مقدمة في عقيـدة السلف الصالح في صفات الله عز وجل

بسم الله

إعداد فريق موقع عقيدة السلف الصالح



الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت الكمال، المنزه عما يضاد كماله، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد 

فإن مسائل الأسماء والصفات من أعظم مطالب الدين، وأشرف علوم الأولين والآخرين، وأدقها في عقول أكثر العالمين. وقد حصل فيها من الاختلاف شيء عظيم، بسبب ما أحدثته المبتدعة من الخوض في ذات الله وأسمائه وصفاته . 
ومن أخطر هذه البدع: ما أحدثته الجهمية من وصف الباري سبحانه بالنقائص، وتعطيل صفات الكمال التي أثبتها لنفسه وأثبتها له أعلم الخلق به رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، ثم ما أحدثه بعدهم المعتزلة، وغيرهم.
وتأثر كثير من المسلمين بذلك، وخاضوا فيه، فتفرقت الكلمة، وظهر مَن نَفَى أسماء الله - تعالى - وصفاته، ومَن نفى صفاته مع إثبات أسمائه، ومَن أثبت الأسماء وبعض الصفات. وكان التأويل المذموم، وانحرف كثير من الناس بهذه الطرق والمناهج المبتدعة، خاصة في هذا العصر الذي اختلطت فيه الثقافات، وكثرت وسائل النشر لهذه الاعتقادات. وأصبح الحق فيه عند بعض الناس غريباً، واستعمل العقل في كثير من العلوم بعيداً عن الوحي. وقَلّت – في قلوب كثير من الناس - منزلة أسماء الله وصفاته، التي تزيد الإيمان، وتشعر العبد بعظمة الخالق الديان، وأنه الواحد الفرد الصمد، له الكمال المطلق في ذاته وصفاته . 
ونحن نذكر هنا مقدمة لطيفة عن معتقد السلف الصالح، فنقول و بالله التوفيق :

اعلموا رحمكم الله أن السلف الصالح وأئمة السنة قد اتفقت أقوالهم على الإيمان بالله تعالى و الشهادة له بالتوحيد , وأنه تعالى موصوف بصفاته التي جاءت في كتابه العزيز وصحّ بها النقل عن نبيه صلى الله عليه و سلم، وبما صحّ في دواوين الإسلام بنقل العدول الثقات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , فأمرُّوا نصوص الصفات كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، متبعين بذلك قول الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى : 11]


الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف الصالح في الصفات:

1– إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله قول الله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255]، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}، {الرحمن على العرش استوى}[طه:5]، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] إلى غير ذلك من الآيات.
- قال الإمام أحمد بن حنبل«نعبد الله بصفاته كما وصف به نفسه ، قد أجمل الصفة لنفسه ، ولا نتعدى القرآن والحديث ، فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ، ولا نتعدى ذلك ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته شناعة شنعت.» (1)
- وقال عبد الرحمن بن القاسم (191 هـ) صاحب الإمام مالك: «لا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن ، ولا يشبه يديه بشيء ، ولا وجهه بشيء ، ولكن يقول : له يدان كما وصف نفسه في القرآن ، وله وجه كما وصف نفسه ، يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب ، فإنه تبارك وتعالى لا مثل له ولا شبيه ولكن هو الله لا إله إلا هو كما وصف نفسه.» (2) 

2 – تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، ودليله قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4]
-قال إسحاق بن راهويه (238 هـ) : «إنما يكون التشبيه إذا قال: (يدٌ كيدٍ) أو (مثلُ يدٍ) أو (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ)، فإذا قال (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ) فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى، يد وسمع وبصر لا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها.» (3)

3 - عدم الخوض في كيفية الصفات، ودليله قوله تعالى {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:110]؛ {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255]
- قال وكيع بن الجراح (197 هـ) في أحاديث الصفات: «نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف هذا؟ ولم جاء هذا ؟ » (4)


الاعتقاد في الصفات كالاعتقاد في الذات

واعتقاد السلف وأهل السنة في صفات الله كاعتقادهم في ذاته المقدسة:
قال الخطيب البغدادي (463 هـ) : 
(أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها ... والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.) (5)

