا نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ قَدْ أَحَلَّتْهَا آيَةٌ وَ حَرَّمَتْهَا آيَةٌ أُخْرَى قُلْتُ فَهَلْ يَصِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا قَدْ نَسَخَتِ الْأُخْرَى أَوْ هُمَا مُحْكَمَتَانِ جَمِيعاً أَوْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِمَا فَقَالَ قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ إِذْ نَهَى نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ قُلْتُ مَا مَنَعَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ فَقَالَ خَشِيَ أَنْ لَا يُطَاعَ وَ لَوْ أَنَّ عَلِيّاً ( عليه السلام ) ثَبَتَتْ لَهُ قَدَمَاهُ أَقَامَ كِتَابَ اللَّهِ وَ الْحَقَّ كُلَّهُ  " اهـ .[265]

فهذه الرواية واضحة كل الوضوح بعدم تبيين علي رضي الله عنه للناس حكم من احكام الحلال , والحرام , ولو سلمنا من باب الجدل فنقول يبقى الاشكال قائم في زمن زين العابدين , فأين التمكين له , وقيامه بالواجب الشرعي والشيعة فضلا عن غيرهم لم يأخذوا منه امور الحلال , والحرام , ومناسك الحج ؟ !!! .

ثم اقول أين التمكين للائمة , وروايات الشيعة عن الائمة طافحة بالتقية , التي تجعل الامام يكتم شرع الله تعالى , ولا يبلغ الاحكام الالهية التي تقوم بها حجة الله تعالى , على العباد , والادهى والامر من كل ذلك ان كبار علماء الامامية لا يعرفون الضابط الذي يحكمون من خلاله على الروايات على حسب مورد التقية , او لا , ولقد صرح بهذا احد كبارهم واعترف بأن الكليني صاحب اشهر كتاب روائي عند الامامية لا يعرف كيف يفرق بين الروايات من ناحية التقية وغيرها ومن قوة اختلاط الامر عليه لجأ الى التسليم في تعارض الروايات ولم يستطع ان يميز بين التقية , وغير التقية , قال البحراني : " فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج أخباره بأخبار التقية، كما اعترف بذلك ثقة الإسلام وعلم الأعلام محمد بن يعقوب الكليني نور الله مرقده في جامعه الكافي، حتى أنه قدس سره تخطى العمل بالترجيحات المروية عند تعارض الأخبار، والتجأ إلى مجرد الرد والتسليم للائمة الأبرار " اهـ .[266]

بل اقول اين التمكين والامام الثاني عشر خائف على نفسه , ومستتر , بحيث لا يعرف له عين , ولا اثر , ولا يستطيع احد ان يصل اليه , فيأخذ من اي مسألة دينية , وقد نقلت كلام محمد آصف محسني بأن القائل بالاستفادة في المسائل الدينية من الامام الثاني عشر فهو مسلوب العقل , فالامام الثاني عشر خائف على نفسه من القتل ولا يستطيع الظهور , ولا ادري لماذا هو خائف وفي عصرنا الحاضر يدعي الرافضة بأن عددهم كثير , وهم قوة لا يستهان بها , ويستطيعون مواجهة الدول الكبرى , فلا ادري لماذا يبقى الامام الثاني عشر خائفا , ومختفيا مع وجود هذه القوة للرافضة كما يدعون ؟ !.

قال الكليني : " 18 - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن عيسى، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل " اهـ .[267]

وقال الطوسي : " لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار " اهـ .[268]

رابعا حاجة الخلق للامام لتقوم حجة الله تعالى به :

من زعم ان الناس محتاجون الى امام فزعمه باطل , ومخالف للقران , والسنة , بل ان الناس محتاجون الى الانبياء صلوات الله عليهم في تبليغ الدين واقامة الحجة , فمن خلال الانبياء صلوات الله عليهم تُعرف الاحكام الالهية , والقوانين السماوية التي تُخرج الناس من الظلمات الى النور باذن الله تعالى, وبعد موتهم صلوات الله تعالى عليهم تقوم الحجة بمناهجهم التي يحملها العلماء , ويقومون باعباء الدعوة الى الله تعالى , قال الله تعالى : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ( 165 ) : النساء } , وقوله تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( 15 ) : الإسراء } , وقوله تعالى : { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ( 6 ) : الأعراف } , وقوله تعالى {  وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ( 122 ) : التوبة  } وفي سنن الترمذي بسند صحيح كما قال العلامة الالباني من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال  : " إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ " اهـ .[269]

واما ما ورد في كتب الامامية , فقد قال النراقي : " صحيحة أبي البختري عن الصادق عليه السلام ، قال : ( إن العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك أنهم لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وأنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا ) " اهـ .[270]

ومما يدل على ان حجة الله تعالى تقوم بالانبياء صلوات الله عليه تأصيلا ما جاء في كتاب التوحيد للصدوق وغيره : " 4 -  حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا كان يوم القيامة احتج الله عز وجل على سبعة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي وهو لا يعقل ، والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم ، والأبكم ، فكل واحد منهم يحتج على الله عز وجل  قال : فيبعث الله عز وجل إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا  و يقول : إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها  فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ومن عصى سيق إلى النار " اهـ .[271]

فلو كان الائمة , او الاوصياء حجة , وان الارض لا تخلو منهم فلماذا يحتج من مات بين نبيين على الله تعالى بأن الحجة لم تقم عليه فيقبل الله تعالى حجته ؟ !.

وقال المجلسي : " 68 - كتاب زيد النرسي،  عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: كانت الدنيا قط منذ كانت وليس في الأرض حجة ؟ قال: قد كانت الأرض وليس فيها رسول ولا نبي ولا حجة وذلك بين آدم ونوح في الفترة، ولو سألت هؤلاء عن هذا لقالوا: لن تخلو الأرض من الحجة - وكذبوا - إنما ذلك شيء بدا لله عزوجل فيه فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وقد كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه واله فترة من الزمان لم يكن في الأرض نبي ولا رسول ولا عالم فبعث الله محمدا صلى الله عليه واله بشيرا ونذيرا وداعيا إليه " اهـ .[272]

قال امام الحرمين الجويني : " ثُمَّ الْأَدْيَانُ وَالْمِلَلُ، وَالشَّرَائِعُ وَالنِّحَلُ، أَحْوَجُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، الْمُؤَيَّدِينَ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، مِنْهَا إِلَى الْأَئِمَّةِ، فَإِذَا

جَازَ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنِ النَّبِيِّ، وَهُوَ مُعْتَصَمُ دِينِ الْأُمَّةِ، فَلَا بُعْدَ فِي خُلُوِّهِ عَنِ الْأَئِمَّةِ " اهـ .[273]

فالقول بان الناس بحاجة الى ائمة وفق الفهم الامامي باطل , ومردود بالكتاب , والسنة , بل ان روايات الامامية بنفسها شاهدة على بطلان كلام علماء الامامية , فالحجة تقوم بالانبياء صلوات الله عليهم , وبمن يحمل مناهج الانبياء ويبلغها للناس , ومن ابطل الادلة على معتقد الرافضة بهذا الباب هو عدم وجود اي امام في الامة منذ مئات السنين , وأي فائدة تعود على الخلق من شخص قد غاب , ولم يعرف الناس له عين , ولا اثر , قال شيخ الاسلام : "  فَالْمُؤْمِنُونَ بِالْمُنْتَظَرِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا حَصَلَ لَهُمْ بِهِ لُطْفٌ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مَعَ كَوْنِهِمْ يُحِبُّونَهُ، وَيُوَالُونَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لُطْفٌ ، وَلَا مَصْلَحَةٌ لَا لِمَنْ أَقَرَّ بِإِمَامَتِهِ، وَلَا لِمَنْ جَحَدَهَا.

فَبَطَلَ مَا يَذْكُرُونَ أَنَّ الْعَالَمَ حَصَلَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالرَّحْمَةُ بِهَذَا الْمَعْصُومِ، وَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بِهَذَا الْمُنْتَظَرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَلَا لِمَنْ كَفَرَ بِهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ، وَالنَّبِيِّ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ ، وَكَذَّبَهُ قَوْمٌ، فَإِنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَأَطَاعَهُ، فَكَانَ رَحْمَةً فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ بِهِ الْمُطِيعِ لَهُ ، وَأَمَّا الْعَاصِي فَهُوَ الْمُفَرِّطُ.

وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَا مُؤْمِنٌ بِهِ ، وَلَا كَافِرٌ بِهِ ، وَأَمَّا سَائِرُ الِاثْنَيْ عَشَرَ سِوَى عَلِيٍّ ، فَكَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بِأَحَدِهِمْ كَالْمَنْفَعَةِ بِأَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ جِنْسِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَالتَّحْدِيثِ، وَالْإِفْتَاءِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ذَوِي السُّلْطَانِ وَالسَّيْفِ، فَلَمْ تَحْصُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ اللُّطْفِ، وَالْمَصْلَحَةِ بِالْأَئِمَّةِ تَلْبِيسٌ مَحْضٌ، وَكَذِبٌ " اهـ .[274]

بل ان الامامية انفسهم في عصرنا الحاضر لا يرجعون الى الامام الثاني عشر , بل يرجعون الى مراجعهم , وهؤلاء المراجع  ليسوا بأئمة , ولا معصومين , وان قال الامامية ان العبرة في ذلك هو النقل عن الائمة , فنقول ان اهل السنة اعظم اتباعا منكم لانهم ينقلون عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بنقل العدول الثقات , فالحجة قائمة بنصوص الشرع من الكتاب , والسنة , باستخدام علوم الالة التي اتفق عليها علماء الامة من علوم اللغة , واصول التفسير , ومصطلح الحديث , واصول الفقه , والفقه , وغيره , والنصوص واضحة بان العلماء هم ورثة الانبياء , فلا تاثير في الحجية بالامام الثاني عشر الذي يقول به الامامية قطعا .

خامسا -  فعل ما يقرب من الطاعة , ويبعد من المعصية :

وهذا باطل ومخالف للقران , قال الله تعالى  : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) : النحل } , وقوله تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) : السجدة } , وقوله تعالى : { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) : البقرة } , والحس شاهد بذلك فاسباب المعصية عند الاغنياء , والمترفين من مال وغيره كل ذلك من رزق الله تعالى لهؤلاء , قال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) : البقرة } , وقوله تعالى : { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً ( 39 ) : النساء }

فالايات مصرحة بأن الرزق من عند الله تعالى للمؤمن , وللكافر , والحس شاهد بأن العصاة يعصون الله تعالى بنعمه , وما رزقهم به من رزق , وفي الكافي : " 6 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً مِنْ نُورٍ فَأَضَاءَ لَهَا سَمْعُهُ وَ قَلْبُهُ حَتَّى يَكُونَ أَحْرَصَ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْكُمْ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ سُوءاً نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ فَأَظْلَمَ لَهَا سَمْعُهُ وَ قَلْبُهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ " اهـ .[275]

وفي الكافي : " 1 - عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) يَقُولُ إِنَّ مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ( عليه السلام ) وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي التَّوْرَاةِ أَنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الْخَلْقَ وَ خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَ أَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُحِبُّ فَطُوبَى لِمَنْ أَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْهِ وَ أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الْخَلْقَ وخَلَقْتُ الشَّرَّ وَ أَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُرِيدُهُ فَوَيْلٌ لِمَنْ أَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْهِ  " اهـ .[276]

فهذه الروايات صريحة في ان الله تعالى يضل من يشاء بعدله , وحكمته , ويهدي من يشاء برحمته , وكرمه , ومَنِّه .

سادسا حفظ الشريعة من التبديل , والتحريف بوجود الامام :

ان اول من غير , وبدل , وحرف الشريعة وفق الروايات الواردة في كتب الامامية هم الائمة , فقد نقل الامامية عن ائمة اهل البيت النقولات التي صرح علماء الامامية بانها متواترة في تحريف القران الكريم , وعلى ضوء هذه الروايات صرح الكثير من علماء الرافضة بالتحريف , ثم اتهموا ائمة اهل البيت بالكذب على الله تعالى وسموا ذلك التقية , واليكم هذه الرواية التي نقلها الطوسي عن علي رضي الله عنه في تحريم المتعة , قال الطوسي : " واما ما رواه محمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبي الجوزا عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال :" حرم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة

فان هذه الرواية وردت مورد التقية وعلى ما يذهب إليه مخالفوا الشيعة، والعلم حاصل لكل من سمع الاخبار ان من دين ائمتنا عليهم السلام اباحة المتعة فلا يحتاج إلى الاطناب فيه. وإذا اراد الانسان ان يتزوج متعة فعليه بالعفائف منهن العارفات دون من لا معرفة لها منهن " اهـ .[277]

فنرى الطوسي يعلل الرواية بالتقية , وذلك لانها موافقة لما يذهب اليه من يخالف الشيعة , وقد نسي الطوسي , او تناسى بأن عليا رضي الله عنه كان خليفة ممكنا !!!, فأين الخوف وهو في اعلى مراتب الدولة الاسلامية , وله جيش , واتباع يأتمرون بأمره ؟ !!! , فأين المحافظة على الشريعة , وهذا علي رضي الله عنه خليفة ممكن , ومع ذلك يكذب على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كما يدعي الرافضة (  قاتل الله الرافضة , وحاشا عليا رضي الله عنه من الكذب ) , وامثال هذه النقولات كثيرة في كتب الامامية , وسبق ذكر مثل هذه الاشياء في النقطة الثالثة ( تمكين الامام ) .

{ بطلان النصوص الواردة في تسمية الائمة }

ان النصوص الواردة عند الامامية في تسمية الائمة باطلة ولا يصح الاستدلال بها وذلك لعدة اسباب , ومنها :

اولا : ظهور هذه الروايات بعد غيبة اخر امام عند الرافضة ولم تكن معروفة في عصر الائمة , والدليل على عدم معرفة هذه النصوص في عصر الائمة , ما وقع من الاختلاف , والاضطراب عند كبار الشيعة في تلك الاعصار , فتجد منهم الفطحي , والواقفي , والناووسي , والزيدي , قال البهبودي : " على انك عرفت في بحث الشذوذ عن نظام الامامة ان الأحاديث المروية في النصوص على الأئمة جملة من خبر اللوح وغيره كلها مصنوعة في عهد الغيبة والحيرة وقبلها بقليل فلو كانت هذه النصوص المتوافرة موجوده عند الشيعة اللإمامية لما اختلفوا في معرفة الأئمة هذا الاختلاف الفاضح ولما وقعت الحيرة لأساطين المذهب واركان الحديث سنوات عديدة وكانوا في غنى ان يتسرعوا في تأليف الكتب في اثبات الغيبة وكشف الحيرة عن قلوب الامة بهذه الكثرة " اهـ .[278]

ثانيا : ادعائهم ان الائمة كانوا في عصر التقية ولا ندري ان كان كلام الائمة على وجه الحقيقة , ام انه كان على وجه التقية .

ثالثا  : نقل التواتر في كتب الامامية على تحريف القران , وتغييره , ووقوع النقص فيه , قال المازندراني : " أقول: كان الزائد على ذلك مما في الحديث سقط بالتحريف وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى كما يظهر لمن تأمل في كتب الأحاديث من أولها إلى آخرها " اهـ .[279]

رابعا : جواز الكذب عند الرافضة نصرة لمذهبهم , جاء في صراط النجاة : " سؤال 1245 : هل يجوز الكذب على المبدع أو مروج الضلال في مقام الاحتجاج عليه إذا كان الكذب يدحض حجته ويبطل دعاويه الباطلة ؟ الخوئي : إذا توقف رد باطله عليه جاز .

سؤال 1246 : وهل يجوز سب أهل البدع والريب ومباهتتهم والوقيعة فيهم ؟  الخوئي : إذا ترتب ردع منكر على تلك ، فلا بأس " اهـ .[280]

فالرافضة يجيزون الكذب في مقام الاحتجاج على المخالف , فلا يمكن الوثوق بهؤلاء الذين يجيزون الكذب في مقام الاحتجاج من ان يصنعوا روايات في موضوع الامامة , وذلك لان موضوع الامامة هو الفارق الرئيسي في الخلاف السني الشيعي كما صرح بذلك جعفر السبحاني , حيث قال : " لعلك تقول : لماذا افترقت السنة عن الشيعة ؟ وما هي أسباب ذلك ؟ فنقول : إن الفارق الأساسي إنما هو موضوع الإمامة " اهـ .[281]

خامسا : عدم صلاحية كتب الامامية الروائية في الاستشهاد , قال الشريف المرتضى : " ودعنا من مصنفات أصحاب الحديث من أصحابنا ، فما في أولئك محتج ، ولا من يعرف الحجة ، ولا كتبهم موضوعة للاحتجاجات " اهـ .[282]

ولقد كان الكثير من مصنفي هذه الكتب عقائدهم فاسدة كما صرح بذلك الطوسي , ومن المعلوم ان من ضمن هذه العقائد الفاسدة عقيدة الوقف , والزيدية , والفطحية , وغيرها , واغلب هذه العقائد تقوم على زيادة امام , او نقص امام , او اكثر , قال الطوسي : " لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وإن كانت كتبهم معتمدة " اهـ .[283]

فاعتراف المرتضى صريح بعدم صلاحية كتب الرافضة للاستشهاد , وكذلك اعتراف الطوسي ان الكثير من مصنفي كتب الرافضة ينتحلون المذاهب الفاسدة , ومن المعلوم ان الشخص يبني معتقده على ما يتعلمه .

سادسا : عدم خلو سند اي رواية في كتب الامامية من مطعون به كما قال الشريف المرتضى : " فإن معظم الفقه وجمهوره بل جميعه لا يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة، إما أن يكون أصلا في الخبر أو فرعا "، راويا " عن غيره ومرويا " عنه. وإلى غلاة، وخطابية، ومخمسة، وأصحاب حلول، كفلان وفلان ومن لا يحصى أيضا " كثرة. وإلى قمي مشبه مجبر. وأن القميين كلهم من غير استثناء لأحد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه) بالأمس كانوا مشبهة مجبرة، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به. فليت شعري أي رواية تخلص وتسلم من أن يكون في أصلها وفرعها واقف أو غال، أو قمي مشبه مجبر، والاختبار بيننا وبينهم التفتيش " اهـ .[284]

فهذا تصريح من هذا العالم الامامية ان روايات الفقه لا تسلم منها اي رواية من مطعون به , مع تصريحه في النقل السابق عنه بان مصنفات الحديث عند الامامية لا تصلح للاحتجاج نصل الى نتيجة الا وهي , ان كتب القوم ساقطة في الاستدلال .

ان عدم معرفة كبار علماء الشيعة في عصر الائمة من هو الامام الواجب الطاعة الذي نصبه الله تعالى كافيا لاسقاط كل الروايات المصنوعة في عصر الغيبة , او قبلها بقليل كما قال البهبودي , فهذا الامر لوحده يدل على بطلان ادعاء الامامية ان هناك نصوصا قد بلغت حد التواتر في تحديد الائمة , وتعيينهم من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ولمغرفة التفاصيل الاكثر في عدم معرفة كبار علماء الامامية من هو الامام في تلك العصور ساذكر بعض الروايات التي تدل وبكل وضوح على كذب الروايات التي يدعيها الرافضة بانها تواترت عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في تسمسة جميع الائمة , ومن هذه الروايات ما جاء في اختيار معرفة الرجال للطوسي : " 251  - حدثني محمد بن قولويه قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدثنا محمد بن عثمان بن رشيد ، قال : حدثني الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه أحمد بن علي ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال ، لما كانت وفاة أبي عبد الله عليه السلام قال الناس بعبد الله بن جعفر . واختلفوا : فقائل قال له ، وقائل قال بأبي الحسن عليه السلام فدعا زرارة ابنه عبيدا فقال : يا بني الناس مختلفون في هذا الامر : فمن قائل بعبد الله فإنما ذهب إلى الخبر الذي جاء ان الإمامة في الكبير من ولد الامام ، فشد راحلتك وامض إلى المدينة حتى تأتيني بصحة الامر ، فشد راحلته ومضى إلى المدينة . واعتل زرارة فلما حضرته الوفاة سأل عن عبيد ، فقيل إنه لم يقدم ، فدعا بالمصحف فقال : اللهم إني مصدق بما جاء نبيك محمد فيما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه ، وأني مصدق بما أنزلته عليه في هذا الجامع ، وان عقيدتي وديني الذي يأتيني به عبيد ابني وما بينته في كتابك ، فان أمتني قبل هذا فهذه شهادتي على نفسي واقراري بما يأتي به عبيد ابني وأنت الشهيد علي بذلك . فمات زرارة ، وقدم عبيد ، فقصدناه لنسلم عليه ، فسألوه عن الامر الذي قصده فأخبرهم ان أبا الحسن عليه السلام صاحبهم .

252 - حدثني حمدويه ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد قال : حدثني على ابن حديد ، عن جميل بن دراج ، قال ما رأيت رجلا مثل زرارة بن أعين ، انا كنا نختلف إليه فما نكون حوله الا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم ، فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام وجلس عبد الله مجلسه : بعث زرارة عبيدا ابنه زائرا عنه ليعرف الخبر ويأتيه بصحته ، ومرض زرارة مرضا شديدا قبل ان يوافيه عبيد . فلما حضرته الوفاة دعا بالمصحف فوضعه على صدره ثم قبله ، قال جميل : فحكى جماعة ممن حضره أنه قال : اللهم إني ألقاك يوم القيامة وامامي من ثبت في هذا المصحف إمامته ، اللهم إني أحل حلاله وأحرم حرامه وأومن بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه ، على ذلك أحيى وعليه أموت إن شاء الله .

253 - محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن علي ابن موسى بن جعفر ، عن أحمد بن هلال ، عن أبي يحيى الضرير ، عن درست ابن أبي منصور الواسطي ، قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول إن زرارة شك في إمامتي فاستوهبته من ربي تعالى .

254 - حدثني بن قولويه ، قال : حدثني سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عبد الله المسمعي ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، عن أبيه قال : بعث زرارة عبيدا ابنه يسئل عن خبر أبي الحسن عليه السلام فجائه الموت قبل رجوع عبيد إليه فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه . وقال : ان الامام بعد جعفر بن محمد من اسمه بين الدفتين في جملة القرآن منصوص عليه من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه ، أنا مؤمن به قال : فأخبر بذلك أبو السحن الأول عليه السلام فقال : والله كان زرارة مهاجرا إلى الله تعالى

255 - حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج وغيره ، قال : وجه زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن عليه السلام وعبد الله بن أبي عبد الله ، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد . قال محمد بن أبي عمير ، حدثني محمد بن حكيم ، قال : قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام وذكرت له زرارة وتوجيهه ابنه عبيدا إلي المدينة ، فقال أبو الحسن : اني لأرجو ا أن يكون زرارة ممن قال الله تعالى " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " .

256 - حدثني محمد بن مسعود ، قال : أخبرنا جبريل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إبراهيم المؤمن ، عن نصير بن شعيب عن عمة زرارة ، قالت : لما وقع زرارة واشتد به : قال : ناوليني المصحف فناولته وفتحته فوضعه على صدره ، وأخذه مني ثم قال : يا عمة أشهدي أن ليس لي امام غير هذا الكتاب " اهـ .[285]

وهذه الروايات كلها تشير الى عدم معرفة زرارة بن اعين احد كبار اصحاب الائمة لامام زمانه بعد موت الامام الصادق رحمه الله , فلو كان هناك نصا على اسماء الائمة لما مات زرارة , وهو لا يعرف امام زمانه , مع قول الرافضة بانه من كبار اصحاب الائمة , ومن المقدمين عندهم !!! .

وقد روى الكليني في الكافي ان ابا عبيدة الحذاء لم يكن يعرف الامام بعد موت الامام الباقر رحمه الله , ومن شدة حيرتهم , وعدم معرفتهم من هو الامام بعد الباقر وصف احوالهم بأنهم كانوا يترددون تردد الغنم التي لا راعي لها , ثم بعد ذلك رزق الله المعرفة , فلو كانت هناك نصوص متواترة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم تحدد اسماء الائمة فلماذا يصل امثال هؤلاء من علماء الامامية الى مثل هذه المرحلة من الحيرة , وعدم معرفة الامام اللاحق ؟ !!! , قال الكليني : " 1 -  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ فَضْلٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ كُنَّا زَمَانَ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) حِينَ قُبِضَ نَتَرَدَّدُ كَالْغَنَمِ لَا رَاعِيَ لَهَا فَلَقِينَا سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا عُبَيْدَةَ مَنْ إِمَامُكَ فَقُلْتُ أَئِمَّتِي آلُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ أَ مَا سَمِعْتُ أَنَا وَ أَنْتَ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) يَقُولُ مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً فَقُلْتُ بَلَى لَعَمْرِي وَ لَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ أَوْ نَحْوِهَا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) فَرَزَقَ اللَّهُ الْمَعْرِفَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) إِنَّ سَالِماً قَالَ لِي كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَقَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنَّا مَيِّتٌ حَتَّى يُخَلِّفَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ وَ يَسِيرُ بِسِيرَتِهِ وَ يَدْعُو إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مَا أُعْطِيَ دَاوُدَ أَنْ أُعْطِيَ سُلَيْمَانَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) حَكَمَ بِحُكْمِ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ لَا يَسْأَلُ بَيِّنَةً " اهـ .[286]

وابا عبيدة هذا من كبار اصحاب الائمة , ومن الثقات الذين لهم المكانة , والمنزلة الحسنة عند الائمة كما ذكر النجاشي في ترجمته , حيث قال : " [ 449 ] زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء كوفي ، ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام و أخته حمادة بنت رجاء ، وقيل : بنت الحسن روت عن أبي عبد الله . قاله ابن نوح عن ابن سعيد ، وقال الحسن بن علي بن فضال : ومن أصحاب أبي جعفر أبو عبيدة الحذاء واسمه زياد ، مات في حياة أبي عبد الله [ عليه السلام ] . وقال سعد بن عبد الله الأشعري : ومن أصحاب أبي جعفر أبو عبيدة وهو زياد بن أبي رجاء ، كوفي ، ثقة ، صحيح ، واسم أبي رجاء منذر ، وقيل : زياد بن أخزم ، و لم يصح . وقال العقيقي العلوي : أبو عبيدة زياد الحذاء [ و ] كان حسن المنزلة عند ال محمد ، وكان زامل أبا جعفر [ عليه السلام ] إلى مكة . له كتاب يرويه علي بن رئاب " اهـ .[287] .

وقال الشاهرودي : " 17109 - أبو عبيدة الحذاء زياد بن عيسى : هو الثقة الجليل من أصحاب الصادق عليه السلام " اهـ .[288]

فمع منزلة الحذاء الكبيرة , ووثاقته , وصحبته للباقر , والصادق رحمهم الله , الا انه لم يكن عارفا باسماء الائمة , ولم تكن له ادنى معرفة عن اي رواية ولو من الاحاد فضلا عما يدعيه الامامية من التواتر عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , والرواية التي ذكرها الحذاء لا تتعلق به فقط في عدم معرفة الامام , بل تتعلق بمجموعة من الشيعة , كما قال : (نَتَرَدَّدُ كَالْغَنَمِ لَا رَاعِيَ لَهَا ) .

وفي الكافي ايضا ان هشام بن سالم , وصاحب الطاق , بل جمهور الشيعة لم يكونوا يعرفوا من هو الامام بعد موت الصادق رحمه الله , ووصل ببعضهم الحال الى الحيرة , فارادوا الدخول في فرقة اخرى غير الشيعة , وفي كل هذا دلالة واضحة على عدم وجود هذه الروايات التي يدعي الامامية صدورها عن النبي صلى الله عليه واله وسلم , قال الكليني : " مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَا وَ صَاحِبُ الطَّاقِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ صَاحِبُ الْأَمْرِ بَعْدَ أَبِيهِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ أَنَا وَ صَاحِبُ الطَّاقِ وَ النَّاسُ عِنْدَهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْأَمْرَ فِي الْكَبِيرِ مَا لَمْ تَكُنْ بِهِ عَاهَةٌ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَسْأَلُهُ عَمَّا كُنَّا نَسْأَلُ عَنْهُ أَبَاهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الزَّكَاةِ فِي كَمْ تَجِبُ فَقَالَ فِي مِائَتَيْنِ خَمْسَةٌ فَقُلْنَا فَفِي مِائَةٍ فَقَالَ دِرْهَمَانِ وَ نِصْفٌ فَقُلْنَا وَ اللَّهِ مَا تَقُولُ الْمُرْجِئَةُ هَذَا قَالَ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا تَقُولُ الْمُرْجِئَةُ قَالَ فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ضُلَّالًا لَا نَدْرِي إِلَى أَيْنَ نَتَوَجَّهُ أَنَا وَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ فَقَعَدْنَا فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ بَاكِينَ حَيَارَى لَا نَدْرِي إِلَى أَيْنَ نَتَوَجَّهُ وَ لَا مَنْ نَقْصِدُ وَ نَقُولُ إِلَى الْمُرْجِئَةِ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ إِلَى الزَّيْدِيَّةِ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى الْخَوَارِجِ فَنَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ رَجُلًا شَيْخاً لَا أَعْرِفُهُ يُومِئُ إِلَيَّ بِيَدِهِ فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ عَيْناً مِنْ عُيُونِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ جَوَاسِيسُ يَنْظُرُونَ إِلَى مَنِ اتَّفَقَتْ شِيعَةُ جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَلَيْهِ فَيَضْرِبُونَ عُنُقَهُ فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ فَقُلْتُ لِلْأَحْوَلِ تَنَحَّ فَإِنِّي خَائِفٌ عَلَى نَفْسِي وَ عَلَيْكَ وَ إِنَّمَا يُرِيدُنِي لَا يُرِيدُكَ فَتَنَحَّ عَنِّي لَا تَهْلِكْ وَ تُعِينَ عَلَى نَفْسِكَ فَتَنَحَّى غَيْرَ بَعِيدٍ وَ تَبِعْتُ الشَّيْخَ وَ ذَلِكَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ فَمَا زِلْتُ أَتْبَعُهُ وَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْمَوْتِ حَتَّى وَرَدَ بِي عَلَى بَابِ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) ثُمَّ خَلَّانِي وَ مَضَى فَإِذَا خَادِمٌ بِالْبَابِ فَقَالَ لِيَ ادْخُلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) فَقَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْهُ لَا إِلَى الْمُرْجِئَةِ وَ لَا إِلَى الْقَدَرِيَّةِ وَ لَا إِلَى الزَّيْدِيَّةِ وَ لَا إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَ لَا إِلَى الْخَوَارِجِ إِلَيَّ إِلَيَّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَضَى أَبُوكَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ مَضَى مَوْتاً قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَنْ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَكَ هَدَاكَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ قَالَ يُرِيدُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَا يُعْبَدَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَنْ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَكَ هَدَاكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَنْتَ هُوَ قَالَ لَا مَا أَقُولُ ذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَمْ أُصِبْ طَرِيقَ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلَيْكَ إِمَامٌ قَالَ لَا فَدَاخَلَنِي شَيْ ءٌ لَا يَعْلَمُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِعْظَاماً لَهُ وَ هَيْبَةً أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحُلُّ بِي مِنْ أَبِيهِ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَسْأَلُكَ عَمَّا كُنْتُ أَسْأَلُ أَبَاكَ فَقَالَ سَلْ تُخْبَرْ وَ لَا تُذِعْ فَإِنْ أَذَعْتَ فَهُوَ الذَّبْحُ فَسَأَلْتُهُ فَإِذَا هُوَ بَحْرٌ لَا يُنْزَفُ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ شِيعَتُكَ وَ شِيعَةُ أَبِيكَ ضُلَّالٌ فَأُلْقِي إِلَيْهِمْ وَ أَدْعُوهُمْ إِلَيْكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ عَلَيَّ الْكِتْمَانَ قَالَ مَنْ آنَسْتَ مِنْهُ رُشْداً فَأَلْقِ إِلَيْهِ وَ خُذْ عَلَيْهِ الْكِتْمَانَ فَإِنْ أَذَاعُوا فَهُوَ الذَّبْحُ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ قَالَ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْأَحْوَلَ فَقَالَ لِي مَا وَرَاءَكَ قُلْتُ الْهُدَى فَحَدَّثْتُهُ بِالْقِصَّةِ قَالَ ثُمَّ لَقِينَا الْفُضَيْلَ وَ أَبَا بَصِيرٍ فَدَخَلَا عَلَيْهِ وَ سَمِعَا كَلَامَهُ وَ سَاءَلَاهُ وَ قَطَعَا عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ ثُمَّ لَقِينَا النَّاسَ أَفْوَاجاً فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَطَعَ إِلَّا طَائِفَةَ عَمَّارٍ وَ أَصْحَابَهُ وَ بَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَدْخُلُ إِلَيْهِ إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ مَا حَالَ النَّاسَ فَأُخْبِرَ أَنَّ هِشَاماً صَدَّ عَنْكَ النَّاسَ قَالَ هِشَامٌ فَأَقْعَدَ لِي بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ وَاحِدٍ لِيَضْرِبُونِي " اهـ .[289]

في هذه الرواية نلاحظ ان هشام بن سالم , وصاحب الطاق ( ويسمى ايضا مؤمن الطاق , وابا جعفر الاحول ) , والشيعة بعمومهم كانوا ضلالا , ولا يعرفون الامام , والعجيب في الامر ان الامام المعصوم لما ساله هشام بن سالم بقوله : (قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَنْ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَكَ هَدَاكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَنْتَ هُوَ قَالَ لَا ) , فقد نفى الامام الامامة عن نفسه ,وبفعله هذا لا يخلو من ان يكون صادقا , او كاذبا , فان كان صادقا فقد نفى الامامة عن نفسه , فلا يجوز القول بامامته , وان كان كاذبا , فالكاذب تسقط عدالته , ثم نلاحظ ان الشيعة بعمومهم كانوا على عدم معرفة بالامام حيث قال له هشام : (قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ شِيعَتُكَ وَ شِيعَةُ أَبِيكَ ضُلَّالٌ فَأُلْقِي إِلَيْهِمْ وَ أَدْعُوهُمْ إِلَيْكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ عَلَيَّ الْكِتْمَانَ قَالَ مَنْ آنَسْتَ مِنْهُ رُشْداً فَأَلْقِ إِلَيْهِ وَ خُذْ عَلَيْهِ الْكِتْمَانَ ) . فأين النصوص التي وصلت الى حد التواتر الذي يدعيه الامامية ؟ !!! .

تنبيه : لقد قال المجلسي عن هذه الرواية في مرآة العقول  - (الحديث السابع) (1): مجهول بأبي يحيى، و قد يعد ضعيفا ج 4 ص 94  فقد جاء التعليل بابي يحيى الواسطي , ثم نراه قد حكم على رواية في الكافي جاءت بنفس السند قد رواها الكليني , حيث قال : "  مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَغْتَسِلُ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي يُبَالُ فِيهِ وَ عَلَيَّ نَعْلٌ سِنْدِيَّةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ جَسَدِكَ يُصِيبُ أَسْفَلَ قَدَمَيْكَ فَلَا تَغْسِلْ قَدَمَيْكَ " اهـ .[290]

فنراه يحسن نفس السند الذي رده في الرواية السابقة , وحكم عليه بجهالة

ابي يحيى , وقال عنه قد يعد ضعيفا , فلماذا ياترى نرى المجلسي قد ضعف سندا قد حسنه في رواية اخرى ؟ !!! .

وهذا الذي ذكرته يدل على التناقض , والتعامل مع الروايات على حسب الهوى عند هؤلاء .

وفي الكافي ايضا : " عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي صَالِحٍ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذِهِ قُبَّةُ آدَمَ (عليه السلام)........" اهـ .[291]

فهذه الرواية ايضا من رواية احمد بن محمد عن ابي يحيى الواسطي , وقد صححها المجلسي , فأين ذهبت الجهالة , وقد يُعد في الضعفاء ؟ !!!.

فان قال قائل ان ابا يحيى الواسطي كنية سهيل بن زياد , قلنا له ان الخوئي قد جزم ان سهيل بن زياد هذا لم ترد عنه اي رواية في الكتب الاربعة عن المعصوم بواسطة , او بغير واسطة , قال الخوئي في ترجمة سهيل بن زياد : " وكيف كان فلم نجد في الكتب الأربعة رواية له عن المعصوم عليه السلام لا بلا واسطة ولا مع الواسطة " اهـ .[292] .

والكافي الذي نقلنا منه الرواية هو احد الكتب الاربعة عند الامامية .

وقد ذكر الخوئي في ترجمة زكريا بن يحيى الواسطي ان كنيته ابو يحيى الواسطي وقد ذكر انه ثقة , وان احمد بن محمد بن عيسى قد روى عنه , قال الخوئي : "  4739 - زكريا بن يحيى الواسطي : قال النجاشي : " زكريا بن يحيى الواسطي : ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، ذكره ابن نوح ، له كتاب . أخبرنا عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب ، قال : حدثنا علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل عن زكريا بكتابه " . وذكر الكشي في ترجمة المغيرة بن سعيد ( 103 ) رواية أبي يحيى زكريا بن يحيى الواسطي عن الرضا عليه السلام ورواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه . وفي كامل الزيارات : الباب 95 في أن الطين حرام كله إلا طين قبر الحسين عليه السلام ، الحديث 1 ، أبو يحيى الواسطي ، روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى . وقد حكى ابن داود ، في رجاله عن رجال الشيخ عد زكريا بن يحيى الواسطي من أصحاب الصادق عليه السلام ، ولكن الموجود في المطبوع من رجال الشيخ وفي المنهج والوسيط والنقد ومجمع الرجال : زكريا بن يحيى ، كما تقدم " اهـ .[293]

وقد جاء في كتب الامامية التنازع بين محمد بن الحنفية وزين العابدين رحمهما الله تعالى في استحقاق الامامة لكل منهما , وكان تعليل زين العابدين رحمه الله لاستحقاق عقب الحسين رضي الله عنه بسبب ما فعله الحسن مع معاوية رضي الله عنهما , ومن المعلوم ان فعل الحسن مع معاوية رضي الله عنهما كان التنازل عن الخلافة , قال الطبري الشيعي : " 129 / 19 -  أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، قال : حدثنا الحسين بن أحمد ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة وزرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : لما قتل الحسين بن علي ( صلوات الله عليه ) أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فجاءه ، فقال له : يا بن أخي ، قد علمت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جعل الوصية  والإمامة من بعده إلى علي بن أبي طالب ، ثم إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، وقد قتل أبوك ( صلوات الله عليه ) ، وأنا عمك وصنو أبيك ، وولادتي من علي بن أبي طالب مثل ولادة أبيك ، فأنا أحق بالوصية منك مع حداثتك ، فلا تنازعني الوصية والإمامة ، ولا تحاربني . فقال له علي بن الحسين ( عليه السلام ) : يا عم ، لا تدع ما ليس لك بحق ، إني أعظك أن تكون من الجاهلين . إن أبي ( صلوات الله عليه ) أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق ، وعهد إلي قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله عندي ، فلا تتعرض لهذا الأمر وتنكره ، فإني أخاف عليك - يا عم - نقص العمر وتشتت الحال . إن الله ( تعالى ) - لما صنع الحسن ( عليه السلام ) مع معاوية ما صنع - جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين ( عليه السلام ) ، فإن أردت أن تعلم حقيقة قولي فانطلق معي إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك . قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وكان الكلام بينهما بمكة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود ، فقال علي ( عليه السلام ) لمحمد بن الحنفية : ابتهل إلى الله ( تعالى ) ، واسأله أن ينطق لك الحجر . فابتهل محمد بالدعاء ، وسأل الله ، وكلم الحجر فلم يجبه . فقال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : أما إنك - يا عم - لو كنت وصيا وإماما لأجابك . قال : فقال محمد : فكلمه أنت - يا بن أخي - وسله . فدعا الله علي بن الحسين ( عليه السلام ) بما أراد ، ثم قال : أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء والناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين . فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، وأنطقه الله ( عز وجل ) بلسان عربي مبين ، وقال : اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي ( عليه السلام ) إلى علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فانصرف محمد بن الحنفية وهو يتولى علي بن الحسين ( عليه السلام ) " اهـ .[294]

ووردت الرواية في الامامة والتبصرة لابن بابويه القمي بهذا السند : " 49 - وعنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة: عن أبي جعفر عليه السلام......" اهـ .[295]

وقد ذكرها الحسن بن سليمان الحلي في مختصر البصائر , بهذا السند : " أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء وزرارة بن أعين عن أبي جعفر " ع " قال لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام ......" اهـ .[296]

فالتنازع الذي جاء في الرواية , ثم العلة التي من اجلها جعل الله تعالى الامامة في ذرية الحسين رضي الله عنه ناسف لاي دليل يدعي الامامية صدوره عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لان ما فعله الحسن مع معاوية رضي الله عنهما كان بعد موت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

وكذلك عدم معرفة محمد بن الحنفية رحمه الله لمن الامامة من بعد الحسين رضي الله عنه دليل ناسف لما يدعيه الامامية من صدور الروايات الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في تسمية الائمة , فكيف غابت كل هذه النصوص التي يدعيها الامامية في تسمية الائمة عن محمد بن الحنفية رحمه الله , وهو قريب عهد من النبي صلى الله عليه واله وسلم , وكذلك عاش في كنف ابيه علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقد كان علي رضي الله عنه خليفة ممكن مطاع , ومع اخويه الحسن , والحسين رضي الله تعالى عنهما , ومع هذا نراه لا يعرف ولو نصا واحدا على تسمية الائمة , ومن المستحيل ان يكتم علي والحسن والحسين رضي الله عنهم عن اقرب المقربين لهم , مع الملازمة , والرعاية له , والشعور بالامان تجاهه اي نص وارد من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في تسمية الائمة , وتعيينهم , فاذا كان ابن الحنفية وهو من هو تدينا , وقربا من علي , والحسن , والحسين رضي الله عنهم جميعا , وهو لا يعرف ولو نصا واحدا في تسمية الائمة , فكيف بباقي الامة ؟ !!! .

فهذا مثال حي لاحد اهل البيت رضي الله عنهم وهو محمد بن الحنفية بعدم معرفة اي نص على تسمية الائمة , وقد جاء في الرواية انه قد نازع زين العابدين رحمه الله في ادعاء الامامة .

وورد عند الصدوق في الخصال ان فاطمة رضي الله عنها قد خافت ان يتيتم الحسن والحسين بموت علي رضي الله عنهم اجمعين , وهذا دليل واضح على بطلان النصوص التي تقول بامامة علي رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فلو كان النص على علي رضي الله عنه بالامامة قد ثبت , فمن المستحيل ان يدخل اي شك عند احد انه سيموت في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , قال الصدوق : " 41 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثني محمد بن معقل القرميسيني ، عن جعفر الوراق قال : حدثنا محمد بن الحسن الأشج ، عن يحيى بن زيد بن علي بن - الحسين عليهما السلام قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وصلى الفجر ، ثم قال : معاشر الناس أيكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا باللات والعزى ليقتلوني وقد كذبوا و رب الكعبة ، فأحجم الناس وما تكلم أحد ، فقال : ما أحسب أن علي بن - أبي طالب فيكم ، فقام إليه عامر بن قتادة فقال : إنه وعك في هذه الليلة  ولم يخرج يصلي معك ، فتأذن لي أن أخبره ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : شأنك ، فمضى إليه فأخبره فخرج أمير المؤمنين عليه السلام وكأنه نشط من عقال وعليه إزار قد عقد طرفيه  على رقبته فقال : يا رسول الله ما هذا الخبر فقال : هذا رسول ربي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إلي ليقتلوني وقد كذبوا ورب الكعبة ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا لهم سرية وحدي هوذا ألبس علي ثيابي فقال النبي صلى الله عليه وآله : بل هذه ثيابي وهذا درعي وهذا سيفي فألبسه ودرعه وعممه وقلده وأركبه فرسه وخرج أمير المؤمنين عليه السلام فمكث ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبره ولا خبر من الأرض فأقبلت فاطمة بالحسن والحسين عليهم السلام على وركيها تقول : أوشك أن يؤتم هذين الغلامين فأسبل النبي صلى الله عليه وآله عينيه يبكي ، ثم قال : معاشر الناس من يأتيني بخبر علي ، أبشره بالجنة وافترق الناس في الطلب لعظم ما رأوا بالنبي صلى الله عليه واله وسلم " اهـ .[297]

فهذه الرواية تبطل اي دليل يدعيه الامامية ان امامة علي رضي الله عنه منصوص عليها منذ ان بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله وسلم , ومنها حديث الدار المزعوم الذي يدعي الامامية ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد نص فيه على امامة علي رضي الله عنه , وكذلك قد ورد حديث في بصائر الدرجات ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد عرج به الى السماء اكثر من مائة وعشرين مرة , وفي جميعها يوصي الله تعالى بولاية علي وابنائه رضي الله عنهم , قال الصفار : " (10) على بن محمد بن سعيد عن حمدان بن سليمان عن عبد الله بن محمد اليماني عن منبع عن يونس عن صباح المزني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء مائة وعشرين مرة ما من مرة إلا وقد أوصى الله النبي صلى الله عليه وآله بولاية على والأئمة من بعده أكثر مما أوصاه بالفرائض " اهـ .[298]

فان كان معنى الولاية الامامة فهذا من الكذب قطعا , وذلك لما بيناه من شك فاطمة رضي الله عنها بموت علي رضي الله عنه , والروايات الاخرى , وان كانت الولاية بمعنى النصرة , والمحبة فهذا نقول به قطعا , بل ان هذا ثابت لكل مؤمن , قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (72) : الانفال } , وقال تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (71) : التوبة } , والتأكيد على ذكر اهل البيت لا حرج فيه , كما اخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم بالاقتداء بابي بكر وعمر رضي الله عنهما , وكذلك بالخلفاء الراشدين المهديين من بعده , فالتاكيد يدل على المنزلة العظيمة لمن يذكره النبي صلى الله عليه واله وسلم باسمه , ومما لا شك فيه ان اهل البيت كعلي , وفاطمة , والحسن , والحسين , وابن عباس , والعباس , وغيرهم من اهل البيت رضي الله عنهم جميعا لهم المكانة الكبيرة عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وعند جميع امة الاسلام .

وقد جاء في نهج البلاغة ان عليا رضي الله عنه كان يخاف على الحسن والحسين من القتل في عهده , فلو كانت هناك نصوص على امامتهما من بعده لما خاف عليهما من القتل , وذلك لانهما سيعيشان من بعده , ويستلمان الامامة , ولكن لما لم تكن هناك نصوص على ذلك نرى ان عليا رضي الله عنه قد تعامل مع الامور التعامل الطبيعي الذي يجعله خائفا على اولاده , كما يخاف كل اب على اولاده , قال الشريف الرضي : " [207] وقال (عليه السلام) في بعض أيام صفين وقد رأى الحسن (عليه السلام) يتسرع إلى الحرب امْلِكُوا عنِّي هذَا الْغُلاَمَ لاَ يَهُدَّنِي ، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهذَيْنِ ـ يَعْنِي الحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (عليهما السلام) عَلَى الْمَوْتِ، لِئَلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) " اهـ .[299]

وقد ورد في نهج البلاغة ان عليا رضي الله عنه احتمل موت الحسين قبل الحسن رضي الله عنهما , وهذا ايضا معارض لما يدعيه الامامية من وجود نصوص على ترتيب الائمة , قال الشريف الرضي : " [24] ومن وصية له (عليه السلام) بما يُعمل في أمواله، كتبها بعد منصرفه من صفين هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب أمِيرُالْمُؤْمِنِينَ فِي مَالِهِ، ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ، لِيُولِجَني بِهِ الْجَنَّةَ، وَيُعْطِيَني الامَنَةَ . منها: فَإِنَّهُ يَقُومُ بِذلِكَ الْحَسنُ بْنُ علِيّ، ياكُلُ مِنْهُ بِالْمعْروفِ، وَيُنْفِقُ مِنْهُ فِي المَعْروفِ، فَإِنْ حَدَثَ بِحَسَن حَدَثٌ وَحُسَيْنٌ حَيٌّ، قَامَ بِالامْرِ بَعْدَهُ، وَأَصْدَرَهُ مَصْدَرَهُ " اهـ .[300]

لقد احتمل علي رضي الله عنه موت الحسين في حياة الحسن رضي الله عنهما , وهذا دليل على انه لا يوجد اي نص على ترتيب الائمة , ولو كان هناك نص لما احتمل علي رضي الله عنه موت الحسين في عصر الحسن رضي الله عنهما .

وورد في كتب الشيعة ايضا ان فاطمة رضي الله عنها اعتقدت في حادثة معينة موت النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم , وهذا دليل واضح على اكذوبة ما يدعيه الامامية من وجود النصوص , وتسمية الائمة بالترتيب الذي يقول به الامامية , قال الفيض الكاشاني : "  53 - تفسير على بن ابراهيم : في قوله تعالى " إنما النجوى من الشيطان " حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة عليه السلام رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه وآله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة ، فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة فتعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة كبراء وهي التي في إحدى اذنيها نقط بيض ، فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله بذلك .فلما أصبحت جاء رسول الله صلى الله عليه وآله بحمار فأركب عليه فاطمة عليها السلام وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة كما رأت فاطمة عليهما السلام في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض له طريقان ، فأخذ رسول الله ذات اليمين كما رأت فاطمة عليهما السلام حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة كبراء كما رأت فاطمة ، فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا ، فطلبها رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقع عليها وهي تبكي ، فقال : ماشأنك يا بنية ؟ قالت يا رسول الله [ إني ] رأيت كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم فلا أراكم تموتون .." اهـ .[301]

فلو كانت النصوص موجودة لما بكت فاطمة رضي الله عنها معتقدة بموت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا .

{ المعصوم يطلب الامامة لابنه الغير معصوم }

ورد عند الامامية ان الامام المعصوم قد سئل الله تعالى الامامة لولده الغير معصوم فرد الله عليه ذلك , ولم يستجب له فيه , ولو كانت هناك نصوص تنصيب لاناس باعيانهم , فمن المستحيل ان يطلب الامام الباقر الامامة لابنه اسماعيل , قال الصفار : " (11) حدثنا احمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبيه عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته وطلبت وقضيت  إليه أن يجعل هذا الأمر إلى إسماعيل فأبى الله إلا أن يجعله لأبي الحسن موسى ع " اهـ .[302]

فلو كانت الامامة منصوص عليها لاشخاص معينين , فمن المعلوم ان الامام الصادق يعلم انها لا تخضع للترشيح , ولا لاختيار البشر , مهما علا شأنهم , وصلة قربهم , ولو كانت النصوص ثابتة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما جاز للامام الصادق ان يطلب الامامة لولده اسماعيل , ومن المعلوم ان التنصيب الالهي لا يخضع لمتغيرات الزمان , والمكان , ولا سلطة فيها لاحد غير الله تعالى , وذلك لان الله تعالى هو من يعين الامام , وينصبه , ولا يمكن ان يجهل هذا احاد العلماء فضلا عن امام معصوم , وقد جاءت روايات اخرى في كتب الامامية شبيهة برواية البصائر , قال المجلسي : " 41 - كتاب زيد النرسي: عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بدا لله بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني .

42 – ومنه : عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني ناجيت الله ونازلته في إسماعيل ابني أن يكون من بعدي فأبى ربي إلا أن يكون موسى ابني .

43 - ومنه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن شيطانا قد ولع بابني إسماعيل يتصور في صورته ليفتن به الناس وإنه لا يتصور في صورة نبي ولا وصي نبي، فمن قال لك من الناس: إن إسماعيل ابني حي لم يمت، فإنما ذلك الشيطان تمثل له في صورة إسماعيل، ما زلت أبتهل إلى الله عزوجل في إسماعيل ابني أن يحييه لي ويكون القيم من بعدي فأبى ربي ذلك " اهـ .[303]

حتى بعد موت اسماعيل بن جعفر الصادق نجد ان الصادق رحمه الله يدعو الله ان يحييه ليكون القيم بعده , فأين النصوص التي يدعيها الامامية على تسمية الائمة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ !!! . هل غابت كل تلك النصوص عن الامام الصادق ؟ !!! . كما غابت عن غيره من علماء الشيعة في تلك العصور ؟ !!! .

وجاء البداء ايضا عند الامامية في الامام الحادي عشر عند الامامية وهو الحسن العسكري , قال الطوسي : " 84 - فروى سعد بن عبد الله الأشعري ، قال حدثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ، قال : كنت عند أبي الحسن العسكري عليه السلام وقت وفاة ابنه أبي جعفر ، وقد كان أشار إليه ودل عليه وإني لأفكر في نفسي وأقول هذه قصة أبي إبراهيم عليه السلام وقصة إسماعيل فأقبل علي أبو الحسن عليه السلام وقال : نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي جعفر وصير مكانه أبا محمد كما بدا له في  إسماعيل بعدما دل عليه أبو عبد الله عليه السلام ونصبه وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون ، أبو محمد ابني الخلف من بعدي ، عنده ما تحتاجونه  إليه ، ومعه آلة الإمامة والحمد لله " اهـ .[304]

وفي الكافي نفس محتوى الرواية : " 1 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ ( عليه السلام ) بَعْدَ مَا مَضَى ابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَ إِنِّي لَأُفَكِّرُ فِي نَفْسِي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ كَأَنَّهُمَا أَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ إِسْمَاعِيلَ ابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ( عليه السلام ) وَ إِنَّ قِصَّتَهُمَا كَقِصَّتِهِمَا إِذْ كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُرْجَى بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) فَأَقْبَلَ عَلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ قَبْلَ أَنْ أَنْطِقَ فَقَالَ نَعَمْ يَا أَبَا هَاشِمٍ بَدَا لِلَّهِ فِي أَبِي مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) مَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ لَهُ كَمَا بَدَا لَهُ فِي مُوسَى بَعْدَ مُضِيِّ إِسْمَاعِيلَ مَا كَشَفَ بِهِ عَنْ حَالِهِ وَ هُوَ كَمَا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ وَ إِنْ كَرِهَ الْمُبْطِلُونَ وَ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنِي الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي عِنْدَهُ عِلْمُ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ مَعَهُ آلَةُ الْإِمَامَةِ " اهـ .[305]

قال المازندراني : " قوله ( بدا لله في أبي محمد ) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها « بدا الله » والبداء بالفتح والمد ظهور الشيء بعد الخفاء وهو على الله عز وجل غير جائز والمراد به القضاء والحكم وقد يطلق عليه كما صرح به صاحب النهاية فالمعنى قضى الله جل شأنه في أبي محمد بعد موت أبي جعفر بما لم يكن معروفا لأبي محمد عند الخلق وهو الإمامة والخلافة " اهـ .[306]

فالكلام واضح جدا بأن الحسن العسكري لم تكن امامته معروفة عند الخلق , ولو كانت هناك نصوص في امامته منقولة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم لكانت امامته , وخلافته معروفة عند الناس , بل ان الشيعة انفسهم لم يكونوا على علم بامامته , حتى قال لهم الامام الهادي رحمه الله بان الله تعالى بدا له , فأين النصوص المتواترة المزعومة التي يدعيها الامامية في تلك العصور !!! , ام ان التواتر عند الامامية يتحقق بالطبقات في عصر الغيبة , واما ما قبل عصر الغيبة فالعدد غير مهم ؟ !!! .

