الائمة المعصومين يعبسون في وجه اصحابهم واليكم الدليل من كتبهم تقول الرواية.فقال أمير المؤمنين عليه السلام: علي بعاصم بن زياد، فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه،الكافي الكليني ج١ص٤١٠قال المجلسي مراة العقول ج٤ ص٣٦٣مرسل معتبر بل هو كالمتواتر روي بأسانيد وفي متنه اختلاف والمضمون مشترك.
الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٤١٠
3 - علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: علي بعاصم بن زياد، فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك...
مراة العقول ج٤ ص٣٦٣للمجلسي يقول
مرسل معتبر بل هو كالمتواتر روي بأسانيد وفي متنه اختلاف والمضمون مشترك.
ومن العجب أن الرافضة ينكرون عبوس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقبلون عبوس علي عليه سلام الله ورضوانه!!! فقد روى الكليني في الكافي ج 1 ص 410 والمجلسي في بحار الأنوار ج 41 ص 124 و ج 42 ص 173 وج 67 ص 121 والحر العاملي في وسائل الشيعة ج 5 ص 112 و هاشم البحراني في حلية الأبرار ج 2 ص 215 والمحمودي في نهج السعادة ج 1 ص 341 وخسرو شاهي في درر الأخبار ص 290 ومحمد الريشهري في ميزان الحكمة ج 4 ص 3317 وإبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 11 ص 35 والتي بعدها والحويزي في تفسير نور الثقلين ج 2 ص 24 وج 5 ص 189 وج 5 ص 600 ومحمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي ج 7 ص 44 ما نصه واللفظ للكليني
....
معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠١ |
6066 - عاصم بن زياد: من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام). |
...
...
ويقولون مانزلت اية عبس وتولى في النبي محمد
وقد نقل أحد أكبر علماء الشيعة محمد هادي اليوسفي هذا المعنى عن الطبرسي في:
موسوعة التاريخ الإسلامي -محمد هادي اليوسفي ج 1 ص 494 :
ثالثا: وكذلك نقل محمد باقر المجلسي قول الطبرسي في:
- بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 17 ص 78 :
رابعا:ونقله أيضا المرجع الشيعي المعاصر محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القرآن
2- وردا على إدعائهم الثاني أقول:
أولا: قد نص الطبرسي أحد أكبر علماء الشيعة الأثني عشرية على ان الأية: عبس وتولى أن جاءه الأعمى نزلت في رسول الله وهذا نص كلامه
- تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 265 :
النزول : قيل : نزلت الآيات في عبد الله بن أم مكتوم ، وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري ، من بني عامر بن لؤي ، وذلك أنه أتى رسول الله ص وهو يناجي عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأبيا وامية إبني خلف ، يدعوهم إلى الله ، ويرجو إسلامهم ، فقال : يا رسول الله ! أقرئني وعلمني مما علمك الله ، فجعل يناديه ويكرر النداء ، ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله ص لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والعبيد ، فأعرض عنه ، وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فنزلت الآيات . وكان رسول الله بعد ذلك/ صفحة 266 / يكرمه ، وإذا رآه قال : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ! ويقول له : هل لك من حاجة ؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين . وقال أنس بن مالك : فرأيته يوم القادسية ، وعليه درع ، ومعه راية سوداء .
ثم جزم به الطبرسي قائلا:
- تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 266 :
المعنى : عبس أي بسر وقبض وجهه وتولى أي أعرضن بوجهه أن جاءه / صفحة 267 / الأعمى أي لأن جاءه الأعمى وما يدريك لعله أي لعل هذا الأعمى يزكى يتطهر بالعمل الصالح ، وما يتعلمه منك أو يذكر أي يتذكر فيتعظ بما يعلمه من مواعظ القرآن . فتنفعه الذكرى في دينه . قالوا : وفي هذا لطف من الله عظيم لنبيه ص ، إذ لم يخاطبه في باب العبوس ، فلم يقل عبست . فلما جاوز العبوس عاد إلى الخطاب فقال . وما يدريك . إنتهى
يقصد قال تعالى عبس بصيغة الماضي وليس الخطاب من باب التلطف مع النبي عليه وآله الصلاة والسلام
ثانيا: وكذلك فقد قال بهذا القول العالم الشيعي الكبير محمد هادي اليوسفي حيث نقل ما روه الطبرسي وعلق عليه مرجحا له قائلا:
- موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي ج 1 ص 493 :
ولكنه روى بعد هذا خبرا آخر عنه عليه السلام قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رأى عبد الله بن ام مكتوم قال : " مرحبا ، مرحبا ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبدا " وكان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي مما يفعل به " . وهذا يناسب مع المعروف والمشهور في شأن نزول السورة : أن ابن ام مكتوم - وهو عبد الله بن شريح العامري - أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يناجي أبيا وامية ابني خلف ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وعتبة ابن أبي ربيعة ، يدعوهم الى الله ويرجو اسلامهم . فقال : يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله . فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله لقطعه كلامه ، فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فنزلت الآيات . وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ويقول : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي .
ثالثا: وهذا محمد باقرالمجلسي أيضا يسوق أقوال العلماء في سبب نزول الأية ثم يقول مرجحا أنها معاتبة من الله لنبيه لأنه عبس وهذا نص كلام الطبرسي:
- بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 17 ص 78 :
أقول : بعد تسليم نزولها فيه صلى الله عليه وآله كان العتاب على ترك الاولى ، أو المقصود منه إيذاء الكفار وقطع أطماعهم عن موافقة النبي صلى الله عليه وآله لهم ، وذمهم على تحقير المؤمنين كما مر مرارا .