وأنشد أبو عمر محمد بن قدامة (6) (607 هـ) :

والقول في الصفات يا إخواني ... كالذات والعلم مع البيان
إمرارها من غير ما كفران ... من غير تشبيه ولا عدوان
(7)


وكانت عقيدتهم في صفات الله تعالى على طريقة واحدة، لا يفرقون بين الصفات في إيمانهم بها:
- عن الوليد بن مسلم قال: (سألت الأوزاعي ، والثوري ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد عن الأحاديث التي في الصفات فقالوا: «أمروها كما جاءت»
- وقال سفيان بن عيينة (198 هـ) : «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل» (8)


التأويل مذهب الخلف

ولم يثبت عن السلف الصالح أنهم تأولوا صفات الله تعالى أو حرّفوها عن معانيها , بل كلهم مجمع على الإيمان بها من غير تأويل وقد اشتهر ذلك عنهم حتى تتابع ذكر ذلك عن جماعة من أهل العلم على مر العصور نذكر أفراداً منهم نصوا على ذلك : 

قال الامام الترمذي (270 هـ) :
(هكذا رُوِي عن مالك، و سفيان بن عيينة، و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: «أمروها بلا كيف». وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده. وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.) (9)

وقال الحسين البغوي الشافعي (516 هـ) بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات: 
(وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل.) (10)

وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (620 هـ) في كتابه «لمعة الإعتقاد»
"وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم ، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله. وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات.) 
وقال في موضع آخر من نفس الكتاب -بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات- قال: (فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ، ولا تشبيهه ولا تمثيله.)

هذا كلام أفراد من أهل العلم في أزمان مختلفة ومن تركناهم كثير والقصد التنبيه والتذكير .


التأليف في عقيدة السلف

وممن ألَّف في عقائد السلف ، وذكر معتقدهم في كتب التفسير المنقولة عن السلف جماعة منهم :
عبد الرزاق، والإمام أحمد، وبقي بن مخلد، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن جرير الطبري، وأبو بكر بن المنذر، وأبو بكر عبد العزيز، وأبو الشيخ الأصفهاني، وأبو بكر بن مردويه وغيرهم . 

وكذلك الكتب المصنفة في السنة والرد على الجهمية ، وأصول الدين المنقولة عن السلف ، مثل:
- كتاب الرد على الجهمية لمحمد بن عبد الله الجعفي شيخ البخاري 
- كتاب خلق أفعال العباد للبخاري ، 
- كتاب السنة لأبي داود، ولأبي بكر الأثرم، ولعبد الله ابن الإمام أحمد، ولحنبل بن إسحاق ، ولأبي بكر الخلال، ولأبي الشيخ الأصفهاني، ولأبي القاسم الطبراني، ولأبي عبد الله بن منده وغيرهم. 
- كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري
- أصول السنة لابن أبي زَمَنين.
- كتاب الأصول لأبي عمر الطلمنكي 
- الرد على الجهمية لابن منده، وابن أبي حاتم الرازي وغيرهما. 

فالأئمة الأربعة، وابن المبارك، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، والليث بن سعد، والبخاري، ومسلم، وإسماعيل المزني، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والأوزاعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهويه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن نصر المروزي وغير هؤلاء كثير كلهم على عقيدة واحدة على مذهب السلف الصالح.

نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الموقع ويهدي كل مخالف للكتاب و السنة إنه على ذلك قدير.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.



للسؤال أو التعليـق على المقال



مواضيع ذات صلة:

عقيدة السلف في الصفات: قولهـم « أمروها كما جاءت »
عقيدة السلف في الصفات: قولهـم « بـلا كيف»
{ليس كمثله شيء} ما هو التشبيه في صفات الله