{ الامام لا يمضي حتى يعرف من يكون بعده }

وجاء في كتب الامامية ان الامام لا يمضي حتى يعرف من يكون من بعده , والسؤال الذي يطرح نفسه , والذي نركز عليه , اين النصوص وانتشارها , الا يقول الامامية بأن النبي صلى الله عليه واله قد نص على الائمة ؟ !!! , فلماذا يحتاج الامام الى وصية من سبقه ؟!!! , ولماذا يأتي التعبير بانه لا يموت حتى يعلم الى من يوصي ؟ الا يعلم من يوصى اليه انه الامام وفق النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ !!! , قال الكليني : " 5 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا يَمُوتُ الْإِمَامُ حَتَّى يَعْلَمَ مَنْ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ فَيُوصِيَ إِلَيْهِ " اهـ .[307]

فالرواية تفيد ان معرفة الامام السابق للامام اللاحق تكون قبل موته , فمعنى هذا ان الامام السابق لا توجد عنده النصوص التي يدعي الامامية صدورها عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تأصيلا , وانما يكون علمهم في وقت من الاوقات من هو الامام اللاحق , فيوصي اليه , والكلام يحتمل الى اخر لحظة من حياته .

وفي الكافي : " أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَا مَاتَ عَالِمٌ حَتَّى يُعْلِمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَنْ يُوصِي " اهـ .[308]

فيكون تعليمه من الله تعالى , ولو كانت هناك نصوص منقولة من الائمة السابقين لجاء الاحتجاج بها , ونحن نعلم ان علوم الائمة لا تكون من النبي صلى الله عليه واله وسلم فقط , بل تكون عن غير رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ففي الكافي : " 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي السائي  عن أبي الحسن الاول موسى عليه السلام قال: قال: مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث  فاما الماضي فمفسر، وأما الغابر فمزبور  وأما الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الاسماع  وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا" اهـ .[309]

وفي بصائر الدرجات للصفار : " ( 2 ) حدثنا إبراهيم بن هاشم عن محمد بن الفضيل أو عمن رواه عن محمد بن الفضيل قال قلت لأبي الحسن عليه السلام روينا عن أبي عبد الله أنه قال إن علمنا غابرو مزبور ونكت في القلب ونقر في الاسماع قال فاما الغابر فما تقدم من علمنا واما المزبور فما يأتينا واما النكت في القلوب فالهام واما النقر في الاسماع فإنه من الملك وروى زرارة مثل ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت كيف يعلم أنه كان من الملك ولا يخاف أن يكون من الشيطان إذا كان لا يرى الشخص قال إنه يلقى عليه السكينة فيعلم انه من  الملك ولو كان من الشيطان لاعتراه فزع وإن كان الشيطان يا زرارة لا يتعرض لصاحب هذا الامر " اهـ .[310]

وقد ورد تفسير علماء الامامية لهذه الروايات وبينوا فيها ان الائمة يتلقون العلوم مباشرة من الله تعالى بطريق الالهام بلا توسط ملك , او بتحديث الملك بلا واسطة بشر , ومعلوم ان واسطة البشر هي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم  , فقد قال المجلسي في مرآة العقول : " " فأما الماضي فمفسر" (6) أي فسره لنا رسول الله  " و أما الغابر" (7) أي العلوم المتعلقة بالأمور الآتية المحتومة " فمزبور" (8) أي مكتوب لنا في الجامعة و مصحف فاطمة و غيرهما، و الشرائع و الأحكام يمكن إدخالهما في الأول أو في الثاني أو بالتفريق

" و أما الحادث" (9) و هو ما يتجدد من الله حتمه من الأمور البدائية، أو العلوم و المعارف الربانية أو تفصيل المجملات أو الأعم

" فقذف في القلوب" (10) بالإلهام من الله تعالى بلا توسط ملك أو نقر في الإسماع، (11) بتحديث الملك و كونه من أفضل علومهم لاختصاصه بهم ولحصولهم بلا واسطة بشر" اهـ .[311]

وقال المازندراني : " قوله ( فأما الماضي فمفسر ) يعني الماضي الذي تعلق علمنا به وهو كل ما كان مفسرا لنا بالتفسير النبوي ، والغابر المحتوم الذي تعلق علمنا به وهو كل ما يكون مزبورا مكتوبا عندنا بخط علي ( عليه السلام ) وإملاء الرسول وإملاء الملائكة كما مر في تفسير الجامعة ومصحف فاطمة ( عليها السلام ) . والحادث الذي يتعلق علمنا به وهو كل ما يتجدد في إرادة الله تعالى ويحتمه بعدما كان في معرض البداء قذف في قلوبنا بإلهام رباني ونقر في أسماعنا بتحديث الملك وهذا القسم الأخير أفضل علمنا لاختصاصه بنا ولحصوله لنا من الله بلا واسطة بشر بخلاف الأولين لحصولهما بالواسطة ولعدم اختصاصهما بنا إذ قد اطلع على بعضها بعض خواص الصحابة مثل سلمان وأبي ذر باخبار النبي وبعض خواص أصحابنا مثل زرارة وغيره بقراءة بعض مواضع كتاب علي ( عليه السلام  ) " اهـ .[312]

وقال الاسترابادي : " وكذلك لا يجوز لأحد من الأئمة ( عليهم السلام ) الاجتهاد عندنا ، لأ نهم معصومون ، وإنما أخذوا الأحكام بتعليم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أو بإلهام من الله عز وجل " اهـ .[313]

{ الاختلاف بين الشيعة بعد موت الكثير من الائمة , وعدم معرفة كبار الشيعة لاسماء الائمة }

وقد ورد في كتب الامامية الاختلاف العظيم بعد موت الائمة , وعلى ضوء هذه الاختلافات نشأت فرق عند الامامية , ومنها الزيدية , والناووسية , الفطحية , والواقفية , والاسماعيلية , وغيرها ,  قال النوبختي في فرق الشيعة  : " وأما الزيدية الذين يدعون الحسينية فإنهم يقولون من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة وكان علي بن أبي طالب إماما في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره ثم كان بعده الحسين إمامه عند خروجه وقبل ذلك إذ كان مجانبا لمعاوية ويزيد ابن معاوية حتى قتل ثم زيد بن علي بن الحسين المقتول بالكوفة أمة أم ولد ثم ( يحيى بن زيد بن علي ) المقتول بخراسان وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ثم ابنه الآخر عيسى بن زيد بن علي وأمه أم ولد ثم محمد بن عبد الله بن الحسن وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي بن قصي ثم من دعا إلى طاعة الله من آل محمد صلى الله عليه وسلم فهو إمام " اهـ .[314]

ومن الزيدية علماء كثر لهم تأثير كبير عند الشيعة في تلك الفترة , وما بعدها , فمن علماء الزيدية المعروفين :

عامر بن كثير السراج , قال النجاشي في رجاله : " [ 795 ] عامر بن كثير السراج زيدي ، كوفي ، ثقة ، له كتاب ، أخبرنا ابن شاذان عن ابن حاتم قال : حدثنا الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين ، عن عامر به " اهـ .[315]

ومن الزيدية المشهورين ابو الجارود ,  قال الطوسي : " [ 303 ] 2 - زياد بن المنذر ، يكنى أبا الجارود ، زيدي المذهب ، واليه تنسب الزيدية الجارودية . له أصل ، وله كتاب التفسير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام " اهـ .[316]

وقال الخوئي في ترجمة ابي الجارود : " فالظاهر أنه ثقة، لا لاجل أن له أصلا ولا لرواية الاجلاء عنه لما عرفت غير مرة من أن ذلك لا يكفي لاثبات الوثاقة، بل لشهادة الشيخ المفيد، في الرسالة العددية بأنه من الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم. ولشهادة علي بن إبراهيم في تفسيره بوثاقة كل من وقع في إسناده " اهـ .[317]

ومن الزيدية ايضا عمرو بن خالد الواسطي , قال الجواهري : " 8895 – 8893 – 8909 - عمرو بن خالد أبو خالد : الواسطي شيعي زيدي - من أصحاب الباقر ( ع ) ثقة - روى في كامل الزيارات - له كتاب - طريق الصدوق اليه صحيح - طريق الشيخ اليه ضعيف - اليه ينصرف عمرو بن خالد عند الاطلاق - له روايات كثيرة أكثرها عن زيد بن علي ولكن روى عن   الباقر ( ع ) أيضا " اهـ .[318]

وعبادة بن زياد الاسدي الكوفي , قال النجاشي عنه : "عبادة بن زياد الأسدي كوفي ، ثقة ، زيدي ، له كتاب أخبرنا الحسين قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن سفيان قال : حدثنا حميد بن زياد قال : حدثنا إبراهيم بن سليمان النهمي عنه بكتابه " اهـ .[319]

ويحيى بن سالم الفراء , قال النجاشي : " يحيى بن سالم الفراء كوفي ، زيدي ، ثقة له كتاب رواه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن القاسم العلوي الحسني ( الحسيني ) قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن القاسم الهروي بالكوفة قال : حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي " اهـ .[320]

والحكم بن عتيبة قد ذكره الطوسي في اصحاب السجاد , والباقر , والصادق , فقال : " [ 1099 ] 6 - الحكم بن عتيبة ، أبو محمد الكندي الكوفي ، وقيل أبو عبد الله ، توفي سنة أربع عشرة ، وقيل خمس عشرة ومائة " اهـ .[321]

وقال : "  [ 1332 ] 11 - الحكم بن عتيبة ، أبو محمد الكوفي الكندي ، مولى الشموس بن  عمرو الكندي " اهـ .[322]

 وقال : " [ 2245 ] 102 - الحكم بن عتيبة ، أبو محمد الكوفي الكندي ، مولى زيدي " اهـ .[323]

والحكم بن عيينة هذا قد حدثت له قصة عجيبة قد ذكرها الامامية في كتبهم , وهذه القصة تبين مدى مكانة الحكم بن عيينة هذا عند رجل يعتبره الامامية من كبار محدثيهم الا وهو زرارة بن اعين , وسنلاحظ في الرواية ان الصادق رحمه الله يقول عن الحكم بن عيينة هذا كذب على ابي , وكان زرارة بن اعين جالسا في ذلك المجلس فلما خرج زرارة من المجلس قال عن الحكم ما اظنه كذب على ابيه , وهنا نص الرواية : " 262 - محمد بن مسعود ، قال : كتب إلينا الفضل ، يذكر عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عيسى بن أبي منصور وأبي أسامة الشحام و يعقوب الأحمر ، قالوا : كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه زرارة فقال إن الحكم بن عيينة حدث عن أبيك أنه قال صل المغرب دون المزدلفة ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا تأملته ما قال أبى هذا قط كذب الحكم على أبي ، قال : فخرج زرارة وهو يقول : ما أرى الحكم كذب على أبيه " اهـ .[324]

 

ومن الزيدية ايضا ابن عقدة , حيث يقول عنه النجاشي : "  233 - أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبد الله بن زياد بن عجلان مولى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس السبيعي الهمداني . هذا رجل جليل في أصحاب الحديث ، مشهور بالحفظ ، والحكايات تختلف عنه في الحفظ وعظمه ، وكان كوفيا زيديا جاروديا على ذلك حتى مات ، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ومداخلته إياهم وعظم محله وثقته وأمانته " اهـ .[325]

وقد ذكر الخوئي في ترجمته بانه من مشايخ الكليني , قال : " وهو من مشايخ الكليني ، وقد روى عنه في موارد ، كما يأتي في تفصيل طبقات الرواة " اهـ .[326]

بل ان الخوئي ذكر في مقدمة كتاب المعجم , انه يأخذ بتوثيقات ابن عقدة , حيث قال : " 2 - نص أحد الاعلام المتقدمين : ومما تثبت به الوثاقة أو الحسن أن ينص على ذلك أحد الاعلام ، كالبرقي ، وابن قولويه ، والكشي ، والصدوق ، والمفيد ، والنجاشي ، والشيخ وأضرابهم . وهذا أيضا لا إشكال فيه ، وذلك من جهة الشهادة وحجية خبر الثقة . وقد ذكرنا في أبحاثنا الأصولية أن حجية خبر الثقة لا تختص بالأحكام الشرعية ، وتعم الموضوعات الخارجية أيضا ، إلا فيما قام دليل على اعتبار التعدد كما في المرافعات ، كما ذكرنا أنه لا يعتبر في حجية خبر الثقة العدالة . ولهذا نعتمد على توثيقات أمثال ابن عقدة وابن فضال وأمثالهما " اهـ .[327]

وقال النوبختي في افتراق الشيعة بعد موت جعفر بن محمد رحمه الله : " فلما توفي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام افترقت شيعته بعده ست فرق ................................

ففرقة منها قالت أن جعفر بن محمد حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر ويلي أمر الناس وأنه هو المهدي ، وزعموا أنهم رووا عنه أنه قال إن رأيتم رأسي قد أهوى عليكم من جبل فلا تصدقوه فإني أنا صاحبكم وأنه قال لهم إن جاءكم من يخبركم عني أنه مرضني وغسلني وكفنني فلا تصدقوه فإني صاحبكم صاحب السيف ، وهذه الفرقة تسمى الناووسية وسميت بذلك لرئيس لهم من أهل البصرة يقال له فلان بن فلان الناووس " اهـ .[328]

ومن فرقة الناووسية عدد من الروايات في كتب الامامية , ومنهم: ابان بن عثمان الاحمر , وسعد بن طريف , وعنبسة بن مصعب , حيث جاء في تراجمهم , قال الحلي : " 3 - ابان بن عثمان الاحمر. قال الكشي رحمه الله: قال محمد بن مسعود: حدثني علي بن الحسن ابن فضال، قال: كان ابان بن عثمان من الناووسية، وكان مولى لبجيلة وكان يسكن الكوفة، ثم قال أبو عمرو الكشي: ان العصابة اجمعت على تصحيح ما يصح عن ابان بن عثمان والاقرار له بالفقه. والاقرب عندي قبول روايته، وان كان فاسد المذهب للاجماع المذكور " اهـ .[329]

وقال ابن داود : " 207 - سعد بن طريف ، بالطاء المهملة ، الحنظلي وقيل الدئلي وهو الإسكاف ، ويقال الخفاف ين ، قر ، ق ( كش ) قال حمدويه : كان ناووسيا وقف على أبي عبد الله عليه السلام حديثه يعرف وينكر ( غض ) في حديثه نظر وهو يروي عن الأصبغ بن نباتة " اهـ .[330]

وفي اختيار معرفة الرجال : " قال حمدويه : سعد الإسكاف وسعد الخفاف وسعد بن طريف واحدا . قال نصر : وقد أدرك علي بن الحسين ، قال حمدويه : وكان ناووسيا وفد على أبي عبد الله عليه السلام " اهـ .[331]

وفي اختيار معرفة الرجال : " 676 - قال حمدويه . عنبسة بن مصعب ناووسي ، واقفي على أبي عبد الله عليه السلام ، وانما سميت الناووسية برئيس كان لهم يقال له : فلان بن فلان الناووس " اهـ .[332]

وقال النوبختي في فرق  الشيعة : " فلما توفي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام افترقت شيعته بعده ست فرق " اهـ .[333]

ثم ذكر من ضمن هذه الفرق فرقة الفطحية  , ولقد كانت هذه الفرقة تضم كبار علماء الشيعة في ذلك العصر , فقال : " " والفرقة الخامسة منهم قالت : الإمامة بعد حعفر في ابنه عبد الله بن جعفر الأفطح وذلك أنه كان عند مضي جعفر أكبر ولده سنا وجلس مجلس أبيه وادعى الإمامة ووصية أبيه ، واعتلوا بحديث يروونه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أنه قال الإمامة في الأكبر من ولد الإمام فمال إلى عبد الله والقول بإمامته جل من قال بإمامة أبيه جعفر بن محمد غير نفر يسير عرفوا الحق فامتحنوا عبد الله بمسائل في الحلال والحرام من الصلاة والزكاة وغير ذلك فلم يجدوا عنده علما ، وهذه الفرقة القائلة بإمامة عبد الله بن جعفر هي الفطحية وسموا بذلك لأن عبد الله كان أفطح الرأس وقال بعضهم كان أفطح الرجلين وقال بعض الرواة نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن فطيح ومال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها ولم يشكوا في أن الإمامة في عبد الله بن جعفر وفي ولده من بعده فمات عبد الله ولم يخلف ذكرا فرجع عامة الفطحية عن القول بإمامته سوى قليل منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر وقد كان رجع جماعة منهم في حياة عبد الله إلى موسى بن جعفر عليهما السلام ثم رجع عامتهم بعد وفاته عن القول به وبيقي بعضهم على القول بإمامته ثم إمامة موسى بن جعفر من بعده وعاش عبد الله بن جعفر بعد أبيه سبعين يوما أو نحوها " اهـ .[334]

فمن كبار علماء الفطحية المعتبرين عند الرافضة علي بن الحسن بن فضال قال عنه النجاشي في رجاله : " [ 676 ] علي بن الحسن بن علي بن فضال بن عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعي الفياض أبو الحسن ، كان فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجههم ، وثقتهم ، وعارفهم بالحديث ، والمسموع قوله فيه . سمع منه شيئا كثيرا ، ولم يعثر له على زلة فيه ولا ما يشينه ، وقل ما روى عن ضعيف ، وكان فطحيا ، ......... وقد صنف كتبا كثيرة ، منها ما وقع إلينا : كتاب الوضوء ، كتاب الحيض والنفاس ، كتاب الصلاة ،...........، كتاب إثبات إمامة عبد الله " اهـ .[335]

ولقد كان من تمسك ابن فضال هذا بامامة عبد الله الافطح انه الف كتابا في امامة عبد الله الافطح كما ذكر النجاشي .

وقد نقل الخوئي عن الكشي ان ابن فضال هذا من العلماء الفقهاء  , حيث قال في المعجم : "  وتقدم عن الكشي في ترجمة عبد الله بن بكير ، عد محمد بن مسعود علي بن الحسن بن علي بن فضال من أجلة الفقهاء العلماء " اهـ .[336]

ومن علو منزلة ابن فضال هذا , ان الخوئي يعتمد على توثيقاته للرواة , وقد ذكرت ذلك عند كلامي عن ابن عقدة , وسوف اكتفي بالشاهد هنا حيث يقول الخوئي : " ولهذا نعتمد على توثيقات أمثال ابن عقدة وابن فضال وأمثالهما " اهـ .[337]

ومن الفطحية المشهورين عند الرافضة عبد الله بن بكير , قال عنه الطوسي : "

[ 461 ] 31 -  عبد الله بن بكير ، فطحي المذهب ، الا انه ثقة . له كتاب ، رويناه بالاسناد الأول عن ابن بطة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عنه " اهـ .[338] .

بل ان الرافضة يعدون ابن بكير هذا من اصحاب الاجماع ومن العلماء الفقهاء , والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام , كما ذكر الخوئي في ترجمة عبد الله بن بكير في المعجم نقلا عن المفيد , والكشي فيما يتعلق به , حيث يقول : " وعده المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام، الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم. روى (عبد الله بن بكير) عن بعض أصحابنا عن الصادق (عليه السلام)، وروى عنه ابن فضال. كامل الزيارات: الباب 16، في ما نزل به جبرئيل (عليه السلام) في الحسين بن علي (عليهما السلام)، الحديث 5. روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وروى عنه الحسن بن علي بن فضال. تفسير القمي: سورة الانبياء، في تفسير قوله تعالى: (وآتيناه أهله ومثلهم معهم). وقال الكشي (189) عبد الله بن بكير بن أعين. " قال محمد بن مسعود: عبد الله بن بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا، منهم: ابن فضال - يعني الحسن بن علي - وعمار الساباطي، وعلي بن أسباط، وبنو الحسن بن علي بن فضال علي وأخواه، ويونس بن يعقوب، ومعاوية ابن حكيم، وعد عدة من أجلة الفقهاء العلماء " (إنتهى) " اهـ .[339]

وابن بكير هذا كذاب قد كذب في رواية اسندها للمعصوم باعتراف علماء الامامية , قال محي الدين الموسوي : " بل إن الشهيد نفسه نقل عن الشيخ الطوسي : الجرح الصريح لابن بكير ، وأنه قال ـ عند ذكر حديث له أسنده الى زرارة ـ : « ان اسناده الى زرارة وقع نصرة لمذهبه الذي أفتى به لما رأى أن أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه ». وقال : « وقد وقع منه من العدول عن اعتقاد مذهب الحق الى الفطحية ما هو معروف. والغلط في ذلك أعظم من الغلط في اسناد فتياً يعتقد صحته لشبهة دخلت عليه الى بعض أصحاب الأئمة عليهم السلام »  ومقتضى هذا التصريح من الشيخ صدور الكذب الصريح من عبد الله بن بكير في اسناد الحديث الى ثقات المعصوم ع" اهـ .[340]

ومن هؤلاء الفطحية ايضا معاوية بن حكيم , قال عنه النجاشي : " معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني ثقة ، جليل ، في أصحاب الرضا عليه السلام . قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله : سمعت شيوخنا يقولون : روى معاوية بن حكيم أربعة وعشرين أصلا لم يرو غيرها . وله كتب ، منها : كتاب الطلاق ، وكتاب الحيض ، وكتاب الفرائض ، و كتاب النكاح ، وكتاب الحدود ، وكتاب الديات ، وله نوادر . أخبرنا محمد بن جعفر قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال عنه بكتبه " اهـ .[341]

وفي اختيار معرفة الرجال : " في محمد بن الوليد الخزاز ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد 1062 - قال أبو عمرو : هؤلاء كلهم فطحية ، وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول ، وبعضهم أدرك الرضا عليه السلام ، وكلهم كوفيون " اهـ .[342]

وقد ذكر الجواهري خلاصة قول الخوئي فيه فقال : " 12446 – 12442 – 12471 -  معاوية بن حكيم بن معاوية : بن عمار الدهني - ثقة - من أصحاب الرضا ، والهادي ، والجواد ، وموسى ( ع ) - روى في كامل الزيارات وتفسير القمي - فطحي - طريق الصدوق اليه صحيح - طريق الشيخ اليه ضعيف " اهـ . [343].

والعجب من معاوية بن حكيم هذا انه لم يدرك عصر الافطح , ومع هذا يقول بامامته , ثم نجد انه من اصحاب الرضا , والهادي , والجواد , وموسى , ويبقى على الاعتقاد بامامة عبد الله الافطح , وهنا نتسائل ونقول , لماذا لم يبين هؤلاء الائمة الحق لابن حكيم ببطلان امامة الافطح , اين واجب هذا الامام ؟ ! اين الدليل على امامة الاثنى عشر باسمائهم كما يقول الرافضة ؟ !

يقول الخوئي في المعجم : " وأما ما احتمله بعضهم من حمل كلام الكشي على أنه كان فطحيا أولا ، ثم رجع عن ذلك بعد موت عبد الله بن أفطح ، فهو عجيب ، فإن معاوية بن حكيم لم يدرك زمان عبد الله الأفطح جزما ، على أنه خلاف ظاهر عبارة الكشي من أن معاوية بن حكيم فطحي على الاطلاق " اهـ .[344]

ثم نجد الكليني يذكر راي ابن حكيم هذا في الكافي , وهذا يدل على تقدمه , وعلو مقامه , ومنزلته عند الرافضة , حيث يقول الكليني :" وكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُكَيْمٍ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ عِدَّة " اهـ .[345]

ومن علماء الفطحية عمار الساباطي , يقول الطوسي : " عمار بن موسى الساباطي ، كان فطحيا . له كتاب كبير ، جيد معتمد " اهـ .[346]

وقال الخوئي في ترجمة الساباطي : " وعده محمد بن مسعود من فقهاء أصحابنا، تقدم ذلك في ترجمة عبد الله بن بكير، وعده الشيخ المفيد في رسالته العددية، من الفقهاء والأعلام الرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم" اهـ .[347]

ومن علماء الفطحية اسحاق بن عمار الساباطي , قال الطوسي : "[ 52 ] 1 - إسحاق بن عمار الساباطي ، له أصل ، وكان فطحيا الا انه ثقة ، واصله معتمد عليه " اهـ .[348]

ومن الفطحية ايضا احمد بن الحسن بن علي بن فضال , قال الحر العاملي : " أحمد بن الحسن بن علي بن فضال : كان فطحيا غير أنه ثقة في الحديث ، قاله الشيخ والعلامة ، والنجاشي . وذكره الشيخ في رجال الهادي والعسكري عليهما السلام " اهـ .[349]

ومن الفطحية ايضا عمرو بن سعيد المدائني , يقول الخوئي في ترجمته :" 8931 - عمرو بن سعيد المدائني : قال النجاشي : " عمرو بن سعيد المدائني : ثقة ، روى عن الرضا عليه السلام ، له كتاب يرويه جماعة . أخبرنا أبو الحسن الجندي ، قال حدثنا أبو علي بن همام ، قال : حدثنا أحمد ابن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن عمرو بن سعيد ، بكتابه " اهـ .[350]

وقال الخوئي في ترجمة المدائني : "  وقال الكشي ( 507 ) عمرو بن سعيد المدائني : " قال نصر بن الصباح : عمرو بن سعيد فطحي " . أقول : لا اعتماد على قول نصر ، ولكن لا ينبغي الاشكال في أنه كان فطحيا لشهادة الشيخ بذلك ، قال : ذكر عمرو بن سعيد المدائني وكان فطحيا " اهـ .[351]

وهناك غير هؤلاء من الفطحية ولكننا نكتفي بذكر هؤلاء , ونسأل الامامية هنا ونقول لهم اين غابت تلك النصوص المتواترة في اسماء الائمة التي تدعونها ؟ ! هل غابت عن كل هؤلاء العلماء ؟ ! ثم نقول لماذا لم يبين الائمة النصوص الواضحة البينة الجلية التي نصت على الائمة ؟ , ومن وجه اخر نقول ان هؤلاء الفطحية كانوا يقولون بامامة موسى الكاظم والرضا , والذين من بعدهم من الائمة , فهل ياترى اخبرهم هؤلاء الائمة بان امامة الافطح باطلة ام لا ؟ ! اذا كان الائمة قد بينوا ذلك لهؤلاء فلماذا لم يصدق هؤلاء الفطحية كلام الائمة ؟ وان لم يبين الائمة لهؤلاء الفطحية بطلان امامة الافطح , فما هي الفائدة من هؤلاء الائمة وهم لم يبينوا مثل هذا الامر العظيم ؟ ! .

وقال النوبختي عن اصحاب موسى بن جعفر رحمه الله وافتراقهم بعد موته : " ثم إن جماعة المؤتمين بموسى بن جعفر لم يختلفوا في أمره فثبتوا على إمامته إلى حبسه في المرة الثانية ثم اختلفوا في أمره فشكوا في إمامته عند حبسه في المرة الثانية التي مات فيها في حبس الرشيد فصاروا خمس فرق  فرقة منهم زعمت أنه مات في حبس السندي بن شاهك وأن يحيى بن خالد البرمكي سمه في رطب وعنب بعثهما إليه فقتله وأن الإمام بعد موسى علي بن موسى الرضا فسميت هذه الفرقة القطعية لأنها قطعت على وفاة موسى بن جعفر وعلى إمامة علي ابنه بعده ولم تشك في أمرها ولا ارتابت ومضت على المنهاج الأول

وقالت الفرقة الثانية أن موسى بن جعفر لم يمت وأنه حي ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها ويملأها كلها عدلا كما ملئت جورا وأنه القائم المهدي ، وزعموا أنه خرج من الحبس ولم يره أحد نهارا ولم يعلم به وأن السلطان وأصحابه ادعوا موته وموهوا على الناس وكذبوا وأنه غاب عن الناس واختفى ورووا في ذلك روايات عن أبيه جعفر بن محمد عليها السلام أنه قال هو القائم المهدي فإن يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدقوا فإنه القائم

وقال بعضهم أنه القائم وقد مات ولا تكون الإمامة لغيره حتى يرجع فيقوم ويظهر ، وزعموا أنه قد رجع بعد موته إلا أنه مختلف في موضع من المواضع حي يأمر وينهى وأن أصحابه يلقونه ويرونه ، واعتلوا في ذلك بروايات عن أبيه أنه قال سمي القائم قائما لأنه يقوم بعدما يموت

وقال بعضهم أنه قد مات وأنه القائم وأن فيه شبها من عيسى بن مريم صلى الله عليه وأنه لم يرجع ولكنه يرجع في وقت قيامه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وأن أباه قال أن فيه شبها من عيسى بن مريم وأنه يقتل في يدي ولد العباس فقد قتل وأنكر بعضهم قتله وقالوا مات ورفعه الله إليه وأنه يرده عند قيامه فسموا هؤلاء جميعا الواقفة لوقوفهم على موسى بن جعفر أنه الإمام القائم ولم يأتموا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره

وقد قال بعضهم ممن ذكر أنه حي أن الرضا عليه السلام ومن قام بعده ليسوا بأئمة ولكنهم خلفاؤه واحدا بعد واحد إلى أوان خروجه وأن على الناس القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم ، وقد لقب الواقفة بعض مخالفيها ممن قال بإمامة علي بن موسى الممطورة وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها ، وكان سبب ذلك أن علي بن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمن ناظرا بعضهم فقال له علي بن إسماعيل وقد اشتد الكلام بينهم ما أنتم إلا كلاب ممطورة

أراد أنكم أنتن من جيف لأن الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف فلزمهم هذا اللقب فهم يعرفون به اليوم لأنه إذا قيل للرجل أنه ممطور فقد عرف أنه من الواقفة على موسى بن جعفر خاصة لأن كل من مضى منهم فله واقفة قد وقفت عليه وهذا اللقب لأصحاب موسى خاصة

وقالت فرقة منهم لا ندري أهو حي أم ميت لأنا قد روينا فيه أخبارا كثيرة تدل على أنه القائم المهدي فلا يجوز تكذيبها وقد ورد علينا من خبر وفاة أبيه وجده والماضين من آبائه عليهم السلام في معنى صحة الخبر فهذا أيضا مما لا يجوز رده وإنكاره لوضوحه وشهرته وتواتره من حيث لا يكذب مثله ولا يجوز التواطؤ عليه والموت حق والله عز وجل يفعل ما يشاء فوقفنا عند ذلك على إطلاق موته وعلى الإقرار بحياته ونحن مقيمون على إمامته لا نتجاوزها حتى يصح لنا أمره وأمر هذا الذي نصب نفسه مكانه وادعى الإمامة يعنون علي بن موسى الرضا فإن صحت لنا إمامته كإمامة أبيه من قبله بالدلالات والعلامات الموجبة للإمامة بالإقرار منه على نفسه بإمامته وموت أبيه لا بإخبار أصحابه سلمنا له ذلك وصدقناه ، وهذه الفرقة أيضا من الممطورة ، وقد شاهد بعضهم من أبي الحسن الرضا عليه السلام أمورا فقطع عليه بالإمامة ، وصدقت فرقة منهم بعد ذلك روايات " اهـ .[352]

ان الواقفة الذين ذكرهم النوبختي من ضمن فرق الشيعة هم في الحقيقة من كبار علماء الشيعة في تلك الفترة , ولقد كانوا من اصحاب الائمة المعروفين المشهورين , وسوف يعلم القراء الكرام من خلال ما ورد في كتب الشيعة منزلة هؤلاء الواقفة .

فمن علماء الواقفة الذين ذكرهم الشيعة في كتبهم ابراهيم بن عبد الحميد , قال الطوسي عنه : "  [ 12 ] 12 - إبراهيم بن عبد الحميد ، ثقة . له أصل " اهـ .[353]

وقال في رجاله : "  [ 4947 ] 26 - إبراهيم بن عبد الحميد ، واقفي " اهـ .[354]

وقال ايضا : "  [ 5195 ] 1 - إبراهيم بن عبد الحميد ، من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ، أدرك الرضا عليه السلام ، ولم يسمع منه علي قول سعد بن عبد الله ، واقفي ، له كتاب" اهـ .[355]

هذا الواقفي عند الرافضة ثقة وله كتاب يعده الرافضة من الاصول .

ومن الواقفة ايضا اسحاق بن جرير , قال النجاشي : " 170 -  إسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي ، أبو يعقوب ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، ذكر ذلك أبو العباس " اهـ .[356]

وقال الطوسي : " [ 53 ] 2 - إسحاق بن جرير . له أصل ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن جرير . ورواه حميد بن زياد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه " اهـ .[357]

وقال : " إسحاق بن جرير ، واقفي " اهـ .[358]

ونقل الخوئي في المعجم عن المفيد في اسحاق بن جرير ما نصه : "  وعده الشيخ المفيد - قدس سره - في رسالته العددية من الفقهاء الاعلام ، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام ، والفتيا والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم " اهـ .[359]

ان هذا الواقفي عند الشيعة ثقة ايضا ومن اصحاب الاصول , بل ان المفيد قد جعله من الرؤساء الاعلام .

ومن الواقفة ايضا عند الرافضة , ابو عبد الله بن ثابت , قال الخوئي : " 14501 - أبو عبد الله بن ثابت : تقدم في ترجمة حميد بن زياد أنه ثقة ، ومن رجال الواقفة " اهـ .[360]

وقال عنه في موضع اخر : " قال أبو غالب الزراري في رسالته إلى ولده ص 189 : " وسمعت من حميد ابن زياد وأبي عبد الله ابن ثابت ، وأحمد بن رياح وهؤلاء من رجال الواقفة ، إلا أنهم كانوا فقهاء ثقات في حديثهم كثيري الدراية " اهـ .[361]

ومن الواقفة ايضا احمد بن ابي بشر السراج , قال النجاشي : " [ 181 ] أحمد بن أبي بشر السراج كوفي ، مولى ، يكنى أبا جعفر ، ثقة في الحديث ، واقف ، روى عن موسى بن جعفر [ عليه السلام ] " اهـ .[362]

ومن الواقفة ايضا احمد بن الحسن بن اسماعيل , قال النجاشي : " [ 179 ] أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار مولى بني أسد . قال أبو عمرو الكشي : كان واقفا ، و ذكر هذا عن حمدويه عن الحسن بن موسى الخشاب قال : أحمد بن الحسن واقف . وقد روى عن الرضا عليه السلام . وهو على كل حال ثقة ، صحيح الحديث ، معتمد عليه " اهـ .[363]

ومن الواقفة ايضا احمد بن محمد بن رياح , قال ابو غالب الزراري : " وسمعت من حميد بن زياد  وأبى عبد الله بن ثابت  ، وأحمد بن محمد بن رياح  وهؤلاء من رجال الواقفة الا انهم كانوا فقهاء ، ثقات في حديثهم كثيري الرواية " اهـ .[364]

ومن الواقفة ايضا حميد بن زياد , قال عنه النجاشي : " [ 339 ] حميد بن زياد بن حماد بن حماد بن زياد هوار الدهقان أبو القاسم ، كوفي سكن سورا ، و انتقل إلى نينوى - قرية على العلقمي إلى جنب الحائر على صاحبه السلام ، - كان ثقة واقفا ، وجها فيهم . سمع الكتب وصنف كتاب الجامع في أنواع الشرائع .............. ومات حميد سنة عشر وثلاثمائة " اهـ .[365]

نلاحظ ان الواقفي هذا كان واسع الاطلاع وكان فقيها , كما ذكر ابو غالب الزراري , وقد مات حميد بن زياد هذا كما يذكر النجاشي في سنة 310 علما ان موسى بن جعفر الذي وقفوا عليه مات في سنة 183 أي ان عقيدة الواقفة كانت منتشرة في عصر باقي الائمة الى اوقات متاخرة جدا .

ومن الواقفة ايضا ادريس بن الفضل الخولاني , قال النجاشي : " [ 258 ] ادريس بن الفضل بن سليمان الخولاني أبو الفضل كوفي ، واقف ، ثقة ، له كتاب الأدب ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة " اهـ .[366]

ومنهم ايضا الحسن بن محمد بن سماعة , قال النجاشي : " الحسن بن محمد بن سماعة أبو محمد الكندي الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة وكان  يعاند في الوقف ويتعصب " اهـ .[367]

وقال الطوسي : "  [ 4994 ] 25 - الحسن بن محمد بن سماعة ، واقفي ، مات سنة ثلاث وستين ومائتين ، يكني أبا علي ، له كتب ذكرناها في الفهرست " اهـ .[368]

وقال عنه ايضا : "  [ 193 ] 33 - الحسن بن محمد بن سماعة الكوفي ، واقفي المذهب ، الا انه جيد التصانيف ، نقي الفقه ، حسن الانتقاد . وله ثلاثون كتابا " اهـ .[369]

ومن الواقفة ايضا الحسين بن المختار القلانسي , قال الحر العاملي : " الحسين بن المختار القلانسي : عده المفيد في ( إرشاده ) من خاصة الكاظم عليه السلام وثقاته ، وأهل الورع والعلم والفضل من شيعته . وقال الشيخ : إنه واقفي . وقال ابن عقدة عن علي بن الحسن : إنه ثقة ، نقله العلامة " اهـ .[370]

ولقد ذكره الطوسي في اصحاب الصادق والكاظم فقال : " [ 2211 ] 68 - الحسين بن المختار القلانسي الكوفي " اهـ .[371]

وقال : "  [ 4972 ] 3 - الحسين بن المختار القلانسي ، واقفي ، له كتاب " اهـ .[372]

ومن الواقفة ايضا حنان بن سدير , قال الطوسي : " 6 - حنان بن سدير. له كتاب - وهو ثقة رحمه الله - روينا كتابه بالاسناد الاول عن ابن ابي عمير، عن الحسن بن محبوب، عنه " اهـ .[373]

ولقد ذكره الطوسي في اصحاب موسى بن جعفر , فقال : " [ 4974 ] 5 -

حنان بن سدير الصيرفي ، واقفي " اهـ .[374]

الطوسي يترحم على حنان بن سدير الواقفي الذي انكر امامة الرضا ومن بعده من الائمة !!! .

وقال ابن داود : " 168 - حنان بالحاء المهملة المفتوحة والنونين، بن سدير بن حكيم ابن صهيب، أبو الفضل الصيرفي كوفي ق، م (جش) كان دكان حنان في سدة الجامع على بابه في موضع البزازين، وعمر طويلا (كش) سمعت حمدويه عن أشياخه أنه واقفى (جخ، ست) ثقة " اهـ .[375]

ومن الواقفة ايضا داود بن الحصين , قال الخوئي : " 4391 داود بن الحصين: قال النجاشي: " داود بن حصين الاسدي: مولاهم، كوفي، ثقة ،............... وقال الشيخ (279): " داود بن الحصين له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن العباس ابن عامر، عنه، ورواه حميد بن زياد، عن القاسم بن اسماعيل القرشي، عنه ". وعده في رجاله مع توصيفه بالكوفي في أصحاب الصادق عليه السلام  وفي أصحاب الكاظم عليه السلام  قائلا: واقفي " اهـ .[376]

ومن الواقفة ايضا زرعة بن محمد  , قال النجاشي : " زرعة بن محمد أبو محمد الحضرمي ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، و كان صحب سماعة وأكثر عنه ووقف " اهـ .[377]

وقال الطوسي : "  [ 313 ] 2 - زرعة بن محمد الحضرمي ، واقفي المذهب . له أصل ، أخبرنا به عدة من أصحابنا ، عن محمد بن علي بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن محمد الحضرمي ، عنه " اهـ .[378]

واقفي ثقة له اصل عند الامامية !

ومن الواقفة زياد بن مروان القندي , قال الحر العاملي : " زياد بن مروان ، القندي : واقفي ، قاله النجاشي ، والعلامة ، والشيخ . وعده المفيد في ( إرشاده ) من خاصة أبي الحسن موسى عليه السلام ، وثقاته ، وأهل الورع والعلم ، والفقه ، من شيعته ، وروى عنه نصا منه على ابنه الرضا عليه السلام . وقال الشيخ : ( كتابه ) يعد في الأصول " اهـ .[379]

واقفي من ثقات المعصوم وكتابه يعد في الاصول ! .

ومن الواقفة ايضا عبد الكريم بن عمرو الخثعمي , قال النجاشي : " عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي مولاهم ، كوفي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، ثم وقف على أبي الحسن [ عليه السلام ] ، كان ثقة ثقة عينا ، يلقب كراما " اهـ .[380]

واقفي ثقة ثقة عين !

بل ان المفيد عده في رسالته العددية من الرؤساء الاعلام كما نقل ذلك الخوئي في ترجمة الخثعمي , حيث قال  : " وعد الشيخ المفيد في رسالته العددية الكرام الخثعمي من الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق لذم واحد منهم " اهـ .[381]

ومن الواقفة ايضا الطاطري , قال الطوسي : " [ 390 ] 17 - علي بن الحسن الطاطري الكوفي ، كان واقفيا شديد العناد في مذهبه، صعب العصبية على من خالفه من الامامية. وله كتب كثيرة في نصرة مذهبه، وله كتب في الفقه، رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم، فلاجل ذلك ذكرناها " اهـ .[382]

وقال النجاشي : " علي بن الحسن بن محمد . الطائي الجرمي المعروف بالطاطري وإنما سمي بذلك لبيعه ثيابا يقال لها الطاطرية ، يكنى أبا الحسن ، وكان فقيها ، ثقة في حديثه ، وكان من وجوه الواقفة وشيوخهم " اهـ .[383]

ومن الواقفة ايضا غالب بن عثمان المنقري, قال الحر العاملي : " غالب بن عثمان ، المنقري ، مولاهم : كوفي ، سمال - بمعنى كحال - وقيل : إنه مولى أعين ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ثقة وكان واقفيا قاله العلامة ، ووثقه النجاشي . وقال الشيخ : إنه واقفي " اهـ .[384]

ومن الواقفة ايضا محمد بن بكر بن جناح , قال الجواهري : " 10321 - 10316 - 10343 - محمد بن بكر بن جناح : أبو عبد الله كوفي مولى - ثقة - من أصحاب الكاظم ( ع ) - له كتاب - واقفي - روى عدة روايات - و هو غير بكر بن محمد بن جناح " المتقدم 1865 " اهـ .[385]

ومن الادلة على بطلان النصوص التي يدعيها الامامية على تعيين الائمة ما ورد في كتب الامامية من مبدأ الشورى , ففي نهج البلاغة قول علي رضي الله عنه : " إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالاْنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْن أَوْ بِدْعَة رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ منه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى " اهـ .[386]

ففي هذا النص نجد ان عليا رضي الله عنه يجعل الشورى في اختيار الخليفة للمهاجرين والانصار , والشورى مفهوم قراني في هذه الامة العظيمة , قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( 38 ) : الشورى } , ولقد ذكر الله تعالى في القران الكريم ان طريقة السابقين الاولين من المهاجرين والانصار ومن تبعهم باحسان هي الطريقة المرضية له سبحانه وتعالى , قال تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) : التوبة } , ولهذا نجد ان عليا رضي الله عنه قد جعل مرضاة الله تعالى متحققة بشورى المهاجرين والانصار في اختيار الخليفة , واما اذا ادعى الامامية ان قول علي رضي الله عنه من باب الزام معاوية بما يعتقد , فاقول ان هذا مردود والدليل عليه من كتب الامامية ما جاء في كتاب سليم بن قيس : "  الرسالة السرية من معاوية إلى زياد بن أبيه أبان عن سليم قال : كان لزياد بن سمية كاتب يتشيع وكان لي صديقا ، فأقرأني كتابا كتبه معاوية إلى زياد

جواب كتابه إليه : سيرة معاوية في قبايل العرب أما بعد ، فإنك كتبت إلي تسألني عن العرب ، من أكرم منهم ومن أهين ومن أقرب ومن أبعد ، ومن آمن منهم ومن أحذر ؟ وأنا - يا أخي - أعلم الناس بالعرب . انظر إلى هذا الحي من اليمن ، فأكرمهم في العلانية وأهنهم في الخلاء فإني كذلك أصنع بهم ، أقرب مجالسهم وأريهم أنهم آثر عندي من غيرهم ويكون عطائي وفضلي على غيرهم سرا منهم لكثرة من يقاتلني منهم مع هذا الرجل . وانظر ( ربيعة بن نزار ) ، فأكرم أشرافهم وأهن عامتهم ، فإن عامتهم تبع لأشرافهم وساداتهم . وانظر إلى ( مضر ) فاضرب بعضها ببعض فإن فيهم غلظة وكبرا وأبهة ونخوة شديدة ، وإنك إذا فعلت ذلك وضربت بعضهم ببعض كفاك بعضهم بعضا ، ولا ترض بالقول منهم دون الفعل ولا بالظن دون اليقين . سيرة معاوية في إهانة العجم والموالي وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم ، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فإن في ذلك خزيهم وذلهم ، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحوهم وأن ترثهم العرب ولا يرثوهم  وأن تقصر بهم في عطائهم وأرزاقهم ، وأن يقدموا في المغازي يصلحون الطريق ويقطعون الشجر ، ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة ولا يتقدم أحد منهم في الصف الأول إذا حضرت العرب إلا أن يتموا الصف . ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم ، ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فإن هذه سنة عمر فيهم وسيرته ، جزاه الله عن أمة محمد وعن بني أمية خاصة أفضل الجزاء كيف طمع معاوية في الخلافة وكيف نالها ؟ فلعمري لولا ما صنع هو وصاحبه وقوتهما وصلابتهما في دين الله لكنا وجميع هذه الأمة لبني هاشم الموالي ، ولتوارثوا الخلافة واحدا بعد واحد كما يتوارث أهل كسرى وقيصر ، ولكن الله أخرجها بأيديهما من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة ، ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب ، وليس في قريش حيان أقل وأذل منهما ولا أنذل ، فأطمعانا فيها وكنا أحق منهما ومن عقبهما ، لأن فينا الثروة والعز ونحن أقرب إلى رسول الله في الرحم منهما . ثم نالها قبلنا صاحبنا عثمان بشورى ورضا من العامة بعد شورى ثلاثة أيام بين الستة ، ونالها من نالها قبله بغير شورى " اهـ .[387] .

فهذا النص من كتب الامامية يدل على ان معاوية رضي الله عنه لم يكن يعتقد ان خلافة ابي بكر وعمر رضي الله عنهما كانت بالشورى , وانا استشهد بنصوص الامامية من باب الالزام لا اكثر , فارجو ان ينتبه القراء الكرام الى ذلك , فثبت عندنا وفق هذه القرينة ان النص الذي ذكره علي رضي الله عنه في ان شورى المهاجرين والانصار في اختيار الخليفة تتحقق فيه مرضاة الله تعالى هو نص واضح في دلالته , ومن القرائن الدالة على ذلك ايضا ما جاء في كتاب علل الشرائع للصدوق وسوف انقل السند الذي ذكره واستمر في ذكر عدة روايات عن طريقه الى ان وصل الى الرواية التي سأستشهد بها , قال الصدوق : "  214 - حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عليه السلام ....................254 - وباسناده عن النبي (ص)، قال: من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الامة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه، فإن الله عزوجل قد أذن ذلك " اهـ .[388]

وفي مسند الرضا  : " 440 - عنه عن الجعابي ، عن الحسن بن عبد الله التميمي ، عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : من جاء ، يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الأمة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه , فإن الله عز وجل قد أذن ذلك " اهـ .[389]

ففي هذه الرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من كتب الامامية نجد ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد جعل الشورى هي الاصل في تنصيب الخليفة , وان من اراد ان يتولى من غير مشورة , فقد اجاز النبي صلى الله عليه واله وسلم قتله , فلو كان هناك تنصيب الهي لاناس بأعيانهم , فمن المستحيل ان يكون الامر خاضع للشورى في اختيار الخليفة , وذلك لان الاختيار سيكون تحصيل حاصل ولا فائدة فيه , والشريعة منزهة عن مثل هذه الاشياء , ولنفترض ان الشورى تحصيل حاصل , وانه لا بد من اختيار الائمة باعيانهم , فاقول اين هو الامام الثاني عشر ليتولى امر الامة ؟ ! , وهل يجوز اختيار شخص لا يوجد له عين ولا اثر ؟ !!! .

وفي نص المصالحة التي حدثت بين معاوية والحسن رضي الله عنهما كما اوردها الامامية في كتبهم , بجعل الامر شورى بين المسلمين في اختيار الخليفة بعد معاوية رضي الله عنه من النقاط المهمة , قال الاميني : " ولما تصالحا كتب به الحسن كتابا لمعاوية صورته : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي رضي الله عنهما معاوية بن أبي سفيان ، صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين ، على أن يعمل فيها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين ، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين ......." اهـ .[390]

فلو لم تكن الشورى امرا الهيا , وحكما شرعيا , فيكون الامام الحسن رضي الله عنه مطعونا به والعياذ بالله تعالى , وذلك لانه قد اتفق اتفاقا مخالفا للاحكام الالهية , ولا اظن ان احدا يجرؤ على الطعن بالامام الحسن رضي الله عنه بمثل هذا الطعن .

 

 

{ واجبات الامام }

ان للامامة واجبات , ووظائف يجب على الامام ان يلتزم بها , وان قال بعض الامامية لا يصح ان نوجب على الامام شيء , فنقول لهم فكيف صححتم وجوب اللطف على الله تعالى , ومن وجه اخر قد جاءت النصوص صريحة , وكذلك اقوال بعض علماء الامامية بواجبات الامام , قال الروحاني : " قاعدة اللطف وقد اعتمد عليها شيخ الطائفة وتبعه جماعة وتقريبها ، ان الواجب على الإمام ( ع ) الذي هو الحجة على الأنام تبليغ الأحكام الشرعية الموجبة لتكميل النفوس ، وتوصل العباد إلى مناهج الصلاح " اهـ .[391]

وقال محمد رضا الجلالي : " إن من أهم واجبات الإمام هو رعاية المجتمع الإسلامي عن كثب ، وملاحظة كل صغيرة وكبيرة في الحياة الاجتماعية ، ورصدها ، ومحاولة إصلاحها وإرشادها ، ودفع المفاسد والأضرار ، بالأساليب الصالحة ، وبالإمكانات المتوافرة ، دعما للأمة الإسلامية ، وحفظا للمجتمع من الانهيار أو التصدع " اهـ .[392]

وقال الطوسي : " الإمامة : رئاسة عامة دينية مشتملة على ترغيب عموم الناس في حفظ مصالحهم الدينية والدنياوية وزجرهم عما يضرهم بحسبها " اهـ .[393]

وقال المظفر : " فلا بدَّ أن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وارشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين، وله ما للنبي من الولاية العامّة على الناس، لتدبير شؤونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان من بينهم.

وعلى هذا، فالامامة استمرار للنبوّة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الاَنبياء هو نفسه يوجب أيضاً نصب الاِمام بعد الرسول " اهـ .[394]

وقال ايضا : " لاَنّ الاَئمّة حفظة الشرع، والقوَّامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي " اهـ .[395]

وقال المفيد : " اتفق أهل الإمامة  على أنه لا بد في كل زمان من إمام موجود يحتج الله - عز وجل – به على عباده المكلفين ، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين " اهـ .[396]

وقال : " إنما الإمام نصب لأشياء كثيرة : أحدها : الفصل بين المختلفين . الثاني : بيان الحكم للمسترشدين . ولم ينصب لهذين دون غيرهما من مصالح الدنيا والدين ، غير أنه إنما يجب عليه القيام فيما نصب له مع التمكن من ذلك والاختيار ، وليس يجب عليه شئ لا يستطيعه ، ولا يلزمه فعل الإيثار مع الاضطرار ، ولم يؤت الإمام في التقية من قبل الله عز وجل ولا من جهة نفسه وأوليائه المؤمنين ، وإنما أتي ذاك من قبل الظالمين الذين أباحوا دمه ودفعوا  نسبه ، وأنكروا حقه ، وحملوا الجمهور على عداوته ومناصبة القائلين بإمامته . وكانت البلية فيما يضيع من الأحكام ، ويتعطل من الحدود ، ويفوت من الصلاح ، متعلقة بالظالمين ، وإمام الأنام برئ منها وجميع المؤمنين " اهـ . [397] .

وقال الشريف المرتضى : "  [ أصل وجوب الامامة ] أما الذي يدل على وجوب إلامامة في كل زمان: فهو مبني على الضرورة، ومركوز في العقول الصحيحة، فإنا نعلم علما – لا طريق للشك عليه ولا مجال - أن وجود الرئيس المطاع المهيب مدبرا ومتصرفا أردع عن  القبيح وأدعى إلى الحسن، وأن التهارج بين الناس والتباغي إما أن يرتفع عند وجود من هذه صفته من الرؤساء، أو يقل وينزر، وأن الناس عند الاهمال وفقد الرؤساء وعدم الكبراء يتتابعون في القبيح وتفسد أحوالهم وينحل نظامهم. وهذا أظهر وأشهر من أن يدل عليه، والاشارة فيه كافية. وما يسأل عن هذا الدليل من الاسئلة قد استقصيناه وأحكمناه في الكتاب الشافي  فليرجع فيه إليه ه عند الحاجة " اهـ .[398]

وفي نهج البلاغة : " إِنَّهُ لَيسَ عَلَى الامَامِ إِلاَّ مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ: الابْلاَغُ فَي الْمَوْعِظَةِ، وَالاجْتِهَادُ فِي النَّصِيحَةِ، وَالاحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَإِصْدَارُ السُّهْمَانِ عَلَى أَهْلِهَا " اهـ .[399]

وفي الكافي : " باب مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَ حَقِّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْإِمَامِ

1 – الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) مَا حَقُّ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ قَالَ حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَ يُطِيعُوا قُلْتُ فَمَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِمْ قَالَ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَ يَعْدِلَ فِي الرَّعِيَّةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَلَا يُبَالِي مَنْ أَخَذَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا " اهـ .[400]

وفي الرواية التي بعدها قال : " 2 – مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا يَعْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ " اهـ .[401]

وفي الكافي ايضا : " 4 – عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) يَقُولُ نُعِيَتْ إِلَى النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) نَفْسُهُ وَ هُوَ صَحِيحٌ لَيْسَ بِهِ وَجَعٌ قَالَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ قَالَ فَنَادَى ( صلى الله عليه وآله ) الصَّلَاةَ جَامِعَةً وَ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ بِالسِّلَاحِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) الْمِنْبَرَ فَنَعَى إِلَيْهِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ قَالَ أُذَكِّرُ اللَّهَ الْوَالِيَ مِنْ بَعْدِي عَلَى أُمَّتِي أَلَّا يَرْحَمَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَجَلَّ كَبِيرَهُمْ وَ رَحِمَ ضَعِيفَهُمْ وَ وَقَّرَ عَالِمَهُمْ وَ لَمْ يُضِرَّ بِهِمْ فَيُذِلَّهُمْ وَ لَمْ يُفْقِرْهُمْ فَيُكْفِرَهُمْ وَ لَمْ يُغْلِقْ بَابَهُ دُونَهُمْ فَيَأْكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهِمْ وَ لَمْ يَخْبِزْهُمْ فِي بُعُوثِهِمْ فَيَقْطَعَ نَسْلَ أُمَّتِي ثُمَّ قَالَ قَدْ بَلَّغْتُ وَ نَصَحْتُ فَاشْهَدُوا وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) هَذَا آخِرُ كَلَامٍ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) عَلَى مِنْبَرِهِ  " اهـ .[402]

قال المازندراني : " قوله ( و لم يخبزهم في بعوثهم ) الخبز بفتح الخاء المعجمة فالباء الموحدة الساكنة فالزاي المعجمة : السوق الشديد ، عن أبي زيد ، وأنشد : لا تخبزوا خبزا وبسا بسا * و لا تطيلا بمناخ حبسا والبس : السوق اللين ، والبعوث : الجيوش ، جمع بعث وهو الجيش ، تقول كنت في بعث فلان أي في جيشه الذي بعث معه ، وهذا يحتمل وجهين : أحدهما أن الوالي لا ينبغي له أن يسوق  جيشه إلى العدو سوقا شديدا بل ينبغي أن يسوقهم سوقا لينا ويطلب الماء والكلأ والمرعى في سيرهم فإنه أبقى لقوتهم وقوة دوابهم وبهما يتوقع الغلبة على العدو ، وثانيهما أنه ينبغي أن لا ينهض المسلمين كلهم دفعة فإنه قد يوجب قتل جميعهم فينقطع نسل الأمة " اهـ .[403]

وقال الصدوق : "  3266 -  وفي رواية أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي عليه السلام أنه قال : " يجب على الامام أن يحبس الفساق من العلماء والجهال من الأطباء ، والمفاليس  من  الاكرياء " اهـ .[404]

وقال الحر العاملي : " 9 -  باب انه يجب على الامام قضاء الدين عن المؤمن المعسر من سهم الغارمين أو غيره إن كان انفقه في طاعة الله الا المهر" اهـ .[405]

وقال الحلي : " 1352 . الثامن : يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كل سنة ، وأطلق الشيخ ذلك  ، وعندي انه لو علم من قوم أداءها إليه أو إلى المستحقين ، لم يجب البعث إليهم " اهـ .[406]

وقال : " 3002 . الثالث والعشرون : يجب على الإمام إجبار المحتكر على البيع مع تحقق الاحتكار " اهـ .[407]

وقال : " مسألة 167 : يجب على الإمام أن يبعث ساعيا في كل عام لتحصيل الصدقات من أربابها ، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعثهم في كل عام ، فيجب اتباعه ، ولأن تحصيل ، الزكاة غالبا إنما يتم به ، وتحصيل الزكاة واجب فيجب ما لا يتم إلا به " اهـ . [408].