....
وهناك الكثير من المفسرين الشيعة من القدماء والمعاصرين يختارون نزولها أو إمكانية نزولها على أقل التقادير في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن دون أن يمس ذلك بعصمته وأخلاقيته، وإليك قائمة بأسماء بعض هؤلاء الأعلام:
١ - الطبرسي في تفسيريه (مجمع البيان) و (جوامع الجامع)، (ت: ٥٤٨ ه)(٢). تأليف الأول عام ( ٥٣٦ ه)، والثاني عام ( ٥٤٣ ه ).
٢ - الطريحي في تفسيره (غريب القرآن)، (ت: ١٠٨٥ ه ).
٣ - ابن أبي جامع العاملي في تفسيره (الوجيز)، (ت: ١٠٧٠ ه ).
٤ - الميرزا محمد المشهدي في تفسيره (كنز ال دقائق)، (ت: ١١٢٥ ه ).
٥ - السيد ابن طاووس في كتابه (سعد السعود)، (ت: ٦٦٤ ه ).
٦ - أبو جعفر النجاشي في تفسيره (معاني القرآن).
٧ - الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب (العين)، (ت: ١٧٥ ه ).
٨ - الثائر الشهيد زيد بن علي في التفسير المنسوب إليه (غريب القرآن).
٩ - السي في كتابه (بحار الأنوار)، (ت: ١١١١ ه ).
١٠ - محسن الأمين العاملي في موسوعته (أعيان الشيعة).
١١ - محمد جواد مغنية العاملي في تفسيريه (الكاشف) و (اُلمبين).
١٢ - محمود الطالقاني في تفسيره (پرتوي از قرآن) (قبس من القرآن)، (بالفارسية)، (ت: ١٣٩٩ ه ).
١٣ - مّلا فتح الله الكاشاني في تفسيره (منهج الصادقين)، (بالفارسية)، (ت: ٩٨٨ ه).
١٤ - هاشم معروف الحسني في كتابه (سيرة المصطفى).
١٥ - علي أكبر قرشي في تفسيره (أحسن الحديث) و (قاموس القرآن)، (بالفارسية).
١٦ - محمد تقي شريعتي في تفسيره (نوين) (الجديد)، (بالفارسية).
١٧ - مكارم الشيرازي في تفسيره (الأمثل).
١٨ - كاظم الحائري في كتابه (الإمامة وقيادة اتمع).
١٩ - نصرت أمين الأصفهانية في تفسيرها (مخزن العرفان)، (بالفارسية)، (ت: ١٤٠٣ ه ).
٢٠ - محمد مهدي شمس الدين في (محاضراته التفسيرية).
٢١ - جعفر سبحاني في (مفاهيم القرآن).
٢٢ - محي الدين مهدي قمشه إي في (ترجمة القرآن للفارسية).
٢٣ - رضا سراج في (ترجمة القرآن للفارسية).
٢٤ - يعسوب الدين الجويباري في تفسيره الكبير (البصائر).
وسنستعرض بعضًا من هؤلاء الأعلام من خلال تفاسيرهم وكتبهم لتتبين لنا جيدًا كلماتهم وتأويلانهم ( ٣):
أولا: الطبرسي في تفسيره (جوامع الجامع): السورة نازلة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
لم يذكر الطبرسي في كتابه التفسيري المختصر (جوامع الجامع) إلا الاتجاه اّلذي يذهب إلى أن السورة نازلة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الاتجاه الأول، حيث ينقل ما ورد في سبب نزولها، واجتماع صناديد قريش
عنده (صلى الله عليه وآله وسلم)، وانشغاله بدعوم إلى الإسلام (رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم )، فجاءه ابن ُام مكتوم، وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، (فكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قطعه لكلامه، وعبس، وأقبل على القوم يكلّمهم، فنزلت .) ثم يضيف الطبرسي قائلا: (فكان رسول الله يكرمه ويقول إذا زاره: مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي. واستخلفه على المدينة
مرتين .)