(1) رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" بسنده.
(2) رواه ابن أبي زمنين في "أصول السنة" (ص 75) بسنده.
(3) رواه تلميذه الترمذي في سننه.
(4) كتاب "السنة" لعبد الله ابن الإمام أحمد (ج1 ص267) بسند صحيح
(5) ذم التأويل - موفق الدين ابن قدامة (ص15) بسند صحيح، وسير أعلام النبلاء للذهبي (ج18 ص283) بسند آخر صحيح.
(6) أخو موفق الدين عبد الله ابن قدامة المقدسي.
(7) ذيل طبقات الحنابلة - ابن رجب الحنبلي (ج3 ص121)
(8) كتاب الصفات - الدارقطني (ص70)
(9) الجامع الكبير - الترمذي (ج2 ص42-43)
(10) شرح السنة - البغوي (ج1 ص170)

تعليقات

المشاركات الشائعة

علي عند الشيعة يؤذي النبي ويكفر بطعنه وتكفيره لاهل البيت الموصى بهم ومنهم عم النبي العباس ويطعن بعقيل اخوه كما بالرواية.وبقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين عاجزين العباس وعقيل وكانا قريبي العهد بكفر.كتاب سليم بن قيس ص٢١٦وبحارالانوار ج٢٩ص٤٦٨وبالكافي نحوه وحسنه المجلسي والنبي يقول بروايتهم.من آذى العباس فقد آذاني.الأمالي الطوسي ص٢٧٣

الامام المعصوم عند الشيعة يقول زوجات النبي الله اذهب عنهم الرجس ومعصومات ومن اهل الكساء يقوله باخر دعائة.اللهم صل على محمد وأهل بيته وذريته وأزواجه الطيبين الأخيار الطاهرين المطهرين الهداة المهتدين غير الضالين ولا المضلين الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.بحار الأنوار المجلسي ج٨٧ص٨٦وثيقة

يقول المعصوم.لا يقتل النبيين واولاد النبيين الا اولاد زنا.كامل الزيارات ابن قولويه ص 79.بينما نجد ان الرسول والحسن تزوجوا زانيات والعياذ بالله كونهم ماتوا بالسم من عائشة وحفصة وجعدة اولاد الزنا تقول رواية سم الرسول الاتي.فسم قبل الموت إنهما سمتاه.بحار الأنوار المجلسي ج٣١ص٦٤١وتقول رواية سم الحسن الاتي. إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي ..فاستمسك في بطنه ثم انتفط به فمات.مرآة العقول المجلسي ج5ص 355وحسنه

علي مسخ بعوضة عند الشيعة كونه يستهزى بالرسل تقول الرواية.عن ابي عبدالله ان هذا المثل ضربه الله لامير المؤمنين فالبعوضة امير المؤمنين وما فوقها رسول الله صلى الله عليه وآله.١٦٧ تفسير القمي ج١ص٣٤.٣٥وقد صحح الرواية حسين الساعدي في كتابه المعلى بن خنيس ص ١٨٨قال الرضا وان البعوض كان رجلا يستهزئ بالأنبياء ويشتمهم ويكلح في وجوههم فمسخه الله تعالى بعوضا ..."١٦٨ - علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج ٢ ص ٤٨٦ - ٤٨٧ .

جهل المعصومين قد يغيب حكم بعدم علم فاطمة بان معاشر الانبياء لانورث ماتركناه صدقة نفس علي بانه خفي عليه حكم قيام الليل كله وكذا غياب الحكم على الحسن من تمر الصدقة وغياب الحكم على علي بان اخت حمزه اخت للنبي من الرضاعه ونصح بخطبتها له من كتب الشيعة موثق

ادلة خلافة ابو بكر رضي الله عنه من كتب السنة بالسند الصحيح

علي عند الشيعة يسب بوقاحة في عورة رجل وحاشاه يقول بالرواية.من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد يا ابن الحائك يا عاض أير أبيه فوالله إن كنت لأرى أن بعدك.بحار الأنوار المجلسي ج٣٢ص86-٨٧

العلامة الشيعي أستاذ الحوزة السنجري يمدح(السقيفة)ويترضى عن عمر قائلاً وبالتالي أصبحت سقيفة بني ساعده هي قمة ...وقمة التعبير عن الرأي والمنافسة على أدارة الدولة من منطلق الكفوئين و الأكفاء

أبا الحسن عليه السلام عن صفات الله يقول إثبات بلا تشبيه من كتب الشيعه

قال زرارة رواي الشيعه لابي جعفر المعصوم شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين بالكافي والحدائق الناضرة