وقال الميرزا القمي : " يجب على الإمام والفقيه إجبار الممتنع على الزكاة والأخذ منه كرها ، إقامة للمعروف ، وإزاحة للمنكر " اهـ .[409]

وقال الجواهري : "  قال الشيخ : لا يجب على الشهود حضور موضع الرجم ) للأصل  ولعل الأشبه الوجوب ، لوجوب بدأتهم بالرجم ) نصا  وإجماعا محكيا كما تقدم الكلام فيه سابقا وكذا يجب على الإمام الحضور ليبدأ بالرجم الذي أثبته الاقرار ، بل قد يفهم من النصوص السابقة المتضمنة لابتداء رجم الشهود ثم الإمام وجوب حضوره ( عليه السلام ) أيضا لو ثبت الزناء بالبينة ، والله العالم " اهـ .[410]

وفي الاستبصار : " ( 809 ) 18 -  ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد المحمودي عن أبيه عن يونس عن حسين بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : الواجب على الامام إذا نظر إلى رجل يزني أو شرب خمرا أن يقيم عليه الحد ولا يحتاج إلى بينة مع نظره لأنه أمين الله في خلقه ، وإذا نظر إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه ، قلت : كيف ذلك ؟ قال لان الحق إذا كان لله فالواجب على الامام اقامته وإذا كان للناس فهو للناس " اهـ .[411]

ومن واجبات الامام ايضا حضور رجم الزاني , وابتدائه اذا كان الزاني معترفا على نفسه .

قال الكليني : "  باب صِفَةِ الرَّجْمِ 1 – عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) تُدْفَنُ الْمَرْأَةُ إِلَى وَسَطِهَا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَرْجُمُوهَا وَ يَرْمِي الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ بَعْدُ بِأَحْجَارٍ صِغَارٍ " اهـ .[412]

وفيه ايضا : " 2 – عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ تُدْفَنُ الْمَرْأَةُ إِلَى وَسَطِهَا ثُمَّ يَرْمِي الْإِمَامُ ثُمَّ يَرْمِي النَّاسُ بِأَحْجَارٍ صِغَارٍ " اهـ .[413]

وقال الطوسي : " مسألة 14 : إذا ثبت الزنا بالبينة ، لم يجب على الشهود حضور موضع الرجم . وبه قال الشافعي  . وقال أبو حنيفة : يلزمهم ذلك  . دليلنا : أن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب الحضور عليهم يحتاج إلى دليل . وقد روى أصحابنا أنه إذا وجب الرجم بالبينة ، فأول من يرجمه الشهود ، ثم الإمام . وإن كان مقرا على نفسه كان أول من يرجمه الإمام ، فعلى هذا يلزمهم الحضور " اهـ .[414]

وقال ابن حمزة الطوسي : " ويعتبر وقت إقامة الحد أربعة أشياء : إحضار طائفة من خيار الناس ، وأن لا يرميه من كان لله تعالى في جنبه حد مثله ، وأن يرميه الإمام أولا إن ثبت بالاعتراف ، والشهود إن ثبت بالبينة " اهـ .[415]

وقال الحلي : " وإذا ثبت بالبينة كان أول من يرجمه الشهود وجوبا ، وإن ثبت بالإقرار بدأ الإمام " اهـ .[416]

بعد ان بينا واجبات الامام في جميع هذه النقولات من كتب الامامية , نقول ان الكثير من هذه الواجبات لم تتحقق في الائمة الاثنى عشر عند الامامية , وذلك لعدم تولي الكثير منهم ولاية امر المسلمين , وبعضهم قد ذكر الاحكام الشرعية على خلاف ما انزلها الله تعالى محتجين بالتقية , واما الامام الثاني عشر فلم يُر له عين ولا اثر , فلم تتحقق بهم لا مصلحة دينية , ولا مصلحة دنيوية .

قال الكليني : " 6  - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُهُ وَ لَمْ يَقْبَلِ [اللَّهُ] مِنْهُ عَمَلَهُ وَ مَنْ عَرَفَهَا وَ عَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَهُ دِينُهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ عَمَلَهُ وَ لَمْ يَضِقْ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأُمُورِ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ حَقٌّ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَاةُ وَ الْوَلَايَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَلَايَةُ آلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ فِي الْوَلَايَةِ شَيْ‏ءٌ دُونَ شَيْ‏ءٍ فَضْلٌ يُعْرَفُ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مَنْ مَاتَ وَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ كَانَ عَلِيّاً ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ كَانَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ كَانَ الْحَسَنَ ( عليه السلام ) ثُمَّ كَانَ الْحُسَيْنَ ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ لَا سِوَاءَ وَ لَا سِوَاءَ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَزِيدُكَ فَقَالَ لَهُ حَكَمٌ الْأَعْوَرُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ثُمَّ كَانَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ كَانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ وَ كَانَتِ الشِّيعَةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفَتَحَ لَهُمْ وَ بَيَّنَ لَهُمْ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّاسِ وَ هَكَذَا يَكُونُ الْأَمْرُ وَ الْأَرْضُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَ مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ إِذْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَانْقَطَعَتْ عَنْكَ الدُّنْيَا تَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ عَلَى أَمْرٍ حَسَنٍ .

أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مِثْلَهُ " اهـ .[417]

هذه الرواية تصرح تصريحا واضحا بأن اربعة من الائمة وهم علي , والحسن , والحسين , وزين العابدين رضي الله عنهم , لم يبينوا للشيعة فضلا عن الامة مناسك الحج , ولا احكام الحلال والحرام , وفي هذا دليل واضح على ان هؤلاء الائمة لم تتحقق منهم فائدة دينية , او دنيوية  .

وقال الطوسي : " فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي الجوزا عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله لحوم الحمر  الأهلية ونكاح المتعة.

فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقية لانها موافقة لمذاهب العامة والاخبار الاولة موافقة لظاهر الكتاب وإجماع الفرقة المحقة على موجبها فيجب أن يكون العمل بها دون هذه الرواية الشاذة " اهـ .[418]

فالطوسي لما لم يجد اي خلل في الرواية من ناحية الثبوت عللها بالتقية , ثم حكم عليها بالشذوذ , ومن الغريب ان يحكم على الرواية بالتقية , وعلي رضي الله عنه كان خليفة , فاذا كان يستخدم التقية وهو خليفة , فمتى نثق بكلامه الذي يتكلم به فيما يخص الشريعة ونقول انه لم يقله على وجه التقية ؟ !!! .

وقال محمد تقي المجلسي : " ورويا في الصحيح، عن سعيد الأعرج السمان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له: أ فيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال: فقال:

لا فقالا له: قد أخبرنا عنك الثقات: أنك تفتي (أو تقر بدله) و تقر و تقول به و نسميهم لك فلان و فلان و هم أصحاب ورع و تشمير و هم ممن لا يكذب فغضب أبو عبد الله عليه السلام فقال: ما أمرتهم بهذا، فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا فقال لي: أ تعرف هذين؟

قلت: نعم، هما من أهل سوقنا، و هما من الزيدية، و هما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عند عبد الله بن الحسن فقال: كذبا لعنهما الله. و الله ما رآه عبد الله بن الحسن بعينيه و لا بواحدة من عينيه إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين عليهما السلام " اهـ .[419]

ففي هذه الرواية ينفي الامام الصادق الامامة عن نفسه , فكيف يؤدي واجبات الامامة وهو ينفي الامامة عن نفسه اصلا ؟ !!! , ومن الممكن ان يقول بعض الامامية انه نفاها عن نفسه من باب التقية , فنقول لهم اذا كان اي احد من امة الاسلام يريد معرفة الطاعات عن طريق الامام فيختفي عنهم , وينفي امامته بعذر التقية , فكيف تصل حجة الله تعالى للعباد ؟ !!! .

ولقد جاء في كتب الامامية ان الائمة قد كتموا القران الكريم , فبدلا من ان يكون واجب الامام تبيين العلوم الدينية نرى ان الائمة يكتمون اعظم علم في امةالاسلام وهو القران الكريم , قال المفيد : " لا شك  أن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه  كلام الله تعالى وتنزيله ، وليس فيه شئ من كلام البشر ، وهو جمهور المنزل  والباقي مما أنزله  الله تعالى  عند المستحفظ للشريعة ، المستودع  للأحكام ، لم يضع  منه شئ " اهـ .[420]

وقال المجلسي : " و الأخبار من طريق الخاصة و العامة في النقص و التغيير متواترة، و العقل يحكم بأنه إذ كان القرآن متفرقا منتشرا عند الناس، و تصدي غير المعصوم لجمعه يمتنع عادة أن يكون جمعه كاملا موافقا للواقع، لكن لا ريب في أن الناس مكلفون بالعمل بما في المصاحف و تلاوته حتى يظهر القائم عليه السلام، و هذا معلوم متواتر من طريق أهل البيت عليهم السلام و أكثر أخبار هذا الباب مما يدل على النقص و التغييرو سيأتي كثير منها في الأبواب‏

الآتية لا سيما في كتاب القرآن، و سنشبع القول فيه هناك إن شاء الله تعالى " اهـ .[421]

وقال المجلسي ايضا : " ولا ريب في أنه يجوز لنا الان أن نقرأ موافقا لقراءاتهم المشهورة  كما دلت عليه الأخبار المستفيضة إلى أن يظهر القائم عليه السلام ، ويظهر لنا القرآن على حرف واحد ، وقراءة واحدة ، رزقنا الله تعالى إدراك ذلك الزمان " اهـ .[422]

وقال نعمة الله الجزائري : " قد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين عليه السلام بوصية من النبي، فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلاً بجمعه فلما جمعه كما أنزل أتى به إلى المتخلفين بعد رسول الله فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب: لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك، عندنا قرآن كتبه عثمان. فقال لهم علي: لن تروه بعد اليوم ولا يراه أحد حتى   يظهر ولدي المهدي عليه السلام. وفي ذلك القرآن زيادات كثيرة وهو خال من التحريف " اهـ .[423]

وقال ايضا : " فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير؟؟ قلت قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرى ويعمل بأحكامه " اهـ .[424]

فهذه النقولات كلها صريحة بان الائمة الذين يقول بهم الرافضة لا تقوم بهم مصلحة دينية في حفظ الشريعة , بل العكس هو الصحيح , وذلك لانهم كاتمون للقران الكريم , والله تعالى يقول في الكتاب العزيز : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) : البقرة } .

وقال علي الكوراني : " فما المانع أن يكون للقرآن ترتيب ثالث ، ورابع ، وخامس ، أملاه النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام ، وادخره عنده مع وصيته المحفوظة وعهده المعهود إلى ولده المهدي الذي بشر به الأمة والعالم ؟ والذي يظهر الله على يديه صدق دين جده على الدين كله ، فتخضع لبراهينه العقول والأعناق . . أرواحنا فداه وعجل الله ظهوره . أما نحن الشيعة فنعتقد بأن ذلك حدث ، وأن نبينا صلى الله عليه وآله قد ورث علومه ونسخة القرآن المؤلفة تأليفا يؤثر تأثيرا معجزا في المادة والروح ، ويظهر بها إعجاز القرآن وتأويله ، إلى علي والحسن والحسين . . إلى أن وصلت إلى يد خاتم الأوصياء الموعود على لسان خاتم الأنبياء ، الإمام المهدي أرواحنا فداه ونور نواظرنا بطلعته المباركة " اهـ .[425]

فكلام الكوراني يدل على ان القران الموجود عندنا لا يؤثر تأثيرا معجزا في المادة , والروح على عكس القران الموجود عند مهدي الرافضة , وهو غير موجود في الامة منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى عصرنا الحاضر , فأين واجب الامام المعصوم تجاه الامة في حفظ العلم الشرعي , وبثه في الامة لتتحقق المصلحة الدينية في ذلك ؟ !!! , فنرى ان الامام يساعد على اضلال الامة , والطعن بالقران الكريم .

ثم من حقنا ان نتسائل , ونقول اين هو الامام المعصوم منذ مئات السنين في الامة ؟ !!! , لماذا لا يظهر لتتحقق به المصلحة الدينية , والدنيوية في الامة ؟ !!! .

وفي الكافي : " 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ......................... وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل، أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، و اعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شئ، ذلك هو الضلال البعيد " اهـ .[426]

وفي علل الشرائع للصدوق :"  3 – أبى رحمه الله قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السراج قال : قلت لأبي عبد الله " ع " تبقى الأرض بلا عالم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم ؟ فقال لي إذا لا يعبد الله يا أبا يوسف " اهـ .[427]

ان هاتين الروايتين صريحتين في ان من لم يكن له امام ظاهر يرجع اليه في حلاله وحرامه , فهو ضال تائه , وان مات على ذلك فميتته ميتة كفر , وضلال , وانه غير عابد لله تعالى , وهذا متحقق في الشيعة قطعا منذ مئات السنين .

وفي علل الشرائع للصدوق ايضا :" 8 – أبى رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن سعد بن أبي خلف ، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله " ع " : قال : الأرض لا تكون إلا وفيها عالم يصلحهم ولا يصلح الناس إلا ذلك " اهـ .[428]

ففي هذه الرواية ان اصلاح الناس لا يكون الا وفيهم عالم يرجعون اليه , ومن المعلوم ان الشيعة لا يوجد فيهم هذا العالم , فهم على غير صلاح , والمتسبب في عدم صلاح الناس هو الامام , وذلك لاختفائه واختبائه , وعدم قيامه بواجبه ووظيفته الشرعية , فبدلا من ان يكون الامام نعمة , وسببا في هداية الناس اصبح نقمة , وسببا في اضلال الناس .

يحتج الامامية بقوله تعالى : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) : البقرة } , على الامامة , ويقولون ان من كان ظالما فلا يستحق الامامة , ويجعلون الظلم صدور اي خطأ سواء كان شركا , او معصية في اي برهة من الزمن , حتى وإن تاب منه , قال الطباطبائي : " إن المراد بالظالمين في قوله تعالى: }ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين{ مطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك أو معصية. وإن كان منه في برهة من عمره ثم تاب وصلح " اهـ .[429]

وقال الطبرسي : " واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما عن القبائح ، لأن الله سبحانه نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم ، ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالما إما لنفسه ، وإما لغيره . فإن قيل : إنما نفى أن يناله ظالم في حال ظلمه ، فإذا تاب لا يسمى ظالما ، فيصح أن يناله ؟ فالجواب : إن الظالم ، وإن تاب ، فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما ، فإذا نفى أن يناله ، فقد حكم عليه بأنه لا ينالها . والآية  مطلقة غير مقيدة بوقت دون وقت ، فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها ، فلا ينالها الظالم ، وإن تاب فيما بعد " اهـ .[430]

ومن المعلوم ان كلام هؤلاء فاسد , ومردود من خلال نصوص الكتاب والسنة , فان الله تعالى قد ذكر في القران الكريم صدور بعض الاخطاء من الانبياء صلوات الله عليهم , قال الله تعالى : { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) : الاعراف } , ففي هذه الاية الكريمة يعترف ادم عليه السلام بالظلم , وقال تعالى : { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) : طه } , وفي هذه الايات قد اثبت الله تعالى معصية ادم عليه السلام , ثم تاب الله تعالى عليه , وقد اخبر الله تعالى في القران انه قد اصطفى ادم عليه السلام , قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) : ال عمران } , فهل يقول الامامية ان ادم عليه السلام لم ينل الامامة ؟ !!! , ولو تجرأوا وقالوا ذلك فمن كان الامام في عصر ادم عليه السلام وذلك لان الارض لا تخلو من امام ؟ !.

وقد وردت روايات عند الامامية تبين وقوع ادم عليه السلام في الذنب والمعصية , فمنها ما رواه الصدوق في العلل : " 1 – أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخراز، عن عمر بن مصعب، عن فرات بن الأخنف، عن أبى جعفر الباقر " ع " قال: لولا أن آدم أذنب ما أذنب مؤمن أبدا، ولولا أن الله عزوجل تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا " اهـ .[431]

وفي معاني الاخبار : " 1 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه - رضي الله عنه – قال : حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لقد طاف آدم عليه السلام بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حواء ولقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العجاجين  العظيمين من الدموع ، ثم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : حياك الله وبياك ، فلما أن قال له : " حياك الله " تبلج وجهه فرحا وعلم أن الله قد رضي عنه ، قال : " وبياك " فضحك – و " بياك " أضحك – قال : ولقد قام على باب الكعبة وثيابه جلود الإبل والبقر ، فقال : اللهم أقلني عثرتي و اغفر لي ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها ، فقال الله عز وجل : قد أقلتك عثرتك وغفرت لك ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها  " اهـ .[432]

وفي روضة المتقين : " و روى الكليني في القوي، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله عليه السلام وروى المصنف في القوي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي (و قريب منه ما رواه السيد الرضي في نهج البلاغة) عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام و اللفظ للمصنف قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له همام و كان عابدا (و في في ناسكا مجتهدا) إلى أمير المؤمنين عليه السلام و هو يخطب فقال يا أمير المؤمنين صف لي المتقين، و في الكافي صف لنا صفة المؤمن حتى كأننا ننظر إليه و في الأمالي ص 340 فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه، ثمَّ قال له: ويحك يا همام اتق الله و أحسن فإن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين: أسألك بالذي أكرمك بما خصك به و حباك و فضلك بما آتاك و أعطاك لما وصفتهم لي . فقام أمير المؤمنين عليه السلام قائما على رجليه فحمد الله و أثنى و صلى على النبي و آله عليهم السلام ثمَّ قال: أما بعد فإن الله عز و جل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا بمعصيتهم لأنه لا يضره معصية من عصاه منهم و لا تنفعه طاعة من أطاع منهم و قسم بينهم معائشهم و وضعهم من الدنيا مواضعهم و إنما أهبط الله آدم و حواء عليهما السلام من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه و أمرهما فعصياه " اهـ .[433]

ففي هذه الرواية التصريح بالعقوبة لادم عليه السلام , وذلك لانه خالف امر الله تعالى وعصاه .

بل قد جاء عند الامامية ان ادم عليه السلام قد فعل اصلا من اصول الكفر والعياذ بالله تعالى , قال الكليني : " 1 -  الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أُصُولُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ الْحِرْصُ وَ الِاسْتِكْبَارُ وَ الْحَسَدُ فَأَمَّا الْحِرْصُ فَإِنَّ آدَمَ ( عليه السلام ) حِينَ نُهِيَ عَنِ الشَّجَرَةِ حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى أَنْ أَكَلَ مِنْهَا وَ أَمَّا الِاسْتِكْبَارُ فَإِبْلِيسُ حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ فَأَبَى وَ أَمَّا الْحَسَدُ فَابْنَا آدَمَ حَيْثُ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ " اهـ .[434]

وفي علل الشرائع : " 1 – حدثنا أبى رضى عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن أبى محمد بن أبى نصر، عن ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون قال: إن الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه وأمله خلف ظهره، فلما أصاب الخطيئة حصل أمله بين عينيه وأجله خلف ظهره فمن ثم يعقلون ولا يعلمون " اهـ .[435]

وفي العلل ايضا : " 1 – حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري الفقيه قال : حدثنا مكي بن سعدويه البرذعي قال : حدثنا أبو محمد نوح بن الحسن قال : حدثنا أبو سعيد جميل بن سعد قال : أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن سليمان العسقلاني قال : حدثنا القاسم بن حميد قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال : سألت ابن مسعود عن أيام البيض ما سببها وكيف سمعت ؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إن آدم لما عصى ربه تعالى ناداه مناد من لدن العرش يا آدم اخرج من جواري فإنه لا يجاروني أحد عصاني ، فبكى وبكت الملائكة فبعث الله عز وجل إليه جبرئيل فأهبطه إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت وبكت وانتحبت وقالت : يا رب خلقا خلقته ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك بذنب واحد حولت بياضه سوادا فنادى منادي من السماء ان صم لربك اليوم فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر أن صم لربك اليوم فصام فذهب ثلثا السواد ثم نودي يوم الخامس عشر بالصيام فصام فأصبح وقد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض للذي رد الله عز وجل فيه على آدم من بياضه ، ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك ولولدك من صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر . قال حميد : قال أحمد بن عبد الواحد وسمعت أحمد بن شيبان البرمكي يقول وزاد الحميري في الحديث فجلس آدم عليه السلام جلسة القرفصاء ورأسه بين ركبتيه كئيبا حزينا فبعث الله تبارك وتعالى إليه جبرئيل فقال يا آدم مالي أراك كئيبا حزينا قال لا أزال كئيبا حزينا حتى يأتي أمر الله قال فانى رسول الله إليك وهو يقرؤك السلام ويقول : يا آدم حياك الله وبياك قال أما حياك فاعرفه فما بياك قال أضحكك قال فسجد آدم فرفع رأسه إلى السماء وقال يا رب زدني جمالا فأصبح وله لحية سوداء كالحمم فضرب بيده إليها فقال يا رب ما هذه ؟ قال هذه اللحية زينتك بها أنت وذكور ولدك إلى يوم القيامة . ( قال مصنف هذا الكتاب ) هذا الخبر صحيح ......" اهـ .[436]

ولقد ورد في القران الكريم ذكر تصريح بعض الانبياء عليهم الصلاة والسلام بالظلم , قال الله تعالى : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) : القصص } , وقال تعالى : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ( 87 ) :الأنبياء } , وقال تعالى حاكيا عن ادم عليه السلام : { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) : الاعراف } .

والظلم وضع الشيء في غير موضعه كما قال الجرجاني في التعريفات ص 168 , فهل وضع الحسن رضي الله عنه الشيء في موضعه عندما سلم لمعاوية رضي الله عنه الخلافة ؟ .

وقد ورد في كتب الامامية اعتراف ابراهيم عليه السلام بالذنب , قال الصدوق : "  (باب 173 – العلة التي من أجلها سميت عرفات عرفات)

1 – حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال اخبرنا علي بن ابراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن عرفات لم سميت عرفات؟ فقال ان جبرئيل (ع) خرج بابراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل يا ابراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك فسميت عرفات لقول جبرئيل (ع) إعترف فاعترف " اهـ .[437]

فهل يقول الامامية ان هؤلاء الانبياء صلوات الله عليهم لم ينالوا الامامة ؟ !!! .

قال محمد تقي المجلسي : " و في الصحيح (على المشهور) عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السعادة و الشقاء (أي قدر هما) قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا، و إن أبغض شرا أبغض عمله و لم يبغضه، و إن كان شقيا لم يحبه أبدا، و إن عمل صالحا أحب عمله و أبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا، و إذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا " اهـ .[438]

ان الرواية صريحة بصدور الخطأ ممن يحبه الله تعالى , والله تعالى اخبرنا في القران الكريم انه لا يحب الظالمين , قال الله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) : ال عمران }

فلا يلزم وقوع العبد في الخطأ , او الذنب بأنه من الظالمين .

ومن المعلوم ان التائب من الذنب لا يسمى ظالما , وذلك لان الله تعالى يبدل سيئته حسنات , قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) : الفرقان } , بل ان القران سماه تائبا , فكيف نسميه ظالما ؟ !!! , قال الله تعالى : { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) : التوبة } , وقد اخبر الله تعالى بانه يحب التوابين , قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) : البقرة } , والله تعالى لا يحب الظالمين , قال الله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) : ال عمران } , فلو كان التائب ظالما لما احبه الله تعالى .

وورد في كتب الامامية ان دانيال النبي قد وقع في المعصية , قال الكليني :" 11 -  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ ( عليه السلام ) أَنِ ائْتِ عَبْدِي دَانِيَالَ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِيَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَأَتَاهُ دَاوُدُ ( عليه السلام ) فَقَالَ يَا دَانِيَالُ إِنَّنِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ إِنَّكَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِيَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَقَالَ لَهُ دَانِيَالُ قَدْ أَبْلَغْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ قَامَ دَانِيَالُ فَنَاجَى رَبَّهُ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ دَاوُدَ نَبِيَّكَ أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّنِي قَدْ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّنِي إِنْ عَصَيْتُكَ الرَّابِعَةَ لَمْ تَغْفِرْ لِي فَوَ عِزَّتِكَ لَئِنْ لَمْ تَعْصِمْنِي لَأَعْصِيَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِيَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِيَنَّكَ " أهـ .[439]

فهذه الرواية واضحة بمعصية دانيال عليه السلام , والامامية قائلون بنبوته , فهل يقول الشيعة بسقوط امامة دانيال ؟ !!! , ولقد قال  المجلسي ان المعصية هنا محمولة على ترك الاولى  قال المجلسي : " و العصيان  محمول على ترك الأولى، لأن دانيال عليه السلام كان من الأنبياء و هم معصومون من الكبائر و الصغائر عندنا كما مر " أهـ  .[440]

وأقول : كيف يكون ترك الاولى , وقد تكررت المعصية مع اقتران المغفرة , وفي الرابعة توعده بعدم المغفرة ؟ !!! , فلو كان تركا للاولى فلماذا قال له ان عصيت في الرابعة لم اغفر لك ؟ !!! .

وقال علي بن ابراهيم القمي  : "  حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليه السلام قال : إن داود عليه السلام لما جعله الله عز وجل خليفة في الأرض وأنزل عليه الزبور أوحى الله عز وجل إلى الجبال والطير ان يسبحن معه وكان سببه أنه إذا صلى ببني إسرائيل يقوم وزيره بعدما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح الأنبياء عليهم السلام نبيا نبيا ويذكر من فضلهم وأفعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه وتعالى والصبر على بلائه ولا يذكر داود ، فنادى داود ربه فقال : يا رب قد أنعمت على الأنبياء بما أثنيت عليهم ولم تثن علي ، فأوحى الله عز وجل إليه هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا وأنا اثني عليهم بذلك فقال يا رب فابتلني حتى أصبر ، فقال يا داود تختار البلاء على العافية اني ابتليت هؤلاء وإنا لم اعلمهم وإنا أبتليك وأعلمك ان بلائي في سنة كذا وشهر كذا وفي يوم كذا ، وكان داود عليه السلام يفرغ نفسه لعبادته يوما ويقعد في محرابه يوما ويقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم ، فلما كان اليوم الذي وعده الله عز وجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه وهو في محرابه يصلي فإذا طائر قد وقع بين يديه جناحاه من زبر جد أخضر ورجلاه من ياقوت احمر ورأسه ومنقاره من لؤلؤ وزبرجد فأعجبه جدا ونسي ما كان فيه ، فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حائط بين داود وبين أوريا بن حنان وكان داود قد بعث أوريا في بعث فصعد داود عليه السلام الحائط ليأخذ الطير وإذا امرأة أوريا جالسة تغتسل فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به بدنها ، فنظر إليها داود فافتتن بها ورجع إلى محرابه ، ونسي ما كان فيه وكتب إلى صاحبه في ذلك البعث لما ان يصيروا إلى موضع كيت وكيت يوضع التابوت بينهم وبين عدوهم ، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل " فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وقد كان رفع بعد موسى عليه السلام إلى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي ، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي ان يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت إنسان كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه إلا ويقتل . فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك وقدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت فقدمه وقتل ، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها وداود في محرابه يوم عبادته فدخلا عليه الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه ففزع داود منهما فقالا : ( لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ) ولداود حينئذ تسع وتسعون امرأة ما بين مهيرة إلى جارية ، فقال أحدهما لداود : ( ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب ) اي ظلمني وقهرني ، فقال داود كما حكى الله عز وجل : ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه – إلى قوله – وخر راكعا وأناب ) قال : فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال : وقد حكم الرجل على نفسه فقال داود : أتضحك وقد عصيت لقد هممت ان أهشم فاك ، قال : فعرجا وقال الملك المستعدى عليه لو علم داود انه أحق بهشم فيه مني . ففهم داود الامر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليله ونهاره ولا يقوم إلا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه فلما كان بعد أربعين يوما نودي يا داود مالك أجائع أنت فنشبعك أم ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك أم خائف فنؤمنك ؟ فقال : اي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما عملت وأنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم ، فأوحى الله إليه تب يا داود ، فقال اي رب وانى لي بالتوبة قال : صر إلى قبر أوريا حتى ابعثه إليك واسأله ان يغفر لك ، فان غفر لك غفرت لك قال : يا رب فإن لم يفعل ؟ قال : أستوهبك منه ، قال فخرج داود عليه السلام يمشي على قدميه ويقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر ولا شجر ولا جبل ولا طائر ولا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل ، فلما سمع دوي الجبال وصوت السباع علم أنه داود ، فقال : هذا النبي الخاطئ فقال داود : يا حزقيل تأذن لي ان اصعد إليك ؟ قال : لا فإنك مذنب . فبكى داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته وسلني العافية ، فنزل حزقيل واخذ بيد داود وأصعده إليه ، فقال له داود : يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط ؟ قال : لا ، قال : فهل دخلك العجب مما  أنت فيه من عبادة الله عز وجل ؟ قال : لا قال : فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت ان تأخذ من شهواتها ولذاتها ؟ قال : بلى ربما عرض ذلك بقلبي قال : فما تصنع ؟ قال : ادخل هذا الشعب فاعتبر بما فيه ، قال : فدخل داود ( ع ) الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام نخرة وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب فقرأه داود ، فإذا فيه : أنا اروى بن سلمة ملكت الف سنة وبنيت الف مدينة ، وافتضضت الف جارية وكان آخر أمري ان صار التراب فراشي والحجار وسادي والحيات والديدان جيراني فمن رآني فلا يغتر بالدنيا . ومضى داود حتى اتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه ثم ناداه ثالثة فقال أوريا : مالك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري وقرة عيني قال يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي فأوحى الله عز وجل إليه يا داود بين له ما كان منك ، فناداه داود فاجابه فقال : يا أوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت : فقال أوريا : أيفعل الأنبياء مثل هذا ؟ فناداه فلم يجبه فوقع داود على الأرض باكيا فأوحى الله إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه فكشف عنه فقال أوريا لمن هذا ؟ فقال : لمن غفر لداود خطيئته ، فقال : يا رب قد وهبت له خطيئته ، فرجع داود ( ع ) إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى وزيره يحمد الله ويثنى على الأنبياء عليهم السلام ثم يقول : كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت ، فاغتم داود ( ع ) فأوحى الله عز وجل إليه يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك ببني إسرائيل ، قال : يا رب كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور ، قال : لأنه لم يعاجلوك بالنكيرة وتزوج داود ( ع ) بامرأة أوريا بعد ذلك فولد له منها سليمان ( ع ) ثم قال عز وجل : فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب  " أهـ .[441]

وهذه الرواية ايضا واضحة جدا بصدور الذنب , والخطيئة من داود عليه السلام , ثم توبته , فهل يقول الشيعة بسقوط امامة داود عليه السلام ؟ !!! .

ونقول لمن يقول ان الظالم يطلق , ويراد به من صدر منه الظلم في اي برهة من حياته , وان تاب منه , يلزمك ان الايات الواردة بعذاب الظالمين تشمل من تاب , ورجع الى الله تعالى , مثل قوله تعالى : {  ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) : يونس } فهل تشمل هذه الاية الكريمة التائب ؟ !!! , وقال تعالى : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) : هود } , فهل الركون الى المسلم الذي دخل الى الاسلام , وآمن باركانه , واتبع شرائعه محرم على اعتبار انه كان من الظالمين قبل دخوله الى الاسلام , وتوبته ؟ !!! , وقوله تعالى : {  وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) : النحل } , فهل يدخل في الاية الكريمة التائب من المعاصي ؟ !!! , وقوله تعالى : {  وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) : الكهف } فهل يدخل التائب من المعاصي , والذنوب في هذا الوعيد الالهي ؟ !!! لا اظن ان مسلما قد فهم الاسلام بالشكل الصحيح يقول بهذا , بل ان الله تعالى قد قال في كتابه العزيز : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) : البقرة } , فالتائب حبيب الله , وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) : الشورى } , وقال تعالى : {  وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) : الفرقان } , وقال تعالى : { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) : المائدة } , والايات في هذا الباب كثيرة جدا .

لقد اخبر الله تعالى في الاية الكريمة ان ابراهيم عليه السلام قد نال الامامة بعد الابتلاء , وهذا الابتلاء المذكور في الاية هو التكاليف الالهية بالاوامر , والنواهي كما ذكر بعض علماء الامامية , قال الميرزا محمد المشهدي : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات : كلفه بأوامر ونواه . والابتداء في الأصل التكليف بالامر الشاق ، من البلاء ، لكنه لما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب ، ظن ترادفهما ، والضمير لإبراهيم ، وحسن لتقدمه لفظا ، وإن تأخر رتبة ، لان الشرط أحد التقدمين . والكلمات قد تطلق على المعاني ، فلذلك فسرت بالخصال الثلاثين المحمودة المذكورة ، عشرة منها في قوله : التائبون العابدون " ، وعشرة في قوله : " إن المسلمين "  إلى آخر الآيتين ، وعشرة في قوله : " قد أفلح المؤمنون " ، إلى قوله : " هم الوارثون "  . وروي عشرة في سورة سأل سائل إلى قوله : " والذين هم على صلواتهم يحافظون " فجعلت أربعين . وبالعشر التي هي من سنته : خمسة منها في الرأس ، وخمسة منها في البدن . فأما التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللحى ، وطم الشعر ، والسواك ، والخلال . وأما التي في البدن : فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وتقليم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء . فهذه الحنيفية الظاهرة التي جاء بها إبراهيم ( عليه السلام ) ، فلم تنسخ ولا تنسخ إلى يوم القيامة  " اهـ .[442]

وقال الطوسي : "  والابتلاء هو الاختبار  وهو مجاز هاهنا لان حقيقته الامر من الله تعالى بخصال الايمان فسمي ذلك اختبارا ، لان ما يستعمل بالامر منا في مثل ذلك على جهة الاختبار والامتحان ، فجرى تشبيها بما يستعمله أهل اللغة عليه . وقال بن الاخشاذ : إنما ذلك على أنه جل ثناؤه يعامل العبد معاملة المختبر الذي لا يعلم لأنه لو جازاهم بعمله فيهم ، كان ظالما لهم . والكلمات التي ابتلى الله إبراهيم بها فيها خلاف فيروى في بعض الروايات عن ابن عباس ، و ؟ قال قتادة ، وأبو الخلد : انه أمره إياه بعشرة سنن خمس في الرأس ، وخمس في الجسد . فاما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والفرق وقص الشارب ، والسواك . واما التي في الجسد : فالختان وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبطين والاستنجاء . وفي احدى الروايتين عن ابن عباس أنه ابتلاه من شرائع الاسلام بثلاثين شيئا عشرة منها في براءة " التائبون العابدون الحامدون . إلى اخرها " وعشرة في الأحزاب : " ان المسلمين والمسلمات إلى اخرها " وعشرة في سورة المؤمنين : إلى قوله " والذين هم على صلاتهم يحافظون " وعشرة في سأل سائل إلى قوله : " والذين هم على صلاتهم يحافظون " فجعلها أربعين سهما وفي رواية ثالثة عن ابن عباس انه امره بمناسك الحج : الوقوف بعرفة والطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والإفاضة . قال الحسن : ابتلاه الله بالكوكب وبالقمر وبالشمس ، وبالختان وبذبح ابنه ، وبالنار ، وبالهجرة وكلهن وفى لله فيهن . وقال مجاهد : ابتلاه الله بالآيات التي بعدها وهي " اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " وقال الجبائي : أراد بذلك كلما كلفه من طاعاته العقيلة والشرعية " اهـ . [443]

وقال الطبرسي : " وقوله ( بكلمات ) فيه خلاف : فروي عن الصادق أنه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولده إسماعيل أبي العرب ، فأتمها إبراهيم ، وعزم عليها ، وسلم لأمر الله . فلما عزم قال الله ثوابا له لما صدق ، وعمل بما أمره الله ( إني جاعلك للناس إماما ) . ثم أنزل عليه الحنيفية ، وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء خمسة منها في الرأس ، وخمسة منها في البدن . فأما التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللحى ، وطم الشعر ، والسواك والخلال . وأما التي في البدن فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وتقليم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء ، فهذه الحنيفية الظاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ ، ولا تنسخ إلى يوم القيامة ، وهو قوله ( واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) ذكره علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره " اهـ .[444]

فالابتلاء قد حدث , وقد نال ابراهيم عليه السلام الامامة بعد الابتلاء , فهل نال الائمة الاثنى عشر عند الامامية الامامة بعد الابتلاء , ام ان امامتهم تختلف عن امامة ابراهيم عليه السلام ؟ !!! , واذا قال الامامية انهم نالوا الامامة بعد الابتلاء , فالسؤال الذي يطرح نفسه ما هي هذه الابتلاءات مع الادلة ؟ .

ونسأل الامامية عن ماهية الزيادة التي زاد بها ابراهيم عليه السلام عندما اصبح اماما بعد ان كان نبيا ؟ هل اصبح معصوما بعد ان لم يكن ؟ هل اصبح هاديا بعد ان لم يكن ؟ هل اصبح حجة بعد ان لم يكن ؟

امامة ابراهيم مصاحبة للوحي فهل امامة علي مصاحبة للوحي ام لا ؟

ونريد ان نقارن بين امامة ابراهيم عليه السلام وامامة الائمة وسوف اختار علي رضي الله عنه لهذه المقارنة , وننظر هل هناك مفاضلة بين الامامتين ام لا ؟ , وما هي اوجه التشابه بين الامامتين , ثبوتا , ودلالة ؟ .

1 – ان امامة ابراهيم عليه السلام منصوصة في القران الكريم , واما امامة علي رضي الله عنه التي يقول بها الامامية فليست كذلك .

2 – ان امامة ابراهيم عليه السلام مصحوبة بالنبوة والرسالة ( اي الوحي التشريعي ) , واما امامة علي رضي الله عنه فليست كذلك .

3 – ان امامة ابراهيم عليه السلام جاءت بعد الابتلاء والتدرج , واما امامة علي رضي الله عنهه فليست كذلك .

4 – ان امامة ابراهيم عليه السلام عامة على جميع من جاء من بعده بما فيهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , واما امامة علي رضي الله عنه فليست كذلك .

5 – لقد كان النبي صلى الله عليه واله وسلم قبل البعثة متعبدا لله تعالى بشرع ابراهيم عليه السلام , ومن المؤكد ان عليا رضي الله عنه ان كان مسلما متعبدا لله تعالى بشرع الانبياء قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانه سيتعبد لله تعالى بشرع ابراهيم عليه السلام .

6 – لقد امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله وسلم ان يتبع ملة ابراهيم عليه السلام وان يقتدي به كما جاءت النصوص القرانية بذلك , واما بالنسبة لعلي رضي الله عنه فانه كان مقتديا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وليس اماما له .

 7 – لقد كان ابراهيم عليه السلام حجة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم  وعلي رضي الله عنه قبل البعثة , ولم يكن علي رضي الله عنه حجة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

قال الله تعالى : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) : النحل } , وقال تعالى : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) : الانعام } , وقال تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) : ال عمران } , وقال تعالى : { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) : البقرة } , وقال تعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) : البقرة } , وقال تعالى : { قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) : ال عمران } , وقال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) : النساء } , وقال تعالى : { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) : الحج } .

قال جعفر مرتضى : " وقد حرصت الايات القرآنية العديدة على ربط هذه الامة بإبراهيم (عليه السلام) فلاحظ قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل) . وقال تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا) . وقال سبحانه: (قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا) .

وقال جل وعلا: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي، والذين آمنوا) . وقال تعالى: (وقالوا: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا. قل: بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) . ثم نجد القرآن يصرح أيضا أن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصيا كان مأمورا أيضا باتباع ملة ابراهيم (عليه السلام)، فقد قال سبحانه: (ثم أوحينا إليك: أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين). وقال في موضع آخر: (قل: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم، دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين). وهذا، وإن كان ظاهره: أنه (صلى الله عليه وآله) قد أمر بذلك بعد البعثة وبعد نزول الوحي عليه، لكنه يثبت أيضا: أنه لا مانع من تعبده (ص) قبل بعثته بما ثبت له أنه من دين الحنيفية، ومن شرع إبراهيم (عليه السلام)، وليس في ذلك أية غضاضة، ولا يلزم من ذلك أن يكون نبي الله إبراهيم أفضل من نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن التفاضل إنما هو في ما هو أبعد من ذلك. هذا كله، لو لم نقتنع بالادلة الدالة على نبوته (ص) من صغره (صلى الله عليه وآله وسلم) " اهـ .[445]

وقال الامام البخاري : "  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ ....... " اهـ .[446]

وقال الحافظ ابن حجر : " قَوْلُهُ فَيَتَحَنَّثُ هِيَ بِمَعْنَى يَتَحَنَّفُ أَيْ يَتَّبِعُ الحنيفية وَهِيَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ وَالْفَاءُ تُبْدَلُ ثَاءً فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ يَتَحَنَّفُ بِالْفَاءِ " اهـ .[447]

وقال الامام الرازي : " المسألة الثانية : أن الله تعالى لما وعده بأن يجعله إماماً للناس حقق الله تعالى ذلك الوعد فيه إلى قيام الساعة ، فإن أهل الأديان على شدة اختلافها ونهاية تنافيها يعظمون إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويتشرفون بالانتساب إليه إما في النسب وإما في الدين والشريعة حتى إن عبدة الأوثان كانوا معظمين لإبراهيم عليه السلام ، وقال الله تعالى في كتابه : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا } [ النحل : 123 ] وقال : { مِنْ يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } [ البقرة : 130 ] وقال في آخر سورة الحج : { مّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سماكم المسلمين مِن قَبْلُ } [ الحج : 78 ] وجميع أمة محمد عليه الصلاة والسلام يقولون في آخر الصلاة وارحم محمداً وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " اهـ .[448]

ولو كان عليا رضي الله عنه اماما منصبا من الله تعالى , فلماذا قال للناس دعوني والتمسوا غيري كما جاء في نهج البلاغة , قال الشريف الرضي : " ومن كلام له (عليه السلام) لمّا أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان

دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي ; فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ ، وَإِنَّ الافَاقَ قَدْ أَغَامَتْ ، وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.

وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! " اهـ .[449]

لو كان امير المؤمنين علي رضي الله عنه امام منصبا من الله تعالى , فلماذا يقول لهم دعوني والتمسوا غيري ؟ ! اذا لم يكن هو الامير , والمتولي للامة في شدائدها , ومحنها فمن يكون غيره ؟ ! , ولماذا يقول عن نفسه بانه وزير لهم خير من ان يكون اميرا ؟ , واذا كان وزيرا في الامة خير من ان يكون فيها امير فلماذا قبل الامارة ؟ ! .

وفي نهج البلاغة ايضا : " ومن كلام له عليه السلام كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة : وَاللهِ مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ، وَلاَ فِي الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ ، وَلكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا " اهـ .[450]

فلو كانت خلافة علي رضي الله عنه بتنصيب من الله تعالى كما يقول الرافضة فلماذا يجعل توليته بدعوة الناس لا بالنص الالهي ؟ ! .

ولقد جاء في كتب الامامية ما يدل على عدم جواز اعطاء الامام للامانة الى غير مستحقها , والامامية يقولون ان الخلافة حق للائمة المنصبين من الله تعالى , قال هادي النجفي : " [ 907 ] 1 – الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عمر قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : هم الأئمة من آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه . الرواية صحيحة الإسناد " اهـ .[451]

فاذا كانت الخلافة امانة الهية لعلي رضي الله عنه , فلماذا يعرضها على غيره ؟ ! , ثم يقول بانه وزير خير من ان يكون امير , ثم نراه يستدل على خلافته باجبار الناس عليها لا بالنص الالهي .

وللتأكيد على انه كان مجبورا على تولي الخلافة ما جاء في نهج البلاغة : "  [228] ومن كلام له (عليه السلام)

في وصف بيعته بالخلافة وقد تقدم مثله بألفاظ مختلفة

وَبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا، وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الابِلِ الْهِيمِ  عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ، وَسَقَطَ الرِّدَاءُ، وَوُطِىءَ الضَّعِيفُ، وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ، وَهَدَجَ  إِلَيْهَا الْكَبِيرُ، وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ، وَحَسَرَتْ  إِلَيْهَا الْكِعَابُ " اهـ .[452]

ففي هذه النصوص نجد ان الدلالة واضحة على عدم وجود اي نص يحتج به علي رضي الله عنه على خلافته , وانما كانت خلافته كخلافة من سبقه من الخلفاء رضي الله عنهم جميعا , والذي يختلف في خلافة علي رضي الله عنه هو الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الامة من فتنة قتل الخليفة الراشد المظلوم عثمان رضي الله عنه .

{ نقض استدلال الرافضة بحديث الاثنا عشر خليفة }

قبل ان اسرد الروايات واتكلم عنها اريد ان انبه على امر مهم جدا الا وهو تركيز الشيعة الامامية الاثنى عشرية على موضوع تسمية الخلفاء الاثنا عشر في حديث ( اثنا عشر خليفة ) , فاقول انه لا يترتب على معرفة هؤلاء الخلفاء باسمائهم واعيانهم جنة , او نار , ولو كان يترتب على معرفة اسمائهم , واعيانهم جنة , او نار لذكرهم لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم باسمائهم , واعيانهم , وبما ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يذكرهم باسمائهم واعيانهم , فالامر لا يعدو عن الاجتهاد في فهم النص النبوي , وفيه حث من النبي صلى الله عليه واله وسلم لمن يتولى امر المسلمين بالمثابرة والحرص على اعزاز الاسلام والمسلمين لكي يدخل ضمن هؤلاء الاثنى عشر .

لقد ورد حديث اثنا عشر اميرا , او اثنا عشر خليفة في عدة روايات من صحيح البخاري , ومسلم بعدة الفاظ , ففي صحيح الامام البخاري : " 7222 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا»، فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[453]

وفي صحيح الامام مسلم : " 5 – (1821) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ح وحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[454]

وفيه ايضا : " 6 – (1821) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا»، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيَّ، فَسَأَلْتُ أَبِي: مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[455]

وفيه ايضا : " 7 – (1821) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[456]

وفيه ايضا : " 8 – (1821) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[457]

وفيه ايضا : " 9 – (1821) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي أَبِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، فَقَالَ كَلِمَةً صَمَّنِيهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» " اهـ .[458]

ولقد وردت بعض هذه الالفاظ في كتب الامامية , ومنها : ما جاء في الامالي للصدوق : " حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن عبدة النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم هارون بن إسحاق، قال: حدثنا عمي إبراهيم بن محمد، عن زياد بن علاقة وعبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: يكون بعدي اثنا عشر أميرا، ثم أخفى صوته، فقلت لابي: ما الذي أخفى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: قال: كلهم من قريش " اهـ .[459]

وفيه ايضا : " 500 / 9 – حدثنا عبد الله بن محمد الصائغ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الغضراني، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن الليث بن بهلول الموصلي ، قال: حدثنا غسان بن الربيع، قال: حدثنا سليم بن عبد الله مولى عامر الشعبي، عن عامر، أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر أمتي ظاهرا حتى يمضي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش " اهـ .[460]

وفي كتاب الخصال للصدوق : "  30 – حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو يعلى الموصلي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبه قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن المهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أخبرني بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فكتب سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم جمعة عشية رجم الأسلمي : لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش  " اهـ .[461]

ففي هذه الروايات التي رواها اهل السنة , والرافضة الفاظ اذا جمعناها فلا يمكن ان تنطبق على الائمة الاثنى عشر الذين يقول بهم الرافضة , وهذه الالفاظ هي : كلهم خلفاء , وكلهم من قريش , وفي لفظ امراء , والاسلام في عهدهم عزيزا منيعا .

فاما لفظ الخلفاء , فان ائمة اهل البيت لم يكونوا كلهم خلفاء , الا عليا رضي الله عنه كان خليفة , وكذلك الحسن رضي الله عنه لمدة ستة اشهر اما باقي الائمة فلم يكونوا امراء , ولا خلفاء , بل ان الامام الثاني عشر عند الرافضة وهم لا حقيقة له , فليس له عين ولا اثر .

واما كونهم من قريش فهذا شيء مشترك بينهم وبين غيرهم , فلو اراد النبي صلى الله عليه واله وسلم هؤلاء الائمة الذين يقول بهم الرافضة لقال كلهم من ذرية علي رضي الله عنه , او من بني هاشم حتى يكون ولو اشارة على الاقل لهؤلاء الائمة , ولكن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يذكر ذلك .

واما العزة والمنعة في الروايات المتعلقة بالدين , او الاسلام , او الامر , على اختلاف الالفاظ الواردة , فمما لا شك فيه ان المقصود بها دين الله تعالى الذي انزله الله تعالى على النبي صلى الله عليه واله وسلم , ولقد ورد في كتب الامامية ما يدل على خلاف ذلك , فالدين في عهد الائمة لم يكن عزيزا , ولا منيعا , بل كان في اشد حالات الضعف , فقد ورد عند الامامية ان الامة قد ارتدت بعد موت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فأين العزة والمنعة للدين في امة لم يبقى على الايمان فيها الا العدد القليل جدا ؟ !!! , وورد عند الامامية ان الائمة كانوا يستخدمون التقية , ومن المعلوم ان التقية تكون في حالة الضعف , والخوف , لا في حالة العزة , والمنعة , فكيف يكون الدين عزيزا والائمة يكتمون الحق , ويصرحون بخلافه ؟ !!! , وكيف تكون العزة , والمنعة للدين , والائمة يلعنون الامة ويصفونها بالقردة , والخنازير ؟ !!! .

والادلة على ما ذكرت من كتب الرافضة كثيرة جدا , ومنها : ما جاء في كتاب الكافي : " حَنَانٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ كَانَ النَّاسُ أَهْلَ رِدَّةٍ بَعْدَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) إِلَّا ثَلَاثَةً فَقُلْتُ وَ مَنِ الثَّلَاثَةُ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَرَفَ أُنَاسٌ بَعْدَ يَسِيرٍ وَ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَارَتْ عَلَيْهِمُ الرَّحَى وَ أَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوا حَتَّى جَاءُوا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مُكْرَهاً فَبَايَعَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " اهـ .[462]

لقد جاء في الرواية التصريح بردة الامة ؟ فهل يتناسب هذا مع ما ذكره رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من العزة والمنعة ؟!!!.

وفي الكافي : " 17 -  مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ يَا زُرَارَةُ أَ وَ لَمْ تَرْكَبْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ فِي أَمْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ  " اهـ .[463]

وقال المجلسي في المرآة : "  طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ"

(5) أي كانت ضلالتهم بعد نبيهم مطابقة لما صدر من الأمم السابقة من ترك الخليفة و اتباع العجل و السامري و أشباه ذلك " اهـ .[464]

اين العزة والمنعة في الامة التي ضلت وتركت الاوامر الالهية والخليفة الشرعي واتبعت العجل والسامري كما يقول المجلسي ؟!!! .

وفي الكافي : " وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ لِلْقَائِمِ غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ إِنَّهُ يَخَافُ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ يَعْنِي الْقَتْلَ " اهـ .[465]

اين العزة والمنعة والامام خائف على نفسه من القتل , بتصريح الرواية واعتراف الطوسي , حيث قال عن غيبة امامهم الثاني عشر : " لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار " اهـ .[466]

وفي الكافي : " مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَلَّامٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً قَالَ هُمُ الْأَوْصِيَاءُ مِنْ مَخَافَةِ عَدُوِّهِمْ " اهـ .[467]

اين العزة والمنعة لهؤلاء الخلفاء او للامة وهم بهذا الهوان والضعف ؟ !!! .

بل جاء عن الامام وضعفه وهوانه ما جعله يستتر ممن يشتم عليا رضي الله عنه , ففي موسوعة احاديث اهل البيت : " [ 1755 ] 19 – البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان قال قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إني لأحسبك إذا شتم علي بين يديك لو تستطيع أن تأكل أنف شاتمه لفعلت فقلت : اي والله جعلت فداك إني لهكذا وأهل بيتي فقال لي : فلا تفعل فوالله لربما سمعت من يشتم عليا وما بيني وبينه إلا أسطوانة فأستتر بها فإذا فرغت من صلواتي فأمر به فأسلم عليه وأصافحه. الرواية صحيحة الإسناد " اهـ .[468]

يسبون عليا رضي الله عنه والامام يستتر منهم , بل ويسلم على الساب ويصافحه , علما ان شاتم علي رضي الله عنه حلال الدم , فاذا امن الشيعي فانه يقتل الساب لعلي رضي الله عنه كما جاء في الكافي : " عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَيَّ شَيْ ءٍ تَقُولُ فِي رَجُلٍ سَمِعْتُهُ يَشْتِمُ عَلِيّاً (عليه السلام) وَ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ قَالَ فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ حَلَالُ الدَّمِ وَ مَا أَلْفٌ مِنْهُمْ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ دَعْهُ لَا تَعَرَّضْ لَهُ إِلَّا أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِكَ " اهـ .[469]

لقد بينت الرواية ان الامن على النفس اذا تحقق فيجب الدفاع عن علي رضي الله عنه , مما يدل على ان المعصوم لم يكن يأمن على نفسه للدفاع عن علي رضي الله عنه , فأين العزة والقوة والمنعة بعد كل هذا ؟!!! .

بل ورد في كتب الشيعة ان المعصوم يستخدم التقية بنقل الاحكام الشرعية , والعلة في ذلك خوفه على نفسه وشيعته كما قال البحراني : " فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج أخباره بأخبار التقية، كما اعترف بذلك ثقة الإسلام وعلم الأعلام محمد بن يعقوب الكليني نور الله مرقده في جامعه الكافي، حتى أنه قدس سره تخطى العمل بالترجيحات المروية عند تعارض الأخبار، والتجأ إلى مجرد الرد والتسليم للائمة الأبرار .فصاروا صلوات الله عليهم – محافظة على أنفسهم وشيعتهم - يخالفون بين الأحكام وان لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام، فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة متعددة وان لم يكن بها قائل من المخالفين، كما هو ظاهر لمن تتبع قصصهم وأخبارهم وتحدى سيرهم وآثاره " اهـ .[470]

وفي الكافي : " 6 – مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُهُ وَ لَمْ يَقْبَلِ [اللَّهُ] مِنْهُ عَمَلَهُ وَ مَنْ عَرَفَهَا وَ عَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَهُ دِينُهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ عَمَلَهُ وَ لَمْ يَضِقْ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأُمُورِ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ حَقٌّ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَاةُ وَ الْوَلَايَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَلَايَةُ آلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ فِي الْوَلَايَةِ شَيْ‏ءٌ دُونَ شَيْ‏ءٍ فَضْلٌ يُعْرَفُ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مَنْ مَاتَ وَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ كَانَ عَلِيّاً ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ كَانَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ كَانَ الْحَسَنَ ( عليه السلام ) ثُمَّ كَانَ الْحُسَيْنَ ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ لَا سِوَاءَ وَ لَا سِوَاءَ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَزِيدُكَ فَقَالَ لَهُ حَكَمٌ الْأَعْوَرُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ثُمَّ كَانَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ كَانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ وَ كَانَتِ الشِّيعَةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفَتَحَ لَهُمْ وَ بَيَّنَ لَهُمْ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّاسِ وَ هَكَذَا يَكُونُ الْأَمْرُ وَ الْأَرْضُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَ مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ إِذْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَ انْقَطَعَتْ عَنْكَ الدُّنْيَا تَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ عَلَى أَمْرٍ حَسَنٍ .

أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مِثْلَهُ  " اهـ .[471]

اين العزة والمنعة واربعة من الائمة لا يعلمون الشيعة فضلا عن غيرهم امور الحلال والحرام ومناسك الحج ؟ !!! .

وفي الكافي : " 4 -  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) يَقُولُ إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ شَبَهاً مِنْ يُوسُفَ ( عليه السلام ) قَالَ قُلْتُ لَهُ كَأَنَّكَ تَذْكُرُهُ حَيَاتَهُ أَوْ غَيْبَتَهُ قَالَ فَقَالَ لِي وَ مَا يُنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ ( عليه السلام ) كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ تَاجَرُوا يُوسُفَ وَ بَايَعُوهُ وَ خَاطَبُوهُ وَ هُمْ إِخْوَتُهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هَذَا أَخِي فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمَلْعُونَةُ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِحُجَّتِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ كَمَا فَعَلَ بِيُوسُفَ إِنَّ يُوسُفَ ( عليه السلام ) كَانَ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ ( عليه السلام ) وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْرَ فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ بِحُجَّتِهِ كَمَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أَنْ يَمْشِيَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَ يَطَأَ بُسُطَهُمْ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ لَهُ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ قَالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ " اهـ .[472]

اين القوة والعزة والمنعة في الامة والامام يشبهها بالخنازير ثم يلعنها ؟ !!! .

ائمة يصفون الامة بالردة , وقردة , وخنازير , ويخافون على انفسهم الى حد ان الامام علي رضي الله عنه يُسب ولا يستطيعون الانكار حتى , بل يغيب الامام الثاني عشر لمئات السنين , ولا يستطيعون ايصال العلم للشيعة فضلا عن غيرهم , بل انهم يخلطون الحقيقة بالتقية خوفا على انفسهم وشيعتهم , فقل لي بربك اين العزة والمنعة للدين ؟ !!! .

فاذا اشكل الرافضة على اهل السنة بتسمية الخلفاء , فنقول لم يأت دليل من النبي صلى الله عليه واله وسلم بالاسماء , وعدم ورود النصوص على التسمية يتعلق بالحث , والمثابرة لمن يتولى الخلافة في تقوية الامة لينال رضى الله تعالى بأفعاله الحسنة التي تؤدي الى جعل الامة في منعة , وعز , وتمكين , فيكون له الاجر العظيم , والثواب الجزيل .

 ان تقوية الامة تتحقق  بطريقتين اما بتوجيه الخليفة وضبطه للامور , فتكون له البطانة الحسنة التي تعينه على افعاله الحسنة ففي هذه الحالة ينال الاجر , والثواب هو ومن يعاونه على البر والتقوى , واما اذا كان منه تقصير فتتحقق القوة , والعزة , والمنعة عن طريق الوزراء , وامراء الجيوش الذين يتولون قيادتها اذا دهم الامة اي خطر , فيكون الاجر , والثواب الوزراء , والامراء  اذا قصر الخليفة في اداء واجباته المنوطة به , فالامر عندنا لا يوجد فيه اي اشكال لا من الناحية العلمية الشرعية , ولا من الناحية العملية .

واما من ناحية تسمية الخلفاء عند الرافضة فالاشكال عليهم فيه كبير جدا , فلا توجد روايات معتبرة عند الرافضة في تسمية الخلفاء , او الائمة , وما جاء عندهم من روايات فهو مصنوع في عصر الغيبة كما اعترف بذلك البهبودي , حيث قال : "  على انك عرفت في بحث الشذوذ عن نظام الامامة ان الأحاديث المروية في النصوص على الأئمة جملة من خبر اللوح وغيره كلها مصنوعة في عهد الغيبة والحيرة وقبلها بقليل فلو كانت هذه النصوص المتوافرة موجوده عند الشيعة الإمامية لما اختلفوا في معرفة الأئمة هذا الاختلاف الفاضح ولما وقعت الحيرة لأساطين المذهب واركان الحديث سنوات عديدة وكانوا في غنى ان يتسرعوا في تأليف الكتب في اثبات الغيبة وكشف الحيرة عن قلوب الامة بهذه الكثرة " اهـ .[473]

ولقد سئل الخوئي سؤالا يتعلق بالتخبط الفاضح عند كبار الشيعة بعد موت الامام الصادق , وعدم معرفة الشيعة من هو الامام المنصب بعده , فقد ورد في صراط النجاة : "  سؤال 1422: الحديث المعروف المروي عن هشام بن سالم والذي يروي به ما جرى عليه وعلى بعض أصحابه، بل وعموم الشيعة بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام وكيف انه كان مع ثلة من أصحاب الصادق ثم كانوا يبحثون عن الخلف من بعده عليه السلام فدخلوا على عبد الله بن جعفر وقد اجتمع عليه

الناس ثم انكشف لهم بطلان دعوى امامته، فخرجوا منه ضلالا لا يعرفون من الامام إلى آخر الرواية... كيف نجمع بين هذه الرواية التي تدل على جهل كبار الاصحاب بالامام بعد الصادق عليه السلام وبين الروايات التي تحدد أسماء الائمة: جميعا منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وهل يمكن اجماع الاصحاب على جهل هذه الروايات حتى يتحيروا بمعرفة الامام بعد الامام؟ الخوئي:

  الروايات المتواترة الواصلة إلينا من طريق العامة والخاصة قد حددت الأئمة عليهم السلام بإثني عشر من ناحية العدد ، ولم تحددهم بأسمائهم عليه السلام واحداً بعد واحد حتى لا يمكن فرض الشك في الإمام اللاحق بعد رحلة الإمام السابق بل قد تقتضي المصلحة في ذلك الزمان اختفأه والتستر عليه لدى الناس بل لدى أصحابهم عليهم السلام الا أصحاب السر لهم " اهـ .[474]

لقد ذكر الخوئي ان الروايات الواصلة الينا بالتواتر تحديد العدد , وفي هذا رد قاتل على كل من يدعي ان روايات تحديد الاسماء قد تحقق فيها التواتر , فكلام الخوئي فيه بطلان صريح لكل من يقول ان روايات اسماء الائمة متواترة , ومن المعلوم ان هذه الروايات لم يكن منها ولو رواية واحدة منتشرة عند الشيعة فضلا عن غيرهم , ولو كان هناك رواية واحدة فقط عند الشيعة في عصر الامام الصادق لما حدث كل هذا التخبط , والاضطراب الفاضح .

والادلة على صحة كلام  البهبودي كثيرة جدا , ومنها اختلاف الشيعة الى عدة فرق بسبب عدم معرفة اسماء الائمة , فاختلفوا الى فرق , ومن هذه الفرق : الكيسانية , والزيدية , والناووسية , والاسماعيلية , والفطحية , والواقفية , وغيرها من فرق الغلاة .

بل ورد عند الامامية ان محمد بن الحنفية قد نازع زين العابدين رحمهما الله في الامامة , ونلاحظ في النص ان زين العابدين ذكر ان سبب جعل الامامة في عقب الحسين رضي الله عنه نتيجة فعل الحسن مع معاوية رضي الله عنهما , فلم يستدل بأي نص من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , قال الطبري الشيعي : " 129 / 19 -   أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، قال : حدثنا الحسين بن أحمد ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة وزرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : لما قتل الحسين بن علي ( صلوات الله عليه ) أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فجاءه ، فقال له : يا بن أخي ، قد علمت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جعل الوصية  والإمامة من بعده إلى علي بن أبي طالب ، ثم إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، وقد قتل أبوك ( صلوات الله عليه ) ، وأنا عمك وصنو أبيك ، وولادتي من علي بن أبي طالب مثل ولادة أبيك ، فأنا أحق بالوصية منك مع حداثتك ، فلا تنازعني الوصية والإمامة ، ولا تحاربني . فقال له علي بن الحسين ( عليه السلام ) : يا عم ، لا تدع ما ليس لك بحق ، إني أعظك أن تكون من الجاهلين . إن أبي ( صلوات الله عليه ) أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق ، وعهد إلي قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله عندي ، فلا تتعرض لهذا الأمر وتنكره ، فإني أخاف عليك – يا عم – نقص العمر وتشتت الحال . إن الله ( تعالى ) - لما صنع الحسن ( عليه السلام ) مع معاوية ما صنع - جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين ( عليه السلام ) ، فإن أردت أن تعلم حقيقة قولي فانطلق معي إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك . قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وكان الكلام بينهما بمكة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود ، فقال علي ( عليه السلام ) لمحمد بن الحنفية : ابتهل إلى الله ( تعالى ) ، واسأله أن ينطق لك الحجر . فابتهل محمد بالدعاء ، وسأل الله ، وكلم الحجر فلم يجبه . فقال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : أما إنك - يا عم – لو كنت وصيا وإماما لأجابك . قال : فقال محمد : فكلمه أنت – يا بن أخي – وسله . فدعا الله علي بن الحسين ( عليه السلام ) بما أراد ، ثم قال : أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء والناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين . فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، وأنطقه الله ( عز وجل ) بلسان عربي مبين ، وقال : اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي ( عليه السلام ) إلى علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فانصرف محمد بن الحنفية وهو يتولى علي بن الحسين ( عليه السلام ) " اهـ .[475]

ووردت الرواية في الامامة والتبصرة لابن بابويه القمي بهذا السند : " 49 – وعنه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة: عن أبي جعفر عليه السلام........" اهـ .[476]

وذكرها الحسن بن سليمان الحلي في مختصر البصائر , بهذا السند : " أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء وزرارة بن أعين عن أبي جعفر " ع " قال لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام " اهـ .[477]

  فالتنازع الذي جاء في الرواية , ثم العلة التي من اجلها جعل الله تعالى الامامة في ذرية الحسين رضي الله عنه ناسف لاي دليل يدعي الامامية صدوره عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لان ما فعله الحسن مع معاوية رضي الله عنهما كان بعد موت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

وكذلك عدم معرفة محمد بن الحنفية رحمه الله لمن الامامة من بعد الحسين رضي الله عنه دليل ناسف لما يدعيه الامامية من صدور الروايات الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في تسمية الائمة , فكيف غابت كل هذه النصوص التي يدعيها الامامية في تسمية الائمة عن محمد بن الحنفية رحمه الله , وهو قريب عهد من النبي صلى الله عليه واله وسلم , وكذلك عاش في كنف ابيه علي بن ابي طالب رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه خليفة ممكن مطاع , ومع اخويه الحسن , والحسين رضي الله تعالى عنهما , ومع هذا نراه لا يعرف ولو نصا واحدا على تسمية الائمة , ومن المستحيل ان يكتم علي والحسن والحسين رضي الله عنهم عن اقرب المقربين لهم , مع الملازمة , والرعاية له , والشعور بالامان تجاهه النص الوارد من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في وتسمية الائمة , وتعيينهم , فاذا كان ابن الحنفية وهو من هو تدينا , وقربا من علي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا , وهو لا يعرف ولو نصا واحدا في تسمية الائمة , فكيف بباقي الامة ؟ !!! .

فهذا مثال حي لاحد اهل البيت رضي الله عنهم وهو محمد بن الحنفية بعدم معرفة اي نص على تسمية الائمة , وقد جاء في الرواية انه قد نازع زين العابدين رحمه الله في ادعاء الامامة .

ولقد اعترف الخوئي ان زرارة مات ولم يعرف امام زمانه بل كان في حكم من يبحث , حيث قال : " : " لان الواجب على كل مكلف أن يعرف إمام زمانه ولا يجب عليه معرفة الامام من بعده ، وإذا توفي إمام زمانه فالواجب عليه الفحص عن الامام ، فإذا مات في زمان الفحص فهو معذور في أمره ويكفيه الالتزام بامامة من عينه الله تعالى ، وإن لم يعرفه بشخصه . وعلى ذلك فلا حرج على زرارة ، حيث كان يعرف إمام زمانه ، وهو الصادق عليه السلام ، ولم يكن يجب عليه معرفة الامام من بعده في زمانه ، فلما توفي الصادق عليه السلام ، قام بالفحص فأدركه الموت مهاجرا إلى الله ورسوله " اهـ .[478]

وفي هذا دلالة واضحة على ان اصحاب الائمة لم يكونوا يعرفوا هذه النصوص التي وضعها بعض الزنادقة في عصر الغيبة .

وكذلك حنان بن سدير الواقفي الذي ترحم عليه الطوسي لم يكن عارفا بالامام , ولا باسماء الائمة بعد الامام الكاظم , قال الطوسي : حنان بن سدير الصيرفي ، واقفي " اهـ .[479]

وقال : " 6 – حنان بن سدير. له كتاب – وهو ثقة رحمه الله - روينا كتابه بالاسناد الاول عن ابن ابي عمير، عن الحسن بن محبوب، عنه " اهـ .[480]

وعبد الله بن بكير الفطحي مات وهو يعتقد بامامة عبد الله الافطح , فأين غابت روايات اسماء الائمة عن مثل هذا الراوي الشيعي الذي عده الكشي من اصحاب الاجماع ؟ !!! , قال الخوئي في ترجمة عبد الله بن بكير الفطحي : " بقي أمران: الاول: أنك قد عرفت توثيق عبد الله بن بكير من الشيخ، والمفيد، وعلي ابن إبراهيم، وعد الكشي إياه من أصحاب الاجماع، فلا ينبغي الاشكال في وثاقته وإن كان فطحيا. وأما ما ذكره الشيخ في الاستبصار فلا ينافي الحكم بوثاقته، غايته أن الشيخ احتمل كذب عبد الله بن بكير في هذه الرواية بخصوصها نصرة لرأيه، ومن المعلوم أن احتمال الكذب لخصوصية في مورد خاص لا ينافي وثاقة الراوي " اهـ .[481]

وهناك التراجم الكثيرة لعلماء الشيعة الذين تفرقوا الى عدة فرق واندرج الكثير منهم تحتها , وراجع في هذا موضوع (الاختلاف بين الشيعة بعد موت الكثير من الائمة , وعدم معرفة كبار الشيعة لاسماء الائمة )  فسوف تجد التراجم الكثيرة للزيدية , والفطحية , والواقفية , وغيرهم .

وكذلك ارجع الى الروايات في موضوع : ( المعصوم يطلب الامامة لابنه الغير معصوم )  التي ورد فيها دعاء الامام الصادق لولده اسماعيل بالامامة , فلو كانت نصوص التسمية موجودة فكيف يدعو الامام الصادق ربه في جعل الامامة لولده اسماعيل ؟ !!! .

{ انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا }

يستدل الرافضة على امامة علي رضي الله عنه بقوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) : المائدة } , واستدلالهم بالاية يعتمد على سبب نزولها , ويدعي الامامية انها نزلت في علي رضي الله عنه , وان الولي في الاية بمعنى الامام , واستدلالهم هذا باطل , ومردود , فاما من ناحية سبب النزول في الاية الكريمة المباركة , فلا علاقة لها بعلي رضي الله عنه , ولقد بين ذلك العلامة المحدث احمد محمد شاكر في عمدة التفسير , حيث قال رحمه الله : " واما قوله : { وهم راكعون } : فقد توهم بعض الناس ان هذه الجملة في موضع الحال من قوله : { ويؤتون الزكاة } اي : في حال ركوعهم !ولو كان هذا كذلك , لكان دفع الزكاة في حال الركوع افضل من غيره , لانه ممدوح ! وليس الامر كذلك عند احد من العلماء ممن نعلمه من ائمة الفتوى , وحتى ان بعضهم ذكر في هذا اثرا عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه : ان هذه الاية نزلت فيه : وذلك انه مر به سائل في حال ركوعه , فاعطاه خاتمه . ثم ذكر الحافظ ابن كثير هنا اثارا في ذلك , باسانيدها الضعيفة . وابان عن عوار كل منها . ثم قال : وليس يصح شيء منها بالكلية , لضعف اسانيدها وجهالة رجالها . 4

وقد تقدم في الاحاديث التي اوردناها : ان هذه الايات كلها نزلت في عبادة بن الصامت , رضي الله عنه حين تبرأ من حلف يهود , ورضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين , ولهذا قال تعالى بعد هذا كله : { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } .

__________________

( 4 ) بل هي من اكاذيب الشيعة , الذين يلعبون بتأويل القران , لينسبوا لعلي كرم الله وجهه مآثر وفضائل غير ثابتة . ثم أعجب من ذلك ان يستدلوا بهذه الاكاذيب في هذا الموضع على وجوب امامة علي . والزمخشري – على ذكائه – فاتت عليه هذه السخافات وحكاها كأنها حقيقة واقعة , جهلا منه بطرق الرواية واثباتها . والفخر الرازي – على جهله بعلوم الحديث – رفضها رفضا شديدا , وندد بمخترعيها ومصدقيها " اهـ .[482]

علما ان العلامة المحدث احمد شاكر قد ذكر في مقدمة كتابه , بانه قد اختار من الاحاديث اصحها , واقواها سندا , واوضحها لفظا , حيث قال : " اخترت من الاحاديث التي يذكرها اصحها واقواها اسنادا , واوضحها لفظا . فان المؤلف رحمه الله كثيرا ما يذكر الحديث الواحد بروايات متعددة , ومن اوجه مختلفة .

4 – حذفت اسانيد الاحاديث التي اذكرها . فان الحافظ ابن كثير يذكر الاحاديث باسانيدها مفصلة من دواوين السنة . فيقول مثلا : ( قال الامام احمد بن حنبل : حدثنا ... ) – ثم يسوق الاسناد والحديث , ثم كثيرا ما يذكر بعده تخريجه من الصحاح والسنن وغيرها , باسانيدها كاملة , او بالاشارة الى الاسانيد " اهـ .[483]

وقال عن الاحاديث الضعيفة والمعلولة : "  حذفت كل حديث ضعيف او معلول , الا ان يكون اثباته في غير موضعه ضرورة علمية : لرفع شبهة , او بيان معنى حديث صحيح بحديث ليس ضعيفا بمرة , او رد على احتجاج به لذي هوى او ضغن على الاسلام واهله , او غير ذلك من المقاصد العالية " اهـ .[484]

وقال الامام الالباني في اثناء بيان عدم نزول الاية بعلي رضي الله عنه : "

قلت : ويشهد لذلك أمور :

الأول : أنه ثبت أن الآية نزلت في عبادة بن الصامت لما تبرأ من يهود بني قينقاع وحلفهم .

أخرجه ابن جرير (6/ 186) بإسنادين عنه ؛ أحدهما حسن .

الثاني : ما أخرجه ابن جرير أيضاً ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 185) عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قوله عز وجل : (إنما وليكم الله ...) الآية ؛ قلنا : من الذين آمنوا ؟ قال : (الذين آمنوا) (ولفظ أبي نعيم : قال : أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -) . قلنا : بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب ؟! قال : علي من الذين آمنوا .

وإسناده صحيح .

قلت : فلو أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه خاصة ؛ لكان أولى الناس بمعرفة ذلك أهل بيته وذريته ، فهذا أبو جعفر الباقر رضي الله عنه لا علم عنده بذلك !

وهذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيعة يلصقون بأئمتهم ما لا علم عندهم به ! ... " اهـ .[485]

وقد سمعت بعض الرافضة يحتج بحديث قد رواه الامام الطبراني في المعجم الاوسط , حيث قال : " 6232 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، يَقُولُ: وَقَفَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَائِلٌ، وَهُوَ رَاكِعٌ فِي تَطَوُّعٍ فَنَزَعَ خَاتَمَهُ، فَأَعْطَاهُ السَّائِلَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»

لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ " اهـ .[486]

وهذا الحديث لا يصح وعلته خالد بن يزيد , قال الامام عبد الرحمن بن ابي حاتم : " 1630 – خالد بن يزيد العمرى المكى أبو الوليد روى عن سفيان الثوري واسحاق بن يحيى بن طلحة وعبد الله العمرى وابى الغصن ثابت ابن قيس سمعت ابى يقول ذلك.

قال أبو محمد روى عنه على بن حرب الموصلي وكتب عنه أبو زرعة وترك الرواية عنه.

حدثنا عبد الرحمن نا على بن الحسن الهسنجانى قال سمعت يحيى بن معين يقول: خالد بن يزيد العمرى كذاب.

حدثنا عبد الرحمن قال سئل ابى عن خالد بن يزيد العمرى المكى فقال: كان كذابا اتيته بمكة ولم اكتب عنه وكان ذاهب الحديث " اهـ .[487]

وقال الامام ابن حبان : " خالد بن يزيد العمرى أبو الوليد شيخ كان يسكن مكة ينتحل مذهب الرأى، يروى عن الثوري، روى عنه محمد بن يزيد النيسابوري الذى يقال له محمش، منكر الحديث جدا. اكثر من كتب عنه أصحاب الراى لا يشتغل بذكره لانه يروى الموضوعات عن الاثبات ... اهـ .[488]

ولقد جاءت الاية وسط ايات تتعلق بالولاء والبراء , وهو المراد من معنى الاية الكريمة المباركة , ولا علاقة لها بالامامة ولا اي شيء اخر , قال الحافظ ابن كثير : " وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} أَيْ: لَيْسَ الْيَهُودُ بِأَوْلِيَائِكُمْ، بَلْ وِلَايَتُكُمْ رَاجِعَةٌ إِلَى الله ورسوله والمؤمنين. وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [وَهُمْ رَاكِعُونَ] } (1) أَيِ: الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ لَهُ وَحْدَهُ  لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمَخْلُوقِينَ وَمُسَاعَدَةٌ لِلْمُحْتَاجِينَ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَهُمْ رَاكِعُونَ} فَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أَيْ: فِي حَالِ رُكُوعِهِمْ، وَلَوْ كَانَ هَذَا كَذَلِكَ، لَكَانَ دَفْعُ الزَّكَاةِ فِي حَالِ الرُّكُوعِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْدُوحٌ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ نَعْلَمُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى، وَحَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِي هَذَا أَثَرًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ: [ذَلِكَ] أَنَّهُ مَرَّ بِهِ سَائِلٌ فِي حَالِ رُكُوعِهِ، فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْد، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} قَالَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْن أَبُو نُعَيْمٍ الْأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل قَالَ: تَصَدَّقَ عَلِيٌّ بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الْآيَةَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، تَصَّدَق وَهُوَ رَاكِعٌ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الْآيَةَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدُويه، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنان، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَائِمًا يُصَلِّي، فَمَرَّ سَائِلٌ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الْآيَةَ.

الضَّحَّاكُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ.

وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه أَيْضًا عَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ -وَهُوَ مَتْرُوكٌ-عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، بَيْنَ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ وَقَائِمٍ وَقَاعِدٍ، وَإِذَا مِسْكِينٌ يَسْأَلُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئًا؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "مَنْ؟ " قَالَ: ذَلِكَ (6) الرَّجُلُ الْقَائِمُ. قَالَ: "عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَهُ؟ " قَالَ: وَهُوَ رَاكِعٌ، قَالَ: "وَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ". قَالَ: فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَقُولُ: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا يُفْرَحُ بِهِ.

ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَردُويَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَفْسِهِ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي رَافِعٍ. وَلَيْسَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا وَجَهَالَةِ رِجَالِهَا " اهـ .[489]

ورواية موسى بن قيس ان سلمة بن كهيل قال نزلت في علي رضي الله عنه , فيها علتان :

العلة الاولى – موسى بن قيس الحضرمي من غلاة الرافضة كما نقل الامام الذهبي قول الامام العقيلي فيه , حيث قال : " 6517 – د س / موسى بن قيس عصفور الجنة روى عنه أبو نعيم الفضل له مناكير وقال العقيلي من الغلاة في الرفض " اهـ .[490]

وهذه الرواية فيها نصرة لبدعته .

العلة الثانية – سلمة بن كهيل ولد في سنة 47 هـ , ومات في سنة 121 ه , قال الحافظ ابن حجر : " قال يحيى بن سلمة بن كهيل ولد أبي سنة سبع وأربعين ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وعشرين ومائة " اهـ .[491]

فبين ولادته وموت النبي صلى الله عليه واله وسلم عشرات السنين فضلا عن شهوده للحادثة .

واما رواية غالب بن عبيد ان مجاهدا قال ان الاية نزلت في علي رضي الله عنها , فإن غالبا هذا منكر الحديث , ومتروك , قال الامام البخاري : " غالب بن عبيد الله العقيلي الجزري منكر الحديث سمع منه يعلى بن عبيد ومحمد بن يوسف " اهـ .[492]

وقال الامام النسائي : " (484) غالب بن عبيد الله متروك الحديث " اهـ .[493]

ولقد صدق الامام ابن كثير رحمه الله بعد ان ذكر هذه الاثار فذكر علل بعضها ولم يذكر علل البعض , الا انه اجمل الكلام بعد ايرادها بقوله (وَلَيْسَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا وَجَهَالَةِ رِجَالِهَا ) فكلامه متين ومبني على ادلة علمية تدل على تبحره في علم الاثر .

ولقد اخرج الامام الحاكم في معرفة علوم الاثر حديثا يتعلق بالاية الكريمة , حيث قال : " حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ قَالَ: ثنا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الرَّازِيُّ، بأَصْبَهَانَ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , قَالَ: ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بَيْنَ رَاكِعٍ وَقَائِمٍ، فَصَلَّى، فَإِذَا سَائِلٌ، قَالَ: «يَا سَائِلُ أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئًا؟» ، فَقَالَ: لَا إِلَّا هَذَا الرَّاكِعَ , لِعَلِيٍّ , أَعْطَانِي خَاتَمًا قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ الرَّازِيُّونَ، عَنِ الْكُوفِيِّينَ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ الضُّرَيْسِ الرَّازِيَّ قَاضِيهِمْ، وَعِيسَى الْعَلَوِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ " اهـ .[494]

فعلق الامام الالباني على هذا الاثر في السلسلة الضعيفة , وحكم عليه بالنكارة , حيث قال : " 4921 – ( نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ، فخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودخل المسجد ؛ والناس يصلون بين راكع وقائم يصلي ؛ فإذا سائل ، قال : يا سائل ! أعطاك أحد شيئاً ؟ فقال : لا ؛ إلا هذا الراكع – لعلي – أعطاني خاتماً ) .

منكر

أخرجه الحاكم في "علوم الحديث" (ص 102) ، وابن عساكر (12/ 153/ 2) من طريق محمد بن يحيى بن الضريس : حدثنا عيسى بن عبد الله ابن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب قال : حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن علي قال ... فذكره . وقال الحاكم :

"تفرد به ابن الضريس عن عيسى العلوي الكوفي" .

قلت : وهو متهم ؛ قال في "الميزان" : "قال الدارقطني : متروك الحديث . وقال ابن حبان : يروي عن آبائه أشياء موضوعة" . ثم ساق له أحاديث .

(تنبيه) : عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر ... إلخ ؛ هكذا وقع في هذا الإسناد عند المذكورين . والذي في "الميزان" و "اللسان" :

عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر ! فسمى جده : محمداً ، بدل : عبيد الله ؛ ولعله الصواب ؛ فإنه كذلك في "الكامل" (295/ 1) في الترجمة ، وفي بعض الأحاديث التي ساقها تحتها ، وأحدها من طريق محمد بن يحيى بن ضريس : حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد ... ثم قال : "وبهذا الإسناد تسعة أحاديث مناكير ، وله غير ما ذكرت ، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه" .

ومما سبق ؛ تعلم أن قول الآلوسي في "روح المعاني" (2/ 329) : "إسناده متصل" ! مما لا طائل تحته !

واعلم أنه لا يتقوى الحديث بطرق أخرى ساقها السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 293) ؛ لشدة ضعف أكثرها ، وسائرها مراسيل ومعاضيل لا يحتج بها !..... " اهـ .[495]

ومع ان الامام ابن جرير الطبري قد اورد الاثار الواردة في اسباب النزول , الا انه ذكر ان تفسير الاية لا يتعلق بشخص بعينه , وان المراد بالمؤمنين هو جماعتهم , والمراد بذلك ولاية اهل الايمان ونصرتهم , والبراءة من اليهود , والنصارى , حيث قال : " الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا لَيْسَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ نَاصِرٌ إِلَّا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنُونَ , الَّذِينَ صِفَتُهُمْ مَا ذَكَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ. فَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَبَرَّءُوا مِنْ وَلَايَتِهِمْ وَنَهَاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ , فَلَيْسُوا لَكُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَا نُصَرَاءَ , بَلْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ , وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " اهـ .[496]

فالاية تتعلق بالولاء والبراء , وهي ضمن ايات في هذا السياق ولهذا قال العلامة ابن عاشور رحمه الله : " جُمْلَةُ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَى آخِرِهَا مُتَّصِلَةٌ بِجُمْلَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [الْمَائِدَة: 51] وَمَا تَفَرَّعَ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ- إِلَى قَوْلِهِ- فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ [الْمَائِدَة: 52، 53] . وَقَعَتْ جُمْلَةُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ [الْمَائِدَة: 54] بَيْنَ الْآيَاتِ مُعْتَرِضَةً، ثُمَّ اتَّصَلَ الْكَلَامُ بِجُمْلَةِ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَوْقِعُ التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ، لِأَنَّ وَلَايَتَهُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَهُمْ فَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَلَيَّهُ لَا تَكُونُ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَوْلِيَاءَهُ. وَتُفِيدُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْ وَلَايَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَفِيهِ تَنْوِيهٌ بِالْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِطَرِيقَةِ تَأْكِيدِ النَّفْيِ أَوِ النَّهْيِ بِالْأَمْرِ بِضِدِّهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَتَضَمَّنُ أَمْرًا بِتَقْرِيرِ هَذِهِ الْوَلَايَةِ وَدَوَامِهَا، فَهُوَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ، وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ (إِنَّمَا) قَصْرُ صِفَةٍ عَلَى مَوْصُوفٍ قَصْرًا حَقِيقِيًّا.

وَمَعْنَى كَوْنِ الَّذِينَ آمَنُوا أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التَّوْبَة: 71] . وَإِجْرَاءُ صِفَتَيْ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا لِلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ وَهُمْ راكِعُونَ. وَقَوْلُهُ: وَهُمْ راكِعُونَ مَعْطُوف على الصّفة. وَظَاهِرُ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّهَا عَيْنُ مَعْنَى قَوْلِهِ: يُقِيمُونَ الصَّلاةَ، إِذِ الْمُرَادُ بِ راكِعُونَ مُصَلُّونَ لَا آتُونَ بِالْجُزْءِ مِنَ الصَّلَاةِ الْمُسَمَّى بِالرُّكُوعِ. فَوُجِّهَ هَذَا الْعَطْفُ: إِمَّا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوعِ رُكُوعُ النَّوَافِلِ، أَيِ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الْمَفْرُوضَةَ وَيَتَقَرَّبُونَ بِالنَّوَافِلِ وَإِمَّا الْمُرَادُ بِهِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مِنَ الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، أَيِ الَّذِينَ يُدِيمُونَ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ. وَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُمْ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ مُبَادَرَةً بِالتَّنْوِيهِ بِالزَّكَاةِ، كَمَا هُوَ دَأْبُ الْقُرْآنِ. وَهُوَ الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ أَبُو بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِذْ قَالَ: «لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ» . ثُمَّ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فَالْوَاوُ عَاطِفَةُ صِفَةٍ عَلَى صِفَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْجُمْلَةُ حَالًا. وَيُرَادُ بِالرُّكُوعِ الْخُشُوعُ " اهـ .[497]

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وَقَدْ وَضَعَ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ حَدِيثًا مُفْتَرًى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لَمَّا تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلَاةِ ، وَهَذَا كَذِبٌ. بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ [بِالنَّقْلِ] ، وَكَذِبُهُ بَيِّنٌ ، مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ:

مِنْهَا: أَنَّ قَوْلَهُ (الَّذِينَ) صِيغَةُ جَمْعٍ، وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّ (الْوَاوَ) . لَيْسَتْ وَاوَ الْحَالِ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ لَا يَسُوغُ . أَنْ يَتَوَلَّى إِلَّا مَنْ أَعْطَى الزَّكَاةَ فِي حَالِ الرُّكُوعِ، فَلَا يَتَوَلَّى سَائِرُ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَدْحَ إِنَّمَا يَكُونُ بِعَمَلٍ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ ، وَإِيتَاءُ. الزَّكَاةِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ لَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا [بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمِلَّةِ]. فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِيتَاؤُهَا فِي الصَّلَاةِ حَسَنًا، لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ حَالِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِ حَالِ الرُّكُوعِ، بَلْ إِيتَاؤُهَا فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَمْكَنُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْضًا خَاتَمٌ، وَلَا كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ، حَتَّى كَتَبَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كِتَابًا إِلَى كِسْرَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَنَقَشَ فِيهَا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ  .

وَمِنْهَا: أَنَّ إِيتَاءَ غَيْرِ الْخَاتَمِ فِي الزَّكَاةِ خَيْرٌ مِنْ إِيتَاءِ الْخَاتَمِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ: لَا يُجْزِئُ. إِخْرَاجُ الْخَاتَمِ فِي الزَّكَاةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ أَنَّهُ أَعْطَاهُ السَّائِلَ ، وَالْمَدْحُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ

يُخْرِجَهَا ابْتِدَاءً وَيُخْرِجَهَا عَلَى الْفَوْرِ، لَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَسْأَلَهُ سَائِلٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ، وَالْأَمْرِ بِمُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ " اهـ .[498]

وقال العلامة الالوسي : " واستدل الشيعة بها على إمامته كرم الله تعالى وجهه ، ووجه الاستدلال بها عندهم أنها بالإجماع أنها نزلت فيه كرم الله تعالى وجهه ، وكلمة { إنما } تفيد الحصر ، ولفظ الولي بمعنى المتولي للأمور والمستحق للتصرف فيها ، وظاهر أن المراد هنا التصرف العام المساوي للإمامة بقرينة ضم ولايته كرم الله تعالى وجهه بولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فثبتت إمامته وانتفت إمامة غيره وإلا لبطل الحصر ، ولا إشكال في التعبير عن الواحد بالجمع ، فقد جاء في غير ما موضع؛ وذكر علماء العربية أنه يكون لفائدتين : تعظيم الفاعل وأن من أتى بذلك الفعل عظيم الشأن بمنزلة جماعة كقوله تعالى : { إن إبراهيم كان أمة } [ النحل : 120 ] ليرغب الناس في الإتيان بمثل فعله ، وتعظيم الفعل أيضا حتى أن فعله سجية لكل مؤمن ، وهذه نكتة سرية تعتبر في كل مكان بما يليق به .

وقد أجاب أهل السنة عن ذلك بوجوه : الأول : النقض بأن هذا الدليل كما يدل بزعمهم على نفي إمامة الأئمة المتقدمين كذلك يدل على سلب الإمامة عن الأئمة المتأخرين كالسبطين رضي الله تعالى عنهما وباقي الاثني عشر رضي الله تعالى عنهم أجمعين بعين ذلك التقرير ، فالدليل يضر الشيعة أكثر مما يضر أهل السنة كما لا يخفى ، ولا يمكن أن يقال : الحصر إضافي بالنسبة إلى من تقدمه لأنا نقول : إن حصر ولاية من استجمع تلك الصفات لا يفيد إلا إذا كان حقيقيا ، بل لا يصح لعدم استجماعها فيمن تأخر عنه كرم الله تعالى وجهه ، وإن أجابوا عن النقض بأن المراد حصر الولاية في الأمير كرم الله تعالى وجهه في بعض الأوقات أعني وقت أمامته لا وقت إمامة السبطين ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم قلنا : فمرحبا بالوفاق إذ مذهبنا أيضا أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماما لا قبله وهو زمان خلافة الثلاثة ، ولا بعده وهو زمان خلافة من ذكر .

فإن قالوا : إن الأمير كرم الله تعالى وجهه لو لم يكن صاحب ولاية عامة في عهد الخلفاء يلزمه نقص بخلاف وقت خلافة أشباله الكرام رضي الله تعالى عنهم فإنه لما لم يكن حيا لم تصر إمامة غيره موجبة لنقص شرفه الكامل لأن الموت رافع لجميع الأحكام الدنيوية يقال : هذا فرار وانتقال إلى استدلال آخر ليس مفهوما من الآية إذ مبناه على مقدمتين : الأولى : أن كون صاحب الولاية العامة في ولاية الآخر ولو في وقت من الأوقات غير مستقل بالولاية نقص له ، والثانية : أن صاحب الولاية العامة لا يلحقه نقص ما بأي وجه وأي وقت كان ، وكلتاهما لا يفهمان من الآية أصلا كما لا يخفى على ذي فهم ، على أن هذا الاستدلال منقوض بالسبطين زمن ولاية الأمير كرم الله تعالى وجهه ، بل وبالأمير أيضا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،

والثاني : أنا لا نسلم الإجماع على نزولها في الأمير كرم الله تعالى وجهه ، فقد اختلف علماء التفسير في ذلك ، فروى أبو بكر النقاش صاحب «التفسير المشهور» عن محمد الباقر رضي الله تعالى عنه أنها نزلت في المهاجرين والأنصار ، وقال قائل : نحن سمعنا أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه ، فقال : هو منهم يعني أنه كرم الله تعالى وجهه داخل أيضا في المهاجرين والأنصار ومن جملتهم . وأخرج أبو نعيم في «الحلية» عن عبد الملك بن أبي سليمان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الباقر رضي الله تعالى عنه أيضا نحو ذلك ، وهذه الرواية أوفق بصيغ الجمع في الآية ، وروى جمع من المفسرين عن عكرمة أنها نزلت في شأن أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، والثالث : أنا لا نسلم أن المراد بالولي المتولي للأمور والمستحق للتصرف فيها تصرفا عاما ، بل المراد به الناصر لأن الكلام في تقوية قلوب المؤمنين وتسليها وإزالة الخوف عنها من المرتدين وهو أقوى قرينة على ما ذكره ، ولا يأباه الضم كما لا يخفى على من فتح الله تعالى عين بصيرته ، ومن أنصف نفسه علم أن قوله تعالى فيما بعد : { ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء } [ المائدة : 57 ] آب عن حمل الولي على ما يساوي الإمام الأعظم لأن أحدا لم يتخذ اليهود والنصارى والكفار أئمة لنفسه وهم أيضا لم يتخذ بعضهم بعضا إماما ، وإنما اتخذوا أنصارا وأحبابا ، وكلمة { إنما } المفيدة للحصر تقتضي ذلك المعنى أيضا لأن الحصر يكون فيما يحتمل اعتقاد الشركة والتردد والنزاع ، ولم يكن بالإجماع وقت نزول هذه الآية تردد ونزاع في الإمامة وولاية التصرف؛ بل كان في النصرة والمحبة " اهـ .[499]

ولفظ الولي الذي ورد في الاية الكريمة هو لفظ مشترك , وله عدة معان في اللغة  , قال ابن منظور : " قَالَ ابْنُ الأَثير: الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْمَشْهُورُ أَن مَوالي بَنِي هاشِم والمُطَّلِب لَا يَحرم عَلَيْهِمْ أَخذ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الَّذِي بِهِ حَرُمَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى وَجْهٍ أَنه يَحْرُمُ عَلَى الْمَوَالِي أَخذها لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَنَفِي التَّحْرِيمِ أَنه إِنما قَالَ هَذَا الْقَوْلَ تَنْزِيهًا لَهُمْ، وَبَعْثًا عَلَى التَّشَبُّهِ بسادتِهم والاسْتِنانِ بسنَّتهم فِي اجْتِنَابِ مَالِ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ أَوساخ النَّاسِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمَوْلَى فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ: الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ والْمُنْعِم والْمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وَابْنُ العَم والحَلِيفُ والعَقِيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عَلَيْهِ، قَالَ: وأَكثرها قَدْ جاءَت فِي الْحَدِيثِ فَيُضَافُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ، وكلُّ مَنْ وَليَ أَمراً أَو قَامَ بِهِ فَهُوَ مَوْلاه وَوَلِيُّه، قَالَ: وَقَدْ تَخْتَلِفُ مَصَادِرُ هَذِهِ الأَسماءِ، فالوَلايةُ بِالْفَتْحِ فِي النَّسَبِ والنُّصْرة والعِتْق والوِلايةُ بِالْكَسْرِ فِي الإِمارة والوَلاءُ فِي المُعْتَق، والمُوالاةُ مَنْ وَالَى القومَ ...... " اهـ .[500]

واللفظ المشترك تحدد المراد منه القرينة , والقرينة اما ان تكون من السياق , او من دليل اخر , فالسياق واضح على ان المراد هنا النصرة , والمحبة , والبراءة من الكفار .

لقد ذكر بعض علماء الامامية ان استخدام اللفظ المشترك فيه لبس , قال الطوسي : " وقوله: " واركعوا مع الراكعين " إنما خص الركوع بالذكر من أفعال الصلاة لما قال بعض المفسرين: إن المأمورين هم أهل الكتاب، ولا ركوع في صلاتهم وكان الاحسن ذكر المختص دون المشترك، لانه أبعد عن اللبس " اهـ .[501]

ولقد قال المجلسي بان استعمال اللفظ المشترك في جميع مفهوماته غير جائز , حيث قال في البحار : " ثبت أن استعمال اللفظ المشترك لإفادة جميع مفهوماته معا غير جائز " اهـ .[502]

ولهذا اقول ان اراد الامامية ان معنى وليكم اي امامكم , فيلزم من هذا ان يكون الله تعالى اماما , والعياذ بالله تعالى , فالله تعالى لا يقال عنه امام , ولكن يقال عنه محب , وناصر , فالمحب , والناصر مراد في المعنى , ولا يوجد اي محذور في اطلاقه على الله تعالى .

ولقد وردت نصوص قرانية فيها لفظ الولي , والمولى , واذا لم يحملها الامامية على الفهم الصحيح الذي يتناسب مع السياق , والقرائن الدالة على المعنى المراد من النص , فسوف يقعون في محاذير شرعية كثيرة , كما وقعوا في حمل لفظ الولي في الاية على الامام , لاننا كما قلنا انه يلزمهم ان يطلقوا لفظ الامام على الله تعالى .

ومن هذه الايات قوله تعالى : { وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) : التحريم } , فلو حملنا معنى المولى هنا على الامام لاصبح صالح المؤمنين في الاية الكريمة اماما لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وبغض النظر من يكون المراد بصالح المؤمنين في الاية , وهذا لا يقوله مسلم .

وكذلك قوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ (71) : التوبة } فيلزم الامامية اذا كان معنى الولاية هنا الامامة ان يكون كل مؤمن , ومؤمنة امام للاخر , فبالتالي يصبح كل مؤمن امام , وكذلك مأموم , والمؤمنات كذلك , ولا يقول بهذا القول احد .

وقوله تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34): فصلت } , فهل معنى ولي حميم في الاية : امام حميم ؟ !!! .

والايات كثيرة جدا في هذا الموضوع .

 

{ نقض روايات تصدق علي رضي الله عنه في اثناء الركوع في كتب الرافضة }

ولقد ورد في كتب الامامية روايات فيها ان عليا رضي الله عنه قد تصدق وهو في الصلاة, وهذه الروايات مردودة سندا ومتنا , وسوف ابين ذلك , ومن مصادر الامامية .

قال الكليني : " 3 - الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا قَالَ إِنَّمَا يَعْنِي أَوْلَى بِكُمْ أَيْ أَحَقُّ بِكُمْ وَ بِأُمُورِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَمْوَالِكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يَعْنِي عَلِيّاً وَ أَوْلَادَهُ الْأَئِمَّةَ (عليهم السلام) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ هُوَ رَاكِعٌ وَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِينَارٍ وَ كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) كَسَاهُ إِيَّاهَا وَ كَانَ النَّجَاشِيُّ أَهْدَاهَا لَهُ فَجَاءَ سَائِلٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ تَصَدَّقْ عَلَى مِسْكِينٍ فَطَرَحَ الْحُلَّةَ إِلَيْهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَيْهِ أَنِ احْمِلْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ وَ صَيَّرَ نِعْمَةَ أَوْلَادِهِ بِنِعْمَتِهِ فَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِهِ مَبْلَغَ الْإِمَامَةِ يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِثْلَهُ فَيَتَصَدَّقُونَ وَ هُمْ رَاكِعُونَ وَ السَّائِلُ الَّذِي سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ الْأَئِمَّةَ مِنْ أَوْلَادِهِ يَكُونُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ " اهـ .[503]

نلاحظ ان هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند كما صرح المجلسي , فتضعيفه للرواية يزيد يُضعف موقف الامامية من الاستدلال بها من ناحية السند , ونلاحظ ان هذه الرواية فيها التصدق بحلة قيمتها الف دينار , وان الصلاة التي كان يصليها صلاة الفريضة وهي صلاة الظهر كما جاء صريحا في الرواية .

وفي كتاب الامالي للصدوق : " 193 – 4 - أخبرني علي بن حاتم ( رحمه الله ) ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي ، قال : حدثنا كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، في قول الله عز وجل : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) الآية ، قال : إن رهطا من اليهود أسلموا ، منهم : عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا ، فأتوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا : يا نبي الله ، إن موسى ( عليه السلام ) أوصى إلى يوشع بن نون ، فمن وصيك يا رسول الله ، ومن ولينا بعدك ؟ فنزلت هذه الآية : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) . ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قوموا . فقاموا فأتوا المسجد ، فإذا سائل خارج ، فقال : يا سائل ، أما أعطاك أحد شيئا ؟ قال : نعم ، هذا الخاتم . قال : من أعطاك ؟ قال : أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي . قال : على أي حال أعطاك ؟ قال : كان راكعا . فكبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكبر أهل المسجد ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : علي بن أبي طالب وليكم بعدي ، قالوا : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبعلي بن أبي طالب وليا . فأنزل الله عز وجل : ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) . فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع ، لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فما نزل " اهـ .[504]

وهذه الرواية مردودة سندا , وفي السند علتان :

1 – كثير بن عياش : , قال الحلي : " 2 - كثير بن عياش - بالشين المعجمة - ضعيف ، وخرج في أيام  أبي السرايا معه ، فاصابته جراحة وكان قطانا " اهـ .[505]

وقال الخوئي : " 9729 - كثير بن عياش : القطان : أبو سهل ، ضعيف ، تقدم في ترجمة زياد بن المنذر . روى عن زياد بن المنذر أبي الجارود ، وروى عنه جعفر بن عبد الله ، تفسير القمي : سورة آل عمران ، في تفسير قوله تعالى : ( إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير . . " . أقول : إن لم يكن الشيخ ضعفه لاكتفينا في وثاقته بوجوده في إسناد التفسير ، وأما مع تضعيفه إياه صريحا في فهرسته فلا مجال للحكم بوثاقته " اهـ .[506]

2 – ابو الجارود : ذكره الحلي قي القسم الثاني من كتابه وهو القسم الذي جعله للضعفاء , ومن يرد قوله , ومن يقف فيه , فقال : " زياد بن المنذر ، أبو الجارود الهمداني - بالدال المهملة - الخارقي - بالخاء المعجمة بعدها الف ، وراء مهملة ، وقاف - وقيل : الحرقي - بالحاء المضمومة المهملة ، والراء ، والقاف - الكوفي الأعمى التابعي ، زيدي المذهب ، واليه تنسب الجارودية من الزيدية ، كان من أصحاب أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وروى عن الصادق ( عليه السلام ) ، وتغير لما خرج زيد رضي الله عنه ، وروى عن زيد . وقال ابن الغضائري : حديثه في حديث أصحابنا أكثر منه في الزيدية ، وأصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه ، ويعتمدون ما رواه محمد بن بكر الأرجني . وقال الكشي : زياد بن المنذر ، أبو الجارود الأعمى السرحوب - بالسين المهملة المضمومة ، والراء ، والحاء المهملة ، والباء المنقطة تحتها نقطة واحدة بعد الواو - مذموم ، ولا شبهة في ذمه ، وسمي سرحوبا باسم شيطان أعمى يسكن البحر " اهـ .[507]

وقال المنتظري : " وأبو الجارود : زياد بن المنذر ضعيف " اهـ .[508]

وقد علق المنتظري على خبر اورده وفي سنده ابو الجارود , فقال : " وأما أبو الجارود فهو زياد بن المنذر العبدي الأعمى ، كان من الزيدية وضعفه الجميع ، ونقل ابن النديم عن الصادق ( عليه السلام ) أنه لعنه وقال : إنه أعمى القلب أعمى البصر . فالخبر ضعيف من جهة السند " اهـ .[509]

وقال الروحاني معلقا على خبر في سنده ابو الجارود , فقال : " وهذا الخبر ضعيف سندا وأجنبي عن المقام ، أما ضعفه فلأن أبا الجارود زياد بن المنذر ضعيف " اهـ .[510]

واما من ناحية متن رواية الامالي للصدوق , فإن فيها :

التصدق بالخاتم , وان الصلاة لم تكن فريضة , بل كانت نفلا , والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه واله وسلم جاء من خارج المسجد فلقي الرجل وهو يخرج من المسجد , فلو كانت الصلاة فريضة لكان الامام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وفي هذه الحالة يكون خارجا من المسجد لا قادما اليه .

ولقد ورد في رواية طويلة عند الامامية وفيها سبعون منقبة لعلي رضي الله عنه , ومن ضمن هذه المناقب التصدق بالخاتم اثناء الركوع , قال الصدوق : "

1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن - موسى الدقاق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب  ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول : قال : حدثنا سليمان بن حكيم ، عن ثور بن يزيد ، عن مكحول قال : قال أمير المؤمنين علي بن - أبي طالب عليه السلام لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم .....................................

وأما الخامسة والستون فاني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل فسأل وأنا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فأنزل الله تبارك وتعالى في " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ... " اهـ .[511]

وهذه الرواية مردودة من ناحية السند , وفيها عدة علل :

العلة الاولى جهالة احمد بن يحيى بن زكريا القطان : قال الجواهري : " 1013 - 1012 - 1015 - أحمد بن يحيى بن زكريا القطان أبو العباس : مجهول - روى روايتين ، في الفقيه ومعاني الأخبار " اهـ .[512]

العلة الثانية جهالة بكر بن عبد الله بن حبيب : قال الجواهري : " 1854 - 1853 - 1860 - بكر بن عبد الله : بن حبيب المزني - مجهول - له كتاب - روى في الفقيه ج 2 ح 668 " اهـ .[513]

العلة الثالثة جهالة تميم بن بهلول : قال الجواهري : " 1919 - 1918 - 1925 - تميم بن بهلول : مجهول - روى في توحيد الصدوق . وتقدم في ترجمة بهلول ، رواية تميم ابنه عنه  " اهـ .[514]

العلة الرابعة سليمان بن حكيم : قال الشاهرودي : " 6525  - سليمان بن حكيم : لم يذكروه . روى تميم بن بهلول ، عنه ، عن ثور بن يزيد . الخصال ج 2 ص 131 ، و نقله في البحار عنه ، مثله . كمبا ج 8 / 364  " اهـ .[515]

العلة الخامسة ثور بن يزيد : قال الشاهرودي : " 2375  - ثور بن يزيد : لم يذكروه . وقع في طريق الصدوق في التوحيد باب المشيئة والإرادة عن إسماعيل بن أبي زياد الشعيري ( يعنى السكوني ) ، عنه ، عن خالد بن سعدان ، ونقله في جد ج 5 / 94 ، وكمبا ج 3 / 28 . ووقع في طريق الشيخ والمفيد عن محمد بن عمر ، عنه ، عن مكحول . جد ج 21 / 9 ، وكمبا ج 6 / 573  " اهـ .[516]

فهذه الرواية فيها عدة مجاهيل , واما من ناحية المتن , ففيها انه تصدق بالخاتم , ولم يذكر ان الصلاة فيها كانت فريضة , او نافلة .

لقد بينا سقوط الروايات من ناحية السند , واما من ناحية المتن فمما لا شك فيه ان الحادثة واحدة , ولكن وردت مرة انه تصدق بحلة قيمتها الف دينار , ومرة تصدق بخاتم , ومرة في صلاة الفريضة , ومرة في صلاة النفل , فأقول ان الاختلاف الوارد في المتن بهذه الطريقة يوهن الرواية , ولا يمكن ان يُعتمد عليها , وقد طعن المفيد برواية سهو النبي صلى الله عليه واله وسلم , واعتمد على الاختلاف الوارد في متن الروايات , فقال : " على أنهم قد اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه ( عليه السلام ) سها فيها ، فقال بعضهم هي الظهر . وقال بعض آخر منهم : بل كانت عشاء الآخرة . واختلافهم في الصلاة ووقتها دليل على وهن الحديث ، وحجة في سقوطه ، ووجوب ترك العمل به وإطراحه  " اهـ .[517]

فالمفيد اعتمد على الاختلاف الوارد في المتن , ووهنه , واسقطه , وأوجب ترك العمل به , واطراحه , وعلل الاختلاف التي ذكرها المفيد في موضوع السهو موجودة في موضوع التصدق في اثناء الصلاة , فالتصدق مرة بحلة قيمتها الف دينار , ومرة ت بخاتم , ومرة في صلاة الفريضة , ومرة في صلاة النفل فالاختلاف في المتن واضح جدا , فنقول وفق قاعدة المفيد في رد سهو النبي صلى الله عليه واله وسلم أن تصدق علي رضي الله عنه في الصلاة وفق الاختلافات الموجودة في روايات الشيعة ساقط الحجية , ويجب ترك العمل به واطراحه , فاذا اعترض الرافضة على قولي بعد ان بينته بالادلة , فأقول هل باءكم  تجر وباءنا لا تجر ؟ !!! .

وهناك اشكالات في المتن ايضا والخصها بثلاث نقاط   :

النقطة الاولى لقد دلت الرواية الاولى على ان الحادثة كانت في صلاة الفريضة , وقد صلى علي رضي الله عنه منها ركعتين , فهل اخترق المسكين الصفوف , ام ان عليا رضي الله عنه كان يصلي في اخر صفوف الرجال ولا يحرص على الصلاة في الصفوف الاولى خلف الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ !!! .

النقطة الثانية - هل يتناسب خلع الحلة في اثناء الركوع واعطائها للسائل , او خلع الخاتم في اثناء الركوع واعطائه الى السائل مع الخشوع المأمور به المؤمن في صلاته , كما قال الله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) : المؤمنون } ؟ .

النقطة الثالثة لقد ورد في ذكر الرواية الاولى ان السائل كان ملكا في صورة بشر فهل تجوز الزكاة على الملك ؟  وان قال قائل بأن عليا رضي الله عنه لم يكن يعلم انه ملك , فأقول ان لم يكن يعلم انه ملك فلا بد ان يعلم انه مسلم , والمسلم تجب عليه الصلاة , فلما لم يكن مصليا وقد ورد في الرواية ان عليا رضي الله عنه قد صلى ركعتين ثم بعد ذلك تصدق , فكيف يتصدق علي رضي الله عنه على شخص لا يصلي الصلاة المفروضة ؟ ! .