[جوامع الجامع/ ٥٠٣ ]
وعلى ضوء ذلك، يفسر العّلامة الطبرسي الخطابات اّلتي جاءت في سورة (عبس) بإرجاع ضمائر الخطاب إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن المعلوم أن تفسير (جوامع الجامع) يعتبر الكتاب التفسيري الأخير اّلذي كتبه الطبرسي، بعد سبع سنوات من تفسيره (مجمع البيان)، وقد جاء متضمنًا
--------------------
هذا شيعي منصف طالب علم يكتب في منتدى هجر استطاع ان يخرس الالسنة التي تقول ان السنة يطعنون في النبي عندما قالوا ان عبس وتولى نزلت في النبي
وقد اتى هذا الرجل المنصف باقوال لكبار العلماء الشيعة ولم يستطع الاطفال هناك الا ان يقولوا انه ينتصر لفضل الله
خلاصة آرائه التفسيرية ونظراته القرآنية. تأويلات بعيدة ومن الغريب أن البعض يحاول أن يبرر ما ذكره الشيخ الطبرسي بتأويلين: الأول: إنه ليس رأي الطبرسي الخاص، وإنما هو رأي صاحب تفسير (الكشاف) العّلامة الزمخشري، لأن تفسير (جوامع الجامع) يمثّل حالًة وسطًا بين كتابي الطبرسي (مجمع البيان) و (الكافي الشافي)، وقد صنف الثاني بعد عثوره على (الكشاف) ليكون مختصرًا للمجمع والكشاف، فأتى ب (جوامع الجامع) مقتبسًا منهما معًا، بل لعّله يغلب عليه كلمات الزمخشري!! الثاني: التقية: إن أكثر أهل إيران، ولا سيما خراسان اّلتي كانت موطن الشيخ الطبرسي، كانوا من أهل السنة في ذلك الزمان، ولم يكن الشيعة ممن يتمكنون من إظهار أمثال ذلك من دون ستار، وأن يصرحوا باسم الشخص اّلذي نزلت فيه (السورة)، بل لم يتمكنوا حتى من التصريح بأنه رجل من بني ُامية!! وهذا التبرير بتأويليه لا يمكن أن نقبله بحال من الأحوال، بل إن فيه ما يسيء إلى شيخ المفسرين وأمين الإسلام العّلامة الطبرسي، وقد صرح هو نفسه في مقدمة كتابه (جوامع الجامع) بما يبطله، حيث يخبرنا أن كتابه الأخير قد أّلفه استجابًة لاقتراح ابنه (أبي نصر الحسن) من أن: (اجرد من الكتابين (المجمع والكافي الشافي) كتابًا ثالثًا يكون مجمع بينهما ومَحْجَر عينهما، يأخذ بأطرافهما ويتصف بأوصافهما، ويزيد بأبكار الطرايف، وبواكير الّلطايف عليهما، فيتحقق ما قيل: إن الثالث خير... .) ثم إن (استخلاص ) العّلامة الطبرسي في (الكافي الشافي) من بدائع (الكشاف) ومعانيه، وروائع ألفاظه ومبانيه، وإن (محبة استمداده ) من كلام الزمخشري ولطائفه في تأليفه الأخير (جوامع الجامع)، لا يعني على الإطلاق تبني أفكاره وعقائده، حتى وإن كانت مخالفة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ومدرستهم، وإلا لما أصبح (جوامع الجامع) كما يصرح الطبرسي نفسه (كتابًا وسيطًا خفيف الحجم، كثير الغنم، لا يصعب حمله، ويسهل حفظه، ويكثر معناه وإن قلّ لفظه، يروع موضوعه، ويروق مسموعه، ينظم وسائط القلائد، ويحوي بسائط الفوائد، يستضيء العلماء بغرره ودرره، ويفتقر الفضلاء إلى فقره، فيكتب على وجه الدهر، ويعّلق في كعبة المجد والفخر .) وإذا كان العلامة الطبرسي في كتابه التفسيري الأخير يعيش التقية إلى هذه الدرجة التي تجعله يصرح بما لا يعتقده في عصمة الرسول الأكرم(ص)، لما كان كتابه "مختصرًا فيه على إيراد المعنى البحت، والإشارة إلى مواضع النكت بالعبارات الموجزة والإيحاءات المعجزة، مما يناسب الحق والحقيقة، ويطابق الطريقة المستقيمة".[ جوامع الجامع/ ٢ ٣ المقدمة] واّلذي يقرأ تفسير (جوامع الجامع) بإمعان، يرى أن ما قيل في التأويلين الآنفين بعيد عن الصحة والواقع، فلم يكن الطبرسي يقتبس من الزمخشري المعتزلي أصولاً والحنفي فروعًا الروايات العامية والأخبار، بل كان مخالفًا للكشاف في موارد كثيرة ومواطن عديدة، على صعيدي العقائد والفقه، كما لم يكن يقتبس منه المقولات التفسيرية اّلتي توافق المعتزلة وتخالف الإمامية. ولقد كانت الأجواء اّلتي عاشها العّلامة الطبرسي في خراسان أبعد ما تكون عن أجواء التقية، حيث كان مهابًا من قبل السلطان، مقدرًا ومعززًا ومكرمًا، أينما حل وذهب، بل إن تفسيره الكبير الأول (مجمع البيان) كان استجابًة إلى مطلوبه، وإسعافًا بمحبوبه، على حد تعبيره، وهو كما يصفه: (الأمير السيد الأجل العالم... جلال الدين ركن الإسلام مخلص الملوك والسلاطين، سيد نقباء الشرف، تاج ُامراء السادة، فخر آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أبي منصور بن يحيى بن هبة الله الحسيني، أدام الله علاه، وكبت أعداه .) [مجمع البيان/ ١/ ٧٦ المقدمة]