{ معنى وهم راكعون }

واما معنى وهم راكعون في الاية اي وهم خاشعون , وهذا يتناسب مع روح العبادة , والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ,

قال الامام النووي : " وَأَصْلُ الرُّكُوعِ فِي اللُّغَةِ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ وَسُمِّيَ الرُّكُوعُ الشَّرْعِيُّ رُكُوعًا لِمَا فِيهِ مِنْ صُورَةِ الذِّلَّةِ وَالْخُضُوعِ وَالِاسْتِسْلَامِ " اهـ .[518]

وقال الامام ابن الجوزي : " وَيُقَال: الرُّكُوع، وَيُرَاد بِهِ: الذل. وأنشدوا من ذَلِك:

(لَا تذل الضَّعِيف علك أَن ... تركع يَوْمًا والدهر قد رَفعه) " اهـ .[519]

وقال الامام ابن منظور : " ركع  الرُّكوع الخُضوع ......................... قال الخطابي لما كان الركوع والسجود وهما غاية الذُّلِّ والخُضوع مخصوصين بالذكر والتسبيح نهاه عن القراءة فيهما كأَنه كَرِه أَن يجمع بين كلام الله تعالى وكلام الناس في مَوْطِن واحد فيكونا على السَّواء في المَحَلِّ والمَوْقِع وجمع الرّاكع رُكَّع ورُكُوع وكانت العرب في الجاهلية تسمي الحَنِيف راكعاً إِذا لم يَعْبُد الأَوثان وتقول رَكَع إِلى الله ومنه قول الشاعر إِلى رَبِّه رَبِّ البَرِيّةِ راكِع ويقال ركَع الرجل إِذا افْتَقَرَ بعد غِنًى وانْحَطَّت حالُه وقال ولا تُهِينَ الفَقِيرَ عَلَّكَ أَن تركَعَ يَوْماً والدهْرُ قد رَفَعَهْ " اهـ .[520]

وقال ايضا : "  والخشُوعُ الخضُوعُ والخاشع الراكع في بعض اللغات والتخشُّعُ تَكلُّف الخُشوع والتخشُّعُ لله الإِخْباتُ والتذلُّلُ " اهـ .[521]

وتعتبر هذه الاية الكريمة من المتشابه , والمتشابه عند الامامية لا يُعمل به , قال الطوسي : " فالمحكم هو ما علم المراد بظاهره من غير قرينة تقترن إليه ولا دلالة تدل على المراد به لوضوحه ،

نحو قوله : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا " وقوله : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ "لأنه لا يحتاج في معرفة المراد به إلى دليل . "

والمتشابه: مالا يعلم المراد بظاهره حتى يقترن به ما يدل على المراد منه " اهـ .[522]

فالاية الكريمة المباركة احتاجت الى دليل اخر اقترن بها لمعرفة المراد منها , علما ان هذا الدليل فيه اشكالات من ناحية السند , وكذلك من ناحية المتن كما بينا .

وفي البحار : " كتاب جعفر بن محمد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفي ، قال ، قال أبو عبد الله عليه السلام : إن القرآن فيه محكم ومتشابه ، فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به وندين به ، وأما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وهو قول الله في كتابه فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم " اهـ .[523]

{ من كنت مولاه فهذا علي مولاه }

يحتج الامامية بقول النبي صلى الله عليه واله وسلم : " من كنت مولاه فعلي مولاه ". على امامة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم بلا فصل .

وقبل البدأ في شرح هذا الحديث , والمراد منه عند اهل العلم من علمائنا الابرار احب ان انقل كلام السيد الشريف المرتضى وهو احد كبار علماء الامامية , فانه صرح بان هذا الحديث لا يعتبر نصا جليا على الامامة , حيث قال في الشافي : " فأما نحن فلا نعلم ثبوته والمراد به إلا استدلالا كقوله صلى الله عليه وآله (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) و (من كنت مولاه فعلي مولاه) وهذا الضرب من النص هو الذي يسميه أصحابنا النص الخفي " اهـ .[524]

وقال في رسائله : " قال : " النص الخفي: فهو الذي ليس في صريحة لفظه النص بالامامة، وإنما ذلك في فحواه ومعناه، كخبر الغدير ، وخبر تبوك " اهـ .[525]

ولقد قال الامامية ان النص الخفي لا يدل على الامامة , وانما يكون الاستدلال عليها بالنص الجلي , وبهذا صرح النصير الطوسي , حيث قال : " وأمّا القائلون بوجوبه على اللّه تعالى فهم الشيعة القائلون بإمامة عليّ بعد النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم. واختلفوا في طريق معرفة الإمام بعد أن اتّفقوا على أنّه هو النصّ من اللّه، وهو منصوص من قبل اللّه تعالى، لا غير فقالت الإماميّة الاثنى عشريّة والكيسانيّة: إنّه إنّما يحصل بالنص الجليّ لا غير وقالت الزيديّة: إنّه يحصل بالنصّ الخفيّ أيضاً " اهـ . [526]

فهذا الكلام صريح من الطوسي بأن الاتفاق عند الامامية متحقق على ان النص الذي يعرف به الامام هو الجلي لا الخفي , وفي هذا كفاية لاسقاط استدلال الامامية بهذا الحديث .

فالاعتبار في الاستدلال اذن ما جاء عند اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم لا غير , فقد نقلت عن الطوسي بأن الامامية قالوا ان النص الخفي لا يُعرف به الامام, وقد نقلت كلام الشريف المرتضى ان حديث الغدير نص خفي , ومن وجه اخر اقول انه لا يصح الاستشهاد من كتب الرافضة باي رواية , وذلك لانهم ذكروا ان تحريف القران منقول عن الائمة من طرق الامامية بالتواتر , ففرقة تنقل التواتر على تحريف القران لا يمكن الوثوق باي رواية ترد عندهم , وذلك لانهم خالفوا اهل السلام في القطعيات , وأحد هذه القطعيات عند اهل السلام بأن القران الكريم غير محرف , ولكن علماء الرافضة قد صرحوا بتحريف القران الكريم نعوذ بالله تعالى من الخذلان .

 فاما الحديث عند اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم فلا يصح ان نأخذ فهمه من الرافضة , او من غيرهم من الفرق الضالة , بل يكون فهم الحديث بفهم علماء اهل السنة اعلى الله تعالى مقامهم , ومن الواجب علينا ان نجمع كل الادلة المتعلقة بالموضوع لنخرج بالفهم الصحيح لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فداه ابي وامي .

اقول ان استدل الامامية بهذا الحديث على امامة علي رضي الله عنه بلا فصل باطل , ولا يصح , وذلك لان الحديث قد ورد لمناسبة تتعلق باستنقاص , وبغض بريدة لعلي رضي الله عنهما , ففي مسند الامام احمد بسند صحيح على شرط الشيخين كما قال العلامة شعيب الارناؤوط , قال الامام احمد  : " 22945 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ (1) ، عَنِ الْحَكَمِ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ عَلِيًّا فَتَنَقَّصْتُهُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ: " يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ " قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " اهـ .[527]

وقد جاءت رواية في البخاري وفيها تصريح بريدة ببغض علي رضي الله عنهما , قال الامام البخاري : "  4350 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «لاَ تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» " اهـ .[528]

ولقد ورد عن بريدة رضي الله عنه الامتثال لقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فقد ورد عند الامام احمد بسند صحيح كما قال العلامة الارناؤوط الرواية التي يصرح فيها بريدة رضي الله عنه بحب علي رضي الله عنه وعدم بغضه , قال الامام احمد : " 22967 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا أَبُو مِجْلَزٍ، وَابْنَا بُرَيْدَةَ  فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةُ قَالَ: أَبْغَضْتُ عَلِيًّا بُغْضًا لَمْ أَبْغِضْهُ أَحَدًا قَطُّ. قَالَ: وَأَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحِبَّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا. قَالَ: فَبُعِثَ ذَاكَ الرَّجُلُ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ مَا أَصْحَبُهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا. قَالَ: فَأَصَبْنَا سَبْيًا. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْعَثْ إِلَيْنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْنَا عَلِيًّا، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ فَخَمَّسَ، وَقَسَمَ فَخَرَجَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا هَذَا؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي السَّبْيِ، فَإِنِّي قَسَمْتُ وَخَمَّسْتُ فَصَارَتْ فِي الْخُمُسِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ وَوَقَعْتُ بِهَا. قَالَ: فَكَتَبَ الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: ابْعَثْنِي فَبَعَثَنِي مُصَدِّقًا. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ الْكِتَابَ وَأَقُولُ: صَدَقَ. قَالَ: فَأَمْسَكَ يَدِي وَالْكِتَابَ وَقَالَ: " أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَلَا تَبْغَضْهُ، وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الْخُمُسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ " قَالَ: فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ أَبِي بُرَيْدَةَ " اهـ .[529]

فهذا الحديث يتعلق بالنصرة والمحبة , وهي من معاني المولى , وذلك لان المولى لفظ مشترك , والذي يحدد المعنى المراد من كلمة المولى في اي جملة القرينة الواردة , وهذه القرينة اما ان تكون في داخل الجملة او خارجها , فالقرينة الداخلية في الجملة واضحة وهي المحبة المقابلة للبغض الوارد في الحديث , وسوف اذكر الادلة الخارجية كذلك ليتضح المعنى للقراء الكرام , ويتبين لهم ان فهم الرافضة للحديث فهم سقيم , ولا يمكن ان نستدل به على امامة علي رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من غير فصل .

قال ابن الاثير : " وقد تكرر ذكر المَوْلَى في الحديث وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة فهو الرَّبُّ والمَالكُ والسَّيِّد والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصر والمُحِبّ والتَّابِع والجارُ وابنُ العَمّ والحَلِيفُ والعَقيد والصِّهْر والعبْد والمُعْتَقُ والمُنْعَم عَلَيه وأكْثرها قد جاءت في الحديث فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إلى ما يَقْتَضيه الحديثُ الوَارِدُ فيه . وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً أو قام به فَهُو مَوْلاهُ وَوَليُّه . وقد تَخْتَلِف مَصادرُ هذه الأسْمَاء فالوَلايَةُ بالفَتْح في النَّسَب والنُّصْرة والمُعْتِق . والوِلاَية بالكسْر في الإمَارة " اهـ .[530]

ولقد ورد التشريف بالموالاة لغير علي رضي الله عنه , وكان المراد بذلك النصرة , والمحبة , والاعتناء , ففي الصحيحين , واللفظ للبخاري :" 3512 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ مَوَالِيَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» " اهـ .[531]

وفي صحيح مسلم : " 188 - (2519) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ، مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ» " اهـ .[532]

قال الامام النووي : " أَيْ وَلِيُّهُمْ وَالْمُتَكَفِّلُ بِهِمْ وَبِمَصَالِحِهِمْ وَهُمْ مَوَالِيهِ أَيْ نَاصِرُوهُ وَالْمُخْتَصُّونَ بِهِ " اهـ .[533]

وقال ابو جعفر الطحاوي : " وَأَنَّ قَوْلَهُ: " فَهُوَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ يُرِيدُ الْوَلَاءَ الَّذِي يُوجِبُهُ الْعَتَاقُ، وَلَكِنَّهُ مَوْلَاهُ لِلْوَلَاءِ الَّذِي تُوجِبُهُ الْوَلَايَةُ الَّتِي مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " اللهُمَّ  وَالِ مَنْ وَالِاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ "، فَأَعْلَمَنَا بِذَلِكَ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " أَنَّهُ الْمُوَالِاةُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا مِنَ الْمُوَالِاةِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَيْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

4272 - مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَسْلَمُ، وَغِفَارٌ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَشْجَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ " قَالَ الْحُسَيْنُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَتَوَلَّاهُمْ، وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ اللهُ، ثُمَّ رَسُولُهُ، كَانَ فِي أَعْلَى الْمَرَاتِبِ " اهـ .[534]

فقد بين الامام ابو جعفر الطحاوي ان المولى في الحديثين قد جاءت بمعنى النصرة , والمحبة , وذلك لان القرينة دالة على ذلك .

ولقد بين علماء الاسلام ان معنى مولاه اي ناصره ومحبه , وذلك ضد العداوة , والبغض , ولم يذكر احد منهم ان المراد من ذلك الامامة .

قال الازهري : " ثعلب عن ابن الأعرابي: الوليّ: التابع المُحبّ.

وقال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أي من أحبّني وتولاني فَلْيتولَّه " اهـ .[535]

وقال العلامة المناوي : " (من كنت مَوْلَاهُ) أَي وليه وناصره (فعلى مَوْلَاهُ) وَلَاء الاسلام " اهـ .[536]

وقال العلامة القاري : " اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ") : وَفِي رِوَايَةٍ: " «وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ، وَأَبْغِضْ مَنْ أَبْغَضَهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ» ". (فَلَقِيَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ هَنِيئًا) ، أَيْ: طُوبَى لَكَ أَوْ عِشْ هَنِيئًا (يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ) ، أَيْ: صِرْتَ فِي كُلِّ وَقْتٍ (مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ) تَمَسَّكَتِ الشِّيعَةُ أَنَّهُ مِنَ النَّصِّ الْمُصَرِّحِ بِخِلَافَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالُوا: مَعْنَى الْمَوْلَى: الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، وَإِلَّا لَمَا احْتَاجَ إِلَى جَمْعِهِمْ كَذَلِكَ، هَذَا مِنْ أَقْوَى شُبَهِهِمْ، وَدَفَعَهَا عُلَمَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَنَّ الْمَوْلَى بِمَعْنَى الْمَحْبُوبِ وَهُوَ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - سَيِّدُنَا وَحَبِيبُنَا، وَلَهُ مَعَانٍ أُخَرُ تَقَدَّمَتْ، وَمِنْهُ النَّاصِرُ وَأَمْثَالُهُ، فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ نَصًّا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَالُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ مَعَ وُجُودِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ حِينَ يُوجَدُ عَقْدُ الْبَيْعَةِ لَهُ، فَلَا يُنَافِيهِ تَقْدِيمُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ لِانْعِقَادِ إِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى مِنْ عَلِيٍّ ثُمَّ سُكُوتِهِ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ إِلَى أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَاضٍ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُسْكَةٍ بِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى خِلَافَتِهِ عَقِبَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - صَرَّحَ نَفْسُهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ كَوْنِهِ آحَادًا مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ، فَكَيْفَ سَاغَ لِلشِّيعَةِ أَنْ يَخَالُفوا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنِ اشْتِرَاطِ التَّوَاتُرِ فِي أَحَادِيثِ الْإِمَامَةِ؟ مَا هَذَا إِلَّا تَنَاقُضٌ صَرِيحٌ وَتَعَارُضٌ قَبِيحٌ " اهـ .[537]

وقال العلامة الاحوذي : " قَوْلُهُ (مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ) قِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ كُنْتُ أَتَوَلَّاهُ فَعَلِيٌّ يَتَوَلَّاهُ مِنَ الْوَلِيِّ ضِدُّ الْعَدُوِّ أَيْ مَنْ كُنْتُ أُحِبُّهُ فَعَلِيٌّ يُحِبُّهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ يتولاني فعلي يتولاه ذكره القارىء عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِهِ " اهـ .[538]

وقال ابو البقاء الكفوي : " ومعنى حديث من كنت مولاه فعلي مولاه أي من كنت ناصره على دينه وحاميا له بباطني فعلي ناصره وحاميه بباطنه وظاهره " اهـ .[539]

وقال الامام الباقلاني : " فَأَما مَا قصد بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله (من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ) فَإِنَّهُ يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا من كنت ناصره على دينه وحاميا عَنهُ بظاهري وباطني وسري وعلانيتي فعلي ناصره على هَذَا السَّبِيل فَتكون فَائِدَة ذَلِك الْإِخْبَار عَن أَن بَاطِن عَليّ وَظَاهره فِي نصْرَة الدّين وَالْمُؤمنِينَ سَوَاء وَالْقطع على سَرِيرَته وعلو رتبته وَلَيْسَ يعْتَقد ذَلِك فِي كل نَاصِر للْمُؤْمِنين بِظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ قد ينصر النَّاصِر بِظَاهِرِهِ طلب النِّفَاق والسمعة وابتغاء الرفد ومتاع الدُّنْيَا فَإِذا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نصْرَة بعض الْمُؤمنِينَ فِي الدّين وَالْمُسْلِمين كنصرته هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع على طَهَارَة سَرِيرَته وسلامة بَاطِنه وَهَذِه فَضِيلَة عَظِيمَة وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون المُرَاد بقوله فَمن كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ أَي من كنت محبوبا عِنْده ووليا لَهُ على ظاهري وباطني فعلي مَوْلَاهُ أَي إِن ولاءه ومحبته من ظَاهره وباطنه وَاجِب كَمَا أَن ولائي ومحبتي على هَذَا السَّبِيل وَاجِب فَيكون قد أوجب مولاته على ظَاهره وباطنه ولسنا نوالي كل من ظهر مِنْهُ الْإِيمَان على هَذِه السَّبِيل بل إِنَّمَا نواليهم فِي الظَّاهِر دون الْبَاطِن

فَإِن قيل فَمَا وَجه تَخْصِيصه بِهَذَا القَوْل وَقد كَانَ عنْدكُمْ فِي الصَّحَابَة خلق عَظِيم ظَاهِرهمْ كباطنهم قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون بلغَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدح قَادِح فِيهِ أَو ثلب ثالب أَو أخبر أَن قوما من أهل النِّفَاق والشراة سيطعنون عَلَيْهِ ويزعمون أَنه فَارق الدّين وَحكم فِي أَمر الله تَعَالَى الْآدَمِيّين ويسقطون بذلك ولَايَته ويزيلون ولاءه فَقَالَ ذَلِك فِيهِ لينفي ذَلِك عَنهُ فِي وقته وَبعده لِأَن الله تَعَالَى لَو علم أَن عليا سيفارق الدّين بالتحكيم أَو غَيره على مَا قرف بِهِ لم يَأْمر نبيه أَن يَأْمر النَّاس باعتقاد ولَايَته ومحبته على ظَاهره وباطنه وَالْقطع على طَهَارَته وَهُوَ يعلم أَنه يخْتم عمله بمفارقة الدّين لِأَن من هَذِه سَبيله فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لم يكن قطّ وليا لله وَلَا مِمَّن يسْتَحق الْولَايَة والمحبة وَفِي أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بموالاة عَليّ على ظَاهره وباطنه دَلِيل على سُقُوط مَا قرفه أهل النِّفَاق والضلال بِهِ " اهـ .[540]

وقال ايضا : " وَقَوله (من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ) بعد قَوْله (أَلَسْت أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَأوجب من موالاته على بَاطِنه وَظَاهره وَالْقطع على طَهَارَة سَرِيرَته مَا أثْبته لنَفسِهِ وأعلمهم أَن عليا نَاصِر للْأمة مُجَاهِد فِي سَبِيل الله بِظَاهِرِهِ وباطنه لِأَن الْمولى يكون بِمَعْنى النَّاصِر الْمعِين بِاتِّفَاق أهل اللُّغَة قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ} يَعْنِي ناصره " اهـ .[541]

وقال الامام ابو بكر البيهقي : " وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُوَالِاةِ فَلَيْسَ فِيهِ - إِنْ صَحَّ إِسنَادُهُ - نَصٌّ عَلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ بَعْدَهُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ طُرُقِهِ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ مَا دَلَّ عَلَى مَقْصودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيمَنِ كَثُرَتِ الشَّكَاةُ عَنْهُ وَأَظْهَرُوا بُغْضَهُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَذْكُرَ اخْتِصَاصَهُ بِهِ وَمَحبَّتَهُ إِيَّاهُ وَيَحُثُّهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَمُوَالِاتِهِ وَتَرْكِ مُعَادَاتِهِ فَقَالَ: «مِنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيَّهُ» وَفِي بَعْضِ الرُّوَايَاتِ: مِنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمْ وَالِ مِنْ وَالِاهُ وَعَادِ مِنْ عَادَاهُ. وَالْمُرَادُ بِهِ وَلَاءُ الْإِسْلَامِ وَمَودَّتُهُ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يوَالِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يُعَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُوَ فِي مَعْنَى مَا ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ «أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَا  مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» . وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ شَكَا عَلِيًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَبْغِضُ عَلِيًّا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: لَا تُبْغِضْهُ وَأَحْبِبْهُ وَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، قَالَ بُرَيْدَةُ: فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ أَليَّ مِنْ عَلِيٍّ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَجَّاجِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مِنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، يَعْنِي بِذَلِكَ وَلَاءَ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ " اهـ .[542]

وقال المتولي الشافعي : " فإن استدلوا بما روي أن رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه فالمراد بالمولى الناصر فمعناه من كنت ناصره فعلي ناصره " اهـ .[543]

وقال الامام السمعاني : " وَمِنْه قَول النَّبِي: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ " أَي: من تولينه انا فعلي مَوْلَاهُ من (مُوالَاة) الْمحبَّة والنصرة " اهـ .[544]

ولقد فصل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الحديث تفصيلا رائعا , وذكر ما يبهر العقول , حيث قال : " وَالْمُؤْمِنُونَ يَتَوَلَّوْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الْمُوَالَاةَ الْمُضَادَّةَ لِلْمُعَادَاةِ، وَهَذَا حُكْمٌ ثَابِتٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ فَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَتَوَلَّوْنَهُ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ إِيمَانِ عَلِيٍّ فِي الْبَاطِنِ، وَالشَّهَادَةُ لَهُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُوَالَاةَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَذَلِكَ يَرُدُّ مَا يَقُولُهُ فِيهِ أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالنَّوَاصِبِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِينَ مَوْلًى غَيْرُهُ فَكَيْفَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مَوَالِي ، وَهُمْ صَالِحُو الْمُؤْمِنِينَ فَعَلِيٌّ أَيْضًا لَهُ مَوْلًى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: * " «إِنَّ أَسْلَمَ، وَغِفَارًا، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَقُرَيْشًا، وَالْأَنْصَارَ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» " ، وَجَعَلَهُمْ مَوَالِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * كَمَا جَعَلَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ مَوَالِيَهُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ.

وَفِي الْجُمْلَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ، وَالْمَوْلَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَبَيْنَ الْوَالِي فَبَابُ الْوِلَايَةِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ  الْعَدَاوَةِ - شَيْءٌ، وَبَابُ الْولاَيَةِ - الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ - شَيْءٌ.

وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ: مَنْ كُنْتُ وَالِيَهُ فَعَلِيٌّ وَالِيهِ، وَإِنَّمَا اللَّفْظُ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» " .

وَأَمَّا كَوْنُ الْمَوْلَى بِمَعْنَى الْوَالِي فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَهُوَ مَوْلَاهُمْ .

وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا مِنْ طَرَفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَوْنُهُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ خَصَائِصِ نَبُوَّتِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى خَلِيفَةٍ مِنْ بَعْدِهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتِهِمْ، وَلَوْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِيٌّ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ، وَمَعْنَاهُ بَاطِلٌ قَطْعًا ; لِأَنَّ كَوْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ، وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ - لَوْ قُدِّرَ وَجُودُهَا - لَمْ تَكُنْ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ تَكُنْ فِي حَيَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ خَلِيفَةً فِي زَمَنِهِ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، بَلْ وَلَا يَكُونُ مَوْلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أُرِيدَ (بِهِ) الْخِلَافَةُ.

وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْخِلَافَةَ ; فَإِنَّ كَوْنَهُ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَأَخَّرْ حُكْمُهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَأَمَّا الْخِلَافَةُ فَلَا يَصِيرُ خَلِيفَةً إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هَذَا.

وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا اسْتَخْلَفَ أَحَدًا عَلَى بَعْضِ الْأُمُورِ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَحَدًا عَلَى بَعْضِ الْأُمُورِ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَحَدًا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَصَارَ لَهُ خَلِيفَةً بِنَصٍّ، أَوْ إِجْمَاعٍ فَهُوَ أَوْلَى بِتِلْكَ الْخِلَافَةِ وَبِكُلِّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يَكُونُ قَطُّ غَيْرُهُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، لَا سِيَّمَا فِي حَيَاتِهِ.

وَأَمَّا كَوْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ فَهُوَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَعَلِيٍّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِ عَلِيٍّ، فَعَلِيٌّ الْيَوْمَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَلَيْسَ الْيَوْمَ مُتَوَلِّيًا عَلَى النَّاسِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا " اهـ .[545]

فكلام ائمة الاسلام واضح جدا على ان معنى الحديث لا علاقة له بالامامة التي يقول بها الرافضة , وانما معناه النصرة , والمحبة , والتزكية لعلي رضي الله عنه .

ولقد جاءت ادلة عندنا واضحة على عدم وصية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي بالخلافة , ومنها ما ثبت في البخاري : " 4447 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ، " كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا "، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ العَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ عِنْدَ المَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اهـ .[546]

فهذا الحديث الذي دار بين العباس وعلي رضي الله عنهما في مرض موت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكلاهما من العترة الطيبة المباركة دال على عدم وجود اي نص من النبي صلى الله عليه واله وسلم لاحد بالخلافة من بعده , فلو كانت هناك وصية لعلي رضي الله عنه لما قال له العباس رضي الله عنه فلنسألن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيمن هذا الامر ان كان فينا علمنا ذلك , وان كان في غيرنا علمناه فاوصى بنا , ثم نرى رد علي رضي الله عنه بكلام يدل على عدم وجود اي وصية له , فلو كانت هناك وصية لعلي رضي الله عنه لقال للعباس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اوصى لي في الغدير , وقال من كنت مولاه فهذا علي مولاه , فدل هذا بكل وضوح على عدم وجود اي وصية لعلي رضي الله عنه .

وفي كتاب السنة للامام عبد الله بن احمد بسند صحيح كما قال محقق الكتاب الدكتور القحطاني , قال الامام عبد بن الامام احمد : " 1336 - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ثِقَةٌ، وَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وُجُودُ أَبِي عَاصِمٍ أَقَامَ إِسْنَادَهُ، قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي الْإِمَارَةِ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ رَأَيْنَاهُ» " اهـ .[547]

فهذا الاثر الصحيح عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه صريح كل الصراحة على عدم وجود وصية بالخلافة له رضي الله عنه .

وثبت ايضا عند الامام الحاكم والامام البزار وغيرهما بسند صحيح ان عليا رضي الله عنه قال ان الله قد جمع الامة بعد نبيها صلى الله عليه واله وسلم على خيرها , واحتج بهذا الامر على عدم الوصية لاحد من بعده رضي الله عنه , قال الامام الحاكم : " 4467 - أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي بِمَرْوَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ، ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَخْلِفُ، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدُ اللَّهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعَهُمْ بَعْدِي عَلَى خَيْرِهِمْ، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ»

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "

[التعليق - من تلخيص الذهبي]

4467 - صحيح " اهـ .[548]

وقال الحافظ الهيثمي : " 14334 - وَعَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قِيلَ لَعَلِيٍّ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: «مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْتَخْلِفُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ " اهـ .[549]

وفي لفظ اخر للامام البزار : "  871 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَا: نا أَبُو الْجَوَابِ، قَالَ: نا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ الْحِمَّانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ لِلِحْيَتِهِ مِنْ رَأْسِهِ فَمَا يُحْبَسُ أَشْقَاهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُبَيْعٍ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ أَبَرْنَا عِتْرَتَهُ قَالَ: قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقْتُلَ بِي غَيْرَ قَاتِلِي قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا قَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ كَمَا تَرَكَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ وَقَدْ تَرَكْتَنَا هَمَلًا قَالَ: أَقُولُ لَهُمُ اسْتَخْلَفْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ قَبَضْتَنِي وَتَرَكْتُكَ فِيهِمْ " اهـ .[550]

وقال الحافظ الهيثمي : " 14782 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُبَيْعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ: لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَمَا يَنْتَظِرُ بِيَ الْأَشْقَى؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنَا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ قَالَ: إِذًا تَقْتُلُونَ بِي غَيْرَ قَاتِلِي. قَالُوا: فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ وَأَنْتَ فِيهِمْ؛ فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُبَيْعٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ " اهـ .[551]

فهذه الاثار الصحيحة على لسان امير المؤمنين علي رضي الله عنه صريحة في عدم وجود اي وصية له بالخلافة , وذلك لانه احتج بفعل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعدم الوصية , ولهذا لم يوص لاحد من بعده رضي الله عنه وارضاه .

فقد تبين لنا من خلال النقولات المعتبرة لاهل الاسلام انه لا حجة بهذا الحديث الشريف على الامامة التي يقول بها الرافضة .

{ انت مني بمنزلة هارون من موسى }

قال الامام البخاري : " 4416 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: «أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي»، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ مُصْعَبًا " اهـ .[552]

ووردت هذه الرواية في كتب الامامية , حيث قال الطوسي : " 616 / 63 - حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ،  قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ( عليه السلام ) ثلاثا ، فلان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ، وخلفه في بعض مغازيه ، فقال : يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أما ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ ...." اهـ .[553]

يحتج الامامية كثيرا بهذا الحديث النبوي الشريف على اهل السنة , ويقولون بما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اثبت لعلي رضي الله عنه المنزلة العظيمة منه , وشبهها بمنزلة هارون من موسى فيلزم من هذا ان يكون علي رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم .

وللاجابة على الامامية , وتبيين معنى الحديث النبوي الشريف اقول :

ان الحديث النبوي الشريف فضيلة لعلي رضي الله عنه , ولا نشك بهذا , ولكن لا تلازم بين الفضائل , وبين جعل الشخص خليفة على المسلمين , ولو قرأنا الحديث النبوي الشريف بتجرد , وابتعدنا عن الهوى لرأينا ان الحديث قد ورد لسبب معين الا وهو لحاق علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه واله وسلم وشكواه من بقائه مع الصبيان , والنساء وعدم ذهابه مع النبي صلى الله عليه واله وسلم في الجهاد , فاخبره النبي صلى الله عليه واله وسلم بأن استخلافه على المدينة لحماية الصبيان , والنساء يشبه استخلاف موسى عليه السلام لاخيه هارون على قومه عندما ذهب للقاء ربه , كما قال تعالى : { وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) : الاعراف }  , واستخلاف موسى عليه السلام لهارون كان في وقت ذهاب موسى عليه السلام , فلما رجع موسى عليه السلام انتهت خلافة هارون عليه السلام , وكذلك كان الحال بالنسبة لعلي رضي الله عنه .

{ اشتراك علي رضي الله عنه في الاستخلاف على المدينة }

 لقد ذكر مرتضى العسكري من استخلفهم النبي صلى الله عليه واله وسلم على المدينة عندما كان يخرج في غزواته , وسوف انقل ما اقر به علماء الامامية من النقولات والوقائع من باب الالزام , واستطيع ان انقل من مصادر السيرة الاصلية , ولكني اعلم ان الامامية مكابرين , ومعاندين والزامهم بما يقوله علمائهم يكون اقوى مما انقله من كتب اخرى , قال مرتضى العسكري : "  باب ذكر من استخلف الرسول صلى الله عليه وآله على المدينة في غزواته في السنة الثانية من الهجرة : اذن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقتال في صفر من السنة الثانية ، فغزا بالمهاجرين يعترض عيرا لقريش فبلغ ودان والابواء  .

1 ) استخلف سعد بن عبادة سيد الخزرج من الأنصار خمس عشرة ليلة مدة غيبته عن المدينة . استخلف في غزوة بواط

  2 ) سعد بن معاذ من سادة الأوس من الأنصار في ربيع الأول .

 3 ) استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوته لطلب كرز بن جابر الفهري - وكان أغار على سرح المدينة - فبلغ صلى الله عليه وآله سفوان وفاته كرز والسرح  .

  4 ) استخلف أبا سلمة المخزومي في غزوة ذي العشيرة ، حين ذهب في جمادى الأولى أو الثانية يعترض عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام ففاتته وكان القتال ببدر في رجوعها من الشام  .

  5 ) استخلف ابن أم مكتوم الضرير في غزوة بدر الكبرى وغاب عن المدينة  تسعة عشر يوما  .

  6 ) استخلف أبا لبابة الأنصاري الأوسي في غزوة بني قينقاع.

7 ) استخلف أيضا أبا لبابة في غزوة السويق ، وكان خروجه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في طلب أبي سفيان حين اقبل في مائتي راكب ليبر بنذره ان لا يمس الطيب والنساء حتى يثأر لأهل بدر ، وانتهوا إلى عريض ، فبلغهم خروج النبي صلى الله عليه وآله ، فجعلوا يلقون جرب السويق تخففا فسميت غزوة السويق  .

 في السنة الثالثة : 8 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة قرقرة الكدر ، وسار صلى الله عليه وآله وسلم للنصف من المحرم يريد سليم وغطفان - قبيلتين من قيس عيلان - فانجفلوا ، وغنم من أموالهم ، ورجع ولم يلق كيدا  .

9 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة بفران وغاب عن المدينة عشرة أيام من جمادى الآخرة ، فتفرقوا ولم يلق كيدا  .

 10 ) استخلف عثمان بن عفان في غزوة ذي أمر بنجد ، سار صلى الله عليه وآله يريد غطفان ، فانجفلوا من بين يديه ولم يلق كيدا ، وغاب فيها عن المدينة عشرة أيام .

 11 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة أحد ، وقاتل المشركين في سفح جبل أحد - على بعد ميل من المدينة - غاب فيها عن المدينة يوما واحدا .

 12 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة حمراء الأسد - على بعد عشرة أميال من المدينة - سار في طلب أبي سفيان حين بلغه أنه يريد الكر على المدينة ، ففاته أبو سفيان ومن معه فأقام فيها ثلاثة أيام ، ثم عاد إلى المدينة . في السنة الرابعة : 13 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة بني النضير بناحية الغرس حصرهم خمسة عشر يوما ، ثم أجلاهم عنها  .

 14 ) استخلف عبد الله بن رواحة الأنصاري في غزوة بدر الثالثة ستة عشر يوما ، وأقام فيها ثمانية أيام لموعد أبي سفيان إياهم في أحد أنه سيقاتلهم العام القادم في بدر ، وخرج أبو سفيان من مكة إلى عسفان ، ثم عاد منها إلى مكة  .

 في السنة الخامسة : 15 ) استخلف في غزوة ذات الرقاع عثمان بن عفان خمس عشرة ليلة وخرج لعشر خلون من المحرم ، فأجفلت العرب من بين يديه ولحقوا برؤوس الجبال وبطون الأودية .

 16 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة دومة الجندل حين سار إلى أكيدر بن عبد الملك النصراني - وكان يعترض سفر المدينة وتجارتهم - فهرب وتفرق أهلها ، فلم يجد بها أحدا ، فأقام أيام وعاد إلى المدينة وهي أول غزواته إلى الروم .

 17 ) استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوة بني المصطلق على ماء المريسيع : ثمانية عشر يوما خرج فيها لليلتين خلتا من شعبان .

 18 ) استخلف في غزوة الخندق ابن أم مكتوم ، وهو يقاتل الأحزاب دون الخندق من داخل المدينة في شهر شوال أو ذي القعدة .

 19 ) استخلف أبا رهم الغفاري في غزوة بني قريضة ، وهم على بعض يوم من المدينة ، حصرهم خمسة عشر يوما أو أكثر ، بدأهم بسبع بقين من ذي القعدة  .

 في السنة السادسة : 20 ) استخلف في غزوة بني لحيان من هذيل ، بالقرب من عسفان ، ابن أم مكتوم ، أربع عشرة ليلة ورجع ولم يلق كيدا  .

 21 ) استخلف ابن أم مكتوم ، خمس ليال في غزوة ذي قرد ، على ليلتين من المدينة  .

 22 ) استخلف ابن أم مكتوم في غزوة الحديبية  .

 في السنة السابعة : 23 ) استخلف سباع بن عرفطة في غزوة خيبر ، وهي على بعد ثمانية برد من المدينة ، وبعد فتح قلاعها عنوة وصلحا سار إلى وادي القرى فحصرهم أياما حتى افتتحها عنوة ثم صالح أهل تيماء وهي على ثمانية مراحل من الشام ، ووادي القرى بينها وبين المدينة  .

 24 ) واستخلف أيضا سباع بن عرفطة في عمرة القضاء  .

 في السنة الثامنة : 25 ) استخلف على المدينة أبا رهم الغفاري في غزوة مكة .

 26 ) سار بعد غزوة مكة إلى هوازن لغزو حنين وحنين واد إلى جانب ذي المجاز يبعد ثلاث ليال عن مكة ، وبقي - أيضا أبو رهم كذلك واليا على المدينة في هذه الغزوة .

 27 ) واستخلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك - على بعد تسعين فرسخا من المدينة " اهـ .[554]

فالاستخلاف على المدينة قد اشترك فيه علي رضي الله عنه مع غيره من الصحابة الكرام , فلو كان الاستخلاف على المدينة في حياة النبي صلى الله عليه واله وسلم يفيد الخلافة بعد موته صلى الله عليه واله وسلم للزم من هذا تعيين كل من استخلفه النبي صلى الله عليه واله وسلم على المدينة , فيكون عدد الخلفاء المستخلفين اكثر من خمس خلفاء , ولا يقول بهذا احد , ومن الممكن ان يقول بعض الامامية , وقد سمعت هذا من بعضهم , لماذا خص النبي صلى الله عليه واله وسلم بحديث المنزلة دون غيره ممن استخلفه ؟ , فأقول ان هذا الكلام لا يصح , وذلك لان علي رضي الله عنه لحق بالنبي صلى الله عليه واله وسلم وكان حزينا , ومشتكيا من تخلفه مع الصبيان , والنساء كما جاء في الرواية , ولم يرد مثل هذا الفعل من باقي من استخلفهم النبي صلى الله عليه واله وسلم , ولهذا طيب النبي صلى الله عليه واله وسلم خاطره , وذلك لان عليا رضي الله عنه من المؤمنين والله تعالى قد اخبر في القران الكريم بانه عليه الصلاة والسلام رحيم بالمؤمنين , فقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) : التوبة } ,  فذكر له ان الاستخلاف على المدينة لا مطعن فيه , ولا نقص , وان موسى عليه السلام قد استخلف هارون عليه السلام على قومه حين ذهب لميقات ربه , فتكون منزلة علي رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هي منزلة هارون من موسى حين استخلفه على قومه في حياته .

ولو قال قائل ان اخر شخص قد استخلفه النبي صلى الله عليه واله وسلم على المدينة هو علي رضي الله عنه , وفي ذلك دليل على انه اراده خليفة من بعده في الامة .

فنقول لهذا القائل بأنك اخطأت بهذا الاستدلال , وذلك لان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد استخلف على المدينة ابا دجانة الساعدي رضي الله عنه كما قال الطباطبائي : " وقد استعمل صلى الله عليه وآله وسلم ابا دجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري على ما في سيرة ابن هشام على المدينة عام حجة الوداع " اهـ .[555]

وقال الامام ابن هشام في السيرة النبوية : " حَجَّةُ الْوَدَاعِ

(تَجَهُّزُ الرَّسُولُ وَاسْتِعْمَالِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا دُجَانَةَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُو الْقَعَدَةِ، تَجَهَّزَ لِلْحَجِّ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْجَهَازِ لَهُ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْحَجِّ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعَدَةِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا دُجَانَةَ السَّاعِدِيَّ، وَيُقَالُ: سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ " اهـ .[556]

وغزوة تبوك كانت في سنة تسع , واما حجة الوداع فهي في سنة عشر , قال ابن هشام : "  غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ " اهـ .[557]

وقال الطوسي : " وحج رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع سنة عشر " اهـ .[558]

ففي هذه النقولات قد اثبتنا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد استخلف على المدينة في حجة الوداع غير علي رضي الله عنه , فهل نقول ان ابا دجانة الساعدي , او سباع بن عرفطة هو الخليفة بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم على اعتبار انه كان اخر من استخلف على المدينة ؟ !!! , ولو كان علي رضي الله عنه هو الخليفة كما يقول الرافضة فلماذا لم يستخلفه النبي صلى الله عليه واله وسلم عندما كان يخرج للغزو , او في حجة الوداع ؟ !!! .

{ عدم تحقق جميع المنازل في علي رضي الله عنه }

ولا يمكن حمل المنزلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه واله وسلم على كل شيء فمن المعلوم ان هناك اشياء تختص بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ولا علاقة لعلي رضي الله عنه بها , ومنها :

اولا زوجات النبي امهات للمؤمنين ولا تعد زوجات علي رضي الله عنه امهات للمؤمنين.

ثانيا هارون وموسى عليهما السلام اخوة في النسب , ولم يكن علي رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه واله وسلم اخ في النسب . فمن قال ان الاخوة الايمانية متحققة فنقول ان الاخوة الايمانية منزلة مشتركة بين علي رضي الله عنه وغيره من الصحابة الكرام عموما لقوله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) : الحجرات } , واما الاخوة الخاصة فقد نالها ابو بكر رضي الله عنه كما جاء في البخاري : " 3656 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا، لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي» " اهـ .[559]

ثالثا علي زوج بنت النبي فهل كان هارون مع موسى كذلك ؟

رابعا - لا يحق لاحد ان يتزوج زوجات النبي بعده فهل هذا ثابت لعلي ؟ .

خامسا لقد عصم الله نبيه صلى الله عليه واله وسلم في التبليغ , { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) : المائدة }

فهل تحقق هذا لعلي رضي الله عنه ؟ وعلي رضي الله عنه قائل بالتقية عند الامامية .

سادسا لم يكن هارون عليه السلام وصيا لموسى عليه السلام , بل الوصي يوشع بن نون كما اعترف الامامية , قال الكليني : " 8 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ لَمَّا قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ( عليه السلام ) .......وَاللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فِيهَا قُبِضَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ ..." اهـ .[560]

وقال الصدوق : " ، ومثل موسى عليه السلام كان وصيه يوشع بن نون وكان نبيا " اهـ .[561]

سابعا لا يجوز لاحد ان يرفع صوته فوق صوت النبي , واما الائمة فلم يكن لهم ذلك , والدليل على ذلك رفع زرارة بن اعين صوته على صوت الامام , ولم ينكر الامام عليه وفي الكافي : " 3 -  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَ حُمْرَانُ أَوْ أَنَا وَ بُكَيْرٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّا نَمُدُّ الْمِطْمَارَ قَالَ وَ مَا الْمِطْمَارُ قُلْتُ التُّرُّ فَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَرِئْنَا مِنْهُ فَقَالَ لِي يَا زُرَارَةُ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ فَأَيْنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا أَيْنَ الْمُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً أَيْنَ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ أَيْنَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ .

وَ زَادَ حَمَّادٌ فِي الْحَدِيثِ قَالَ فَارْتَفَعَ صَوْتُ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) وَ صَوْتِي حَتَّى كَانَ يَسْمَعُهُ مَنْ عَلَى بَابِ الدَّارِ .

وَ زَادَ فِيهِ جَمِيلٌ عَنْ زُرَارَةَ فَلَمَّا كَثُرَ الْكَلَامُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ قَالَ لِي يَا زُرَارَةُ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُدْخِلَ الضُّلَّالَ الْجَنَّةَ " اهـ .[562]

ثامنا لقد كان هارون عليه السلام افصح لسانا من موسى عليه السلام , كما قال الله تعالى : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) : القصص } , وعلي رضي الله عنه لم يكن افصح من لسان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالاتفاق .

وهناك الزام اخر في موضوع المنزلة الا وهو ان هارون عليه السلام قد امر بني اسرائيل بالمعروف , ونهاهم عن المنكر عندما ضلوا باتخاذهم العجل , : " وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) : طه }

لقد قام هارون عليه السلام بواجبه باخبار قومه انهم قد فتنوا فامرهم باتباعه وطاعة امره , وعلي رضي الله عنه مشبه بهارون , فلماذا لم يقل للصحابة بانهم فتنوا عندما اختاروا ابا بكر رضي الله عنه للخلافة فتجب عليكم طاعتي واتباع امري كما فعل هارون عليه السلام , فنقول ان الامامية بين امرين لا ثالث لهما : اما ان يكون علي رضي الله عنه لم يفعل ما فعل هارون عليه السلام من تبيين الحق فيكون التشبيه بينهما مطعون به والعياذ بالله تعالى , فيكون الطعن برسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لان الذي شبههما هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فيكون طعنا به وحاشاه من ذلك , واما ان عليا رضي الله عنه لم يقل شيء للصحابة لانه لم يجد اي باطل او ضلال او فتنة . فيبطل اعتراض الرافضة على الصحابة الكرام .

{ شرح العلماء لحديث المنزلة }

لقد تكلم علماء الامة في حديث المنزلة وبينوا ان المراد به هو فضيلة عظيمة لعلي رضي الله عنه , وانه يتعلق باستخلاف النبي صلى الله عليه واله وسلم لعلي رضي الله عنه على المدينة بغيابه كما استخلف غيره , قال الامام النووي : " قَالَ الْقَاضِي هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ الرَّوَافِضُ وَالْإِمَامِيَّةُ وَسَائِرُ فِرَقِ الشِّيعَةِ فِي أَنَّ الْخِلَافَةَ كَانَتْ حَقًّا لِعَلِيٍّ وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا قَالَ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَكَفَّرَتِ الرَّوَافِضُ سَائِرَ الصَّحَابَةِ فِي تَقْدِيمِهِمْ غَيْرَهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَكَفَّرَ عَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي طَلَبِ حَقِّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَؤُلَاءِ أَسْخَفُ مَذْهَبًا وَأَفْسَدُ عَقْلًا مِنْ أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُمْ أَوْ يُنَاظَرَ وَقَالَ الْقَاضِي وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا لِأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْأُمَّةَ كُلَّهَا وَالصَّدْرَ الْأَوَّلَ فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْلَ الشَّرِيعَةِ وَهَدَمَ الْإِسْلَامَ وَأَمَّا مَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ الْغُلَاةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْلُكُونَ هَذَا الْمَسْلَكَ فَأَمَّا الْإِمَامِيَّةُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ فَيَقُولُونَ هُمْ مُخْطِئُونَ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ لَا كُفَّارٌ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يَقُولُ بِالتَّخْطِئَةِ لِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْمَفْضُولِ عندهم وهذا الحديث لاحجة فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بَلْ فِيهِ إِثْبَاتُ فَضِيلَةٍ لِعَلِيٍّ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِثْلَهُ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِاسْتِخْلَافِهِ بَعْدَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ هَارُونَ الْمُشَبَّهَ بِهِ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً بَعْدَ مُوسَى بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ مُوسَى وَقَبْلَ وَفَاةِ مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ عَلَى مَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْأَخْبَارِ وَالْقَصَصِ قَالُوا وَإِنَّمَا اسْتَخْلَفَهُ حِينَ ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ لِلْمُنَاجَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ .[563]

وقال العلامة ابو المعالي الالوسي : " وأيضاً أن النبي ( لما شبه الأمير بهارون - ومعلوم أن هارون كان خليفة في حياة موسى بعد غيبته ، وصار يوشع بن نون وكالب بن يفنه خليفة له بعد موت موسى - لزم أن يكون الامير أيضاً خليفة في حياة النبي بعد غيبته لا بعد وفاته ، بل يصير غيره خليفة بعد وفاته حتى يكون التشبيه على وجه الكمال ، إذ حمل التشبيه في كلام الرسول على النقصان غاية عدم الديانة والعياذ بالله ، وإن تنزلنا قلنا ليس في هذا الحديث دلالة على نفي إمامة الخلفاء الثلاثة ، غاية ما في الباب أن أستحقاق الإمامة يثبت به للأمير ولو في وقت من الأوقات ، وهو عين مذهب اهل السنة ، فالتقريب به ايضاً غير تام " اهـ .[564]

ولقد ذكر الامامية ان الوصي بعد موسى عليه السلام هو يوشع بن نون وقد ذكرت ذلك , وجاء في كتبهم ان هارون عليه السلام قد مات قبل موسى عليه السلام , قال المجلسي : " 13 - قصص الانبياء : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال موسى عليه السلام لهارون عليه السلام : امض بنا إلى جبل طور سيناء ، ثم خرجا فإذا بيت على بابه شجرة عليها ثوبان ، فقال موسى لهارون : اطرح ثيابك وادخل هذا البيت والبس هاتين الحلتين ونم على السرير ، ففعل هارون ، فلما أن نام على السرير قبضه الله إليه ، وارتفع البيت والشجرة ، ورجع موسى إلى بني إسرائيل فأعلمهم أن الله قبض هارون ورفعه إليه ، فقالوا : كذبت أنت قتلته ، فشكا موسى عليه السلام ذلك إلى ربه ، فأمر الله تعالى الملائكة فأنزلته على سرير بين السماء والارض حتى رأته بنو إسرائيل فعلموا أنه مات " اهـ .[565]

 

{ علي رضي الله عنه يختار الوزارة على الامارة }

ولما علم علي رضي الله عنه ان هارون كان وزيرا لموسى عليه السلام التزم بذلك , كما ورد في نهج البلاغة : " وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً " اهـ .[566]

فكان رضي الله عنه يصرح بانه وزير افضل من ان يكون امير , وكانت من منازل هارون عليه السلام الوزارة كما قال تعالى : " وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) : الفرقان } , ولهذا نرى عليا رضي الله عنه وزيرا امينا للخلفاء الذين سبقوه , ولقد وردت الامانة بالنصح من علي لعمر رضي الله عنهما عندما استشاره في غزو بلاد فارس , ففي نهج البلاغة : " 146 - ومن كلام له (عليه السلام)وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه إِنَّ هذَا الاْمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَة وَلاَ بِقِلَّة، وَهُوَ دِينُ اللهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُود مِنَ اللهِ، وَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ.وَمَكَانُ الْقَيِّمِ بِالاْمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعُ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً. وَالْعَرَبُ الْيَومَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً، فَهُمْ كَثِيرُونَ بَالاْسْلاَمِ، عَزِيزُونَ بَالاجْتِماعِ! فَكُنْ قُطْباً، وَاسْتَدِرِ الرَّحَا بِالْعَرَبِ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هذِهِ الاَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ.إِنَّ الاَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيْكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ " اهـ .[567]

وفي النهج ايضا في استشارة عمر لعلي رضي الله عنهما في غزو الروم : " [134] ومن كلام له (عليه السلام)

وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم

وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لاِهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ.

إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ، وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الاخْرَى، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاسِ وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ " اهـ .[568]

{ يوم ندعوا كل اناس بامامهم }

قال الله تعالى : { يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا (71): الاسراء } .

 

{ ائمة الشيعة في عصر الغيبة علمائهم }

قال محمد آصف محسني : " مقتضى إطلاق قوله تعالى: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)) أن الله سبحانه وتعالى : يدعو في المحشر كل جماعة من الناس بإمامهم الذي ائتموا به عادلأ كان أو فاجراً كفرعون ((يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ)) فالملاك في جمعية الأناس هو الاقتداء بإمام واحد، فإذا تعدد الأئمة ولو في عصر واحد يدعون جماعة جماعة.

ففي زمان غيبة الأمام المهدي- عجل الله تعالى فرجه- يمكن أن يقال: يدعى المؤمنون مع علمائهم أو حكامهم وكذا غيرهم ظاهراً، لا معه- عجل الله فرجه- ابتداءاً فإنه إمام واجب الطاعة ويجب الاعتقاد به، لكنه ليس إماما بالفعل فان المؤمنين إنما يأتمون بعلمائهم حكماً وفتوى لا به، إذ لا حكم له ولا فتوى إلاّ نادرا ولا تدبير له بين عموم الناس. فتأمل وعلى كل يؤيد ظاهر الآية روايات الباب " اهـ .[569]

ان كلام آصف محسني واضح بان الشيعة في عصر الغيبة يدعون مع علمائهم لا مع مهديهم , فنقول انه لا يلزم من الامام التنصيب , او العصمة , وذلك لان علماء الامامية غير منصبين من الله تعالى , ولا معصومين .

{ الامام في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو علي رضي الله عنه }

ومن غلو الامامية وتجاوزهم على مقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بانهم جعلوا عليا رضي الله عنه اماما في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فإذا سُئل الميت في قبره في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن امامه قال بأنه علي رضي الله عنه لا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , قال الصدوق : "  اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق لا بد منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة . وأكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة ، وسوء الخلق ، والاستخفاف بالبول . وأشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجام ويكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي لم تكفرها الهموم والغموم والأمراض وشدة النزع عند الموت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفن فاطمة بنت أسد في قميصه بعد ما فرغ النساء من غسلها ، وحمل جنازتها على عاتقه فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها ، ثم وضعها ودخل القبر واضطجع فيه ، ثم قام فأخذها على يديه ووضعها في قبرها ، ثم انكب عليها يناجيها طويلا ويقول لها : ابنك ابنك ، ثم خرج وسوى عليها التراب ، ثم انكب على قبرها ، فسمعوه وهو يقول  : ( اللهم إني استودعتها إياك ) ثم انصرف . فقال له المسلمون : يا رسول الله ، إنا رأيناك صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم ؟ . فقال : ( اليوم فقدت بر أبي طالب ، إنها كانت يكون عندها الشئ فتؤثرني به على نفسها وولدها . وإني ذكرت يوم القيامة يوما وأن الناس يحشرون عراة ، فقالت : وا سوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية . وذكرت ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك . فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك ، وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه . وإنما سئلت عن ربها فقالت الله ، وسئلت عن نبيها فأجابت ، وسئلت عن وليها وإمامها فارتج عليها ، فقلت لها : ابنك ، ابنك . فقالت  ولدي وليي وإمامي ، فانصرفا عنها وقالا : لا سبيل لنا عليك ، نامي كما تنام العروس في خدرها . ثم إنها ماتت موتة ثانية . وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى قوله : ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل )  " اهـ .[570])

ولقد اورد الامامية رواية اخرى , وذكروا فيها ان النبي صلى الله عليه واله وسلم ليس اماما لجميع الامة في كل عصورها ,  قال هادي النجفي : "  [ 7330 ] 1 - الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال : لما نزلت هذه الآية ( يوم ندعو كل أناس بامامهم ) قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ قال فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ . الرواية صحيحة الإسناد " اهـ .[571]

ففي هذه الرواية لم يثبت النبي صلى الله عليه واله وسلم الامامة لنفسه , ولقد ذكرنا ما قاله الصدوق في الاعتقادات بان الامام في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو علي رضي الله عنه لا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ولو كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو الامام لكان جواب فاطمة بنت اسد في قبرها عن امامها انه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

فالنبي صلى الله عليه واله وسلم مجرد من هذه الاية الكريمة حتى في حياته فداه ابي , وامي , وهذا طعن كبير فيه صلى الله عليه واله وسلم .

فخرجنا بنتيجة ان الشيعي في عصر الغيبة يدعى مع مراجعه , وذلك لان مهديهم لم تتحقق امامته الفعلية للشيعة , وقد صرح بهذا محمد آصف محسني كما نقلنا كلامه من المشرعة , وكذلك النبي صلى الله عليه واله وسلم مجرد من الامامة في عصره والعياذ بالله تعالى , ولهذا كان الامام لفاطمة بنت اسد رضي الله عنها هو ابنها علي رضي الله عنه , فالنتيجة تكون ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لا تشمله الاية الكريمة المباركة .

 

{ الامامة افضل واشرف من النبوة عند الرافضة }

لقد صرح علماء الامامية بان الامامة اسمى , وافضل , واعلى من النبوة , قال الشيرازي : " فمنزلة الإمامة أسمى مما ذكر بل أسمى من النبوة والرسالة " اهـ .[572]

وقال نعمة الله الجزائري : " أقول  يعني الإمامة الرياسة العامة لجميع المخلوقات فهي أفضل من النبوة وأشرف منها " اهـ . [573]

فيلزم من هذا ان يكون مقام علي رضي الله عنه اشرف , وافضل من مقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لاثبات الامامة لعلي رضي الله عنه , واثبات النبوة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكما نقلنا عن الشيرازي , والجزائري من ان الامامة اسمى , وافضل , واشرف ,من النبوة .

{ المعنى المراد من قوله تعالى يوم ندعو كل اناس بامامهم }

اما ما يتعلق بالاية الكريمة من الناحية العلمية الصحيحة , فإن الله تعالى قد جعل الكتاب اماما في عدة ايات من القران الكريم , قال تعالى : { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً (17) : هود } , وقال تعالى : { وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) : الاحقاف } . وهناك معاني اخرى تأتي بمعنى الامام , قال الحافظ ابن كثير : " يخبر تبارك وتعالى عن يوم القيامة: أنه يحاسب كل أمة بإمامهم.

وقد اختلفوا في ذلك، فقال مجاهد وقتادة: أي بنبيهم. وهذا كقوله: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } يونس : 47 .

وقال بعض السلف: هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث؛ لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن زيد: بكتابهم الذي أنزل على نبيهم، من التشريع.

واختاره ابن جرير، وروي عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد أنه قال: بكتبهم. فيحتمل أن يكون أراد هذا، وأن يكون أراد ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: { يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } أي: بكتاب أعمالهم، وكذا قال أبو العالية، والحسن، والضحاك. وهذا القول هو الأرجح؛ لقوله تعالى: { وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } [يس : 12] . وقال تعالى: { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [الكهف : 49] .

وقال تعالى: { وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجاثية : 28 ، 29] .

وهذا لا ينافي  أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته، فإنه لا بد أن يكون شاهدا عليها بأعمالها، كما قال: { وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ } [الزمر : 69] ، وقال { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } [النساء : 41] ..

ولكن المراد هاهنا بالإمام هو كتاب الأعمال؛ ولهذا قال تعالى: { يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ } أي: من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح، يقرؤه ويحب قراءته، كما قال تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ } إلى أن قال: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } [الحاقة : 19 -26] " اهـ .[574]

ويشهد لما اورده الامام ابن كثير رحمه من ان الامام هو الكتاب ما ورد في نهج البلاغة عند الامامية من قول علي رضي الله عنه , قال الشريف الرضي : " عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ ، فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى  فِي قَلْبِهِ، وَأَعَدَّ ..............

قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ، يَصِفُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ، لاَ يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلاَّ أَمَّهَا ، وَلاَ مَظِنَّةً إِلاَّ قَصَدَهَا، قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ ، فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ، يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ ، وَيَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ " اهـ .[575]

فكلام علي رضي الله عنه واضح بأن الكتاب هو الامام , وهذا موافق للقران , قال تعالى : { وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) : الاحقاف } .

وخلاصة الامر ان الامام في الاية الكريمة إن أُريد به الكتاب , او النبي , او العالم , او القائد , فانها لا تتناسب مع الائمة الذين يقول بهم الرافضة , وقد ذكرت كلام محمد آصف محسني بأن الشيعة في عصر الغيبة يدعون مع علمائهم , وذلك لعدم وجود امامة فعلية عند الامام الثاني عشر , فيسقط استدلال الامامية بهذه الاية الكريمة المباركة .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ }

قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) } , ولقد نزلت هذه الاية الكريمة بما يتعلق بالامارة كما ثبت في الصحيحين : "  4584 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ» " اهـ .[576]

وفي الصحيحين ايضا : " 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»» " اهـ .[577]

ولقد فسرها ابو هريرة رضي الله عنه بالامراء , ففي تفسير الطبري : "  9856 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: هم الأمراء. (1)

..........................

(1) الحديث: 9856 - هذا موقوف على أبي هريرة. وإسناده صحيح. ومعناه صحيح .

وقد ذكره الحافظ في الفتح 8: 191 ، وقال: "أخرجه الطبري بإسناد صحيح" اهـ .[578]

ولا يلزم نزولها في الامراء في عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم ان لا يدخل العلماء في ذلك , وذلك لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , ولهذا قد قال بعض اهل العلم ان المراد من الاية الامراء , وبعضهم قال العلماء , وبعضهم قال ان المراد من النص الامراء , والعلماء , قال الامام ابن القيم في رده على المقلدة : " قَوْلُكُمْ إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ، وَطَاعَتُهُمْ تَقْلِيدُهُمْ فِيمَا يُفْتُونَ بِهِ؛ فَجَوَابُهُ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ قَدْ قِيلَ: هُمْ الْأُمَرَاءُ، وَقِيلَ: هُمْ الْعُلَمَاءُ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالتَّحْقِيقُ، أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ الطَّائِفَتَيْنِ، وَطَاعَتُهُمْ مِنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ، لَكِنْ خَفِيَ عَلَى الْمُقَلِّدِينَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُطَاعُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ إذَا أَمَرُوا بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَكَانَ الْعُلَمَاءُ مُبَلِّغِينَ لِأَمْرِ الرَّسُولِ، وَالْأُمَرَاءُ مُنَفِّذِينَ لَهُ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ تَبَعًا لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَيْنَ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمُ آرَاءِ الرِّجَالِ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيثَارُ التَّقْلِيدِ عَلَيْهَا؟ " اهـ .[579]

وقال الامام النووي رحمه الله : " قَوْلُهُ (نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى أَطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم في عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِأُولِي الْأَمْرِ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْأُمَرَاءِ هَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ هُمُ الْعُلَمَاءُ وَقِيلَ الْأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ الصَّحَابَةُ خَاصَّةً فَقَطْ فَقَدْ أَخْطَأَ " اهـ .[580]

{ كلمة منكم في الاية الكريمة المباركة }

وكلمة ( منكم ) في الاية الكريمة تدل على ان ولاة الامر يكونوا من الامة , ولا يختصون بعصمة , ولا اي شيء يجعل لهم تمييز يتميزون به كما يتميز الانبياء صلوات الله عليهم عن اقوامهم , من اصطفاء , واختيار , واجتباء من الله تعالى , وهذا الحكم ماض الى يوم القيامة , فولاة امور المسلمين منهم يعرفونهم باشخاصهم , ويتعاملون معهم مباشرة , ولو كان المراد بالائمة الاثنى عشر الذين يقول بهم الامامية , فسؤالنا لهم هو : اين ولي امر المسلمين المعصوم حتى نرجع اليه ؟ !!! , لا يوجد ولي امر معصوم في الامة منذ مئات السنين , فهل تتعطل الاية الكريمة كل هذه المدة ؟ !!! , واذا كان ولي الامر معصوما فلماذا جعل الله تعالى رد التنازع الى الكتاب والسنة , ولم يذكر ولاة الامور ؟ .

{ الفرق بين الرسول وأولي الامر }

لقد جعل الله تعالى في الاية الكريمة فروقا بين الرسول صلى الله عليه واله وسلم , وبين أولي الامر , ومنها:

اولا -  رجوع الناس الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في التنازع , وهذا مفقود في أولي الامر .

ثانيا -  امكانية وقوع التنازع بين أولي الامر , وبين الرعية , واما التنازع مع الرسول صلى الله عليه واله وسلم فيؤدي الى الكفر والعياذ بالله تعالى .

ثالثا -  ان اقوال , وافعال , وتقريرات الرسول الله صلى الله عليه واله وسلم حجة شرعية مستقلة وذلك لانه يتلقى التشريع من الله تعالى بواسطة الامين جبريل عليه السلام , فكلامه , وفعله , وتقريره حجة شرعية تأصيلا الا اذا دل الدليل على امور مخصوصة به دون الامة , او غير ذلك كما هو معروف في اصول الفقه , واما أولي الامر فحالهم حال الرعية , وحجيتهم مرتبطة بطاعتهم لله , ورسوله , وبما يستدلون به من النصوص القرانية , او ما صح عن النبي صلى الله عليه واله وسلم , واما خلاف ذلك فكلامهم قابل للرد , والقبول على حسب الفهم الموافق للشرع .

 

 

{ طاعة ولاة الامر مقيدة بطاعتهم لله والرسول }

 قال شيخ الاسلام ابن تيمية : " إنَّمَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ طَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَهَؤُلَاءِ أُولُوا الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ فِي قَوْلِهِ : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } إنَّمَا تَجِبُ طَاعَتُهُمْ تَبَعًا لِطَاعَةِ  اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا اسْتِقْلَالًا " اهـ .[581]

قال الامام البخاري : " حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ " اهـ .[582]

وفي الصحيحين : " 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»» " اهـ .[583]

وفي مسند الامام احمد : "  1095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (2) "

__________

 (2) إسناده صحيح على شرط الشيخين " اهـ .[584]

قال المجلسي : " وروي بسند معتبر عن موسى بن جعفر عليهما السلام انّه قال لشيعته : يا معشر الشيعة لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم ، فإن كان عادلاً فاسألوا الله ابقاءه ، وان كان جائراً فاسألوا الله اصلاحه ، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم ، وانّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم ، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم ، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم " اهـ .[585]   

فالرواية تبين ان طاعة السلطان العادل امر شرعي , ومن المعلوم ان السلطان غير معصوم , فدل التوجيه على طاعة السلطان اذا امر بالحق .

وفي نهج البلاغة : " ومن كتاب له (عليه السلام) إلى أهل مصر، لما ولّى عليهم الاشتر رحمه الله مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيّ أَمِيرِالْمُؤْمِنينَ، إِلَى الْقَومِ الَّذِينَ غَضِبُوا لله حِينَ عُصِيَ فِي أَرْضِهِ، وَذُهِبَ بِحَقِّهِ، فَضَرَبَ الْجَوْرُ سُرَادِقَهُ عَلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَالْمُقِيمِ وَالظَّاعِنِ ، فَلاَ مَعْرُوفٌ يُسْتَرَاحُ إِلَيْهِ ، وَلاَ مُنْكَرٌ يُتَنَاهَى عَنْهُ.

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِاللهِ عَزَّوَجَلَّ، لاَيَنَامُ أَيَّامَ الخَوْفِ، وَلاَ يَنْكُلُ عَنِ الاعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ ، أَشَدَّ عَلَى الْفُجَّارِ مِنْ حَرَيقِ النَّارِ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِج ، فَاسْمَعُوا لَهُ أَطِيعُوا أَمْرَهُ فِيَما طَابَقَ الْحَقَّ، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ ... " اهـ .[586]

لقد قيد علي رضي الله عنه طاعة اهل مصر للاشتر فيما طابق الحق , وهذا عين قولنا بالطاعة بانه مقيد بموافقة الكتاب , والسنة , فهما الحق قطعا .

وقال الصدوق : " 3 - حدثني أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران  عن الفضل بن السكن ، عن أبي -  عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والاحسان " اهـ . [587]  

فولي الامر يُعرف بمعروفه , وعدله , واحسانه , وفي هذا دليل واضح ان معرفة ولي الامر تكون من خلال حكمه بين الناس , وهذا مفقود عند الامامية اذ لا يوجد عندهم معصوم منذ اكثر من الف سنة , فالذي يتولى امورهم غير معصوم , وانما يُعرف صلاحه من فساده من خلال سيرته .

وفي نهج البلاغة : " لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَامَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر.

وفي رواية أُخرى أنّه (عليه السلام) لمّا سمع تحكيمهم قال: حُكْمَ اللهِ أَنْتَظِرُ فِيكُمْ.

وقال: أَمَّا الامْرَةُ الْبَرَّةُ فَيَعْمَلُ فيها التَّقِيُّ، وَأَمَّا الامْرَةُ الْفَاجرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيهَا الشَّقِيُّ، إلى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ، وَتُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ " اهـ .[588]

لقد اجاز علي رضي الله عنه امرة الفاجر , ومن المعلوم ان الفاجر , او العادل اذا امر بمصية فان طاعته غير واجبة , بل من الواجب على المسلم عدم الامتثال .

{ فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر}

قال الله تعالى : { فان تنازعتم في شيء } , فهذا نكرة في سياق الشرط , والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم , فالتنازع هنا يعم في كل شيء صغير , او كبير , خفي , او جلي , فلو لم يكن في الكتاب , والسنة كفاية في بيان الاحكام التي تنازعوا فيها لم يأمرهم ربنا الى الرجوع اليها دون غيرها , اذ من الممتنع ان يأمر الله تعالى بالرد عند النزاع الى من لا يوجد عنده فصل هذا النزاع , والاية دالة على ان العصمة فيمن عنده حل النزاع فقط دون غيره , وهو الذي امر الله تعالى بالرجوع اليه في حال التنازع , وهو الكتاب , والسنة , اذ ان الاجماع منعقد على ان الرد الى الله تعالى هو الرد الى كتابه العزيز , والرد الى الرسول صلى الله عليه واله وسلم في حياته اليه , وبعد مماته الى سنته المطهرة , قال الامام ابن القيم : " انَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّدَّ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الرَّدُّ إلَى كِتَابِهِ، وَالرَّدَّ إلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الرَّدُّ إلَيْهِ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ " اهـ .[589]

وفي نهج البلاغة : " وَلَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ عَنْ كِتَابِ اللهِ، وقَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)، فَرَدُّهُ إِلَى اللهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ، وَرَدُّهُ إِلَى الرَّسُولِ أَنْ نَاخُذَ بسُنَّتِهِ " اهـ .[590]

وقال شيخ الاسلام : " لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ الْعِصْمَةَ عِنْدَ تَنَازُعِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي الرَّدِّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَلَى الْهَوَى " اهـ .[591]

وقال رضي الله عنه : " فَأَهْلُ السُّنَّةِ لَا يُطِيعُونَ وُلَاةَ الْأُمُورِ مُطْلَقًا، إِنَّمَا يُطِيعُونَهُمْ فِي ضِمْنِ طَاعَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 59] ، فَأَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَأَمَرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ ; لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 80] ، وَجَعَلَ طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ طَاعَةً ثَالِثَةً ; لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ لَا يُطَاعُ طَاعَةً مُطْلَقَةً إِنَّمَا يُطَاعُ فِي الْمَعْرُوفِ " اهـ .[592]

وقال ايضا : " وَالرَّسُولُ - هُوَ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، فَلَا يُطَاعُ مَخْلُوقٌ طَاعَةً مُطْلَقَةً إِلَّا هُوَ " اهـ .[593]

{ وقوع التنازع مع ولي الامر المعصوم عند الامامية }

قال المجلسي : " والاخبار المشتملة على منازعتهما ( علي وفاطمة ) مأولة بما يرجع إلى ضرب من المصلحة ، لظهور فضلهما على الناس أو غير ذلك مما خفي علينا جهته " اهـ .[594]

وقال : " بيان : لعل منازعتها صلوات الله عليها إنما كانت ظاهرا  لظهور فضله صلوات الله عليه على الناس ، أو لظهور الحكمة فيما صدر عنه عليه السلام أو لوجه من الوجوه لا نعرفه " اهـ .[595]

لقد وقع التنازع بين علي , وفاطمة رضي الله عنهما , وعلي رضي الله عنه من اولي الامر كما يقول الامامية , فيلزمهم تخطئة فاطمة رضي الله عنها .

وقال محمد تقي المجلسي في روضة المتقين : " و في القوي كالصحيح عن زرارة قال: رَأَيْتُ دَايَةَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) تُلْقِمُهُ الْأَرُزَّ وَ تَضْرِبُهُ عَلَيْهِ فَغَمَّنِي مَا رَأَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لِي أَحْسَبُكَ غَمَّكَ مَا رَأَيْتَ مِنْ دَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى قُلْتُ لَهُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ لِي نِعْمَ الطَّعَامُ الْأَرُزُّ يُوَسِّعُ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ وَ إِنَّا لَنَغْبِطُ أَهْلَ الْعِرَاقِ بِأَكْلِهِمُ الْأَرُزَّ وَ الْبُسْرَ فَإِنَّهُمَا يُوَسِّعَانِ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعَانِ الْبَوَاسِيرَ. " أهـ .[596]

وصل الامر بالداية الى ضرب المعصوم باقرار معصوم اخر فضلا عن التنازع , فهل يُخرج الامامية موسى الكاظم من اولي الامر , ام انهم يقولون انه منهم ؟ فيلزمهم من هذا ان غير المعصوم ضرب المعصوم باقرار من المعصوم الاخر , فالضرب لولي الامر اعظم من التنازع معه , وهذا قد وقع من الداية تجاه موسى الكاظم باقرار جعفر الصادق !!! .

وقال المجلسي : " و يحتمل أن يكون كناية عن ابن عباس فإنه قد انحرف عن أمير المؤمنين عليه السلام و ذهب بأموال البصرة إلى الحجاز، و وقع بينه عليه السلام و بينه مكاتبات تدل على شقاوته و ارتداده كما ذكرته في الكتاب الكبير...." اهـ .[597]

فالتنازع بين علي وابن عباس رضي الله عنهما قد وقع الى حد جعل المجلسي يطعن بحبر الامة ابن عباس رضي الله عنه .

{ تحريف قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول عند الامامية }

ولما كانت الاية الكريمة لا تخدم مراد الامامية نراهم يطعنون بالقران الكريم فيما يتعلق بالاية , ففي الكافي : " 212 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال : تلا أبو جعفر عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ تَلَا أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ خِفْتُمْ تَنَازُعاً فِي الْأَمْرِ فَأَرْجِعُوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَأْمُرُ بِطَاعَتِهِمْ وَ يُرَخِّصُ فِي مُنَازَعَتِهِمْ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلْمَأْمُورِينَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ " اهـ .[598]

قال المجلسي معلقا على الرواية : " و ظاهر كثير من الأخبار أن قوله:" وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" كان مثبتا هيهنا فأسقط " اهـ .[599]

وقال في موضع اخر من كتابه : " و أما قوله:" و إلى أولي الأمر منكم"

(1) فالظاهر أنه كان في قرآنهم عليهم السلام هكذا فأسقطه عثمان

لقوله عليه السلام:" كذا نزلت"

(2) و يحتمل أن يكون تفسيرا للرد إلى الله و إلى أولي الأمر، لأمر الله و الرسول بطاعتهم فالرد إليهم رد إليهما " اهـ .[600]

لقد صدر قوله باتهام عثمان رضي الله عنه باسقاط الاية , ولو لم يعتقد بتحريف القران لما تجرأ على القول بسقوط الاية , ثم بعد ذلك جعل الاحتمال بان المراد بذلك التفسير , مما يدل على ان هؤلاء لا يتورعون بالطعن بالقران بحيث يصدرون الحكم بالطعن بالقران , ثم يجعلون بعد ذلك الاحتمال على ان المراد هو التفسير .

{ يلزم من تفسير الرافضة للاية نسبة الظلم لله تعالى }

لو تنزلنا للرافضة من باب الجدل ان المراد من أولي الامر في الاية هم الائمة الاثنى عشر , فنقول كيف يأمرنا الله تعالى بطاعة اشخاص لا نستطيع الوصول اليهم ؟ !!! اين هو الامام الثاني عشر حتى نطيعه ؟ !!! ان قول الرافضة ان المراد بالائمة هم الاثنى عشر طعن بالله تعالى , وذلك لان الله تعالى لا يظلم العباد , ومن الظلم امر الناس بالرجوع الى شخص لا يستطيعون الوصول اليه , والله تعالى منزه عن الظلم , قال تعالى : { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) : فصلت } , وقال تعالى : { وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) : الكهف } .

وقد اجاد وافاد ابو العباس ابن تيمية رضي الله تعالى عنه حيث ذكر بعض ما يتعلق بالامام الثاني عشر عند الرافضة فأتى بما يبهر العقول , حيث قال: " فَصَاحِبُ الزَّمَانِ الَّذِي يَدْعُونَ إِلَيْهِ لَا سَبِيلَ لِلنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَا مَعْرِفَةِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ، وَمَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ، وَمَا يُخْبِرُهُمْ بِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَصِيرُ سَعِيدًا إِلَّا بِطَاعَةِ هَذَا الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَمْرَهُ، وَلَا نَهْيَهُ لَزِمَ أَنَّهُ . لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ طَرِيقِ النَّجَاةِ، وَالسَّعَادَةِ، وَطَاعَةِ اللَّهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ إِحَالَةً لَهُ.

وَإِنْ قِيلَ: بَلْ هُوَ يَأْمُرُ بِمَا عَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ.

قِيلَ: فَلَا حَاجَةَ إِلَى وُجُودِهِ، وَلَا شُهُودِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ كَانَ شَاهِدًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِذَا كَانَ مَعْرِفَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْخَلْقَ مُمْكِنًا بِدُونِ هَذَا الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَا نَجَاةُ أَحَدٍ، وَلَا سَعَادَتُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ إِمَامَةِ مِثْلِ هَذَا، فَضْلًا عَنِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إِمَامَةِ مِثْلِ هَذَا، وَهَذَا أَمْرٌ بَيِّنٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ لَكِنَّ الرَّافِضَةَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ.

وَذَلِكَ أَنَّ فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ الْعَقْلِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَرْكَ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الْعَقْلِيَّةِ، وَالشَّرْعِيَّةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ هَذَا الْمُنْتَظَرُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَوْقُوفًا، فَإِذَا كَانَ مَوْقُوفًا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ مَوْقُوفًا عَلَى شَرْطٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ، بَلْ وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَنْ يَدَّعِي دَعْوَى صَادِقَةً أَنَّهُ رَأَى هَذَا الْمُنْتَظَرَ، أَوْ سَمِعَ كَلَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَى ذَلِكَ أَمْكَنَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَتَرْكُ الْقَبَائِحِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ هَذَا الْمُنْتَظَرِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ وُجُودُهُ، وَلَا شُهُودُهُ " اهـ .[601]

وقد جاء في كتب الامامية ان امامهم الثاني عشر معطل , ولا يؤخذ منه علم , ففي الكافي : " مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ قَالَ الْبِئْرُ الْمُعَطَّلَةُ الْإِمَامُ الصَّامِتُ وَ الْقَصْرُ الْمَشِيدُ الْإِمَامُ النَّاطِقُ.

وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعَمْرَكِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) مِثْلَهُ " اهـ .[602]

وقال المازندراني : " قوله (قال: البئر المعطلة الإمام الصامت) البئر المعطلة البئر العامرة التي لا يستقي منها، والقصر المشيد القصر المحكم المزين بأنحاء الزينة ولعل قصده (عليه السلام) أن الآية منطبقة على آل محمد (صلى الله عليه وآله) ومثل لهم. قال علي بن إبراهيم: بئر معطلة هي التي لا يستقى منها وهو الإمام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم والقصر المشيد هو المرتفع، وهو مثل لأمير المؤمنين صوات الله عليه وسبطاه ثم يشرف على الدنيا " اهـ .[603]

وذكر الطبرسي من ضمن اسماء الامام الثاني عشر عند الرافضة البئر المعطلة , حيث قال : " الواحد والعشرون: " بئر معطلة " روى علي بن ابراهيم في تفسيره عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال في تفسير الآية الشريفة { وبئر معطّلة وقصر مشيد }. هو مثل لآل محمد صلوات الله عليهم، قوله: " وبئر معطلة " هي التي لا يستقى منها وهو الامام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم [إلى وقت ظهوره ] " اهـ .[604]

وكذلك نقل الامامية في كتبهم ان الامام لا يُرى جسمه , ولا يُسمى بإسمه , قال الكليني : " 3 - عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ( عليه السلام ) يَقُولُ وَ سُئِلَ عَنِ الْقَائِمِ فَقَالَ لَا يُرَى جِسْمُهُ وَ لَا يُسَمَّى اسْمُهُ " اهـ .[605]

قال المازندراني : " قوله ( لا يرى جسمه ولا يسمى اسمه ) الأول إخبار عن غيبته والثاني نهي في المعنى عن التصريح باسمه ، ولعله في بعض الأزمنة لأجل الخوف " اهـ .[606]

وفي كمال الدين للصدوق : " 44 - حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري - قدس الله روحه - فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : " بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه . ومضى رضي الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه " اهـ . [607].

فغيبته معللة بخوفه , ولو لم يكن خائفا لظهر , قال الطوسي : " لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار " اهـ .[608]

وفي الكافي : " 18 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ لِلْقَائِمِ غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ إِنَّهُ يَخَافُ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ يَعْنِي الْقَتْلَ " اهـ .[609]

وفي علل الشرائع للصدوق : " ( باب 179 - علة الغيبة ) 1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، عن أبيه ، عن أبيه أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن محمد بن أبي عمير عن أبان وغيره عن أبي عبد الله " ع " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بد للغلام من غيبة فقيل له ولم يا رسول الله قال : يخاف القتل .

2 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسين بن عمر بن محمد بن عبد الله عن مروان الأنباري قال : خرج من أبى جعفر " ع " ان الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم " اهـ .[610]

فلا يمكن ان يراه احد وذلك لان غيبته تتعلق بخوفه , ولقد بينت الرواية الاخرى ان الذي يدعي المشاهدة قبل خروج السفياني , والصيحة فهو كذاب , فكيف تصل الامة لهذا المعصوم ؟ !!! , وهل من العدل الامر بالوصول الى شخص هكذا حاله ؟ !!! .

{ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }

قال الله تعالى : { إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) : الرعد } .

قال العلامة الشنقيطي : " قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}، أي: إنما عليك البلاغ والإنذار، أما هداهم وتوفيقهم فهو بيد الله تعالى، كما أن حسابهم عليه جل وعلا.

وقد بين هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [2/272]، وقوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [13/40]، ونحو ذلك من الآيات.

قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، أظهر الأقوال في هذه الآية الكريمة أن المراد بالقوم الأمة، والمراد بالهادي الرسول، كما يدل له قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} الآية[10/47] " اهـ .[611]

فهداية البيان والارشاد لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وهداية التوفيق والالهام لله تعالى فقط , ولقد جاء في القران ما يدل على هدايةالبيان , والارشاد , وذلك كقول الله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) : الشورى } . وهداية التوفيق , والالهام مثل قول الله تعالى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) : القصص } .

ويتناقل الرافضة رواية لا تصح بان الهادي هو علي رضي الله عنه , ولقد رد هذه الرواية الامام الالباني سندا , ومتنا , ونقل في اثناء كلامه عليها ما ذكره شيخ الاسلام ابو العباس ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه من كلام علمي نفيس قد اجاد وافاد فيه , قال الامام الالباني : " 4899 - ( أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي ! يهتدي المهتدون [بعدي] ) .

موضوع

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13/ 72) ، والديلمي (1/ 310-311- زهر الفردوس) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) من طريق الحسن بن الحسين الأنصاري : أخبرنا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال النبي صلي الله عليه وسلم ... فذكره .

قلت : وهذا إسناد مظلم ؛ وله ثلاث علل :

الأولى : اختلاط عطاء بن السائب .

الثانية : معاذ بن مسلم ؛ قال الذهبي في ترجمته : "مجهول . روى عن شرحبيل بن السمط ؛ مجهول . وله عن عطاء بن السائب خبر باطل سقناه في (الحسن بن الحسين)" .

الثالثة : الحسن بن الحسين الأنصاري - وهو العرني - ؛ وهو متهم ، وقد تقدم شيء من أقوال الأئمة فيه تحت الحديث (4885) ؛ فلا داعي للإعادة .

وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث من مناكيره من رواية ابن الأعرابي بإسناده عنه . وقال : "ومعاذ نكرة ، فلعل الآفة منه" .

وأقره الحافظ في "اللسان" .

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 499- منار) : "وهذا الحديث فيه نكارة شديدة" .

وأقره الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 66) .

وسكت عنه الطبرسي الشيعي في "تفسيره" (3/ 427) !

قلت : وقد روي موقوفاً : رواه حسين بن حسن الأشقر : حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبدالله الأسدي عن علي : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال علي : رسول الله صلي الله عليه وسلم المنذر ، وأنا الهادي .

أخرجه الحاكم (3/ 129-130) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) عن عبدالرحمن ابن محمد بن منصور الحارثي عنه . وقال الحاكم :

"صحيح الإسناد" !

ورده الذهبي بقوله : "قلت : بل كذب ، قبح الله واضعه" .

قلت : ولم يسم واضعه ، وهو - عندي - حسين الأشقر ؛ فإنه متروك كما تقدم بيانه تحت الحديث (358) . وقد قال الذهبي فيه - في حديث بعد هذا في "التلخيص" - : "قلت : الأشقر وثق . وقد اتهمه ابن عدي" .

والحارثي - الراوي عنه - قال ابن عدي : "حدث بأشياء لم يتابع عليها" . وقال الدارقطني وغيره : "ليس بالقوي" .

ومما يؤيد نكارة الحديث : أن عبد خير رواه عن علي في قوله ... فذكر الآية ؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "المنذر والهادي : رجل من بني هاشم" .

أخرجه عبدالله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 126) ، ومن طريقه ابن عساكر : حدثني عثمان بن أبي شيبة : حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عنه .

وهذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات .

وقد رواه ابن عساكر من غير طريق عبدالله فأفسده ؛ قال : أخبرنا أبو العز بن كادش : أنبأنا أبو الطيب طاهر بن عبدالله : أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي : أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبدالجبار : أخبرنا عثمان بن أبي شيبة ... فساقه مختصراً بلفظ : "والهادي علي" .

وهو بهذا الاختصار منكر ، ولعله من أبي العز بن كادش - واسمه أحمد بن عبيدالله - شيخ ابن عساكر ؛ فقد قال ابن النجار : "كان مخلطاً كذاباً ، لا يحتج بمثله ، وللأئمة فيه مقال" .

وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مئة . ووقع في "اللسان" : "ست وخمسين ..." ! وهو خطأ ، والتصحيح من "الشذرات" .

وعلي بن عمر الحربي ؛ فيه كلام أيضاً ؛ ولكنه يسير ، فراجعه - إن شئت - في "اللسان" .

والحديث مما تلهج به الشيعة ؛ ويتداولونه في كتبهم ، فهذا إمامهم ابن مطهر الحلي قد أورده في كتابه الذي أسماه "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" (ص 81-82- تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم) من رواية "الفردوس" ؛ قال :

"ونحوه أبو نعيم ، وهو صريح في ثبوت الإمامة والولاية له" !!

وقلده عبدالحسين في "مراجعاته" (ص 55) ، ثم الخميني في "كشف الأسرار" (ص 161) ؛ وزاد عليهما في الكذب والافتراء أنه قال : "وردت في ذلك سبعة أحاديث عند أهل السنة" !

ثم لم يذكر إلا حديثاً واحداً زعم أنه أسنده إبراهيم الحموي إلى أبي هريرة !

فمن إبراهيم الحموي هذا ؟ والله لا أدري ، ولا أظن الخميني نفسه يدري ! فإن صح قوله أنه من أهل السنة ؛ فيحتمل أن يكون إبراهيم بن سليمان الحموي ، المترجم في "الدرر الكامنة" ، و"شذرات الذهب" ، و"الفوائد البهية" ، و"الأعلام" للزركلي ، فإن يكن هو ؛ فهو من علماء الحنفية المتوفى سنة (732 هـ) ، فإن كان هو الذي عناه الخميني ، وكان صادقاً في عزوه إليه ؛ فإنه لم يذكر الكتاب الذي أسند الحديث فيه . فقوله عنه : "أسند" ! كذب مكشوف ؛ إذ كيف يسند من كان في القرن الثامن ، فبينه وبين أبي هريرة مفاوز ؟!

ولو فرضنا أنه أسنده فعلاً ؛ فما قيمة مثل هذا الإسناد النازل الكثير الرواة ؟! فإن مثله قل ما يسلم من علة ؛ كما هو معلوم عند العارفين بهذا العلم الشريف !

والعبرة من هذا العزو ونحوه مما تقدم عن هؤلاء الشيعة ؛ أنهم كالغرقى يتعلقون ولو بخيوط القمر ! فلقد ساق السيوطي في "الدر المنثور" في تفسير هذه الآية عدة روايات ؛ وليس فيها حديث الخميني عن أبي هريرة !

وأما حديث ابن عباس الذي احتج به ابن المطهر الحلي ؛ فقد عرفت ما فيه من العلل ، التي تدل بعضها على بطلانه ؛ فكيف بها مجتمعة ؟!

فاسمع الآن رد شيخ الإسلام ابن تيمية على الحلي ؛ لتتأكد من بطلان الحديث ، وجهل الشيعة وضلالهم ؛ قال رحمه الله (4/ 38) : "والجواب من وجوه :

أحدها : أن هذا لم يقم دليل على صحته ؛ فلا يجوز الاحتجاج به ، وكتاب "الفردوس" للديلمي فيه موضوعات كثيرة ، أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث ، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة .

الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث ، فيجب تكذيبه ورده ..." .

ثم ذكر بقية الوجوه ؛ وهي تسعة ؛ ولولا أن يطول الكلام لسقتها كلها لأهميتها ؛ منها قوله : "الخامس : أن قوله : "بك يهتدي المهتدون" ؛ ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى ! وهذا كذب بين ؛ فإنه قد آمن بالنبي صلي الله عليه وسلم خلق كثير واهتدوا به ودخلوا الجنة ؛ ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة ، وأكثر الذين آمنوا بالنبي صلي الله عليه وسلم واهتدوا به لم يهتدوا بعلي في شيء ، وكذلك لما فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم ؛ كان جماهير المسلمين لم يسمعوا من علي شيئاً ، فكيف يجوز أن يقال : بك يهتدي المهتدون ؟!" .

ثم ذكر في الوجه السادس ؛ أن الصحيح في تفسير الآية : أن المقصود بها النبي صلي الله عليه وسلم ؛ فهو النذير وهو الهادي . وأما تفسيره بعلي فباطل ؛ لأنه قال : (ولكل قوم هاد) ؛ وهذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء ، فتتعدد الهداة ، فكيف يجعل علي هادياً لكل قوم من الأولين والآخرين ؟! " اهـ .[612]

ولقد سمعت بعض الشيعة في اثناء حواراتي معهم وهم يستشهدون بقول الحافظ ابن حجر رحمه الله على تحسين الرواية ويبترون قول الحافظ , ويتركون بعضه , وهذا قول الحافظ بكله لكي يتضح للقاريء الكريم الامر برمته , قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَالْمُسْتَغْرَبُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَقَالَ أَنَا الْمُنْذِرُ وَأَوْمَأَ إِلَى عَلِيٍّ وَقَالَ أَنْتَ الْهَادِي بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ بَنِي هَاشِمٍ مَثَلًا وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الْهَادِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ بَعْضُ رُوَاتِهِ هُوَ عَلِيٌّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي إِسْنَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْضُ الشِّيعَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا مَا تَخَالَفَتْ رُوَاتُهُ " اهـ .[613]

فقد صدر الحافظ ابن حجر كلامه مستغربا ما اخرجه الطبري بسند حسن , ثم بعد ذلك بقوله : فان ثبت , ومن المعلوم ان هذه الصيغة تفيد التشكيك بالثبوت , ثم انهى كلامه بقوله : ولو كان ثابتا ما تخالفت رواته .

فاقول ان كلام الحافظ محمول على تحسين الرواة ومن المعروف ان تحسين السند لوحده لا يفيد الثبوت , وذلك لعدم توفر الشروط الاخرى للثبوت كالشذوذ , والعلة , ولهذا نجد العبارات التي ذكرها الحافظ رحمه الله تدل دلالة واضحة على عدم اعتبار الرواية , قال الامام ابن الصلاح : " قَوْلُهُمْ " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، أَوْ حَسَنُ الْإِسْنَادِ " دُونَ قَوْلِهِمْ: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَدِيثٌ حَسَنٌ " لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ "، وَلَا يَصِحُّ، لِكَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُعَلَّلًا.

غَيْرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمْ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً، وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ، فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْحُكْمُ لَهُ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ وَالْقَادِحِ هُوَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ . [614]

ولقد ذكر الامام الالباني رحمه الله العلل المتعلقة بهذه الرواية وبين عدم ثبوتها من ناحية السند , والاشكالات في المتن .

ولقد ذكر الحافظ الرواية في اللسان , ونقل رد الامام الذهبي لها , ووافقه على حكمه , قال الحافظ : " وقال بن الأعرابي حدثنا الفضل بن يوسف الجعفي ثنا الحسن بن الحسين الأنصاري في مسجد حبة العرني ثنا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد عن بن عباس إنما أنت منذر قال النبي صلى الله عليه و سلم انا المنذر وعلي الهادي بك يا علي يهتدي المهتدون رواه بن جرير في تفسيره عن أحمد بن يحيى عن الحسن عن معاذ ومعاذ نكرة فلعل الآفة منه " اهـ .[615]

 

{ الفصل السادس }

{ مفهوم الامامة وما يتعلق بها بشكل عام عند اهل السنة }

{ تعريف الامامة لغة واصطلاحا عند اهل السنة }

تعريف الامامة في اللغة : قال العلامة ابن منظور في اللسان : "  وأَمَّ القومَ وأَمَّ بِهِمْ: تقدَّمهم، وَهِيَ الإِمامةُ. والإِمامُ: كُلُّ مَنِ ائتَمَّ بِهِ قومٌ كَانُوا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَو كَانُوا ضالِّين ..... وَرَئِيسُ الْقَوْمِ: أَمُّهم. ابْنُ سِيدَهْ: والإِمامُ مَا ائْتُمَّ بِهِ مِنْ رئيسٍ وغيرِه، وَالْجَمْعُ أَئِمَّة........ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ مِنَ الأَمامِ. يُقَالُ: فُلانٌ إِمامُ الْقَوْمِ؛ مَعْنَاهُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ، وَيَكُونُ الإِمامُ رئِيساً كَقَوْلِكَ إمامُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ الكتابَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ، وَيَكُونُ الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ، وَيَكُونُ الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ:

بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ عَلَى إِمامِ

معناه على مِثال؛ وقال لَبِيدٌ:

ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها

وَالدَّلِيلُ: إِمامُ السَّفْر" اهـ .[616]

واما تعريف الامامة في الاصطلاح , فقد قال الامام ابو الحسن الماوردي : " الْإِمَامَةُ: مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا " اهـ .[617]

وقال امام الحرمين الجويني : " الْإِمَامَةُ رِيَاسَةٌ تَامَّةٌ، وَزَعَامَةٌ عَامَّةٌ، تَتَعَلَّقُ بِالْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، فِي مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا " اهـ .[618]

وقال العلامة محمد رشيد رضا : " الْخلَافَة، والإمامة الْعُظْمَى، وإمارة الْمُؤمنِينَ، ثَلَاث كَلِمَات مَعْنَاهَا وَاحِد، وَهُوَ رئاسة الْحُكُومَة الإسلامية الجامعة لمصَالح الدّين وَالدُّنْيَا.

قَالَ الْعَلامَة الأصولي الْمُحَقق السعد التَّفْتَازَانِيّ فِي متن مَقَاصِد الطالبين، فِي علم أصُول عقائد الدّين: الْفَصْل الرَّابِع - أَي من العقائد السمعية - فَفِي الْإِمَامَة، وَهِي رئاسة عَامَّة فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا خلَافَة عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " اهـ .[619]

وقال العلامة ابن خلدون : " فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في جراسة الدين وسياسة الدنيا به " اهـ .[620]

وقال العلامة الايجي : " هي خلافة الرسول في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة " اهـ .[621]

فهذه التعريفات كلها تؤدي الى معنى واحد , الا وهو خلافة الرسول صلى الله عليه واله وسلم في قيادة الناس وفق الشريعة الاسلامية بما يتعلق في دينهم , ودنياهم .

{ الترادف بين لفظ الخلافة , والامامة , وامارة المؤمنين }

ان الفاظ الامام , والخليفة , وامير المؤمنين , كلها مترادفة , وتؤدي الى معنى واحد , الا وهو الرئيس للدولة الاسلامية , الذي يقودهم بشرع الله تعالى فيما يتعلق بالدين , والدنيا .

قال الامام النووي : " والمراد بالامام الرئيس الاعلى للدولة، والامامة والخلافة وإمارة المؤمنين مترادفة، والمراد بها الرياسة العامة في شئون الدين والدنيا" اهـ .[622]

وقال ايضا في روضة الطالبين : " يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْإِمَامِ: الْخَلِيفَةُ وَالْإِمَامُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ " اهـ .[623]

وقال العلامة محمد رشيد رضا : " الْخلَافَة، والإمامة الْعُظْمَى، وإمارة الْمُؤمنِينَ، ثَلَاث كَلِمَات مَعْنَاهَا وَاحِد، وَهُوَ رئاسة الْحُكُومَة الإسلامية الجامعة لمصَالح الدّين وَالدُّنْيَا " اهـ .[624]

وقال العلامة ابن خلدون : " وإذ قد بينا حقيقة هذا المنصب، وأنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين، وسياسة الدنيا به، تسمى خلافة وإمامة، والقائم به خليفة وإماماً " اهـ .[625]

فسمي خليفة لانه يخلف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في قيادة الامة في امور الدين , والدنيا, وسمي اماما لانه يتقدمهم , ويقودهم في امور الدين , والدنيا , وسمي امير المؤمنين لانه اميرهم وهم مؤمنون .

{ وجوب الامامة والادلة على ذلك }

ان تنصيب الامام , وطاعته في يأمر به بالمعروف واجب شرعي قد دلت عليه النصوص الشرعية من الكتاب , والسنة , والاجماع , وذلك لان عدم وجود امام في الامة سببا في التسيب , والانحلال الامني , وعدم استقرار المجتمع وذلك يسبب فقدان الامن , والامان , ففي حالة عدم وجود من يراعي امر الدين , ويحث على ذلك , ويردع من يتعرض له , ويحل المنازعات , وينصف المظلوم من ظالمه , تكون الامة في هرج , ومرج , ويضيع الدين , فكل نص شرعي في القران الكريم , او في السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في تطبيق الحدود , او طاعة ولي الامر , او الحث على البيعة لولي الامر , او الاستنفار في الجهاد , او الرجوع الى القضاء الاسلامي , او الحكم بما انزل...... الخ , فكل هذه النصوص هي ادلة شرعية على وجوب تنصيب الامام في الامة , فمن هذه النصوص قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) : النساء } , فوجوب طاعة ولي الامر وجوب لوجوده , فلا يمكن ايجاب طاعة احد لا وجود له , وفي هذه الاية الكريمة ان ولاة الامر هم الامراء , والحكام كما ورد عن ابي هريرة رضي الله عنه , قال ابن ابي حاتم: "  5569- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: " " وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ "  قَالَ: هُمُ الأُمَرَاءُ " اهـ .[626]

وقد قال العلامة احمد محمد شاكر عن هذه الرواية في تحقيقه لتفسير ابن جرير الطبري بعد ان اوردها الطبري : " 1 - الحديث: 9856 - هذا موقوف على أبي هريرة. وإسناده صحيح. ومعناه صحيح " اهـ .[627]

وقال الامام ابن جرير الطبري في تفسير الاية بعد ان استعرض اقوال اهل العلم فيها: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعةً، وللمسلمين مصلحة " اهـ .[628]

ومن الادلة ايضا قول الله تعالى : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ (49) : المائدة } , فالخطاب في الاية الكريمة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكل من يأتي من بعده ممن يحكم الامة من ولاة الامور , فيجب عليه ان يحكم بينهم بكتاب الله تعالى , وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم , ويؤيد ذلك قول الله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) : المائدة } , ويؤيد ذلك ايضا , قوله تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) : المائدة } , فالايات كلها تدل على تحكيم ما انزل الله تعالى , ولا بد من وجود هذا الحاكم ليحكم بشرع الله تعالى , واعلى سلطة حاكمة في الامة بعد موت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو امام المسلمين .

ومن الادلة ايضا ما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» " اهـ .[629]

فبما ان البيعة واجبة على المسلم لولي الامر , فانه يجب ان يكون هذا الامام موجودا في الامة , ويتم تنصيبه , وتعيينه وفق الشريعة .

ومن الادلة ما جاء عند الامام ابي داود بسند حسن صحيح كما قال العلامة الالباني من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ " اهـ .[630]

فاذا كان وجوب الامارة في السفر , وفي ثلاثة فقط حتى لا تتسيب الامور , فالوجوب في الحضر وفي مجتمع يحتوي على الملايين من باب اولى , فكلما كثر عدد الناس , وتباعدت المسافات , واتسعت رقعة بلاد الاسلام كان الحرص اكثر , والحاجة لتنظيم الامور اشد .

وهناك ادلة كثيرة في هذا الباب , وقد صرح اهل العلم بوجوب الامامة , وتنصيب الامام , وذكروا الادلة على ذلك ,  قال الامام ابن حزم رحمه الله :

" وَالْقُرْآن وَالسّنة قد ورد بِإِيجَاب الإِمَام من ذَلِك قَول الله تَعَالَى {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} مَعَ أَحَادِيث كَثِيرَة صِحَاح فِي طَاعَة الْأَئِمَّة وَإِيجَاب الْإِمَامَة " اهـ .[631]

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَفْضَلِ الْمَنَاهِجِ وَالشَّرَائِعِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الْكُتُبِ فَأَرْسَلَهُ إلَى خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَكْمَلَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الدِّينَ وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ النِّعْمَةَ وَحَرَّمَ الْجَنَّةَ إلَّا عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا الْإِسْلَامَ الَّذِي جَاءَ بِهِ فَمَنْ ابْتَغَى غَيْرَهُ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ. وَأَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْحَدِيدَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} . وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِتَوْلِيَةِ وُلَاةِ أُمُورٍ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ وُلَاةَ الْأُمُورِ أَنْ يَرُدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا؛ وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ} ". وَفِي سُنَنِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ. وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا أَحَدَهُمْ} ". فَإِذَا كَانَ قَدْ أَوْجَبَ فِي أَقَلِّ الْجَمَاعَاتِ وَأَقْصَرِ الِاجْتِمَاعَاتِ أَنْ يُوَلَّى أَحَدُهُمْ: كَانَ هَذَا تَنْبِيهًا عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ - لِمَنْ يَتَّخِذُهَا دِينًا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ وَيَفْعَلُ فِيهَا الْوَاجِبَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ - مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ حَتَّى قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد فِي مُسْنَدِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إنَّ أَحَبَّ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ إمَامٌ عَادِلٌ وَأَبْغَضَ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ إمَامٌ جَائِرٌ} " اهـ .[632]

وقال ايضا : " يجب أن يعرف أن ولاية أمر النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ بَلْ لَا قيام للدين ولا للدنيا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» . فَأَوْجَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةٍ وَإِمَارَةٍ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ " اهـ .[633]

وقال الامام ابو الحسن الماوردي : " الْإِمَامَةُ: مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا، وَعَقْدُهَا لِمَنْ يَقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ شَذَّ عَنْهُمْ الْأَصَمُّ " اهـ .[634]

وقال الامام النووي : " وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة " اهـ .[635]

وقال ايضا : " قلت تولي الإمامة فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا واحدا تعين عليه ولزمه طلبها إن لم يبتدئوه والله اعلم " اهـ .[636]

وقال العلامة ابن خلدون : " ثم إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النظر إليه في أمورهم " اهـ .[637]

وقال الامام القرطبي في في تفسير قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } , : " هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي نَصْبِ إِمَامٍ وَخَلِيفَةٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ، لِتَجْتَمِعَ بِهِ الْكَلِمَةُ، وَتَنْفُذُ بِهِ أَحْكَامُ الْخَلِيفَةِ. وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَلَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْأَصَمِّ حَيْثُ كَانَ عَنِ الشَّرِيعَةِ أَصَمَّ " اهـ .[638]

{ كيف تنعقد الامامة عند اهل السنة والجماعة والادلة على ذلك }

تنعقد الامامة عند اهل السنة والجماعة بثلاثة طرق , وهي :

 اولا الاختيار من اهل الحل , والعقد . ثانيا الاستخلاف . ثالثا القهر , والغلبة .

ويمكن تقسيم انعقاد الامامة الى قسمين : فيكون القسم الاول : في حال الاختيار , والاستقرار , والسعة , ويكون القسم الثاني : في حال الغلبة , والقهر , والاضطرار , وكل هذه الطرق مبنية على ادلة من الكتاب , والسنة , والاجماع .

وفي كلا التقسيمين المحصلة واحدة , وكل الذي ذكرناه مبني على ادلة من الكتاب , والسنة , والاجماع .

اولا دليل اختيار اهل الحل , والعقد : الدليل على هذا استخلاف ابي بكر وعثمان وعلي رضي الله عنهم , فانهم استُخلفوا باختيار اهل الحل والعقد , فخلافة ابي بكر رضي الله عنه كانت باجماع الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم كما ثبت عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه عند البزار , والحاكم بسند صحيح كما قال الحافظ الهيثمي : " 14334 - وَعَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قِيلَ لَعَلِيٍّ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: «مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْتَخْلِفُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ. " اهـ .[639]

, وفي هؤلاء الذين اختاروا ابا بكر رضي الله عنه الكثير ممن بقي بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم من السابقين الاولين من المهاجرين والانصار , قال الله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) : التوبة } , فكانت طريقتهم رضي الله عنهم باختيار اهل الحل , والعقد للخليفة , , وكل هذا تم في سقيفة بني ساعدة , وهذه الطريقة هي الطريقة المرضية عند الله تعالى , فخلافة ابي بكر كانت من اهل الحل , والعقد بعمومهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم , واما خلافة امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فقد كانت باختيار الستة اهل الشورى الذين عينهم امير المؤمنين عمر رضي الله عنه , واما خلافة امير المؤمنين علي رضي الله عنه فقد كانت باختيار عموم الصحابة الكرام رضي الله عنهم , وكل هذا حدث في عهد الخلفاء الراشدين الاربعة رضي الله عنهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه عند الامام ابي داود بسند صحيح كما قال العلامة الالباني : " فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " اهـ .[640]

ثانيا دليل الاستخلاف : ودليل ذلك فعل ابي بكر رضي الله عنه باستخلاف عمر رضي الله عنه بموافقة جميع الصحابة الكرام رضي الله عنهم , وقد انعقد الاجماع على ذلك , قال الامام النووي : " وَأَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ " اهـ .[641]

ثالثا دليل القهر , والغلبة : دليل ذلك ما جاء عند الامام البخاري من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لابي ذر رضي الله عنه : " «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» " اهـ .[642]

وفي مسند الامام احمد بسند صحيح كما قال العلامة شعيب الارناؤوط من حديث أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال في حجة الوداع : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " اهـ .[643]

فاقول ان كل الادلة التي ذكرناها قائمة على الكتاب , والسنة , اي بتوجيه من الشارع الحكيم في طرق انعقاد الامامة عند اهل السنة والجماعة , وقد صرح العلماء بهذه الطرق الشرعية في انعقاد الامامة , حيث قال الامام يحيى بن ابي الخير العمراني الشافعي : " ونصب الإمام في وقتنا حق واجب فمن وجدت فيه شروط الإمامة وظهرت شوكته وقوي أمره وجبت طاعته ولا يجوز الخروج عليه بقول ولا فعل ، سواء كانت إمامته بعقد أهل الحل والعقد له ، أو باستخلاف إمام حق قبله له أو بغلبته بالسيف " اهـ .[644]

وقال الامام النووي : " وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ، أَحَدُهَا: الْبَيْعَةُ، كَمَا بَايَعَتِ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ........

الطَّرِيقُ الثَّانِي: اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ مِنْ قَبْلُ، وَعَهْدُهُ إِلَيْهِ، كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ .......

وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثُ، فَهُوَ الْقَهْرُ وَالِاسْتِيلَاءُ، فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ، فَتَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ مَنْ جَمَعَ شَرَائِطَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ وَلَا بَيْعَةٍ، وَقَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ، انْعَقَدَتْ خِلَافَتُهُ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ جَاهِلًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: انْعِقَادُهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ " اهـ .[645]

وقال الامام ابن عثيمين : " وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة:

الأول: النص عليه من الخليفة السابق، كما في خلافة عمر بن الخطاب فإنها بنص من أبي بكر رضي الله عنه.

الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد سواء كانوا معينين من الخليفة السابق كما في خلافة عثمان رضي الله عنه، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أم غير معينين كما في خلافة أبي بكر رضي الله عنه على أحد الأقوال، وكما في خلافة علي رضي الله عنه.

الثالث: القهر والغلبة كما في خلافة عبدالملك بن مروان حين قتل ابن الزبير وتمت الخلافة له " اهـ .[646]

وقال الامام النووي : " قَوْلُهُ (إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِلَى آخِرِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أجمعوا علىأن الْخَلِيفَةَ إِذَا حَضَرَتْهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَيَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَقَدِ اقْتَدَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا وَإِلَّا فَقَدِ اقْتَدَى بِأَبِي بَكْرٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ إِذَا لَمْ يَسْتَخْلِفِ الْخَلِيفَةُ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةِ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِالسِّتَّةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَصْبُ خَلِيفَةٍ وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ " اهـ .[647]

وقال الامام ابو الحسن الماوردي : "  وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ " اهـ .[648]

وقال العلامة البهوتي : " وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ الْعَطَّارِ : وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ إنْ يَبِيتَ وَلَا يَرَاهُ إمَامًا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا " اهـ .[649]

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " فمتى صَارَ قَادِرًا عَلَى سِيَاسَتِهِمْ بِطَاعَتِهِمْ أَوْ بِقَهْرِهِ، فَهُوَ ذُو سُلْطَانٍ مُطَاعٍ، إِذَا أَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ " اهـ .[650]

وقال الامام ابن قدامة المقدسي : " ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة، وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين " اهـ .[651]

وقال الامام ابن حجر : " قَالَ بن بَطَّالٍ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاءِ وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسَاعِدُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنَ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا " اهـ .[652]

{ مبدأ الشورى في الاسلام }

ان مبدا الشورى في الاسلام ثابت في القران والسنة , قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( 38 ) : الشورى } , قال العلامة ابن عاشور : " والأمر: اسم من أسماء الأجناس العامة مثل: شيء وحادث. وإضافة اسم الجنس قد تفيد العموم بمعونة المقام، أي جميع أمورهم متشاور فيها بينهم " اهـ .[653]

 فالشورى في كل شيء يتعلق باحوال الامة , ولهذا قال الامام ابن كثير في تفسير الاية المباركة : " {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} أَيْ: لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ، لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِمْ فِي مِثْلِ الْحُرُوبِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آلِ عمران: 159] ولهذا كان عليه الصلاة السلام، يُشَاوِرُهُمْ فِي الْحُرُوبِ وَنَحْوِهَا، لِيُطَيِّبَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُمْ. وَهَكَذَا لَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ حِينَ طُعِنَ، جَعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ شُورَى فِي سِتَّةِ نَفَرٍ، وَهُمْ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، " اهـ .[654]

بل ان الله تعالى قد امر نبيه صلى الله عليه واله وسلم ان يشاور الصحابة رضي الله عنهم مع انه مؤيد بالوحي , قال الله تعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) : ال عمران } , وذلك ليتأسى به من يأتي بعده , وذلك لان امر الامة لا يتعلق بشخص واحد , وانما يتعلق بها جميعا , والكل يعمل لنصرة الاسلام , وتقوية الدين , ولهذا نقول ان الشورى مبدأ معتمد عند اهل السنة والجماعة في اختيار الامام , وقد تم اختيار ابي بكر رضي الله عنه بعد كلام في السقيفة , وتشاور بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم , وكذلك كانت خلافة عمر رضي الله عنه باختيار من ابي بكر رضي الله عنه , واستشارة الصحابة الكرام , وكذلك خلافة امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بجعل الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه الامر شورى بين الستة المرضي عليهم رضوان الله عليهم ليختاروا من بينهم الاصلح للخلافة فكان الاختيار بعد مشاورة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه للمهاجرين , والانصار لامير المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنه  , وكذلك خلافة علي رضي الله عنه باختيار من كان موجودا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في المدينة المنورة .

{ تركت فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي }

قال الامام احمد : " 21578 - حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابُ اللهِ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " (1)

__________

( 1 ) حديث صحيح بشواهده دون قوله: "وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عَليَّ الحوضَ" وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك، وهو ابن عبد الله النخعي..... " اهـ .[655]

ولقد صحح الاثر الامام الالباني في صحيح الجامع , حيث جاء فيه : " 2457  - «إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض» .