ثانيًا: الطبرسي في تفسيره الكبير (مجمع البيان): العبوس ليس ذنبًا لم يرجح الشيخ الطبرسي في (مجمع البيان) اتجاهًا على اتجاه، حيث إنه ينقل روايتين في النزول متعارضتين، كما ينقل قولين مختلفين، ّ ثم إنه يفترض ص حة الخبر الأ ول اّلذي يقول بنزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويتساءل قائلا: هل يكون العبوس ذنبًا أم لا؟ ويجيب على ذلك بنقاط عديدة: ١- "إن العبوس والانبساط مع الأعمى سواء، إذ لايشق عليه ذلك ، فلا يكون ذنبًا". ٢- "فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): أ) ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق. ب) وينبهه بذلك على عظم حال المؤمن المسترشد. ج) ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه، أولى من تأليف المشرك طمعًا في إيمانه". ٣- "وقيل: إن ما فعله الأعمى كان نوعًا من سوء الأدب ، فحسن تأديبه بالإعراض عنه، إلا أنه يتوهم أنه أعرض عنه لفقره، وأقبل عليهم لرياستهم، تعظيمًا لهم، فعاتبه الله سبحانه على ذلك". [ن. م/ ٩ ١٠ / ٦٦٤ ] وعلى الرغم من أن الطبرسي في (مجمع البيان) لم يرجح بصورة صريحة الاتجاه الأول، بيد أنه يبدو منه الميل إليه، وذلك لشواهد عديدة: الشاهد الأول: دفاعه عن الاتجاه الأول على أنه لاينافي العصمة وأخلاقية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووجه ذلك بعدة توجيهات، كما تقدم. الشاهد الثاني: في تفسيره لمعنى الآيات المباركة في مطلع سورة (عبس)، ذهب صريحًا إلى الاتجاه الأول، بإرجاعه الضمائر الخطابية إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يقول: {وما يدري ك لعلّه ي زكّى} (يتطهر بالعمل الصالح، وما يتعّلمه منك .) {أو يذّكّر} (أي يتذكر فيتعظ بما يعلمه من مواعظ القرآن .) {فتنفعه الذّكرى} (في دينه. قالوا: وفي هذا لطف من الله عظيم لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ لم يخاطبه في باب العبوس، فلم يقل: عبست ، فلما جاوز العبوس عاد إلى الخطاب فقال: وما يدريك .) {وماعليك ألاّ يزكّى} (أي: أي شيء يلزمك إن لم يسلم، ولم يتطهر من الكفر، فإنه ليس عليك إلا البلاغ). {كلاّ} (فيه دلالة على أنه ليس له أن يفعل ذلك في المستقبل. وأما الماضي، فلم يتقدم النهي عن ذلك فيه، فلا يكون معصية .) [ن. م/ ٦٦٤ ٦٦٥ ] ومن الغريب أن يؤول البعض نسبة العّلامة الطبرسي هذه بأنها تمشيًا مع المشهور بين العامة تقيًة!! الشاهد الثالث: ما ذهب إليه في تفسيره الأخير المختصر (جوامع الجامع) من ذكر الاتجاه الأول دون غيره. كما تقدم. الشاهد الرابع: في تفسيره لقوله تعالى:{ َاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ...}[الكهف/ ٢٨ ]، يقول العّلامة الطبرسي: ( وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حريصًا على إيمان العظماء من المشركين طمعًا في إيمان أتباعهم، ولم يمل إلى الدنيا وزينتها قط، ولا إلى أهلها، وإنما كان يلين في بعض الأحايين للرؤساء طمعًا في إيمانهم، فعوتب بهذه الآية، واُمر بالإقبال على الفقراء المؤمنين، وأن لا يرفع بصره عنهم، مريدًا مجالسة الأشراف .) [ن. م/ ٧ ٨/ ٥ ٦] فالعلامة الطبرسي يثبت في مواضع عديدة من تفسيره الكبير ومنها هذا الموضع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعيش تلك الحالة المتطلّعة إلى إيمان ُاولئك العتاة، وهو تطّلع رسالي.. ومع ذلك يمكن أن يعاتب عليه؛ لأغراض عديدة، قد تتعّلق بالشكل، على أقلّ التقادير. ثالثًا: ابن أبي جامع العاملي: نزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يختار صاحب تفسير (الوجيز) ابن أبي جامع العاملي الاتجاه اّلذي يرى أن سورة (عبس) نازلة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يذكر الرواية بصورة موجزة، ويستشهد بالحديث اّلذي يقول: (فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يكرمه ويقول إذا رآه: مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي .) ثم يأتي بقول الشريف المرتضى من أنه (لم يظهر أن المراد ا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل ظاهرها أنه غيره، لبعد الأوصاف المذكورة عن خُلقه العظيم .) ويرد صاحب تفسير (الوجيز) قول الشريف المرتضى، بقوله: (وفيه أنه لا محذور في كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرادًا بها، لكون العتاب على ترك الأولى، لا على ذنب .) [الوجيز/ ٣/ ٤٢٥ ] رابعًا: ابن طاووس: أسلوب (إياك أعني واسمعي يا جارة) ينقل السيد العّلامة ابن طاووس عن كتاب (معاني القرآن) لأبي جعفر النجاشي، أن (عبس وتوّلى) نزلت في مجيء ابن ُام مكتوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ويعلّق السيد على ذلك فيقول: ( يقول علي بن طاووس: هذا قول كثير من المفسرين، ولعل المراد معاتبته من كان على الصفة اّلتي تضمنتها السورة على معنى (إياك أعني واسمعي يا جارة)، وعلى معنى قوله تعالى في آيات كثيرة يخاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد به ُامته دون أن تكون هذه المعاتبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما كان يعبس لأجل ما يمنعه من طاعة الله، وأين تقع المعاتبة على من هذه صفته؟ .) [ سعد السعود/ ٢٤٨ ] خامسًا: المجلسي: العتاب على ترك الأولى بعد أن ينقل الشيخ المجاسي كلام الشريف المرتضى اّلذي يرى أن سورة (عبس) ليست نازلة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول: ( أقول: بعد تسليم نزولها فيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان العتاب على ترك الأولى، أو المقصود منه إيذاء الكّفار وقطع أطماعهم عن موافقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم، وذمهم على تحقير المؤمنين كما مر مرارًا .) [البحار/ ١٧ / ٧٨ ] ومن الواضح أن صاحب (البحار) لم يرفض نزول السورة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. ولهذا فإنه يعطي تفسيرات وتوجيهات فيما لو كانت كذلك، وذلك على تأويلين: الأول: أنه عتاب على ترك الأولى. الثاني: أنه خطاب للرسول والمقصود به أعداؤه، على طريقة: (إياك أعني واسمعي يا جارة)، من أجل قطع أطماعهم، وذمهم وتوبيخهم على سلوكهم في تحقير المؤمنين المستضعفين. سادسًا: الطريحي: الأعمى لا يعلم تشاغل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يذكر الشيخ الطريحي غير اتجاه واحد في تفسير سورة (عبس)، حيث يقول: (روي أنه (ابن ُام مكتوم) أتى رسول الله وعنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام؛ رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال: يا رسول الله! قريني وعلّمني مما عّلمك الله؟ وكرر ذلك، وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك قطعه لكلامه، وعبس، وأقبل على القوم يكلّمهم، فنزلت .) وعلى ضوء ذلك، يقول الطريحي في قوله: {أن جاءه الأعمى}: (و روي أنه (عليه السلام) ما عبس بعدها في وجه فقير قط .) [الطريحي/غريب القرآن/ ٣٠٦ ] سابعًا الخليل بن أحمد الفراهيدي: لم يكن عبوس تهاون يذكر الّلغوي الخليل الفراهيدي (المتوّفى عام ١٧٥ ه ) في كتابه القيم (العين)، في مفردة (عبس)، الفرق بين عبس وكلح وبسر، ّ ثم يقول: ( وبلغنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مقبلا على رجل يعرض عليه الإسلام، فأتاه ابن ُام مكتوم، فسأله عن بعض ما كان يسأل، فشغله عن ذلك الرجل، فعبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهه، وليس من التهاون به، ولكن لما كان يرجو من إسلام ذلك الرجل، فأنزل الله {عبس وتولّى أن جاءه الأعمى} ). ثامنًا محسن الأمين: القطع بنزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يختار السيد الأمين الاتجاه الأول في التفسير ويرفض الاتجاه الثاني، وذلك للأسباب التالية: الأول: إنه (لا مانع من وقوع العتاب منه تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ترك الأولى ) ؛ ذلك لأن (فعل المكروه أو خلاف الأولى لا ينافي العصمة .) الثاني: (القول بأن العبوس ليس من صفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنما يتم إذا لم يكن العبوس لأمر ُاخروي مهم، وهو قطع الحديث مع عظماء قريش اّلذين يرجو إسلامهم، وأن يكون بإسلامهم تأييد عظيم للدين. وكذلك القول بأن الوصف بالتصدي للأغنياء والتلهي عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، إنما يتم إذا كان تصديه للأغنياء لغناهم لا رجاء إسلامهم، وتلهيه عن الفقراء لفقرهم، لا لقطعهم حديثه مع من يرجو إسلامه. ومع ذلك لا ينافي العتاب له، وكون الأولى خلافه .) الثالث: (أما ما روي عن الصادق (عليه السلام)، فقد ينافي صحة هذه الرواية قوله تعالى: {وما يدريك لعلّه يزكّى}، فإن ذلك الرجل إنما عبس في وجه الأعمى تقذرًا له ، لا لأنه لا يرجو تزكّيه أو تذكره، فالمناسب أن يقال: وما يدريك لعّله خير من أهل النظافة والبصر. وكذا قوله: {وماعليك ألاّ يزكّى} فان تصدي الأموي للغني لغناه لا لرجاء أن يزكى، وكذا قوله: {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى}، فإن ابن ُام مكتوم إنما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا الأموي، والأموي إنما تقذره وانكمش منه، لا أنه تلهى عنه، فالمناسب أن يكون الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وذلك يبطل صدور هذه الرواية من معدن بيت الوحي .) [ أعيان الشيعة/ ١/ ٢٣٥ ] تاسعًا هاشم معروف الحسني: عدم التنافي مع مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤيد السيد الحسني ما ذكره العّلامة الأمين، بقوله: (واّلذي أراه ان ما ذكره السيد الأمين مقبول ومعقول، ولا يتنافى مع مقام النبي ولا مع عصمته. ولكنه ليس متعينًا منها، لجواز أن تكون الآيات الأولى في السورة واردة في مقام إرشاد النبي إلى واقع تلك الفئة الضاّلة .) ولهذا يرى السيد الحسني أن (السورة في واقعها واردة في مقام التوبيخ والتحقير ُ لاولئك المشركين اّلذين أقبل عليهم النبي بقصد أن يستميلهم إلى الإسلام ويرغّبهم .) وبذلك تكون سورة (عبس) خطابًا من الله عز وج ّ ل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمقصود منها هو التقريع والتوبيخ ُ لاولئك العتاة اُلمترفين. ( فالله سبحانه يقول لنبيه في هذه الآيات إنك تتعجل النصر لدين الله، حتى بلغ بك الأمر أن ترجوه عن طريق أشقى الخلق وأكثرهم فسادًا وضلالا .) ( دع هؤلاء في طغيام وضلالهم، فإنهم أحقر من أن ينتصر الله م لدينه، وأضعف من أن يقفوا في طريق الإسلام وتقدمه، فإن الله