(صحيح) ... [حم طب] عن زيد بن ثابت. الروض النضير 977، 978 " اهـ .[656]

يستشهد الامامية بهذا الاثر على ان الخلافة تكون في اهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم على اعتبار ان اسم الخليفة قد جاء في الاثر .

والجواب :

ان استدلال الامامية بهذا الاثر على الخلافة اوهن من بيت العنكبوت وانه لاوهن البيوت , وذلك لان مفهوم الاثر لا يسعف الامامية في شيء من عقائدهم الباطلة , فالعترة في اللغة لها مفهوم واسع , قال ابن دريد : " وعِتْرة الرجلُ : أهل بيته . وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه : " عليكُنَّ عِتْرةَ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " اهـ .[657]

وقال الفيومي : " (ع ت ر) : الْعِتْرَةُ نَسْلُ الْإِنْسَانِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ الْعِتْرَةَ وَلَدُ الرَّجُلِ وَذُرِّيَّتُهُ وَعَقِبُهُ مِنْ صُلْبِهِ وَلَا تَعْرِفُ الْعَرَبُ مِنْ الْعِتْرَةِ غَيْرَ ذَلِكَ وَيُقَالُ رَهْطُهُ الْأَدْنَوْنَ وَيُقَالُ أَقْرِبَاؤُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا وَبَيْضَتُهُ الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ الْعِتْرَةُ وَالرَّهْطُ بِمَعْنًى وَرَهْطُ الرَّجُلِ قَوْمُهُ وَقَبِيلَتُهُ الْأَقْرَبُونَ " اهـ .[658]

فالمعنى اللغوي للعترة لا يخدم الرافضة بشيء فيما يريدونه من الحديث , فلو حملنا العترة على اي مفهوم لغوي فلا يمكن ان يتناسب مع المعتقد الامامي , فلو قلنا مثلا : اقارب النبي صلى الله عليه واله وسلم من المؤمنين فلا يمكن ان نطبق الحديث عليهم وذلك لانهم كلهم يدخلون بمعنى الحديث ومن المستحيل ان يكونوا جميعا خلفاء , وكذلك يدخل في اقاربه صلى الله عليه واله وسلم النساء , فهل تكون المرأة خليفة عند الامامية ؟ !!! , وان حمله الامامية على الذرية فهو كارثة ايضا , وذلك لان علي رضي الله عنه ليس من ذرية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , بل ان من ذريته فاطمة , وزينب , ورقية , وام كلثوم رضي الله عنهن جميعا , فهل يقول الامامية بأن بنات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خلفاء ؟ !!! .

ولو قال الامامية ان معنى العترة ينطبق على حديث الكساء فنقول لهم هذه كارثة كبرى , وذلك لان فاطمة رضي الله عنها ليست خليفة , فيلزم الامامية القول بإمامة فاطمة رضي الله عنها , او اخراجها من العترة لانها ليست خليفة , فأي الامرين ياترى سيأخذ الامامية ؟ !!! .

فالمعنى اللغوي , وكذلك الشرعي لا يمكن ان يُحمل على مفهوم الامامية .

ومن المعلوم ان حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم محمول على الوصية بالقران الكريم , والعترة الطاهرة , فالنبي صلى الله عليه واله وسلم قد اطلق لفظ الخليفة على القران الكريم , ومن المعلوم ان الخليفة يخلف غيره , فمن هو السابق للقران كي يخلفه القران ؟ ! , ومن المعلوم ان الخليفة ليست له صلاحيات كاملة في عصر الخليفة الذي يسبقه , فهل كان القران الكريم معطل الصلاحية قبل اعلان النبي صلى الله عليه واله وسلم خلافته ؟ !!! .

ولو كان لفظ الاستخلاف يفيد منصب الخليفة فيلزم من هذا ان الامة كلها خلفاء على القران , واهل البيت بدليل ما رواه الامام الترمذي في سننه : " حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ

تحقيق الألباني : صحيح ، المشكاة ( 6144 ) ، الروض النضير ( 977 - 978 ) ، الصحيحة ( 4 / 356 - 357 ) " اهـ .[659]

ولا يمكن ان نفهم هذا الحديث لمجرد ورود كلمة تخلفوني فيهما اي تكونوا خلفاء عليهم .

بل ورد في القران الكريم ان الله تعالى قد جعل قوم عاد خلفاء , حيث قال سبحانه : { أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) : الاعراف } , فهل نصب الله تعالى قوم عاد خلفاء ؟ !!! , وقال تعالى مخاطبا الناس : { أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) : النمل } , فهل كان هؤلاء جميعا خلفاء بتنصيب الهي ؟ !!! .

ولقد ورد في كتب الامامية ان الإمارة لو كانت في احد فان الوصية لا تكون فيه , ففي نهج البلاغة : " ومن كلام له (عليه السلام) في معنى الانصار

قالوا: لمّا انتهت إلى أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنباء السقيفة  بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال (عليه السلام): ما قالت الانصار؟

قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير.

قال (عليه السلام): فَهَلاَّ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ: بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهمْ، وَيُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ؟

قالوا: وما في هذا من الحجّة عليهم؟

فقال (عليه السلام): لَوْ كَانَتِ الامارة فِيهمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ.

ثم قال: فَمَاذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ؟

قالوا: احتجت بأَنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله).

فقال (عليه السلام): احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الَّثمَرَةَ " اهـ .[660]

فقد اكد علي رضي الله عنه ان الامارة لو كانت في الانصار لم تكن الوصية بهم , ولقد ورد عند الامامية ان وصية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كانت بأهل البيت , والانصار , ففي امالي المفيد : ": أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا  جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن ابن الغسيل  قال: أخبرني عبد الرحمن بن خلاد الانصاري، عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس قال: إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقالوا: يا رسول الله هذه الانصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك. فقال: وما يبكيهم ؟ قالوا: يخافون أن تموت، قال: أعطوني أيديكم فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد، أيها الناس ! فما تنكرون من موت نبيكم ؟ ألم أنع  إليكم وتنع إليكم أنفسكم ؟ لو خلد أحد قبلي ثم بعث إليه لخلدت فيكم. ألا إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله تعالى بين أظهركم، تقرؤونه صباحا ومساء، فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا كما أمركم الله، وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي وأنا أوصيكم بهم، ثم أوصيكم بهذا الحي من الانصار ، فقد عرفتم بلاهم عند الله عزوجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار ، ويؤثروا وبهم الخصاصة ؟ فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الانصار، وليتجاوز عن مسيئهم ". وكان آخر مجلس جلسه حتى لقي الله عزوجل " اهـ .[661]

فهذه الرواية صريحة بالوصية بأهل البيت , والانصار على حد سواء , ولقد نفى علي رضي الله عنه في نهج البلاغة الامارة لمن تكون الوصية فيه , ومما يدل على ان مراد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الرعاية لاهل البيت والانصار قوله : (فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الانصار، وليتجاوز عن مسيئهم ) فلو كانت ولاية الامر لاهل البيت لاوصاهم بالانصار بدلا من ان يوصي غيرهم بهم .

واما لفظ (فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) فارجو قراءة موضوع كتاب الله وعترتي اهل بيتي في الكتاب فقد شرحته , وبينت فيه المفهوم الصحيح له من خلال كلام اهل العلم المعتبرين  , والله الموفق للصواب .

{ يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك }

يدعي الرافضة ان هذه الاية الكريمة المباركة نازلة في امر النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يبلغ الناس بامامة علي رضي الله عنه , فنقول ان هذا غير صحيح , وقد بين العلماء ان الاية عامة في كل ما انزل الله تعالى ولا علاقة لها بامامة علي رضي الله عنه ,  قال الامام الالباني : " 4922 - (نزلت هذه الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) ، يوم غدير (خم) في علي بن أبي طالب) .

موضوع

أخرجه الواحدي (ص 150) ، وابن عساكر (12/ 119/ 2) من طريق علي بن عابس عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه؛ عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيف مدلس.

وعلي بن عابس ضعيف أيضاً؛ بل قال ابن حبان (2/ 104-105) :

"فحش خطؤه، وكثر وهمه، فبطل الاحتجاج به. قال ابن معين: ليس بشيء".

قلت: فأحد هذين هو الآفة؛ فقد ثبت من طرق عن عائشة وأبي هريرة وجابر: أن الآية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة، فراجع "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2489) .

ولعل تعصيب الآفة بابن عابس أولى؛ فقد روي - بإسناد آخر - عن عطية عن أبي سعيد ما يوافق الطرق المشار إليها، ولو أن في الطريق إليه متهماً، كما بينته في "الروض النضير" (989) !

وهذا الحديث الموضوع مما احتجت به الشيعة على إمامة علي رضي الله عنه، وهم يتفننون في ذلك؛ تارة بتأويل الآيات وتفسيرها بمعان لا يدل عليها شرع ولا عقل، وتارة بالاحتجاج بالأحاديث الواهية والموضوعة. ولا يكتفون بذلك؛ بل ويكذبون على أهل السنة بمختلف الأكاذيب؛ فتارة يعزون حديثهم إلى "أصحاب السنن" - وهم: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه؛ كما تقدم -، ولا يكون الحديث رواه أحدهم! كما صنع المدعو عبد الحسين الشيعي في الحديثين المتقدمين (4889،4951) . وقد يضمون إلى ذلك كذبة أخرى؛ فيسمون "السنن" بـ: "الصحاح"؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبل هذا.

وللعبد هذا أكاذيب أخرى متنوعة سبق التنبيه على بعضها تحت الحديث (4892)  ........ " اهـ .[662]

واما سبب نزول الاية الكريمة فقد قال الامام الالباني : " 2489 - " كان يحرس حتى نزلت هذه الآية : *( و الله يعصمك من الناس )* ، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة ، فقال لهم : يا أيها الناس ! انصرفوا فقد عصمني الله " .

[1] المائدة : الآية : 67 .

أخرجه الترمذي ( 2 / 175 ) و ابن جرير ( 6 / 199 ) و الحاكم ( 2 / 313 ) من طريق الحارث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت : فذكره . و قال الترمذي : " حديث غريب " و روى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس ... و لم يذكروا فيه : عن عائشة " . قلت : و هذا أصح ، لأن الحارث بن عبيد - و هو أبو قدامة الإيادي - فيه ضعف من قبل حفظه ، أشار إليه الحافظ بقوله : " صدوق يخطىء " . وقد خالفه بعض الذين أشار إليهم الترمذي ، و منهم إسماعيل بن علية الثقة الحافظ ، رواه ابن جرير بإسنادين عنه عن الجريري به مرسلا . قلت : فهو صحيح مرسلا ، وأما قول الحاكم عقب المسند عن عائشة : " صحيح الإسناد " ، فمردود لما ذكرنا ، وإن تابعه الذهبي . نعم الحديث صحيح ، فإن له شاهدا من حديث أبي هريرة قال : "

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا نظروا أعظم شجرة يرونها

،فجعلوها للنبي صلى الله عليه وسلم ، فينزل تحتها ، و ينزل أصحابه بعد ذلك في ظل الشجر ، فبينما هو نازل تحت شجرة - و قد علق السيف عليها - إذ جاء أعرابي فأخذ السيف من الشجرة ، ثم دنا من النبي صلى الله عليه وسلم و هو نائم ، فأيقظه ، فقال : يا محمد ! من يمنعك مني الليلة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله . فأنزل الله : *( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس ) ! الآية " . أخرجه ابن حبان في ( صحيحه - 1739 موارد ) ، و ابن مردويه كما في ابن كثير ( 6 / 198 ) من طريقين عن حماد بن سلمة حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه . قلت : و هذا إسناد حسن . وذكر له ابن كثير شاهدا ثانيا من حديث جابر . رواه ابن أبي حاتم . و له شاهدان آخران عن سعيد بن جبير و محمد بن كعب القرظي مرسلا . و اعلم أن الشيعة يزعمون - خلافا للأحاديث المتقدمة - أن الآية المذكورة نزلت يوم غدير ( خم ) في علي رضي الله عنه ، و يذكرون في ذلك روايات عديدة مراسيل و معاضيل أكثرها ، و منها عن أبي سعيد الخدري ، و لا يصح عنه كما حققته في " الضعيفة " ( 4922 ) ، والروايات الأخرى أشار إليها عبد الحسين الشيعي في " مراجعاته " ( ص 38 ) دون أي تحقيق في أسانيدها كما هي عادته في كل أحاديث كتابه ، لأن غايته حشد كل ما يشهد لمذهبه ، سواء صح أو لم يصح على قاعدتهم : " الغاية تبرر الوسيلة " ! فكن منه ومن رواياته على حذر ، و ليس هذا فقط ، بل هو يدلس على القراء - إن لم أقل يكذب عليهم - فإنه قال في المكان المشار إليه في تخريج أبي سعيد هذا المنكر ، بل الباطل : " أخرجه غير واحد من أصحاب السنن ، كالإمام الواحدي ... " ! و وجه كذبه أن المبتدئين في هذا العلم يعلمون أن الواحدي ليس من أصحاب السنن الأربعة ، و إنما هو مفسر ، يروي بأسانيده ما صح و ما لم يصح ، و حديث أبي سعيد هذا مما لا يصح ، فقد أخرجه من طريق فيه متروك شديد الضعف ، كما هو مبين في المكان المشار إليه من " الضعيفة " . و هذه من عادة الشيعة قديما و حديثا : أنهم يستحلون الكذب على أهل السنة ، عملا في كتبهم و خطبهم ، بعد أن صرحوا باستحلالهم للتقية ، كما صرح بذلك الخميني في كتابه " كشف الأسرار " ( ص 147 - 148 ) ، و ليس يخفى على أحد أن التقية أخت الكذب ، و لذلك قال أعرف الناس بهم ، شيخ الإسلام ابن تيمية : " الشيعة أكذب الطوائف " . و أنا شخصيا قد لمست كذبهم لمس اليد في بعض مؤلفيهم و بخاصة عبد الحسين هذا و الشاهد بين يديك ، فإنه فوق كذبته المذكورة ، أوهم القراء أن الحديث عند أهل السنة من المسلمات بسكوته عن علته و ادعائه كثرة طرقه ، فقد كان أصرح منه في الكذب الخميني ، فإنه صرح في الكتاب المذكور ( ص 149 ) أن آية العصمة نزلت يوم غدير خم بشأن إمامة علي بن أبي طالب باعتراف أهل السنة و اتفاق الشيعة ، كذا قال عامله الله بما يستحق ، وسأزيد هذا الأمر بيانا في " الضعيفة " إن شاء الله تعالى . المائدة : الآية : 67 . اهـ .[663]

قال الامام الطبري : " الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67] وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِإِبْلَاغِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى قَصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَذَكَرَ فِيهَا مَعَايِبَهُمْ وَخُبْثَ أَدْيَانِهِمْ وَاجتِرَاءَهُمْ عَلَى رَبِّهِمْ وَتَوَثُّبَهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وَتَبْدِيلَهُمْ كِتَابَهُ وَتَحْرِيفَهُمْ إِيَّاهُ وَرَدَاءَةَ مَطَاعِمِهِمْ وَمَآكِلِهِمْ؛ وَسَائِرِ الْمُشْرِكِينَ غَيْرِهِمْ , مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِيهِمْ مِنْ مَعَايِبِهِمْ وَالْأَزْرَاءِ عَلَيْهِمْ وَالتَّقْصِيرِ بِهِمْ وَالتَّهْجِينِ لَهُمْ , وَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ , وَأَنْ لَا يُشْعِرَ نَفْسَهُ حَذَرًا مِنْهُمْ أَنْ يُصِيبَهُ فِي نَفْسِهِ مَكْرُوهٌ , مَا قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ , وَلَا جَزَعًا مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَقِلَّةِ عَدَدِ مَنْ مَعَهُ , وَأَنْ لَا يَتَّقِيَ أَحَدًا فِي ذَاتِ اللَّهِ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَافِيهِ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ , وَدَافِعٌ عَنْهُ مَكْرُوهَ كُلِّ مَنْ يَتَّقِي مَكْرُوهَهُ. وأَعْلَمَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ إِنْ قَصَّرَ عَنْ إِبْلَاغِ شَيْءٍ مِمَّا أَنْزَلَ إِلَيْهِ إِلَيْهِمْ , فَهُوَ فِي تَرْكِهِ تَبْلِيغَ ذَلِكَ وَإِنْ قَلَّ مَا لَمْ يُبَلِّغْ مِنْهُ , فَهُوَ فِي عَظِيمِ مَا رَكِبَ بِذَلِكَ مِنَ الذَّنْبِ بِمَنْزِلَتِهِ لَوْ لَمْ يُبَلِّغْ مِنْ تَنْزِيلِهِ شَيْئًا " ......" اهـ .[664]

وقال الامام الشنقيطي : " قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْآيَةَ.

أَمَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالِامْتِثَالِ فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَقَوْلِهِ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [5 \ 3] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ [24 \ 54] ، وَقَوْلِهِ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ [51 \ 54] ، وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُمَ شَيْئًا، لَكَتَمَ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ [33 \ 37] ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَمَ حَرْفًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ الِافْتِرَاءَ عَلَى اللَّهِ، وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – " اهـ .[665]

وقال شيخ الاسلام : " وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْوَاعَ تَكْلِيمِهِ لِعِبَادِهِ فِي قَوْلِهِ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ التَّكْلِيمَ تَارَةً يَكُونُ وَحْيًا وَتَارَةً مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى وَتَارَةً يُرْسِلُ رَسُولًا فَيُوحِي الرَّسُولُ بِإِذْنِ اللَّهِ مَا يَشَاءُ وَقَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} فَإِذَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولًا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُكَلِّمُ بِهِ عِبَادَهُ فَيَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ وَيُنَبِّئُهُمْ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} وَإِنَّمَا نَبَّأَهُمْ بِوَاسِطَةِ الرَّسُولِ وَالرَّسُولُ مُبَلِّغٌ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} وَالرَّسُولُ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ. فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَ الْمُسْلِمِينَ: {لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَرُبَّ حَامِلٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ} " اهـ .[666]

وقال في منهاج السنة : " الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: أَنْتُمُ ادَّعَيْتُمْ أَنَّكُمْ أَثْبَتُّمْ إِمَامَتَهُ بِالْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ فِي ظَاهِرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا ; فَإِنَّهُ قَالَ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 67] . وَهَذَا اللَّفْظُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.

فَدَعْوَى الْمُدَّعَى أَنَّ إِمَامَةَ عَلِيٍّ هِيَ  مِمَّا بَلَّغَهَا، أَوْ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهَا، لَا تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ كَانَ ذَلِكَ إِثْبَاتًا بِالْخَبَرِ لَا بِالْقُرْآنِ. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى [أَنَّ] إِمَامَةَ عَلِيٍّ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، فَقَدِ افْتَرَى عَلَى الْقُرْآنِ، فَالْقُرْآنُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عُمُومًا وَلَا خُصُوصًا " اهـ .[667]

وقال ايضا : " وَأَيْضًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 67) فَضَمِنَ لَهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَعْصِمُهُ مِنَ النَّاسِ إِذَا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ لِيُؤَمِّنَهُ بِذَلِكَ مِنَ الْأَعْدَاءِ ; وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ يُحْرَسُ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَ ذَلِكَ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ تَمَامِ التَّبْلِيغِ، وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَمَّ التَّبْلِيغُ.

«وَقَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ "، وَقَالَ لَهُمْ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تَسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا إِلَى الْأَرْضِ  ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» "، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ  .

وَقَالَ: " «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» "  .

فَتَكُونُ الْعِصْمَةُ الْمَضْمُونَةُ مَوْجُودَةً وَقْتَ التَّبْلِيغِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ خَائِفًا مِنْ أَحَدٍ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْصَمَ مِنْهُ ، بَلْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَا حَوْلَهُمَا كُلُّهُمْ مُسْلِمِينَ مُنْقَادِينَ لَهُ لَيْسَ فِيهِمْ كَافِرٌ، وَالْمُنَافِقُونَ مَقْمُوعُونَ مُسِرُّونَ لِلنِّفَاقِ ، لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحَارِبُهُ، وَلَا مَنْ يَخَافُ الرَّسُولُ مِنْهُ فَلَا يُقَالُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 67) .

وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي جَرَى يَوْمَ الْغَدِيرِ لَمْ يَكُنْ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، كَالَّذِي بَلَّغَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الَّذِينَ حَجُّوا مَعَهُ - أَوْ أَكْثَرَهُمْ - لَمْ يَرْجِعُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلْ رَجَعَ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَهْلُ الطَّائِفِ إِلَى الطَّائِفِ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَهْلُ الْبَوَادِي الْقَرِيبَةِ مِنْ ذَاكَ إِلَى بَوَادِيهِمْ، وَإِنَّمَا رَجَعَ (مَعَهُ) . أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا.

فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ يَوْمَ الْغَدِيرِ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ كَالَّذِي بَلَّغَهُ فِي الْحَجِّ، لَبَلَّغَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا بَلَّغَ غَيْرَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِمَامَةً وَلَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ أَصْلًا، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ذَكَرَ إِمَامَةَ عَلِيٍّ، بَلْ وَلَا ذَكَرَ عَلِيًّا فِي شَيْءٍ مِنْ خُطْبَتِهِ ، وَهُوَ الْمَجْمَعُ الْعَامُّ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ بِالتَّبْلِيغِ الْعَامِّ - عُلِمَ أَنَّ إِمَامَةَ عَلِيٍّ لَمْ تَكُنْ مِنَ الدِّينِ الَّذِي أَمَرَ بِتَبْلِيغِهِ ، بَلْ وَلَا حَدِيثُ الْمُوَالَاةِ ، وَحَدِيثُ الثَّقَلَيْنِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُذْكَرُ فِي إِمَامَتِهِ " اهـ .[668]

 

 

{ اضطراب ادلة التنصيب }

قال الكليني : " 2 -  عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ( عليه السلام ) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَ مَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ وَ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا وَ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ أَلَا وَ إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَ لَا يَحْمِلْ أَحَدَكُمْ اسْتِبْطَاءُ شَيْءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِغَيْرِ حِلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ " اهـ .[669]

وحديث الغدير بعد حجة الوداع , اي بعد اكمال النبي صلى الله عليه واله وسلم حجه , ورجوعه الى المدينة , فلو كانت امامة علي رضي الله عنه مما يقرب الى الجنة ويباعد من النار لذكره النبي صلى الله عليه واله وسلم في محفل الحج العظيم .

وقال الكليني : " مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَبَى وَ أَمْسَكَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَعْطَيْنَاكُمْ كُلَّمَا تُرِيدُونَ كَانَ شَرّاً لَكُمْ وَ أُخِذَ بِرَقَبَةِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) وَلَايَةُ اللَّهِ أَسَرَّهَا إِلَى جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) وَ أَسَرَّهَا جَبْرَئِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) وَ أَسَرَّهَا مُحَمَّدٌ إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) وَ أَسَرَّهَا عَلِيٌّ إِلَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تُذِيعُونَ ذَلِكَ مَنِ الَّذِي أَمْسَكَ حَرْفاً سَمِعَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مَالِكاً لِنَفْسِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ عَارِفاً بِأَهْلِ زَمَانِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تُذِيعُوا حَدِيثَنَا فَلَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْتَقِمُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ أَ مَا رَأَيْتَ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِآلِ بَرْمَكَ وَ مَا انْتَقَمَ اللَّهُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) وَ قَدْ كَانَ بَنُو الْأَشْعَثِ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ فَدَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِوَلَايَتِهِمْ لِأَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) وَ أَنْتُمْ بِالْعِرَاقِ تَرَوْنَ أَعْمَالَ هَؤُلَاءِ الْفَرَاعِنَةِ وَ مَا أَمْهَلَ اللَّهُ لَهُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَ لَا تَغْتَرُّوا بِمَنْ قَدْ أُمْهِلَ لَهُ فَكَأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكُمْ " اهـ .[670]

اين الوصية في الغدير ان كانت سرا بين الله , ورسوله , وعلي , ثم اسرار علي بها لمن يشاء ؟ !!! .

كيف تلزمون الامة بشيء سري ؟ !!! .

 

 

{ النبي يراجع ربه في التبليغ }

قال الكليني : " 4 - علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة " وفرض ولاية أولي الامر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة، والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس  " فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فنادى الصلاة جامعة  وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب. - قال عمر بن اذينة: قالوا جميعا غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا انزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض " اهـ .[671]

وقال المجلسي : " 58 – كشف اليقين: المظفر، عن محمد بن معمر، عن حمدان المعافى ، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده جعفر عليهم السلام قال: يوم غدير خم يوم شريف عظيم، أخذ الله الميثاق لأمير المؤمنين عليه السلام أمر محمدا صلى الله عليه وآله أن ينصبه للناس علما - وشرح الحال وقال ما هذا لفظه -: ثم هبط جبرئيل فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرهم من بعدك، وأكد ذلك في كتابه فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "  فقال: أي رب ومن ولي أمرهم بعدي ؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين ولم يعبد وثنا ولا أقسم بزلم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمامهم وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، فهو الكلمة التي ألزمتها المتقين والباب الذي أوتي منه، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي رب إني أخاف قريشا والناس على نفسي وعلى علي، فأنزل الله تبارك وتعالى وعيدا وتهديدا " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "  ثم ذكر صورة ما جرى بغدير خم من ولاية علي عليه السلام " اهـ .[672]

هل راجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه بوحي من الله تعالى , ام باجتهاد منه ؟ .

هل اخطأ النبي صلى الله عليه واله وسلم في مراجعته لله ام اصاب ؟ 

ان كان مصيبا فلماذا هدده الله ؟ ! .

{ واجبات الامام عند اهل السنة }

لقد بينت الشريعة واجبات الامام , ووظائفه تجاه الامة , وذلك لان لكل فرد في الامة حقوق , وعليه واجبات , وهذه الواجبات تنطبق على كل من يقود الامة الاسلامية من الانبياء صلوات الله عليهم , او من يقوم مقامهم في قيادة الامة , وذلك لان قيادة الامة تقوم على امرين يتحقق من خلالهما النجاح , والفلاح للمجتمع الاسلامي على مستوى الجماعات , والافراد .

 فواجبات , ووظائف , ومهمات الانبياء صلوات الله تعالى عليهم هي : تبيين , وتبليغ دين الله سبحانه وتعالى ,كما قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) : النحل } , وقوله تعالى : {  يا أيَّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من رَّبك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته ( 67 ) : المائدة } , وقوله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) : الانعام } ,

حتى لا يبقى لاحد اي عذر عند الله تعالى كما قال تعالى : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) : النساء } , ومن الواجبات كذلك تعليم الناس الكتاب , والحكمة , وتزكية نفوسهم اذا امتثلوا للشرع الالهي , فتصفوا , وتسموا , وترتفع الى اعلى المراتب , قال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) : الجمعة } , وكذلك الدعوة الى الله تعالى بالحكمة , والموعظة الحسنة كما قال تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125) : النحل } وفق المنهج الالهي , وكذلك استخدام كل الوسائل المشروعة التي شرعها الله تعالى للانبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه نصضرة للدين , والمحافظة على قوته , وهيبة الامة الاسلامية , كالجهاد في سبيل الله , واعداد العدة  كما قال تعالى : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) : الانفال } , والاستنفار للجهاد كما ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» " اهـ .[673]

ومقارعة اصحاب المناهج الوضعية الباطلة , بالادلة , والبراهين , والحجج الواضحة , كما قال الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) : البقرة } وقوله تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) : الفرقان } , والغاية من كل هذه الاشياء اخراج الناس من الظلمات الى النور باذن الله تعالى , وكذلك اقامة حجة الله تعالى على العباد في هذه الارض , وكذلك من وظائف الانبياء صلوات الله تعالى عليهم , ومن يقوم مقامهم في قيادة الامة الحكم بين الناس بما انزل الله تعالى , وعدم اتباع الهوى , كما قال تعالى : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ (49) : المائدة } , وقوله تعالى : { وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) : الشورى } , وقوله تعالى : { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)

: ص }  وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ .... " اهـ .[674]

ومن الواجبات ايضا المحافظة على الشرائع الالهية من التحريف , والتغيير , والطعن , واقامة الحدود , وسيرة النبي صلى الله عليه واله وسلم معروفة باقامة الحدود بعد ان كون الدولة الاسلامية في المدينة المنورة على ساكنها افضل الصلاة واتم السلام , وكل هذه الوظائف , والواجبات للانبياء تكون لمن يخلفهم في قيادة الامة , من الخلفاء , فكل خطاب خاطب الله تعالى به نبيه صلى الله عليه واله وسلم , فالخطاب يشمل جميع الامة الا اذا دل الدليل على تخصيص النبي صلى الله عليه واله وسلم , وقد ذكر علماء الاسلام هذه الواجبات والوظائف , وبينوا من خلالها , ما يلزم الامام , فقد قال الامام ابو الحسن الماوردي :  " وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ :

 أَحَدُهَا حِفْظُ الدِّينِ عَلَى أُصُولِهِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ ، فَإِنْ نَجَمَ مُبْتَدِعٌ أَوْ زَاغَ ذُو شُبْهَةٍ عَنْهُ أَوْضَحَ لَهُ الْحُجَّةَ وَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابَ وَأَخَذَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْحُدُودِ ، لِيَكُونَ الدِّينُ مَحْرُوسًا مِنْ خَلَلٍ وَالْأُمَّةُ مَمْنُوعَةً مِنْ زَلَلٍ .

الثَّانِي : تَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ وَقَطْعُ الْخِصَامِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ حَتَّى تَعُمَّ النَّصَفَةُ ، فَلَا يَتَعَدَّى ظَالِمٌ وَلَا يَضْعُفُ مَظْلُومٌ .

الثَّالِثُ : حِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنْ الْحَرِيمِ لِيَتَصَرَّفَ النَّاسُ فِي الْمَعَايِشِ وَيَنْتَشِرُوا فِي الْأَسْفَارِ آمِنِينَ مِنْ تَغْرِيرٍ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ .

وَالرَّابِعُ : إقَامَةُ الْحُدُودِ لِتُصَانَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الِانْتِهَاكِ وَتُحْفَظَ حُقُوقُ عِبَادِهِ مِنْ إتْلَافٍ وَاسْتِهْلَاكٍ .

وَالْخَامِسُ : تَحْصِينُ الثُّغُورِ بِالْعُدَّةِ الْمَانِعَةِ وَالْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ حَتَّى لَا تَظْفَرَ الْأَعْدَاءُ بِغِرَّةٍ يَنْتَهِكُونَ فِيهَا مُحَرَّمًا أَوْ يَسْفِكُونَ فِيهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ دَمًا .

وَالسَّادِسُ : جِهَادُ مَنْ عَانَدَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَدْخُلَ فِي الذِّمَّةِ لِيُقَامَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إظْهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ .

وَالسَّابِعُ : جِبَايَةُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ نَصًّا وَاجْتِهَادًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عَسْفٍ .

وَالثَّامِنُ : تَقْدِيرُ الْعَطَايَا وَمَا يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَدَفْعُهُ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ .

التَّاسِعُ : اسْتِكْفَاءُ الْأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ وَيَكِلُهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ ، لِتَكُونَ الْأَعْمَالُ بِالْكَفَاءَةِ مَضْبُوطَةً وَالْأَمْوَالُ بِالْأُمَنَاءِ مَحْفُوظَةً .

الْعَاشِرُ : أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ وَتَصَفُّحَ الْأَحْوَالِ ؛ لِيَنْهَضَ

بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْوِيضِ تَشَاغُلًا بِلَذَّةٍ أَوْ عِبَادَةٍ ، فَقَدْ يَخُونُ الْأَمِينُ وَيَغُشُّ النَّاصِحُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { يَا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتْبَعْ الْهَوَى فَيُضِلّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } .

فَلَمْ يَقْتَصِرْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَلَا عَذَرَهُ فِي الِاتِّبَاعِ حَتَّى وَصَفَهُ بِالضَّلَالِ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ بِحُكْمِ الدِّينِ وَمَنْصِبِ الْخِلَافَةِ فَهُوَ مِنْ حُقُوقِ السِّيَاسَةِ لِكُلِّ مُسْتَرْعٍ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ } " اهـ .[675]

وقال الامام ابو بكر الباقلاني : " والقسم الثالث: من الواجبات من فرائض السلطان دون سائر الرعية: نحو إقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وقبض الصدقات، وتولية الأمراء، والقضاة، والسعاة، والفصل بين المتخاصمين، وهذا وما يتصل به من فرائض الإمام وخلفائه على هذه الأعمال دون سائر الرعية والعوام " اهـ .[676]

وقال الامام ابو محمد بن حزم الظاهري : " قَالَ عَلِيٌّ: الإِمَامُ إنَّمَا جُعِلَ لِيُقِيمَ النَّاسُ الصَّلاَةَ وَيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ وَيُقِيمَ حُدُودَهُمْ " اهـ .[677]

وقال الدكتور وهبة الزحيلي : " نصرة المظلوم فردا أو جماعة من المؤمنين، أو إغاثة المستضعفين المسلمين، أو حماية الأقليات في بلاد أخرى من العسف وانتقاص الحقوق، وذلك عند القدرة والإمكان، قال الله عز وجل: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ، والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} [النساء:75/4] {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} [الأنفال:8/72] " اهـ .[678]

وقال الامام ابو حاتم محمد بن حبان البستي : " 4554 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: (من مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً)

[تعليق الشيخ الألباني] حسن ـ ((ظلال الْجَنَّةِ)) (1057).

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ) مَعْنَاهُ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ لَهُ إِمَامًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ قِوَامُ الْإِسْلَامِ بِهِ عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ مُقْتَنِعًا فِي الِانْقِيَادِ عَلَى مَنْ لَيْسَ نَعَتُهُ مَا وَصَفْنَا مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ إِمَامَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إِمَامَتَهُ أَوِ اعْتَقَدَ إِمَامًا غَيْرَهُ مُؤْثِرًا قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً " اهـ .[679]

لقد جعل الامام ابو حاتم ابن حبان رحمه الله بأن المراد من الامام في هذا الحديث الشريف هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم  , ولا يوجد عند اهل السنة مصطلح اسمه امام الزمان الذي يقول به الامامية , بل الموجود عند اهل السنة والجماعة وجود امام تكون له البيعة , ونسميه ولي الامر , او الخليفة , او الامام , او امير المؤمنين , او الحاكم , او السلطان , او غيرها من الالقاب التي يُسمى بها من يتولى امر المسلمين , قال الامام البخاري : "  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الجَعْدِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» " اهـ .[680]

فسماه النبي صلى الله عليه واله وسلم الامير , والسلطان بحديث واحد , وورد لفظ الخليفة بحديث اثنا عشر خليفة , وكل الالفاظ عليها ادلة شرعية .

وان قال البعض ان المراد بالامام هو من يحكم الامة فنقول حمل الحديث على هذا الوجه صحيح ايضا , فاذا قال الرافضة لبعض اهل السنة ممن لا يرى ان رئيس بلده اماما شرعيا كبشار الاسد النصيري البعثي فيقول الرافضي للسني من امامك , والا مت ميتة جاهلية .

 فالجواب :

نقول ان من قواعد الشريعة عدم تكليف الانسان فوق طاقته فاذا انعدم وجود امام فلا حرج على المسلم , واضرب مثالا لهذا , فأقول لقد اوجب الله تعالى صلاة الجمعة على المسلم , قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) : الجمعة } , فالاية صريحة في وجوب صلاة الجمعة على المسلم , فاذا كان المسلم في مكان لا يوجد فيه مسجد , ولا اقامة جماعة , فهل يجب عليه ان يصلي الجمعة ولا يوجد مسجد لاقامتها , ولا جماعة ؟ !!! من المؤكد لا ومع هذا نقول ان وجوب الجمعة واجب عليه اذا كان هناك مسجد , وجماعة . , وكذلك نقول ان الله تعالى امر بغسل اليد في الوضوء , فاذا بُترت يد المسلم لمرض , او أي عارض , فهل يجب عليه غسل اليد المبتورة ؟ !, فلهذا نقول ان الحكم يدور مع العلة وجودا , وعدما , فمتى وُجِد الامام الذي يحكم بالشريعة فيجب على المسلم ان يبايعه , وان لم يوجد امام فلا اثم على المسلم .

ولقد جاء في حديث عند الامام مسلم يبين فيه النبي صلى الله عليه واله وسلم التعامل الشرعي مع الفتن بالاعتزال , ولو ان يعض بأصل شجرة , وهذا كناية عن الاعتزال للناس , والانفراد , قال الامام مسلم : " حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ»، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» " اهـ .[681]

فقد بين النبي صلى الله عليه واله وسلم ان عدم وجود امام لا يكون فيه اي ضرر على المسلم , بل امره بالاعتزال والموت لوحده .

قال العلامة علي القاري : " (قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ) أَيْ: مُتَّفِقَةٌ (وَلَا إِمَامٌ؟) أَيْ: أَمِيرٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ فَقْدَهُمَا أَوْ فَقْدَ أَحَدِهِمَا (قَالَ: " فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ") ، أَيِ: الْفِرَقُ الضَّالَّةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى خِلَافِ الْجَادَّةِ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " اهـ .[682]

واما الميتة الجاهلية في الحديث فليس معناها الكفر , وانما على حال من احوال اهل الجاهلية , وذلك لانهم لم يكونوا يجتمعون على امام انما كانوا متفرقين , قال الامام ابن حجر : " وَالْمُرَادُ بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ حَالَةُ الْمَوْتِ كَمَوْتِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى ضَلَالٍ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مُطَاعٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا بَلْ يَمُوتُ عَاصِيًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ مِثْلَ مَوْتِ الْجَاهِلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَاهِلِيَّةِ

التَّشْبِيهُ " اهـ .[683]

{ عدد الائمة عند الرافضة ثلاثة عشر وليس اثنا عشر }

في كتاب سليم بن قيس : " اختار الله محمدا وعليا والأئمة عليهم السلام حججا

ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منهم رجلين: أحدهما أنا فبعثني رسولا ونبيا، والآخر علي بن أبي طالب، وأوحى إلي أن أتخذه أخا وخليلا ووزيرا ووصيا وخليفة.

ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي، من والاه والاه الله ومن عاداه عاداه الله. لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. هو زر الأرض بعدي وسكنها، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى. ( يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).

ألا وإن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا اثني عشر وصيا  من أهل بيتي، فجعلهم خيار أمتي واحدا بعد واحد، مثل النجوم في السماء، كلما غاب نجم طلع نجم " اهـ .[684]

ان كلمة (( فاختار بعدنا )) اي النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلي رضي الله عنه (( اثني عشر وصيا )) واضحة جدا بان عدد الائمة ثلاثة عشر وليس اثنى عشر !!! , ويؤكد ذلك ما رواه الكليني في الكافي , حيث قال : " 17 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِنِّي وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا " اهـ .[685]

 ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِنِّي وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ )) فهذه الرواية صريحة جدا وموضحة على ان عدد الائمة ثلاثة عشر !!!.

وقال عباس القمي : " وروى الثقة الجليل علي بن محمد الخزاز القمي بسنده عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلت على الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام في مرضه الذي توفي فيه، وبين يديه طست يقذف عليه  الدم، ويخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية، فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك ؟ فقال: يا عبد الله بماذا أعالج الموت ؟ قلت: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * ، ثم التفت إلي، فقال: والله لقد عهد  إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله، إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي وفاطمة عليهما السلام، ما منا إلا مسموم أو مقتول " اهـ .[686]

 

- لقد تم الجزء الاول ولله الحمد والمنة -

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهارس

 

المقدمة ...............................................................................................2

فصول الكتاب   ....................................................................................  9

ذكر تصحيح بعض الكتب عند الامامية , وجعلها معتبرة ................................. 12

ما يتعلق بكتاب الكافي .......................................................................... 12

ما يتعلق بكتاب من لا يحضره الفقيه .........................................................14

ما يتعلق بالكتب الاربعة عند الامامية , الكافي , ومن لا يحضره الفقيه................ 15

, وتهذيب الاحكام , والاستبصار

ما يتعلق بنهج البلاغة ...........................................................................16

ما يتعلق بكتاب الاحتجاج للطبرسي .......................................................... 17

ما يتعلق بكتاب الانوار النعمانية  ..............................................................17

ما يتعلق بكتاب المقنع للصدوق .............................................................. 18

ما يتعلق بكتاب الجعفريات...................................................................... 19

ما يتعلق بعوالي اللئالي  ....................................................................... 21

ما يتعلق بكتاب مناقب ال ابي طالب .......................................................... 22

ما يتعلق بتفسير القمي ......................................................................... 23

ما يتعلق بتفسير العياشي ...................................................................... 25

ما يتعلق بكتاب النوادر لاحمد بن عيسى .................................................... 25

ونوادر ابن ابي عمير والمحاسن للبرقي وغيرها

 

الفصل الاول

الاسماء والصفات محدثة عند الامامية  ..................................................... 26

الفصل الثاني

الاسماء والصفات غير محدثة عند اهل السنة والجماعة .................................44

الاضافة على نوعين  ............................................................................46

الفصل الثالث

التوحيد وبعض ما ورد من غلو الرافضة بالآل ............................................ 57

حساب الخلائق عند الامامية الى علي ......................................................  57

علي صاحب الجنة والنار واليه عذاب اهل النار ........................................... 60

علي اصغر من الله تعالى بسنتين ............................................................. 61

الامام رب الارض عند الامامية ............................................................... 62

علي يحول رجلا الى غراب .................................................................... 69

زين العابدين خلق عليين ....................................................................... 71

زين العابدين اول من خلق الارض واخر من يهلكها   .................................... 72

, ويرد الشمس من مغربها الى مشرقها

الغلو في علي رضي الله عنه ووصفه بصفات الربوبية والالوهي........................72

خلق الله عليا من قدرته وعِزِّ جلاله  ......................................................... 75

خلق الله الائمة من نور عظمته   ..............................................................76

الزهراء رضي الله عنها كائن الهي جبروتي , وهي علة الايجاد........................ 77

المشرك من اشرك بولاية علي ................................................................ 80

الامام اله عند الرافضة  ........................................................................ 84

زيارة صفوان الجمال لعلي رضي الله عنه .................................................. 84

التجسيم عند الامامية  .........................................................................  87

هشام بن الحكم ينسب لاهل البيت ان الله جسم نوري صمدي ........................... 89

الامام الهادي يحذر من قول هشام بن الحكم ................................................ 90

وهشام بن سالم في الجسم والصورة

الامام موسى الكاظم يحذر من هشام بن الحكم ويستهجن كلامه .........................91

اعتراف الشريف المرتضى على بعض علماء الامامية ....................................92

القائلين بالمكان , والحركة , والانتقال لله تعالى

الشريف المرتضى يعترف بأن القميين ما عدا ابن بابويه مشبهة ...................... 95

الخوئي يعترف على صدر المتألهين الشيرازي بانه قائل بالجسم ...................... 95

محمد صادق الصدر يقول ان الله تعالى جزء ............................................... 96

اثبات روايات اليد عند الامامية مع القرائن على ان المراد بها الحقيقة ............... 97

اليمين والشمال لله تعالى ....................................................................... 98

اثبات اليمين لله تعالى ........................................................................... 99

كلتا يدي الله تعالى يمين ...................................................................... 101

الله تعالى يخاصر المؤمن يوم القيامة ...................................................... 104

علو الله وارتفاع مكانه .........................................................................105

الله تعالى فوق العرش ........................................................................ 108

قول صدر المتألهين في رؤية الله ومعناه ..................................................110

 

اثبات الصوت لله والنفخ ...................................................................... 111

نزول الله تعالى ................................................................................. 112

الله تعالى يضع يده على رأس الحسين ......................................................115

الله تعالى يزور الحسين ويقعد معه ......................................................... 117

الله عز وجل في كل مكان ..................................................................... 118

تقسيم التوحيد عند الامامية.................................................................  120

ادلة اهل السنة على تقسيم التوحيد ........................................................ 130

الفصل الرابع

التوسل والوسيلة .............................................................................. 140

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ....................................... 142

التوسل المشروع والتوسل الممنوع........................................................ 146

التوسل بجاه النبي صلى الله عليه واله وسلم ............................................ 154

حديث الاعمى .................................................................................. 156

ضعف اثر استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما عند الحاكم .......................161

ضعف اثر استسق لامتك ......................................................................164

اسئلك بحق السائلين .......................................................................... 171

وسيلتك ووسيلة ابيك ادم .................................................................... 176

بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله

قول الرجل بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم ....................................181

يامحمد اني اتوجه بك الى ربي فتقضي لي حاجتي

ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول..............187

خدرت رجل ابن عمر فقيل له اذكر احب الخلق اليك فقال يامحمد .....................191

دفن فاطمة بنت اسد بحق نبيك والانبياء ............................................... 195

اثر تبرك الشافعي بأبي حنيفة ............................................................... 197

الفصل الخامس

الامامة ........................................................................................... 200

تعريف الامامة عند الامامية  .................................................................200

الامامة واجبة عقلا ............................................................................ 201

غير الامامية ليسوا بمؤمنين .................................................................202

الامامة هي الفارق الرئيسي بين الامامية وباقي فرق المسلمين ......................206

روايات الامامة في القوة تعادل روايات التحريف ....................................... 206

الامامة لطف .................................................................................... 207

اللطف واجب على الله تعالى عند الامامية ................................................ 209

نقد القول باللطف ووجوبه على الله تعالى .................................................211

بطلان النصوص الواردة في تسمية الائمة ............................................... 230

المعصوم يطلب الامامة لابنه الغير معصوم ................................................254

الامام لا يمضي حتى يعرف من يكون بعده ............................................... 258

الاختلاف بين الشيعة بعد موت الكثير من الائمة ,  ..................................... 262

وعدم معرفة كبار الشيعة لاسماء الائمة

واجبات الامام .................................................................................  295

نقض استدلال الرافضة بحديث الاثنا عشر خليفة ....................................... 340

انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا  ...................................................... 361

نقض روايات تصدق علي رضي الله عنه ..................................................383

في اثناء الركوع في كتب الرافضة

معنى وهم راكعون .............................................................................393

من كنت مولاه فهذا علي مولاه ............................................................. 395

انت مني بمنزلة هارون من موسى ........................................................ 416

اشتراك علي رضي الله عنه في الاستخلاف على المدينة................................418

عدم تحقق جميع المنازل في علي رضي الله عنه........................................ 426

شرح العلماء لحديث المنزلة .................................................................430

علي رضي الله عنه يختار الوزارة على الامارة .......................................... 433

يوم ندعوا كل اناس بامامهم ..................................................................434

ائمة الشيعة في عصر الغيبة علمائهم...................................................... 435

الامام في عهد رسول الله.......................................................................436

صلى الله عليه واله وسلم هو علي رضي الله عنه

الامامة افضل واشرف من النبوة عند الرافضة........................................... 439

المعنى المراد من قوله تعالى .................................................................440

يوم ندعو كل اناس بامامهم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ................................................................443

وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

كلمة منكم في الاية الكريمة المباركة........................................................446

الفرق بين الرسول وأولي الامر .............................................................446

طاعة ولاة الامر مقيدة بطاعتهم لله والرسول .............................................448

فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول............................................452

 ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر

وقوع التنازع مع ولي الامر المعصوم عند الامامية......................................454

تحريف قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا...................................................456

 اطيعوا الله واطيعوا الرسول عند الامامية

يلزم من تفسير الرافضة للاية نسبة الظلم لله تعالى.......................................457

 

إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ..................................................................463

الفصل السادس

مفهوم الامامة وما يتعلق بها بشكل عام عند اهل السنة.................................473

تعريف الامامة لغة واصطلاحا عند اهل السنة ............................................473

الترادف بين لفظ الخلافة , والامامة , وامارة المؤمنين .................................476

وجوب الامامة والادلة على ذلك..............................................................477

كيف تنعقد الامامة عند اهل السنة والجماعة والادلة على ذلك.........................484

مبدأ الشورى في الاسلام ......................................................................491

تركت فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي.......................................................492

يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك...................................................499

اضطراب ادلة التنصيب.........................................................................510

النبي يراجع ربه في التبليغ....................................................................512

واجبات الامام عند اهل السنة.................................................................514

عدد الائمة عند الرافضة ثلاثة عشر وليس اثنى عشر..................................525

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1  وسائل الشيعة  - الحر العاملي  ج 30  ص 195 197 .

 

2  خاتمة المستدرك النوري الطبرسي  ج 3  ص 463 .

 

3  من لا يحضره الفقيه - الصدوق  ج 1 ص 2 3 .

 

4  خاتمة المستدرك النوري الطبرسي  ج 4  ص 5 .

 

5  الوافي الفيض الكاشاني ج 1 ص 24 .

 

6  الوهابية والتوحيد  علي الكوراني العاملي  ص 278 .

 

7  أعيان الشيعة محسن الامين  ج 1 ص 79 .

 

8  أعيان الشيعة  محسن الأمين  ج 1  ص 79 .

 

9  وسائل الشيعة  - الحر العاملي  ج 30 ص 201 202 .

 

10  الانوار النعمانية نعمة الله الجزائري ج 1 ص 11 .

 

11  المقنع  الصدوق  ص 5 .

 

12  خاتمة المستدرك  الميرزا النوري  ج 1  ص 189 190 .

 

13  خاتمة المستدرك  الميرزا النوري  ج 1 ص 15 .

 

14  خاتمة المستدرك  الميرزا النوري  ج 1 ص 28 29 .

 

15  عوالي اللئالي  ابن أبي جمهور الأحسائي  ج 1  ص 13 14 .

 

16  مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 1 ص 14 15 .

 

17  معجم رجال الحديث  الخوئي ج 1 ص49 50 .

 

18  تفسير العياشي  المقدمة للسيد محمد حسين الطباطبائي  ج 1 ص 3 5 .

 

19  وسائل الشيعة  الحر العاملي  ج 30 ص 193 194 .

 

20  الكافي  الكليني  ج 1  ص 112 .

 

21  التوحيد  الصدوق  ص 190 192 .

 

22  الكافي  الكليني  ج 1 ص 113  .

 

23  شرح أصول الكافي  محمد صالح المازندراني  ج 3 ص 296 .

 

24  الكافي الكليني  ج 4 ص 452 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن كالصحيح ج 18 ص 103 , وصححها ايضا محمد تقي المجلسي في روضة المتقين ج 5 ص 335 .

 

25  الكافي الكليني ج 1 ص 114 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن ج 2 ص 39 .

 

26  صريح السنة محمد بن جرير الطبري - ج 1 ص 17 .

 

27  شرح العقيدة الطحاوية  ابن أبي العز الحنفي - ج 1  ص 49 .

 

28  الكافي الكليني ج 1 ص 87  88 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 1 ص 306 .

 

29  الكافي الكليني ج 1 ص 88 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 1 ص 308 .

 

30  الكافي الكليني ج 1 ص 110 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 2 ص 22 .

 

31  موسوعة أحاديث أهل البيت  الشيخ هادي النجفي  ج 2  ص 210 .

 

32  التوحيد  الصدوق  ص 337 338 .

 

33  عدة الأصول  - الطوسي  ج 1  ص 33 34 .

 

34  الكافي الكليني ج 1 ص 110 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن ج 2 ص 18 .

 

35  الاعتقادات في دين الإمامية  الصدوق  ص 27 .

 

36  تصحيح اعتقادات الإمامية  المفيد  ص 41 .

 

37  معاني الأخبار  الصدوق  ص 354 .

 

 

38  صحيح البخاري  بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى  ج 9 ص 115 , وصحيح مسلم  بَابُ فَضْلِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ج 1 ص 557 .

 

39  الجواب الصحيح شيخ الاسلام ابن تيمية  ج 2  ص 155 157 .

 

40  العقيدة الأصفهانية احمد بن عبد الحيم بن تيمية  ج 1  ص 95 .

 

41 -البحر المحيط  أبو حيان محمد بن يوسف النحوي الأندلس  ج 6 ص 130 .

 

42 -شرح العقيدة الواسطية محمد صالح العثيمين - ص 140 .

 

43  شرح العقيدة الواسطية  عبد الله بن محمد الغنيمان  ج 1  ص 11 .

 

44  رسالة القيرواني عبد الله بن ابي زيد القيرواني - ص 6 .

 

45  اعتقاد أهل السنة  أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي - ج 2 ص 238 239 .

 

46  اعتقاد أهل السنة  أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي - ج 2 ص 236 .

 

47  اعتقاد أهل السنة  أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي - ج 2 ص 239 240 .

48  الشريعة ابو بكر محمد بن الحسين الآجري - ج 1  ص 188 .

 

49  حلية الأولياء  أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني - ج 9  ص 197 .

 

50  اعتقاد أهل السنة  أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي - ج 2 ص 240 .

 

51  الإبانة ابو الحسن علي بن اسماعيل الأشعري - ص 71 .

 

52  نقض الدارمي عثمان بن سعيد الدارمي  ج 1  ص 163 .

 

53  الانتصار  يحيى بن أبي الخير العمراني  ج 2 ص 606 .

 

54  فتح الباري احمد بن علي بن حجر - ج 13  ص 378 .

 

55  المختصر في أصول الفقه ابن اللحام علي بن محمد البعلي الحنبلي  ص 48 .

 

56  شرح الفقه الاكبر ملا علي القاري الحنفي ص 87 .

 

57  كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 378 , و بحار الأنوار المجلسي  ج 22 ص147 148 .

 

58  التبيان  الطوسي  ج 10  ص 339 .

 

59  التبيان  الطوسي  ج 7  ص 254 .

 

60  مستدرك سفينة البحار  علي النمازي الشاهرودي  ج 2  ص 110 , ومختصر بصائر الدرجات  الحسن بن سليمان الحلي  ص 34 , وبحار الأنوار  المجلسي  ج 53  ص 47 , وغاية المرام  هاشم البحراني  ج 4  ص 124 , وإلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب  علي اليزدي الحائري  ج 2  ص  320 .

 

61  مصابيح الانوار  عبد الله شبر  ج 2 ص 319 .

 

62  بحار الأنوار  المجلسي  ج 7 ص 326 .

 

63  مصباح الهداية  الخميني  ص 154 155 .

 

64  مصباح الهداية  الخميني  ص 150 .

 

65  مصباح الهداية  الخميني  ص 153 .

 

66  التبيان  الشيخ الطوسي  ج 6  ص 258 .

 

67  تفسير الميزان  الطباطبائي  ج 11  ص 363 .

 

68  بحار الأنوار  المجلسي  ج 39 ص 200 .

 

69  العين  أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي ج 8 ص 73 .

 

70  مجمع النورين  الشيخ أبو الحسن المرندي  ص 186 187 .

 

71  مدينة المعاجز  هاشم البحراني  ج 4  ص 260 , ودلائل الامامة محمد بن جرير الطبري الشيعي ص 201 .

 

72  دلائل الامامة  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)  ص 199 200 , و مدينة المعاجز  هاشم البحراني  ج 4  ص 258 .

 

73  أعيان الشيعة  محسن الأمين  ج 2 ص 144 .

 

74  أعيان الشيعة  محسن الأمين  ج 2  ص 146 .

 

75  الأمالي  الطوسي  ص 706 708 .

 

76  روضة المتقين  محمد تقي المجلسي  ج 13 ص 222  223 .

 

77  الكافي  الكليني  ج 1 ص 98 , وقال المجلسي عن الرواية في مرىة العقول  صحيح  ج 1 ص 338 .

 

78  الكافي  الكليني  ج 1 ص 95 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول  مجهول او صحيح  ج 1 ص 327 .

 

79  الاسرار الفاطمية محمد فاضل المسعودي -  ص 354 355 .  

 

80  حوار مع فضل الله حول الزهراء  - هاشم الهاشمي  ص 95 .

 

81  الاسرار الفاطمية محمد فاضل المسعودي -  98 .  

 

82  كفاية المستزيد  صالح بن عبد العزيز ال الشيخ  ج 1 ص 21 22 .