سيذل أعداءه، مهما بلغوا من الجاه والمال. أما اّلذي يخشى وتنفعه الذكرى، فهو اّلذي يستحق أن تلتفت إليه، ويستحق منك التكريم والتعظيم .) ويرى السيد الحسني أن (هذا المعنى غير بعيد عن ُاسلوب القرآن الكريم .) [ سيرة المصطفى/ ١٩٦ ١٩٧ ] عاشرًا مغنية العاملي: نزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرجح وأقوى يرجح الشيخ مغنية العاملي نزول سورة (عبس) في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يقول: ( هذا ما ذهب إليه أكثر المفسرين، وله وجه أرجح وأقوى من الوجه الأول .) ويرى أنه (لا لوم ولا عتاب على النبي ولا على الأعمى في هذه الآيات، وإنما هي في واقعها تحقير وتوبيخ للمشركين اّلذين أقبل عليهم النبي ، بقصد أن يستميلهم ويرغّبهم في الإسلام .) [الكاشف/ ٧/ ٥١٠ ] وفي تفسيره المختصر (التفسير المبين) يقول مغنية: ( {عبس وتولّى أن جاءه الأعمى} هو ابن ُام مكتوم، قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليسأله عن أحكام دينه، وكان عنده نفر من عتاة الشرك يحاول هدايتهم إلى الإسلام، عسى أن يسلم غيرهم بإسلامهم، وكان الأعمى يكرر على النبي : عّلمني مما عّلمك الله، والنبي لا يجيبه، والأعمى المسكين لا يدري ان النبي في شغل بما هو أهم، فنزلت هذه الآيات .) يضيف العّلامة مغنية: ( وقال المفسرون، بما فيهم الشيخ محمد عبده: ان الله عاتب النبي على إعراضه عن الأعمى، ونحن لا نرى فيها شائبة عتاب أو لوم على النبي ، واّلذي نفهمه أنها توبيخ واحتقار للمشركين اّلذين كانوا عند النبي ، وتقول له: أعرض عن هؤلاء الأرجاس وأغلظ لهم، إنهم أحقر من أن ينصر الله بهم دينه، وأقبل على هذا الأعمى الطيب المؤمن، ولا خوف على الإسلام، فان الله سيظهره على ال دين كلّه، ويذ ّ ل أعداءه مهما بلغوا من الجاه والمال .) [ التفسير المبين/ ٧٩١ ] حادي عشر محمود ال ّ طالقاني: القطع بنزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرد السيد الطالقاني على الاتجاه اّلذي يقول بان ظاهر الآيات في سورة (عبس) لا دلالة فيه على رجوع الضمائر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك بشواهد عديدة، أ ّ همها: ١ - ان جميع الآيات تتضمن ضمائر خطابية، والمخاطب فيها هو اّلذي عبس وتوّلى. ٢- الاهتمام البليغ بالعابس، ومسؤوليته في تزكية الناس اُلمقبلين عليه وتطهيرهم. ٣- ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستهدف مصلحة الإسلام العليا، وكان يتطّلع إلى أهداف كبرى تقتضيها مسؤوليته في الدعوة إلى الله عزوجل، بعيدًا عن مصالحه الذاتية والشخصية. ٤- هناك خطابات تهديدية كثيرة في القرآن الكريم أشد وأقسى مما جاء في السورة، موجهة إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). ٥- لم يكن عتاب الله إياه جراء معصية صدرت منه، لينافي مقام العصمة، بل ان عتابه تعالى لرسوله يدلُّ على كمال توجهه إليه ومراقبته إياه. ٦- الروايات الواردة مجهولة السند، فلا يمكن الاعتماد عليها. ولهذا يتعجب السيد الطالقاني من الرأي اّلذي يقول بان ظاهر الآيات ليس فيه دلالة على أنها متوجهة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. ويتساءل بتعجب: هل ان هذه الخطابات متوجهة إلى شخص مجهول من بني ُامية( ٧)؟! [پرتوي از قرآن/تفسير ج ٣٠ / ١٢٤ ١٢٥ ] ثاني عشر نصرت أمين: المقصود هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ترى المفسرة المعاصرة (أمين) والمشهورة ب(السيدة الأصفهانية)، ان (سياق الآيات المباركة في سورة (عبس) يفيد ان المقصود بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا ينافي ذلك عصمته وحسن أخلاقه، لاهتمامه بما هو أهم، ظنًا منه أنهم لو أسلموا أسلم من تبعهم من عشائرهم ٨)) ). [مخزن العرفان/ ١٥ / ٦ ٧] ثالث عشر مكارم الشيرازي: ترك الأولى لا ينافي العصمة يرى صاحب تفسير الأمثل( ٩) العّلامة الشيرازي ان الآيات المباركة ( ٨ ١٠ ) من سورة (عبس)، يمكن أن تكون قرينًة على ان المخاطب هو شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنه خير من ينطبق عليه هذا الخطاب الرباني، وإن لم تصرح به. إنه يقبل ذلك تنزلا، ويؤوله من خلال القرائن الكثيرة تأويلا يناسب عصمته (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يقول: ( فان فعل النبي لا يخرج عن كونه تركًا للأولى، وهذا لا ينافي العصمة ). ويذكر بعد ذلك أسبابًا عديدة: ١- ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يرد في ذلك إلا الإسراع في نشر الاسلام. ٢- ان العبوس والإنبساط مع الأعمى سواء. ٣- ان ابن ُام مكتوم لم يراع آداب المجلس ؛ لأنه قاطع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم يحتمل صاحب تفسير (الأمثل) ان هذا (العتاب الرباني للنبي (ليغمره)( ١٠ ) بأوفر محاسن الأخلاق، من خلال تنبيهه على ضرورة الاعتناء بالمستضعفين .) ثم يقول: (ويمثّل هذا السياق دليلا حيًا على عظمة شأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالقرآن المعجز قد حدد لنببي الإسلام الصادق الأمين أرفع درجات المسؤولية.. حتى عاتبه على أقل ترك للأولى (عدم اعتنائه اليسير برجل أعمى جاء ليستهدي)، وهو ما يدلّل على ان القرآن كتاب إلهي، وان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صادق فيه، حيث لو كان الكتاب من عنده (فرضًا )، فلا داعي لاستعتاب نفسه .) [الأمثل/ ١٩ / ٣٦٤ ] وعلى ضوء ذلك، يفسر العّلامة الشيرازي سياق الآيات في سورة (عبس) بأنها خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يقول في قوله تعالى: { وما عليك ألاّ يزكّى}: (فوظيفتك البلاغ، سواء آمن السامع أو لم يؤمن، وليس لك أن مل الأعمى اّلذي يطلب الحق، وإن كان هدفك أوسع ليشمل هداية ُاولئك الأغنياء المتجبرين .) [ن. م] رابع عشر كاظم الحائري: لا مانع من توجه الخطاب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن يستعرض ُاستاذنا سماحة السيد الحائري الاتجاهين في تفسير وتوجيه الخطاب في سورة (عبس)، يقول: ( ولنفترض ان التفسير الآخر هو الصحيح، وهو ان الخطاب موجه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وان الله تعالى عاتب رسوله... عندئذ فلنتأمل شيئًا ما، لنرى ما هو الذنب اّلذي صدر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ .) ثم يجيب قائلا: ( كلا، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد خيرًا، أراد هداية جماعة من علْية القوم، ورجا بذلك هداية ناس كثيرين، فأعرض عن هذا الرجل .) ّ ثم يقول: ( وسواء أصح هذا التفسير أو ذاك... وسواء أكان الخطاب موجهًا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى شخص آخر... هناك آيات ُاخرى في القرآن الكريم تدلُّ على ان هذا الجو كان يعيشه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي أنها تدلُّ على ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مبتلى بهذه المشكلة، حيث ان الملتفّين حوله هم الفقراء والمساكين والمستضعفون، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يطمح في هداية الصناديد كبار القوم، وكان يعاني من هذه المشكلة .) ويذكر السيد الحائري آيتين مباركتين لتأييد ما يذهب إليه: الآية ا ُ لاولى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ }[الأنعام/ ٥٢ ]. الآية الثانية:{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...}[الكهف/ ٢٨ ]. ويرى ان هاتين الآيتين تعطيان نفس ذلك الجو، حيث كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) (يعاني من هذه المشكلة، بحيث لو اتجه نحو هؤلاء المساكين فأولئك يبتعدون عنه، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد أن يقربهم إلى الاسلام، ولو اتجه إلى ُاولئك فهؤلاء الفقراء يظلمون .) ثم يتساءل في أجواء قوله تعالى: {تريد زينة الْحياة الدنيا} قائلا: ( هل يعني ذلك ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يريد أن يستفيد فائدًة شخصية من زينة الحياة الدنيا؟ هل يريد أن ينتفع من زينة الحياة الدنيا لنفسه؟! طبعًا لا، إذًا ما معنى قوله {تريد زينة الْحياة الدنيا}؟ .) يجيب سيدنا الأستاذ بتأويل لطيف لمعنى إرادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لزينة الحياة الدنيا، قائلا: ( إنه كان يريد أن يقرب هؤلاء المترفين، لعّلهم يهتدون فيأخذ منهم شيئًا من زينة الحياة الدنيا اّلتي عندهم؛ لينفقها في مصالح الإسلام، وتوسيع نطاق الدولة الإسلامية، وتثبيت أركانها .) ( هذا هو هدف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس شيئًا آخر، ومع ذلك يقول له الله تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ...} .) [الإمامة وقيادة اتمع/ ٩٥ ٩٨ ] خامس عشر - محمد الكرمي: الرأي الآخر يتنافى مع السياق يقول علاّمة خوزستان الشهير في تفسيره (المنير)، بعدما يذكر الرواية الواردة في سبب نزول سورة (عبس) في النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): ( ونحن إذا راعينا ارى من ناحيته، وكون الرسول بشهادة الله في حقّه أنه على خُلق عظيم، وقعنا في حيرة من لومه تعالى لنبيه هذا الّلوم الشديد، وكان من الحق توجيه اللائمة لابن ُام مكتوم، في إصراره على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .) أما بخصوص الرواية الواردة عن الإمام (عليه السلام) بان اّلذي عبس هو رجل من بني ُامية، فيرى العّلامة الكرمي أنها تتنافى وبوضوح مع سياق الآيات المباركة في سورة عبس، حيث يقول: ( وجاء في رواية أنها نزلت في رجل من بني ُامية كان عند النبي ... لكن سياق الآيات يتنافى بوضوح مع هذا الأثر .) ولا يخفي الشيخ الكرمي حيرته، وهو يعيش أجواء سورة عبس، فيقول: ( وإلى الآن لم ينجل لنا وجه تأنيب الله رسوله في هذه الحادثة، وكون السائل ومهما كان في نفسه يريد الأدب والثقافة وأنهما مرغوبان مطلوبان، لايبرر هذا الّلوم مع كون الرسول