 

83  الكافي الكليني  ج 1 ص 223  224 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن ج 3 ص 14 .

 

84  تفسير القمي  علي بن إبراهيم القمي - ج 2  ص 251 .

 

85  تفسير الصافي  الفيض الكاشاني ج 4 ص 328 .

 

86  الإمامة والتبصرة  ابن بابويه القمي  ص 91 .

 

87  بحار الأنوار  المجلسي  ج 23  ص 83 84 , وتفسير القمي  علي بن إبراهيم القمي  ج 2  ص 262 .

 

88  بحار الأنوار المجلسي  ج 23  ص 357 .

 

89  بحار الأنوار المجلسي  ج 97 ص 330 331 .

 

90  المزار الشهيد الاول  ص 45 47 .

 

91  التوحيد  الصدوق  ص  104 .

 

92  الكافي الكليني  ج 1 ص 104 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق ج 2 ص 1 .

 

93  التوحيد  الصدوق ص 97 .

 

94  التوحيد  الصدوق  ص 100 .

 

95  رسائل المرتضى الشريف المرتضى مجلد 3 ص 281

 

96  نظريات الخليفتين  نجاح الطائي  ج 1  ص 387 .

 

97  التوحيد  الصدوق  ص 97 .

 

98  التوحيد  الصدوق  ص 113 115 .

 

99  رسائل المرتضى  - الشريف المرتضى ج 3 ص 313 .

 

100  كتاب الطهارة  الخوئي  ج 2  شرح ص 78 .

 

101  مسائل وردود محمد صادق الصدر ج 3 ص 5 .

 

102  الكافي الكليني  ج 8 ص 89 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن ج 25 ص 202 .

 

103  الكافي الكليني  ج 4 ص 28 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 16 ص 155 .

 

104  لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور  ج 15  ص 419 .

 

105  الكافي الكليني  ج 2 ص 7 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن كالصحيح ج 7 ص 19 .

 

106  الكافي الكليني  ج 2 ص 172  173 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 9 ص 42 .

 

107  قرب الإسناد الحميري ص 56 61 .

 

108  روضة المتقين محمد تقي المجلسي - ج 13 ص 24  27 .

 

109  بحار الأنوار  المجلسي  ج 5 ص 237 238 .

 

110  المحاسن  أحمد بن محمد بن خالد البرقي  ج 1 ص 280 .

 

111  قرب الاسناد  الحميري القمي  ص 308 309 .

 

112  بحار الأنوار- المجلسي ج 7 ص 276 277 .

 

113  الكافي الكليني  ج 2 ص 137 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 8 ص 319 .

 

114  الكافي الكليني  ج 2 ص 602 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن , او موثق ج 12 ص 484 .

 

115  روضة المتقين محمد تقي المجلسي - ج 12 ص 127 .

 

116  الكافي الكليني  ج 1 ص 123 124  , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول مجهول كالصحيح ج 2 ص 61 .

 

117  تهذيب اللغة  محمد بن أحمد بن الأزهري ج 2 ص 247 .

 

118  الصحيفة السجادية باشراف الابطحي - الإمام زين العابدين  - ص 317 .

 

119  حوار مع فضل الله حول الزهراء  - هاشم الهاشمي  ص 217 , والمحاسن  أحمد بن محمد بن خالد البرقي  ج 1  ص 230 231 , وعلل الشرائع  الصدوق  ج 2  ص 395 .

 

120  وسائل الشيعة  الحر العاملي ج 16 ص198 .

 

121  ثواب الأعمال  الصدوق  ص 85 .

 

122  من لا يحضره الفقيه الصدوق ج 1 ص 420 421 .

 

123  تفسير القران الكريم محمد بن ابراهيم صدر الدين الشيرازي -   ص 74 .

 

124  الانوار النعمانية الجزائري  ج 4 ص 175 , وتفسير القمي علي بن ابراهيم القمي  ج 2  ص 252 253 .

 

125  رسائل المرتضى الشريف المرتضى  ج 4 ص 25 26 .

 

126  تهذيب الأحكام الطوسي ج 3 ص 3 .

 

127  روضة المتقين محمد تقي المجلسي - ج 5 ص 364 .

 

128  كامل الزيارات  جعفر بن محمد بن قولويه  ص 222 223 .

 

129  عوالي اللئالي  ابن أبي جمهور الأحسائي  ج 1 ص 118 119 .

 

130  مختصر البصائر  الحسن بن سليمان الحلى  ص 131 133 .

 

131  كامل الزيارات  ابن قولويه  ص141 142 .

 

132  الأصول الستة عشر عدة محثين اصل زيد النرسي ص 54 .

 

133  بصائر الدرجات  محمد بن الحسن الصفار  ص 446 .

 

134  مدينة المعاجز  هاشم البحراني ج 3 ص 463 464 .

 

135  علل الشرائع  الصدوق  ج 2  ص 344 , وتهذيب الأحكام  الطوسي  ج 2 ص 322 , وذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - الشهيد الأول  ج 3 ص 445 , والحبل المتين  محمد بن الحسين بن عبد الصمد البهائي العاملي - ص 260 .

 

136  ميزان الحكمة  محمد الريشهري  ج 3 ص 1925 .

 

137  عقائد السنة وعقائد الشيعة التقارب والتباعد  صالح الورداني  ص 16 17 .

 

138  تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي  ج 2  ص 2 5 .

 

139  حقائق الإيمان  الشهيد الثاني  ص 174 .

 

140  بحار الأنوار  المجلسي  ج 3 ص  209 .

 

141  بحار الأنوار  المجلسي  ج 1 ص 135 .

 

142  بحار الأنوار  المجلسي  ج 5  ص 221 .

 

143  الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ناصر مكارم الشيرازي - ج 13  ص 61 .

 

144  بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية  محسن الخزازي  ج 1 ص 53 54 .

 

145  رسائل ومقالات  جعفر السبحاني  ص 16 17 .

 

146  شرح رياض الصالحين محمد بن صالح عثيمين - ج 1 ص 1667 .

 

147  القول المفيد محمد بن صالح العثيمين ج 1 ص 12 .

 

148  لمسات بيانية  الدكتور فاضل صالح السامرائي  ج 1 ص 31 .

 

149- مناهل العرفان في علوم القرآن محمد عبد العظيم الزُّرْقاني - ج 2 ص 126 .

 

150  نظم الدرر  ابراهيم بن عمر بن حسن البقاعي الشافعي - ج 10 ص 76 .

 

151  الصفدية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 2  ص 229 .

 

152  درء تعارض العقل والنقل ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية  ج 5  ص 156 .

 

153  مجموع الفتاوى ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 10 ص 283 284 .

 

154  مدارج السالكينمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي ج 3 ص 471 .

 

155  روضة العقلاء ونزهة الفضلاء محمد بن حبان البستي - ج 1 ص 14 .

 

156  سراج الملوك أبو بكر محمد بن محمد ابن الوليد الطرطوشي المالكي  ص 1 .

 

157  الحجة في بيان المحجة إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي  الملقب بقوام السنة  ج 1 ص 122 124 .

 

158  الفقه الأبسط ابو حنيفة النعمان بن ثابت -  ص 135 .

 

159  متن الطحاوية بتعليق الألباني - أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي  ص 31 .

 

160  شرح العقيدة الطحاوية علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي  ج 1  ص 11 .

 

161  شرح العقيدة الطحاوية علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي  ج 1  ص 26 .

 

162  شرح العقيدة الطحاوية علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي  ج 1  ص 32 .

 

163  شرح العقيدة الطحاوية علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي  ج 1  ص 34 .

164  الصحاح في اللغة  - أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري ج 2 ص 279 .

 

165  التعريفات علي بن محمد بن علي الجرجاني  ج 1 ص 326 .

 

166  التعاريف محمد عبد الرؤوف المناوي ص 726 .

 

167  الكليات  أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي ص 1521 .

 

168  التوصل إلى حقيقة التوسل محمد نسيب الرفاعي -  ج 1 ص 20 .

 

169  اضواء البيان محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ج 1 ص 402 .

 

170  جامع المسائل ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 5 ص 121 .

 

171  مجموع الفتاوى ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 143 .

 

172  جوامع الجامع الطبرسي  ج 1 ص 496 .

 

173  تفسير غريب القرآن  فخر الدين الطريحي  ص 484 .

 

174  تفسير الميزان  الطباطبائي  ج 5 ص 328 .

 

175  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 1 ص215 216 .

 

176  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 3 ص 47 .

 

177  صحيح مسلم  بَابُ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ ج 1 ص 534 .

 

178  صحيح البخاري -  بَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ الأَجِيرُ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ المُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَاسْتَفْضَلَ ج 3 ص 93 .

 

179  صحيح البخاري  بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ ج 2 ص 12 .

 

180  التوسل انواعه واحكامه محمد ناصر الدين الالباني ص 26 .

 

181  فتاوى نور على الدرب محمد بن صالح العثيمين ج 20 ص 9 .

 

182  فتاوى اللجنة الدائمة  المجموعة الثانية  ج 1 ص 180 .

 

183  منهاج الفرقة الناجية  محمد جميل زينو ص 46 47 .

 

184  الفتاوى محمد بن عبد الوهاب - ج 1  ص 68 69 .

 

185  صحيح البخاري  بَابُ أَجْرِ الحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ ج 9 ص 108 .

 

186  مسند الامام احمد تحقيق شعيب الارناؤوط ج 28 ص 478 .

 

187  المستدرك على الصحيحين ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم  ج 1 ص 458 .

 

188 تاج العروس ابو الفيض محمد بن محمد الزبيدي ص 5348 .

 

189  تهذيب اللغة ابو منصور محمد بن أحمد الأزهري ج 1 ص 135 .

 

190  التوسل انواعه واحكامه محمد ناصر الدين الالباني  ج 1 ص 74 .

 

191  صحيح البخاري  بَابُ سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ الِاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا ج 2 ص 27 .

 

192  المستدرك على الصحيحين ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ج 3 ص 377 .

 

193  التوسل انواعه واحكامه محمد ناصر الدين الالباني ص 45 .

 

194  البدر المنير  سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي ج 5 ص 174 .

 

195  الضعفاء محمد بن اسماعيل البخاري ص 59 .

 

196 -  الضعفاء والمتروكون عبد الرحمن بن علي بن الجوزي  ج 1 ص 265 .

197  تقريب التهذيب احمد بن علي بن حجر - ج 1 ص 281 .

 

198 -التوسل احكامه وانواعه  - محمد ناصر الدين الالباني  ص  118 -  121 .

 

199  الكفاية ابو بكر احمد بن علي بن ثابت البغدادي ج 1 ص 362 .

 

200  صحيح ابن حبان محمد بن حبان البستي - ج 1 ص 161 .

 

201  النكت على كتاب ابن الصلاح احمد بن علي بن حجر  ج 2 ص 640 .

 

202  ميزان الاعتدال محمد بن احمد الذهبي -  ج 2 ص 224 .

 

203  معرفة علوم الحديث ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ص 33 35 .

 

204  تاريخ ابن معين رواية الدوري يحيى بن معين ج 3 ص 497 .

 

205  مسند الامام احمد تحقيق شعيب الارناؤوط ج 17 ص 247 248 .

 

206  عمل اليوم والليلة ابن السني أحمد بن محمد بن إسحاقص 75 .

 

207  سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة محمد ناصر الدين الالباني ج 13 ص 542 543 .

 

208  التوسل انواعه واحكامه محمد ناصر الدين الالباني ص 98  99 .

 

209  اقتضاء الصراط المستقيم احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 2 ص 323 .

 

210  مجموع الفتاوى  احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 208 .

 

211  مجموع الفتاوى  احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 27 ص 133 .

 

212  الشفا بتعريف حقوق المصطفى ابو الفضل عياض بن موسى اليحصبي ج 2 ص 40 41 .

 

213  مجموع الفتاوى احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 228 229 , وقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ج 1 ص 131  132 .

 

214  التاريخ الكبير محمد بن اسماعيل البخاري  ج 1 ص 69 .

 

215  المغني في الضعفاء ابو عبد الله محمد بن احمد الذهبي ج 2 ص 573 .

 

216  الصارم المنكي  شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي ص 36 37 .

 

217  المعجم الكبير ابو القاسم سليمان بن احمد الطبراني ج 9 ص 30 31 .

 

218  المعجم الصغير ابو القاسم سليمان بن احمد الطبراني ج 1 ص 306 .

 

219  التوسل أنواعه وأحكامه محمد ناصر الدين الالباني ص 84 89 .

 

220  تفسير الطبري محمد بن جرير الطبري ج 7 ص 198 .

 

221  تفسير جوامع الجامع  الطبرسي  ج 1  ص 413 .

 

222  الادب المفرد تحقيق محمد ناصر الدين الالباني ص 335 , وضعيف الادب المفرد  - محمد ناصر الدين الالباني ج 1 ص 127 .

 

223  الكلم الطيب احمد بن عبد الحليم بن تيمية ص 96 97 .

 

224  هذه مفاهيمنا  صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ ص 37 38 .

 

225  الرد على البكري احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 185 .

 

226  سلسلة الاحاديث الضعيفة محمد ناصر الدين الالباني  ج 1 ص 79 –  82 .  

 

227  تاريخ بغداد احمد بن علي بن ثابت البغدادي ج 1 ص 445 .

 

228  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة محمد ناصر الدين الالباني -  ج 1 ص 76 .

 

229  اغاثة اللهفان ابو عبد الله محمد بن ابي بكر بن قيم الجوزية ج 1 ص 218 .

 

230  شرح صحيح مسلم يحيى بن شرف النووي ج 7 ص 38 , والمجموع شرح المهذب  يحيى بن شرف النووي ج 5 ص 314 .

 

231  الام محمد بن ادريس الشافعي ج 1 ص 316 .

 

232  قواعد العقائد –  نصير الدين الطوسي ص 108 109 .

 

233  النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - الحلي  ص 93 .

 

234  عقائد الامامية محمد رضا المظفر ص 86 .

 

235  منتهى المطلب  الحلي  ج 1  ص 522 .

 

236  الحدائق الناظرة يوسف البحراني ج 18 ص 153 .

 

237  الدروس  الشهيد الأول  ج 2 ص 272 .

 

238  الحدائق الناضرة  البحراني  ج 22 ص 204 .

 

239  مناهج الأحكام  الميرزا القمي  ص 58 .

 

240  مصباح الفقاهة  الخوئي  ج 1 ص 503 504 .

 

241  - صراط النجاة  جواد التبريزي  ج 2 ص 438 .

 

242  الحدائق الناضرة  البحراني  ج 3  ص 405 406 .

 

243  مدارك الأحكام  محمد العاملي  ج 4  شرح ص 65 .

 

244  رسائل ومقالات  جعفر السبحاني  ص 242 .

 

245  مرآة العقول محمد باقر المجلسي ج 12 ص 525 .

 

246  أعيان الشيعة  محسن الأمين  ج 2 ص 49 .

 

247  الرسالة الماتعية مطبوعة مع المسلك في أصول الدين كلاهما لابي القاسم جعفر بن الحسن الحلي المتوفى في 676 هـ  - ص 306 .

 

248  شرح إحقاق الحق  المرعشي  ج 2 ص 292 293 .

 

249  النكت الاعتقادية المفيد ص45 .

 

250  كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد  - الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي  ص 492 .

 

251  الالفين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي -  ص 315 .

 

252  الشافي الشريف المرتضى  ج 1  ص 44 .

253  الرسالة الماتعية مطبوعة مع المسلك في أصول الدين كلاهما لابي القاسم جعفر بن الحسن الحلي المتوفى في 676 هـ  - ص 311 .

 

254  نضد القواعد الفقهية المقداد بن عبد الله السيوري الحلي - ص 81 .

 

255  مختصر التحفة الاثنى عشرية ابو المعالي محمود شكري الالوسي ص 99 .

 

256  صحيح مسلم  بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ ج 4 ص 1994 .

 

257  روضة المتقين محمد تقي المجلسي - ج 13 ص 160 .

 

258  غياث الأمم ابو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني - ص 25 .

 

259  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 8 ص 240 .

 

260  رجال الطوسي  الطوسي  ص 334 .

 

261  الفهرست الطوسي -  ص 119 120 .

 

262  معجم رجال الحديث الخوئي  ج 11 ص 131 132 .

 

263  مشرعة بحار الانوار محمد آصف محسني ج 2 ص 223  .

 

264  الكافي الكليني  ج 2 ص 19 21 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول - صحيح بسنديه ج 7 ص 108 .

 

265  الكافي الكليني  ج 5 ص 556 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 20 ص 407 .

 

266  الحدائق الناضرة يوسف البحراني ج 1 ص 5 .

 

267  الكافي الكليني  ج 1 ص 340 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول  موثق كالصحيح ج 4 ص 52 .

 

268  الغيبة  الطوسي  ص329 .

 

269  صحيح وضعيف سنن الترمذي محمد ناصر الدين الالباني ج 6 ص 182 .

 

270  عوائد الأيام  النراقي  ص 463 .

 

271  التوحيد  الصدوق  ص 392 -  393 , والخصال  الصدوق  ص 283 , ومن لا يحضره الفقيه - الصدوق  ج 3 ص 492 .

 

272  بحار الأنوار  المجلسي  ج 4 ص 122 .

 

273  غياث الأمم ابو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني  ص 26 .

 

274  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 132 133 .

 

275  الكافي الكليني  ج 2 ص 214 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول  حسن كالصحيح ج 9 ص 157 .

 

276  الكافي الكليني  ج 1 ص 154 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول  صحيح ج 2 ص 171 .

 

277  في تهذيب الأحكام  الطوسي  ج 7 ص 251 252 .

 

278  كتاب معرفة الحديث محمد باقر البهبودي -  ص 172 .

 

279  شرح أصول الكافي محمد صالح المازندراني  ج 11 ص 88 .

 

280  صراط النجاة  جواد التبريزي  ج 1  ص 447 448 .

 

281  رسائل ومقالات  جعفر السبحاني  ص 242 .

 

282  رسائل المرتضى  الشريف المرتضى  ج 1  ص 26 27 .

 

283  الفهرست  الطوسي  ص 32 .

 

284  رسائل المرتضى  - الشريف المرتضى ج 3 ص 310 .

 

285  اختيار معرفة الرجال  الطوسي  ج 1  ص 371 373 .

 

286  الكافي الكليني  ج 1 ص 397 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن موثق ج 4 ص 298 .

 

287  رجال النجاشي  النجاشي  ص 170 171 .

 

288  مستدركات علم رجال الحديث  علي النمازي الشاهرودي  ج 8  ص 420  .

 

289  الكافي الكليني ج 1 ص 351 352 .

 

290  الكافي الكليني  ج 3 ص 44 45 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول - حسن  - ج 13 ص 136 .

 

291  الكافي الكليني  ج 8 ص 231 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول  صحيح  - ج 26 ص 167 .

 

2292  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 9 ص 376 .

 

293  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 8 ص 301 .

 

294  دلائل الامامة  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 206 208 .

 

295  الإمامة والتبصرة  ابن بابويه القمي -  ص60 61 .

 

296  مختصر بصائر الدرجات  الحسن بن سليمان الحلي  ص 14 .

 

297  الخصال  الصدوق  ص 94 95 , والامالي الصدوق ص 166 .

 

298  بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار  ص99 .

 

299  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 2 ص 186 .

 

300  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 3 ص 22 .

 

301  بحار الانوار المجلسي ج 58 ص 187 188 .

 

302  بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار  ص492 .

 

303  بحار الأنوار  المجلسي ج 47 ص269 .

 

304  الغيبة  الطوسي  ص 82 83 .

 

305  الكافي الكليني  ج 1 ص 327 .

 

306  شرح أصول الكافي  محمد صالح المازندراني  ج 6 ص 222 .

 

307  الكافي الكليني  ج 1 ص 277 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 3 ص 182 .

 

308  الكافي الكليني  ج 1 ص 277 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 3 ص 182 .

 

309  الكافي الكليني  ج 1 ص 264 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح على الظاهر ج 3 ص 136 .

 

310  بصائر الدرجات  محمد بن الحسن الصفار - ص 338 339 .

 

311  مرآة العقول محمد باقر المجلسي -  ج3 ص 136 137 .

 

312  شرح أصول الكافي  محمد صالح المازندراني  ج 6 ص 49 .

 

313  الفوائد المدنية والشواهد المكية - محمد أمين الإسترآبادي العاملي  ص 43  .

 

314  فرق الشيعة  الحسن بن موسى النوبختي  ج 1  ص 58 –  59 .

 

315  رجال النجاشي  النجاشي  ص 294 .

 

316  الفهرست  الطوسي  ص 131 .

 

317  معجم رجال الحديث –  الخوئي  ج 8 ص 335 .

 

318  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 433 .

 

319  رجال النجاشي  النجاشي  ص 304 .

320  رجال النجاشي  النجاشي  ص 444 445 .

321  رجال الطوسي  الطوسي  ص 112.

 

322  رجال الطوسي  الطوسي  ص 131 .

 

323  رجال الطوسي  الطوسي  ص 184.

 

324  اختيار معرفة الرجال  الطوسي  ج 1  ص 377 .

 

325  رجال النجاشي  النجاشي  ص 94 .

 

326  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 3  ص 66 .

 

327  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 1 ص 41 .

 

328  فرق الشيعة النوبختي -  ج 1 ص 66 67 .

 

329  خلاصة الأقوال  الحلي ص 74 .

 

330  رجال ابن داود  ابن داوود الحلي  ص 247

 

331  اختيار معرفة الرجال  الشيخ الطوسي  ج 2 ص 476 .

 

332  اختيار معرفة الرجال  الطوسي  ج 2 ص 659 .

 

333  فرق الشيعة  الحسن بن موسى النوبختي -  ص 66 .

 

334  فرق الشيعة  الحسن بن موسى النوبختي  ص 77  78 .

 

335  رجال النجاشي  النجاشي  ص 257 258 .

 

336  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 12  ص 361 .

 

337  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 1  ص 41 .

 

338  الفهرست  الطوسي  ص 173 174 .

 

339  معجم رجال الحديث الخوئي -  ج 11 ص 131 132 .

 

340  قواعد الحديث  - محي الدين الموسوي الغريفي  -  ص 43 .

 

341  رجال النجاشي  النجاشي  ص 412 .

 

342  اختيار معرفة الرجال  الطوسي  ج 2  ص 835 .

 

343  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 609 .

 

344  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 19  ص 223 224 .

 

345  الكافي الكليني  ج 6 ص 86 .

 

346  الفهرست  الطوسي  ص 189 .

 

347  معجم رجال الحديث الخوئي -  ج 13 ص 278 .

 

348  الفهرست  الطوسي  ص 54 .

 

349  وسائل الشيعة  - الحر العاملي  ج 30 ص 306 .

 

350  وسائل الشيعة  - الحر العاملي  ج 30  ص 306 .

 

351  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 14  ص 113 114 .

 

352  فرق الشيعة النوبختي  ص 79 82 .

 

353  الفهرست  الطوسي  ص 40 .

 

354  رجال الطوسي  الطوسي  ص 332 .

 

355  رجال الطوسي  الطوسي  ص 351

 

356  رجال النجاشي  النجاشي  ص 71 .

 

357  الفهرست  الطوسي  ص 54 55 .

 

358  رجال الطوسي  الطوسي  ص 332 .

 

359  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 3 ص 200 .

 

360  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 22 ص 240 .

 

361  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 7 ص 303 .

 

362  رجال النجاشي  النجاشي  ص 75 .

 

363  رجال النجاشي  النجاشي  ص 74 .

 

364  رسالة في آل أعين - أبو غالب الزراري - ص 40 .

 

365  رجال النجاشي  النجاشي  ص 132 .

 

366  رجال النجاشي  النجاشي  ص 103 104 .

 

367  رجال النجاشي  النجاشي  ص 40 41 .

 

368  رجال الطوسي  الطوسي  ص 335 .

 

369  الفهرست  الشيخ الطوسي  ص 103 .

 

370  وسائل الشيعة  الحر العاملي  ج 30  ص 356 .

 

371  رجال الطوسي  الطوسي  ص 183 .

 

372  رجال الطوسي  الطوسي  ص 334 .

 

373  الفهرست الطوسي -  ص 119 120 .

 

374  رجال الطوسي  الطوسي  ص 334 .

 

375  رجال ابن داود ابن داود الحلي - ص 243 .

 

376  معجم رجال الحديث الخوئي ج 8 ص 102 .

 

377  رجال النجاشي  النجاشي  ص 176 .

 

378  الفهرست  الطوسي  ص 134 .

 

379  وسائل الشيعة  الحر العاملي  ج 30  ص 377 378 .

 

380  رجال النجاشي  النجاشي  ص 245 .

 

381  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 11 ص 71 .

 

382  الفهرست الطوسي ص 156 .

 

383  رجال النجاشي  النجاشي  ص 254 255 .

 

384  وسائل الشيعة  - الحر العاملي  ج 30 ص 446 .

 

385  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 505 .

 

386  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 3 ص 7 .

 

387  كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري  ص 281 282 .

 

388  عيون أخبار الرضا الصدوق ج 1 ص 63 67 .

 

389  مسند الإمام الرضا  - عزيز الله عطاردي - ج 1 ص 238 .

 

390  الغدير عبد الحسين احمد الأميني  ج 11  ص 6 .

 

391  زبدة الأصول  محمد صادق الروحاني  ج 3 ص 112 .

 

392  الإمام الحسين  سماته وسيرته  محمد رضا الجلالي  ص 99 .

 

393  قواعد العقائد –  نصير الدين الطوسي ص 108 109 .

 

394  عقائد الامامية محمد رضا المظفر - ص87 88 .

 

395  عقائد الامامية محمد رضا المظفر - ص87 88 .

 

396  أوائل المقالات  المفيد  ص 39 .

 

397  رسائل في الغيبة  الشيخ المفيد  ج 1  ص 14 .

 

398  المقنع في الغيبة  الشريف المرتضى  ص35 36 .

 

399  نهج البلاغة الشريف الرضي  ج 1 ص 202 .

 

400  الكافي الكليني  ج 1 ص 405 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول ضعيف على المشهور ج 4 ص 334 .

 

401  الكافي الكليني  ج 1 ص 405 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق ج 4 ص 335 .

 

402  الكافي الكليني  ج 1 ص 406 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة

العقول مجهول كالموثق ج 4 ص 337 .

 

403  شرح أصول الكافي  محمد صالح المازندراني  ج 7 ص 28 29 .

 

404  من لا يحضره الفقيه - الصدوق  ج 3  ص 31 32 .

 

405  وسائل الشيعة  الحر العاملي  ج 18 ص 335 .

 

406  تحرير الأحكام  الحلي  ج 1  ص 397 .

 

407  تحرير الأحكام  الحلي  ج 2  ص 255 .

 

408  تذكرة الفقهاء  الحلي  ج 5 ص 246 .

 

409  غنائم الأيام  الميرزا القمي  ج 4  ص 212 .

 

410  جواهر الكلام  الجواهري  ج 41 ص 364 365 .

 

411  الاستبصار  الطوسي  ج 4  ص 216 .

 

412  الكافي الكليني  ج 7 ص 184 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة

العقول موثق ج 23 ص 279 .

 

413  الكافي الكليني  ج 7 ص 184 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة

العقول موثق ج 23 ص 280 .

 

414  الخلاف  الطوسي  ج 5 ص 376 .

 

415  الوسيلة  ابن حمزة الطوسي  ص 412 .

 

416  قواعد الأحكام  الحلي  ج 3  ص 531 .

 

417  الكافي الكليني ج 2 ص 19  21 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح بسنديه ج 7 ص 108 .

 

418  الاستبصار -  الطوسي  ج 3 ص 142 .

 

419  روضة المتقين  محمد تقي المجلسي  ج 13 ص 241 , وبصائر الدرجات  محمد بن الحسن الصفار  ص 194 195 , والارشاد المفيد ج 2 ص 187 .

 

420  المسائل السروية  المفيد  ص 78 79 .

 

421  مرآة العقول  المجلسي  ج 3 ص 31  32 .

 

422  بحار الأنوار  المجلسي  ج 82  ص 65  66 .

 

423  الأنوار النعمانية  نعمة الله الجزائري  ج 2 ص 247 .

 

424  الأنوار النعمانية  نعمة الله الجزائري  ج 2 ص 248 .

 

425  تدوين القرآن  علي الكوراني العاملي  ص 354 .

 

426  الكافي الكليني ج 1 ص 183  184 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 2 ص 313 .

 

427  علل الشرائع  الصدوق  ج 1  ص 195 .

 

428  علل الشرائع  الصدوق  ج 1  ص 196 .

 

429  تفسير الميزان  الطباطبائي  ج 1 ص 278 279 .

 

430  تفسير مجمع البيان  الطبرسي  ج 1  ص 377 378 , وتفسير كنز الدقائق  الميرزا محمد المشهدي  ج 1  ص 333 334 .   

 

431  علل الشرائع  الصدوق ج 1 ص 84 (باب 78  علة الذنب وقبول التوبة) .

 

432  معاني الأخبار  الصدوق  ص 269 .

 

433  روضة المتقين محمد تقي المجلسي ج 12 ص 16 17.

 

434  الكافي الكليني ج 2  ص 289 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 10 ص 73 .

 

435  علل الشرائع للصدوق الجزء الأول ص 92 (باب 82 العلة التي من أجلها صار الناس يعقلون ولا يعلمون) .

 

 

436  علل الشرائع  الصدوق  ج 2  ص 379 381 .

 

437  علل الشرائع  - الصدوق ج 2 ص 436 .

 

438  روضة المتقين محمد تقي المجلسي ج 12 ص 16 17.

 

439  الكافي الكليني ج 2  ص 435 436 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن كالصحيح ج 11 ص 305 .

 

440  مرآة العقول محمد باقر المجلسي - ج11 ص 305 .

 

441  تفسير القمي  علي بن إبراهيم القمي - ج 2 ص 229 233 .

 

442  تفسير كنز الدقائق  الميرزا محمد المشهدي  ج 1 ص 329 330 .

 

443  التبيان  الطوسي  ج 1  ص 445 446 .

 

444  تفسير مجمع البيان  الطبرسي  ج 1  ص 373 374 .

 

445  الصحيح من السيرة  جعفر مرتضى  ج 2 ص 198 199 .

 

446  صحيح البخاري  كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ج 1 ص 7 .

 

447  فتح الباري احمد بن علي بن حجر - ج 1  ص 23 .

 

448  تفسير الرازي محمد بن عمر الرازي - ج 2 ص 327 .

 

449  نهج البلاغة  - الشريف الرضي  ج 1 ص 181 182 .

 

450  نهج البلاغة  - الشريف الرضي  ج 2 ص 184 .

 

451  موسوعة أحاديث أهل البيت  هادي النجفي  ج 1  ص 420 .

 

452  نهج البلاغة  - الشريف الرضي  ج 2 ص 222 .

 

453  صحيح البخاري  بَابُ الِاسْتِخْلاَفِ ج 9 ص 81 .

 

454  صحيح مسلم -  بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ، وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ ج 3 ص 1452 .

 

455  صحيح مسلم بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ-ج 3 ص 1452 .

 

456  صحيح مسلم -  بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ، وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ ج 3 ص 1452 .

 

457  صحيح مسلم -  بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ ج 3 ص 1452 .

 

458  صحيح مسلم -  بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ، وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ ج 3 ص 1452 .

 

459  الأمالي  الصدوق  ص387 .

 

460  الأمالي  الصدوق  ص387 388 .

 

461  الخصال  الصدوق  ص 473 .

 

462  الكافي  الكليني ج 8 ص 245 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن او موثق ج 26 ص 213 .

 

463  الكافي  الكليني ج 1 ص 413 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 5 ص 21 .

 

464  مرآة العقول محمد باقر المجلسي ج 5  ص 21 .

465  الكافي  الكليني ج 1 ص 340 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق كالصحيح ج 4 ص 52 .

 466  الغيبة الطوسي ص 329 .

 

467  الكافي  الكليني ج 1 ص 427 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول مجهول ورواه علي بن ابراهيم بسندين صحيحين - ج 5 ص 95 .

 

468  موسوعة أحاديث أهل البيت  هادي النجفي  ج 2 ص 226 .

 

469  الكافي  الكليني ج 7 ص 269 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح  ج 23 ص 418 .

 

470  الحدائق الناضرة يوسف البحراني ج 1 ص 5 .

 

471  الكافي  الكليني ج 2 ص 19  21 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح بسنديه  ج 7 ص 108 .

 

472  الكافي  الكليني ج 1 ص 336  337 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن  ج 4 ص 37 .

 

473  كتاب معرفة الحديث محمد باقر البهبودي -  ص 172 .

 

474  صراط النجاة جواد التبريزي ج  2 ص 452 453 .

 

475  دلائل الامامة  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 206 208 .

 

476  الإمامة والتبصرة  ابن بابويه القمي  ص60 61 .

 

477  مختصر بصائر الدرجات  الحسن بن سليمان الحلي  ص 14 .

 

478  معجم رجال الحديث  السيد الخوئي  ج 8  ص 240 .

 

479  رجال الطوسي  الطوسي  ص 334 .

 

480  الفهرست الطوسي -  ص 119 120 .

 

481  معجم رجال الحديث الخوئي  ج 11 ص 131 132 .

 

482  عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير احمد محمد شاكر ج 1 ص 701 .

483  عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير احمد محمد شاكر ج 1 ص 10 11 .

 

484  عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير احمد محمد شاكر ج 1 ص  11 .

 

485  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة - محمد ناصر الدين الالباني  ج 10 ص 582  583 .

 

486  المعجم الأوسط ابو القاسم سليمان بن احمد الطبراني - ج 6 ص 218 .

 

487  الجرح والتعديل ابو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم محمد الرازي  ج 3 ص 360 .

 

488  المجروحين ابو حاتم محمد بن حبان البستي ج 1 ص 284 285 .

 

489  تفسير ابن كثير ابو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير - ج 3 ص 138 .

 

490  المغني في الضعفاء محمد بن احمد الذهبي - ج 2 ص 686 .

 

491  تهذيب التهذيب احمد بن علي بن حجر - ج 4 ص 138.

 

492  التاريخ الصغير محمد بن اسماعيل البخاري ج 2 ص 130 .

 

493  الضعفاء والمتروكين احمد بن علي بن شعيب ص 226 .

 

494  معرفة علوم الحديث  ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم  ص 102 .

 

495  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة - محمد ناصر الدين الالباني  ج 10 ص 580  581 .

 

496  تفسير الطبري ابو جعفر محمد بن جرير الطبري ج 8 ص  529 .

 

497  التحرير والتنوير محمد الطاهر بن محمد بن عاشور التونسي ج 6 ص 240 .

 

498  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 2 ص 30 32 .

 

499  روح المعاني ابو الثناء شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي  ج 5 ص 29 30  .

 

500  لسان العرب  محمد بن مكرم بن على بن منظور الافريقي - ج 15 ص 409 .

 

501  التبيان  - الطوسي ج 1 ص 195 .

 

502  بحار الأنوار  المجلسي  ج 57  ص 167 .

 

503  الكافي مجلد 1 ص 288 289 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول ضعيف على المشهور ج 3 ص 249 .

 

504  الأمالي  الصدوق  ص 186 .

 

505  خلاصة الأقوال  الحلي  ص 390 391 .

 

506  معجم رجال الحديث  الخوئي  ج 15  ص 110 .

 

507  خلاصة الأقوال  الحلي  ص 348 .

 

508  دراسات في المكاسب المحرمة  حسين المنتظري  ج 2  شرح ص 188  .

 

509  دراسات في المكاسب المحرمة  الشيخ المنتظري  ج 2  شرح ص 588 .

 

510  فقه الصادق  - محمد صادق الروحاني  ج 17  شرح ص 140 .

 

511  الخصال  الصدوق  ص 572 580 .

 

512  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 50 .

 

513  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 91 .

 

514  المفيد من معجم رجال الحديث  محمد الجواهري  ص 94 .

 

515  مستدركات علم رجال الحديث  علي النمازي الشاهرودي  ج 4 ص 128 .

 

516  مستدركات علم رجال الحديث  علي النمازي الشاهرودي  ج 2 ص 93 .

 

517  عدم سهو النبي  المفيد  ص 22 .

 

518  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 5 ص 17 .

 

519  نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ص314 .

 

520  لسان العرب  محمد بن مكرم بن على بن منظور الإفريقى - ج 8 ص 133 .

 

521  لسان العرب  محمد بن مكرم بن على بن منظور الإفريقى - ج 8 ص 71 .

 

522  التبيان  الطوسي ج 2 ص 394 395 .

 

523  بحار الأنوار  المجلسي  ج 2  ص 237 238 .

 

524  الشافي الشريف المرتضى ج 2 ص67 .

 

525  رسائل الشريف المرتضى  - الشلايف المرتضى  ج 1 ص 339 .

 

526  قواعد العقائد –  نصير الدين الطوسي ص 110 .

 

527  مسند أحمد بن حنبل - تحقيق شعيب الارناؤوط  ج 38 ص 32 .

 

528  صحيح البخاري  بَابُ بَعْثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ  ج 5 ص 163 .

 

529  مسند أحمد بن حنبل - تحقيق شعيب الارناؤوط  ج 38 ص 65  67  .

 

530  النهاية في غريب الحديث والأثر - أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري -ج 5 ص 510 .

 

531  صحيح البخاري -  بَابُ ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ  ج 4 ص 181 , وصحيح مسلم  بَابُ مِنْ فَضَائِلِ غفَارَ،وَأَسْلَمَ،وَجُهَيْنَةَ، وأَشْجَعَ،وَمُزَيْنَةَ،وَتَمِيمٍ،وَدَوْسٍ،وَطَيِّئٍ  - ج 4 ص 1954 .

 

532  صحيح مسلم  - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ غِفَارَ،وَأَسْلَمَ،وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ،وَمُزَيْنَةَ،وَتَمِيمٍ،وَدَوْسٍ،وَطَيِّئٍ  - ج 4 ص 1954 .

 

533  شرح النووي على مسلم - ابو زكريا يحيى بن شرف النووي  ج 16 ص 74 .

 

534  شرح مشكل الآثار  أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي - ج 11 ص 48 .

 

535  تهذيب اللغة  أبو منصور محمد بن أحمد الازهري - ج 5 ص 204 .

 

536  التيسير بشرح الجامع الصغير  محمد عبد الرؤوف المناوي - ج 2 ص 442 .

 

537  مرقاة المفاتيح  علي بن سلطان محمد الهروي القاري - ج 9 ص  3944 .

 

538  تحفة الأحوذي  محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفورى - ج 10 ص 147 .

 

539  كتاب الكليات  أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي -  ص 1408 .

 

540  تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل - القاضي ابو بكر  محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني  ص 457 .

 

541  تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل - القاضي ابو بكر  محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني  ص 545 .

 

542  الاعتقاد للبيهقي  ابو بكر احمد بن الحسين البيهقي - ص  354  355 .

 

543  الغنية في أصول الدين  ابو سعيد عبد الرحمن بن محمد المتولي الشافعي  ص 182 .

 

544  تفسير السمعاني  أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني  ج 5 ص 130 .

 

545  منهاج السنة النبوية  ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية  ج 7 ص 323  325 .

 

546  صحيح البخاري  بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ ج 6 ص 12 .

 

547  السنة لعبد الله بن أحمد - تحقيق د. محمد بن سعيد بن سالم القحطاني  ج 2 ص  570 .

 

 

548  المستدرك على الصحيحين مع التلخيص للامام الذهبي - ابوعبد الله محمد بن عبد الله الحاكم  ج 3 ص 84 , ومسند البزار  أبو بكر أحمد بن عمرو البزار - ج 2 ص 186 .

 

549  مجمع الزوائد  أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي  - ج 9 ص 47 .

 

550  مسند البزار  أبو بكر أحمد بن عمرو البزار  ج 3 ص 92 .

 

551  مجمع الزوائد  أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي  - ج 9 ص 137 .

 

552  صحيح البخاري  بَابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ غَزْوَةُ العُسْرَةِ ج 6 ص 3 .

 

553  الأمالي  الطوسي  ص 306 307 .

 

554  معالم المدرستين  مرتضى العسكري  ج 1  ص 206 210 .

 

555  تفسير الميزان  الطباطبائي  ج 9  ص 173 .

 

556  سيرة ابن هشام ابو محمد عبد الملك بن هشام ج 2 ص 601 .

 

557  سيرة ابن هشام ابو محمد عبد الملك بن هشام ج 2 ص 515 .

 

558  التبيان  الطوسي  ج 5 ص 170 .

 

559  صحيح البخاري  بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا» - ج 5 ص 4 .

 

560  الكافي الكليني  ج 1 ص 457 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 5 ص 310 .

 

561  كمال الدين الصدوق ص 26 .

 

562  الكافي الكليني  ج 2 ص 382 383 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن كالصحيح ج 11 ص 106 .

563  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 15 ص 174 .

 

564  مختصر التحفة الاثنى عشرية ابو المعالي محمود شكري الالوسي ص 164 .

 

565  بحار الانوار المجلسي ج 13 ص 368 .

 

566  نهج البلاغة  - الشريف الرضي  ج 1 ص  182 .

 

567  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 2 ص 29 30 .

 

568  نهج البلاغة  الشريف الرضي ج 2 ص 18 .

 

469  مشرعة بحار الانوار محمد آصف محسني ج 1 ص 204  205 .

 

570  الاعتقادات في دين الإمامية  الشيخ الصدوق  ص 58 59 .

 

571  موسوعة أحاديث أهل البيت –  هادي النجفي  ج 6 ص 232 .

 

572  التفسير الامثل ناصر مكارم الشيرازي ج 1 ص 372 .

 

573  قصص الأنبياء  الجزائري  ص 9 .

 

574  تفسير ابن كثير ابو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير- ج 5 ص 98 99 .

 

575  نهج البلاغة الشريف الرضي  ج 1 ص 151 153 .

 

576  صحيح البخاري  بَابُ قَوْلِهِ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]: ذَوِي الأَمْرِ  - ج 6 ص 46 , وصحيح مسلم -  بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَتَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ  - ج 3 ص 1465 .

 

577  صحيح البخاري  بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ  - ج 9 ص 88 , وصحيح مسلم -  بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَتَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ  - ج 3 ص 1469 .

 

578  تفسير الطبري تحقيق العلامة احمد شاكر  ج 8 ص 497 .

 

579  إعلام الموقعين ابو عبد الله محمد بن ابي بكر بن قيم الجوزية -  ج 2 ص 239 .

 

580  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 12 ص 223 .

 

581  مجموع الفتاوى ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 20 ص 208 .

 

582 -صحيح البخاري  بَاب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ - ج 4 ص 49 .

 

583  صحيح البخاري  بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ  - ج 9 ص 88 , وصحيح مسلم -  بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَتَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ  - ج 3 ص 1469 .

 

584  مسند الامام احمد تحقيق شعيب الارناؤوط ج 2 ص 333 .

 

585  عين الحياة المجلسي ج 2 ص 272 .

 

586  نهج البلاغة الشريف الرضي  ج 3 ص 63 64 .

 

587  التوحيد  الصدوق  ص 285 286 , والإمامة والتبصرة  ابن بابويه القمي  ص 137 138 .

 

588  نهج البلاغة الشريف الرضي  ج 3 ص 63 64 .

 

589  إعلام الموقعين ابو عبد الله محمد بن ابي بكر بن قيم الجوزية -  ج 1 ص 39 .

 

590  نهج البلاغة الشريف الرضي  ج 2 ص 5 .

 

591  مجموع الفتاوى ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 32 ص 120 .

 

592  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 3 ص 387 .

 

593  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 3 ص 490 .

 

594  بحار الأنوار  المجلسي  ج 43  ص 146 .

 

595  بحار الأنوار  المجلسي  ج 41  ص 47 .

 

596  روضة المتقين محمد تقي المجلسي -  ج4 ص 166 .

 

597  مرآة العقول  المجلسي -  ج11 ص 244 .

 

598  الكافي  الكليني  ج 8 ص 184 185 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن ج 26 ص 77 .

 

599  مرآة العقول محمد باقر المجلسي ج 26 ص 77 .

 

600  مرآة العقول محمد باقر المجلسي ج 3 ص 181 .

 

601  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 87 88 .

 

602  الكافي  الكليني  ج 1 ص 427 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول ضعيف على المشهور بسنده الأول صحيح بسنده الثاني -  ج 5 ص 92 .

 

603  شرح اصول الكافي  - المازندراني -  ج 7  ص 98 .

 

604  النجم الثاقب النوري الطبرسي ج 1 ص 174 .

 

605  لكافي  الكليني  ج 1 ص 33 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق على الظاهر -  ج 4 ص 17 .

 

606  شرح أصول الكافي  محمد صالح المازندراني  ج 6 ص 236 .

 

607  كمال الدين وتمام النعمة  الصدوق  ص 516 .

 

608  الغيبة  الطوسي  ص329 .

609  الكافي  الكليني  ج 1 ص 340 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق كالصحيح -  ج 4 ص 52 .

 

610  علل الشرائع  الصدوق  ج 1 ص 243 244 .

 

611  أضواء البيان  محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الشنقيطي  ج 2 ص 223 .

 

612  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة  محمد ناصر الدين الالباني  ج 10  ص 535  540 .

 

613  فتح الباري  ابو الفضل احمد بن علي بن حجر  ج 8 ص 376 .

 

614  مقدمة ابن الصلاح  ابو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح - ص 38 .

 

615  لسان الميزان  ابو الفضل احمد بن علي بن حجر  ج 2 ص 199 .

 

616  لسان العرب ابو الفضل محمد بن مكرم بن على بن منظورج 12 ص 24  26 .

 

617  الأحكام السلطانية  أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الماوردي  ص 15 .

 

618  غياث الامام ابو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني ص22 .

 

619  الخلافة  محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين الحسيني ص 17 .

620  مقدمة ابن خلدون  عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر محمد بن خلدون -   ج 1 ص 96 .

 

621  المواقف  عبد الرحمن بن أحمد الإيجي ج 3 ص 574 .

 

622  المجموع شرح المهذب ابو زكريا يحيى بن شرف النووي -  ج 19 ص 191 .

 

623  روضة الطالبين ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 10 ص 49 .

 

624  الخلافة  محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين الحسيني ص 17 .

 

625  مقدمة ابن خلدون  عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر محمد بن خلدون -   ج 1 ص 97 .

 

626  تفسير ابن أبى حاتم - عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي  ج 4 ص 221 .

 

627  تفسير الطبري تحقيق الشيخ احمد محمد شاكر  ج 8  ص 497 .

628  تفسير الطبري ابو جعفر محمد بن جرير الطبري  ج 8 ص 502 .

 

629  صحيح مسلم  بَابُ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وتحذير الدعاة إلى الكفر ج 3 ص 1478 .

 

630  صحيح وضعيف سنن أبي داود محمد ناصر الدين الالباني  ج 6 ص 109 .

 

631  الفصل في الملل والاهواء والنحل - أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري ج 4 ص 72 .

 

632  مجموع الفتاوى ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 28  ص 64 65 .

 

633  السياسة الشرعية  ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ص 129 .

 

634  الأحكام السلطانية  أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الماوردي  ص 15 .

 

635  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي  ج 12  ص 205 .

 

636  روضة الطالبين  ابو زكريا يحيى بن شرف النووي  ج 10 ص 43 .

 

637  مقدمة ابن خلدون  عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر محمد بن خلدون -   ج 1 ص 98 .

 

638  تفسير القرطبي  أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي -  ج 1 ص 164 .

 

639  مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي ج 9 ص 47 , ومسند البزار ج 1 ص 115 , والمستدرك على الصحيحين ابو عبد الله محمد بن عبدالله الحاكم  ج 3 ص 84 .

 

640  صحيح وضعيف سنن أبي داود محمد ناصر الدين الالباني ج 10 ص 107 .

 

641  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 12 ص 205 .

 

642  صحيح البخاري  بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ ج 1 ص 141 .

 

643  مسند الامام احمد تحقيق شعيب الارناؤوط ج 45 ص 234 .

 

644  الانتصار  ابو الحسين يحيى بن أبي الخير العمراني - ج 1 ص 101 .

 

645  روضة الطالبين ابو زكريا يحيى بن شرف النووي -  ج 10 ص 43 46 .

 

646  شرح لمعة الاعتقاد محمد بن صالح العثيمين ص 53 54 .

 

647  شرح صحيح مسلم ابو زكريا يحيى بن شرف النووي ج 12 ص 205 .

 

648  الاحكام السلطانية ابو الحسن علي بن محمد الماوردي ص 30 .

 

649  شرح منتهى الإرادات  منصور بن يونس البهوتى الحنبلى - ج 11  ص 279 .

 

650  منهاج السنة النبوية ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 1 ص 529 .

 

651  لمعة الاعتقاد أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ص 40 .

 

652  فتح الباري احمد بن علي بن حجر ج 13 ص 7 .

 

653  التحرير والتنوير -  محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور  ج 25 ص 171 .

 

654  تفسير ابن كثير  أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير  - ج 7 ص 211 .

 

655  مسند الامام احمد تحقيق شعيب الارناؤوط ج 35 ص 456 .

 

656  صحيح الجامع محمد ناصر الدين الالباني ج 1 ص 482 .

 

657  الاشتقاق أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد –  ج 1 ص 280 .

 

658  المصباح المنير  ابو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي - ج2 ص 391 .

 

659  صحيح وضعيف سنن الترمذي محمد ناصر الدين الالباني  ج 8 ص 288 .

 

660  نهج البلاغة الشريف الرضي ج 1 ص 116 .

 

661  الأمالي  المفيد ص 46 47 .

 

662  سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة محمد ناصر الدين الالباني ج 10 ص 589 590 .

 

663  سلسلة الاحاديث الصحيحة محمد ناصر الدين الالباني  ج 5 ص 488 .

 

664  تفسير الطبري محمد بن جرير الطبري ج 8 ص 567 .

 

665  اضواء البيان محمد الامين الشنقيطي ج 1 ص 417 .

 

666  مجموع الفتاوى احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 12 ص 300 .

 

667  منهاج السنة النبوية احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 7 ص 47 .

 

668  منهاج السنة النبوية احمد بن عبد الحليم بن تيمية ج 7 ص 315  317 .

 

669  الكافي الكليني  ج 2 ص 74 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق كالصحيح ج 8 ص 48 .

 

670  الكافي الكليني  ج 2 ص 224  225 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 9 ص 192 .

 

671  الكافي الكليني  ج 1 ص 289 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسنج 3 ص 250 .

 

672  بحار الأنوار  المجلسي  ج 37 ص 324 325 .

 

673  صحيح البخاري  بَابُ وُجُوبِ النَّفِيرِ، وَمَا يَجِبُ مِنَ الجِهَادِ وَالنِّيَّةِ ج 4 ص 23 , وصحيح مسلم  بَابُ الْمُبَايَعَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ، وَبَيَانِ مَعْنَى لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ج 3 ص 1487 .

 

674  صحيح البخاري  بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ وَفَضْلِ المَسَاجِدِ ج 1 ص 133 , وصحيح مسلم  بَابُ فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ ج 2 ص 715 .

 

675  الأحكام السلطانية  أبو الحسن علي بن محمد الماوردي - ج 1 ص 26 27 .

 

676  الإنصاف ابو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني - ج 1 ص 4 .

 

677  المحلى ابو محمد علي بن احمد بن حزم  ج 1 ص 45 .

 

678  الفقه الإسلامي وأدلته وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ -  ج 8 ص 511 .

 

679  التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان محمد ناصر الدين الالباني ج 7 ص 21 .

 

680  صحيح البخاري  بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا ج 9 ص 47 .

 

681  صحيح مسلم  بَابُ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وتحذير الدعاة إلى الكفر ج 3 ص 1475 .

 

682  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح  - ابو الحسن علي بن (سلطان) محمد القاري  ج 8 ص 3382 .

 

683  فتح الباري احمد بن علي بن حجر ج 13 ص 7 .

 

684  كتاب سليم بن قيس باب 45 ص 380 .

 

685  الكافي الكليني ج ص 534 .

 

686  الأنوار البهية  عباس القمي  ص91 .

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة

علي عند الشيعة يؤذي النبي ويكفر بطعنه وتكفيره لاهل البيت الموصى بهم ومنهم عم النبي العباس ويطعن بعقيل اخوه كما بالرواية.وبقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين عاجزين العباس وعقيل وكانا قريبي العهد بكفر.كتاب سليم بن قيس ص٢١٦وبحارالانوار ج٢٩ص٤٦٨وبالكافي نحوه وحسنه المجلسي والنبي يقول بروايتهم.من آذى العباس فقد آذاني.الأمالي الطوسي ص٢٧٣

الامام المعصوم عند الشيعة يقول زوجات النبي الله اذهب عنهم الرجس ومعصومات ومن اهل الكساء يقوله باخر دعائة.اللهم صل على محمد وأهل بيته وذريته وأزواجه الطيبين الأخيار الطاهرين المطهرين الهداة المهتدين غير الضالين ولا المضلين الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.بحار الأنوار المجلسي ج٨٧ص٨٦وثيقة

يقول المعصوم.لا يقتل النبيين واولاد النبيين الا اولاد زنا.كامل الزيارات ابن قولويه ص 79.بينما نجد ان الرسول والحسن تزوجوا زانيات والعياذ بالله كونهم ماتوا بالسم من عائشة وحفصة وجعدة اولاد الزنا تقول رواية سم الرسول الاتي.فسم قبل الموت إنهما سمتاه.بحار الأنوار المجلسي ج٣١ص٦٤١وتقول رواية سم الحسن الاتي. إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي ..فاستمسك في بطنه ثم انتفط به فمات.مرآة العقول المجلسي ج5ص 355وحسنه

جهل المعصومين قد يغيب حكم بعدم علم فاطمة بان معاشر الانبياء لانورث ماتركناه صدقة نفس علي بانه خفي عليه حكم قيام الليل كله وكذا غياب الحكم على الحسن من تمر الصدقة وغياب الحكم على علي بان اخت حمزه اخت للنبي من الرضاعه ونصح بخطبتها له من كتب الشيعة موثق

علي مسخ بعوضة عند الشيعة كونه يستهزى بالرسل تقول الرواية.عن ابي عبدالله ان هذا المثل ضربه الله لامير المؤمنين فالبعوضة امير المؤمنين وما فوقها رسول الله صلى الله عليه وآله.١٦٧ تفسير القمي ج١ص٣٤.٣٥وقد صحح الرواية حسين الساعدي في كتابه المعلى بن خنيس ص ١٨٨قال الرضا وان البعوض كان رجلا يستهزئ بالأنبياء ويشتمهم ويكلح في وجوههم فمسخه الله تعالى بعوضا ..."١٦٨ - علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج ٢ ص ٤٨٦ - ٤٨٧ .

المعصوم يؤيد في مسالة فدك الخليفتين الرواية.فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كلم [2] في رد فدك، فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر.کتاب الشافي في الإمامة المؤلف الشريف المرتضي ج4 ص76وثيقة

ادلة خلافة ابو بكر رضي الله عنه من كتب السنة بالسند الصحيح

علي عند الشيعة يسب بوقاحة في عورة رجل وحاشاه يقول بالرواية.من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد يا ابن الحائك يا عاض أير أبيه فوالله إن كنت لأرى أن بعدك.بحار الأنوار المجلسي ج٣٢ص86-٨٧

العلامة الشيعي أستاذ الحوزة السنجري يمدح(السقيفة)ويترضى عن عمر قائلاً وبالتالي أصبحت سقيفة بني ساعده هي قمة ...وقمة التعبير عن الرأي والمنافسة على أدارة الدولة من منطلق الكفوئين و الأكفاء

أبا الحسن عليه السلام عن صفات الله يقول إثبات بلا تشبيه من كتب الشيعه