إنما يريد إقناع الجمع اّلذين شغلوه للدعوة الربانية، لا لغرض شخصي أو لتجليل هؤلاء بما هم الأشخاص المذكورون .) [ التفسير المنير/ ٨/ ١٩١ ] سادس عشر شمس الدين: لا مانع من نزولها في الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يرى العّلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في تفسيره لسورة (عبس) ان (كلتا الروايتين (الواردتين في أسباب النزول) في مستوى واحد من القوة والضعف، لا نستطيع أن نرجح إحداهما على الاخرى ) ، ثم بعد ذلك يرجح الرواية المنقولة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ومع ذلك يرى أنه لا مانع من نزول السورة في الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك لثلاثة ُامور( ١١ ): الأمر الأول: ان ابن ُام مكتوم كان رجلا أعمى لم يشاهد الكراهية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا أذية نفسية بالنسبة إليه. الأمر الثاني: لم تكن الكراهة بناءً على صحة الرواية كراهة متكدر أو متجبر على ابن ُام مكتوم، حيث يمكن أن يراه في أي وقت، وفي أي زمان، ولكنه لا يستطيع أن يسمع هؤلاء الكفرة، من عتاة قريش، دعوة الله سبحانه في أي وقت وفي أي زمان. الأمر الثالث: ان عمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، من الناحية الأخلاقية، كان راجحًا بحسب الموازين المتعارفة، وسيرد علينا في القرآن اّلذي نزل في المدينة وفي سورة الحجرات بالذات، عتاب للناس اّلذين كانوا يثقلون على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويضجرونه. [ صحيفة (القرار) البيروتية] سابع عشر الجويباري: القشريون يمنعون نزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يرى المفسر المعاصر يعسوب الدين الجويباري في تفسيره (البصائر)( ١٢ ) أنه ليس في سورة (عبس) شيء ينافي أخلاقية الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو يناقض عصمته، ويصف اّلذين يقولون بذلك ب (القشريين من المفسرين ١٣)!!) )، حيث يقول: ( ليس في هذا شيء ينافي خُلقه (صلى الله عليه وآله وسلم) العظيم، أو يناقض العصمة النبوية كما زعم بعض القشريين من المفسرين، ولا فيه من ترفيع أهل ال دنيا وأصحاب الرئاسة وضعة أهل الآخرة وأصحاب التقوى والهداية على زعم بعض المفسرين .) ذلك لان الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مستغرقًا في دعوته ونشرها، ولم يكن في موقف الممتنع عن تعليم الأعمى وتنويره: (إنه كان في مواجهة جماعة من عتاة المشركين وزعمائهم، ومن قادة الحملة المسعورة عليه وعلى دعوته، وقد انتهزها رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فرصًة لإسماعهم كلمات الله جل وعلا، لعل شعاعات من نورها تصافح قلوم اُلمظلمة، فتستضيء بنور الحق وتفيء إلى أمر الله عز وجل .) ( فالتدبر في واقع القصة يلهمنا: أنه ليس فيها شائبة عتاب على النبي المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل فيه توبيخ واحتقار واستهانة وتذليل للزعماء المشركين، والفجار اُلمترفين اّلذين كانوا عند رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكأنها تقول له: أعرض يا أيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هؤلاء الأرجاس وأغلظ عليهم، فإنهم أحقر من أن ينصر الله جل وعلا بهم دينه، وأقبل على هذا الأعمى الطيب المؤمن، سليم القلب، المستشعر بخوف الله تعالى، اّلذي جاءك ساعيًا للاستفادة والاستنارة .) [ البصائر/ ٥٢ / ٢٧٢ ] وعلى ضوء ذلك يرى صاحب تفسير (البصائر): أولا: ان الآية: {عبس وتولّى} في معنى قوله تعالى: { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ }[الأعراف/ ١٩٨ ]، وقوله: { ِان تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ }[النحل/ ٣٧ ]، وقوله: {إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}[القصص/ ٥٦ ]. ثانيًا: وان الآية: {وما يدريك لعّله يزكى} نظير قوله تعالى: {ولا تطرد اّلذين يدعون ربهم بالغداة والعشي...}[الأنعام/ ٥٢ ]، وقوله: { َاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ...}[الكهف/ ٢٨ ]، وقوله: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا}[ال ّ طلاق/ ١]، وقوله: { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }[الكهف/ ٦]، وغيرها من الآيات القرآنية اّلتي يظهر منها العتاب، وليس فيها شائبة عتاب واقعًا. ثالثًا: وأما الآيتان: {أما من استغنى فأنت له تصدى}، فهما نظير قوله: {لهم قلوب لا يفقهونا...}[الأعراف/ ١٧٩ ]، وقوله: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء}[النمل/ ٨٠ ]. رابعًا: والآية: {وما عليك أّلا يزكّى} نظير قوله: {فهل على الرسل إّلا البلاغ اُلمبين}[النحل/ ٣٥ ]، وقوله: { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }[ال شورى/ ٤٨ ]. [راجع: تفسير البصائر/ ٥٢ / ٣٢٥ ٣٢٨ ] - وعباد الرحمن - عضو متميز
|
تعليقات
إرسال تعليق
يسرني تعليقك